تحوير الثورات العربية هو ما تريده بعض القوى السخيفة التي تسمّي نفسها بقوى الممانعة"
جنبلاط: متموضع في مكاني ولستُ مستنسخاً.. وإذا لم تعترف سوريا بالإساءات دخلت نفقاً مظلماً

الجمعة 14 تشرين الأول 2011

نفى رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط معرفته بمصدر الحديث عن فتور يشوب علاقته مع "حزب الله"، وقال: "أمس التقيت (الأمين العام لـ"حزب الله") السيد حسن نصرالله وكان اللقاء كالعادة تسوده أجواء الصراحة والمصارحة وقد تحادثنا عن الوضع الداخلي والوضع السوري وعن فلسطين وكانت هناك وجهات نظر متنوّعة أخذ النقاش فيها أبعاده لأكثر من ساعتين ونصف". وأضاف: "تناولت طعام العشاء إلى مائدة نصرالله وكان "الأكل طيبًا" كالعادة إذ إنّها ليست المرة الأولى التي أجلس فيها إلى مائدته وقد تناولنا أكلة عراقية نجفية سبق أن عرفّني عليها (الأمين العام للمجلس الثقافي للبنان الجنوبي النائب السابق) حبيب صادق كما تناولنا "صفيحة" بعلبكية مع لبن".

جنبلاط، وفي حديث إلى قناة "المنار"، أوضح أنّ هناك "نقاطًا نتفق فيها نظرياً (مع "حزب الله") ولكن عملياً قد نختلف وقد لا نختلف، مثل فلسطين فـ"حزب الله" في عقيدته هو مع تحرير كل أرض فلسطين من النهر إلى البحر في حين أن "الحزب التقدمي الإشتراكي" منذ كمال جنبلاط مع مشروع الدولتين (الفلسطينية والإسرائيلية اللتين تعيشان جنباً إلى جنب) كما أننا نأخذ بعين الإعتبار الوقفة الرائعة لأبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) في الأمم المتحدة على الرغم من أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب اسرائيل بات عملياً أمراً مستحيلاً"، وأضاف: "قد نذهب إلى نظرية التحرير المسلح للأرض، لكن هذا سيحصل بعد تبني قرار الصراع الشامل، وقد نذهب إلى مشروع ادوارد سعيد حيث لليهود والعرب نفس الحقوق والواجبات في دولة واحدة، وكل هذا حديث نظري لكنّه ممتع وجميل".

وإذ أكد جنبلاط أن "العلاقة كانت وباقية جيدة مع "حزب الله""، أشار إلى أنّه "أحياناً على الأرض تحدث بعض المشاكل والجزئيات نعالجها فوراً من خلال لجان التنسيق، أو عند (رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب) الأمير طلال إرسلان، ولا مشكلة في ذلك"، لافتًا إلى أن "بعض التجاوزات من هنا أو هناك لا تؤثر على العلاقة الإستراتيجية". وأردف: "أنا متموضع في مكاني، لكنني لست مستنسخاً عن غيري، بل لي رأيي الخاص بما يحصل في لبنان وبما يحصل في المنطقة، ومن الجيد أن يكون هناك تنوع وصوتي يمثّل هذا التنوع داخل الأكثرية، ولي حيثيتي الخاصة آخذين بعين الإعتبار المصالحة والمصارحة التي حدثت مع السيد حسن نصرالله عام 2009 بعد الفراق العنيف مع الأسف نتيجة الظروف التي أدت إلى 7 أيار، ثم التطور الموضوعي الذي أدى إلى علاقة جيدة سياسياً وشعبياً، ولكن اليوم هناك أحداث وتموّجات في المنطقة علينا أن نجاريها".

وإذ حسم أنه "مع النظرية والمبدأ القائل بـ "الشعب والمقاومة والجيش"، أضاف جنبلاط: "لكن من وقت لوقت أذكّر أنّه وفق ظروف المقاومة ومن المستحسن في جو من الحوار أن نعود إلى دراسة الخطة الدفاعية"، ناصحًا بأن "تأتي المقاومة و"حزب الله" في أدبياتها من وقت لآخر على ذكر قضية الدولة، فمن المهم العودة إلى قضية الدولة التي تحضن الجميع، ومهم أن نذكر أنه من المهم أن نستعيد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا إلى جانب مسألة ترسيم الحدود وتحديدها مع سوريا ففي حال التحرير العسكري أو السياسي أين هي حدود التلال والمزارع بيننا وبين سوريا؟"، مضيفًا: "لذلك قلت بالترسيم، كما قلت بعدم ربط التوطين بالتحرير والسلاح، فالتوطين موضوع آخر".

جنبلاط الذي شدّد على أهمية "عدم التوطين"، سأل في المقابل: "لكن ماذا نفعل بهذا اللاجئ الفلسطيني ذي الظروف المزرية الإجتماعية والمعيشية وخصوصًا في نهر البارد؟ لقد سمعت أن هناك أربع تصاريح مختلفة يُفرَض على الفلسطيني الحصول عليها كي يدخل إلى نهر البارد؟ هذا غير عادل"، مشدداً على ان "التقدمي" لم يربط السلاح بالتوطين ولا هو يريد ذلك، فإنهاء التوطين يعني الوصول إلى حل في فلسطين، وإذا إتفقت من لبنان وسوريا والأردن ومصر نقوم بحرب شاملة وحملة عسكرية لتحرير فلسطين فليكن، لكن أن يكون التحرير فقط من لبنان هذه نقطة خلاف"، مشددًا على أن "السلاح هو للدفاع عن لبنان والخروق المختلفة". وأضاف: "هناك عند بعض من 8 آذار نظرة عنصرية للفلسطيني لا يريدون أن يتصوروا أن هناك لاجئاً فلسطينياً موجود على الأرض اللبنانية"، مؤكدًا أن "الفلسطيني باقٍ على الأرض اللبنانية الآن، وهو لا يريد التوطين ولكن لنحسّن شروط إقامته على الأقل".

وإذ كرّر القول بانّه "باقٍ في موقعه السياسي"، قال جنبلاط موضحًا: "لست باقيًا في قالب جامد، وعندما أريد أن أُغيّر سأقول ولكن أنا باقٍ في تموضعي الحالي وأبقى بقناعاتي وعندما أغير قناعاتي أعلن هذا على الملأ". وسأل: "كيف أكون مدللاً في الأكثرية والحكومة، وقد استطعنا بصعوبة هائلة تحسين شروط موضوع الكهرباء، ووضعنا مع "حزب الله" وحركة "أمل" ضوابط لكيف سيجري إنفاق هذا المبلغ الكبير فيما يتعلق بالكهرباء، ونحن في انتظار ان يكون الكهرباء للجميع في كل لبنان؟"، مشيرًا إلى أن "وظيفة (وزير الأشغال العامة والنقل) غازي العريضي و(وزير الشؤون الإجتماعية) وائل أبو فاعور هي لكل لبنان، وبقي أن ينهي (وزير المهجرين) علاء الدين ترو ملف المهجرين ونقفل الوزارة".

ومن جهة أخرى، أعرب جنبلاط عن تفضيله "التسوية حول تمويل المحكمة الدولية (الخاصة بلبنان) وأن تترجم عملياً"، وقال: "وزراء جبهة النضال الوطني سيصوّتون في الحكومة مع تمويل المحكمة إذا وصلنا إلى التصويت وإذا استحالت التسوية". وأضاف: "يقول "حزب الله" إن الذين وردت أسماؤهم في القرار الإتهامي هم مقدّسون، ونحترم هذا الرأي وكنت من الأوائل الذين أدانوا التسريبات من دير شبيغل إلى "لو فيغارو" وغيرها، وقلنا نريد المحكمة غير مسيّسة، وصدر القرار الظني، ولكت هناك أيضًا رأي عام لبناني يرى أنه من خلال المحكمة الدولية ربما يصل إليه حقّه المعنوي". وتابع: "علينا أن نعتبر كما الحزب يعتبر هؤلاء من المقدسات وأبرياء، بأن هناك رأيًا عامًا آخر يريد أن يعرف حقيقة من قام بتلك الإغتيالات من رفيق الحريري، هذا حقهم، ولكن كيف نصل إلى صيغة تسوية؟ لا أدري".

وفي السياق ذاته، قال جنبلاط: "لا أستطيع أن أجيب عن التسوية حول المحكمة، وأعطيت رأيي في ما يتعلق بوجهة نظر الحزب والفريق الآخر، وكنت من الذين قالوا ووافقنا بالإجماع على المحكمة، وعليّ أن أحترم الرأيين"، معربًا عن تمنيه "الوصول إلى تسوية، ولست أدري إذا أمكن الوصول إلى تسوية"، وشدد جنبلاط على وجوب "ألا يتم نسيان ما كان يبحث ضمن الوساطة السورية السعودية التي وصلت إلى أفق مسدود للتسوية بعد ان كان يراد منها معالجة التشجنات الداخلية والمفاعيل الداخلية من إمكانية صدور القرار الظني، واليوم دخلنا مرحلة أخرى، ومجدداً أقول تفادياً لفتنة ما، وتشنج ما، فلنحاول أن نجد في مكان ما تسوية إذا استطعنا وإذا لم نستطع، لا أعرف".

وفي الشأن الإجتماعي والإقتصادي، رأى جنبلاط أن " قرار زيادة الأجور لم يكن مدروساً كفاية "، لافتًا إلى أنه "كانت هناك حقوق مشروعة ولم ندرس من أين سنأتي بالمال لتمويل هذا المشروع، ولم نقم بالإصلاح الإداري المطلوب". وتابع: "ممتاز أن نزيد المعاشات لكن سنصل إلى حالة من التضخم مثل اليونان، فأوروبا والعالم العربي ليسوا مهتمين بنا ولهذا يجب أن نقوم بدراسة أدق في مجال الواردات والزيادة التي أكلتها الأسعار"، مشددًا على أنه "لا بد من مراقبة الأسعار وتأمين الواردات ولا مهرب من الإصلاح الإداري لأن هناك مرافق كبيرة جدًا في الدولة فيها هدر". وقال: "إذا كان من الضروري الزيادة الضريبية على القيمة المضافة، وهناك حاجة اليها لا بأس، لكن نضيف عليها الضريبة التصاعدية والضرائب على الأملاك البحرية والنهرية، هذه فلسفة بأكملها".

ورداً على سؤال عن خطة وزير العمل شربل نحّاس، قال جنبلاط: "لا أريد الدخول في سجال مع هذا الشخص (وزير العمل شربل نحاس)، وإذا كان نحاس ومن هم معه يمثّلون خيرة الناس في موضوع الإصلاح، فليقولوا لنا أين مكامن الفساد في الدولة والهدر لنجاريهم في العمل"، معتبرًا أن "الرئيس نجيب ميقاتي يسعى بكل جهد لأن يؤمّن لبنان من أي تداعيات سلبية دولية تريد استخدام لبنان ضد سوريا". وقال: "كلامه (ميقاتي) واضح عندما التقى المسؤولون الأميركيون في نيويورك وقال لهم لا تحملونا أعباء سياستكم ضد سوريا فنحن لا نتحمل عقوبات وخصوصا في القطاع المصرفي"، مشيرًا إلى أن "أداء ميقاتي ممتاز ولا ملاحظات أبدا عليه، وخاصة عندما قال لي الوزراء كم من العناء والإطالة تكبّد في تلك الجلسات والمضيعة للوقت من ناس يقولون إنهم يمثلون الصفوة والصحابة والتغيير والإصلاح". وأضاف ردًا على سؤال: "لا كتلة وسطية (في الحكومة)، لي حيثية مستقلة، أقرر كما أشاء، آخذاً مصالح لبنان والمقاومة وأنظر إلى ما يجري من حولنا".

وبالنسبة إلى الملف السوري، قال جنبلاط: "في سوريا يجب أولاً وقف إطلاق النار على المتظاهرين، ويجب إدانة الإعتداء على القوات المسلحة السورية"، واضاف: "لن أدين الإعتداء على الشبيحة، كما يجب سحب الجيش من المهام الأمنية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين دون استثناء، وإدانة أي مطلب للمعارضة في التدخل الخارجي، ثم محاسبة المرتكبين من الأمن وغيره الذين قاموا بجرائم في حق الشعب السوري دون استثناء والذين نكّلوا بحق الجيش السوري، والسماح للصحافة العربية والعالمية أن تغطي كل الأرض السورية ليس بشكل انتقائي، في جسر الشغور أو الرستن"، معتبرًا أن "مدخل هذا الأمر الإصلاح، ومدخل الإصلاح الغاء المادة رقم 8 من الدستور، وهذا ورد على لسان الرئيس السوري بشار الأسد في أحد خطاباته وصولاً إلى التعددية الحزبية التي تشمل جميع الأحزاب". وأردف: "إن مدخل هذا الأمر لا يكون إلا بالحوار، وكنت من الذين راقبوا مؤتمر الحوار الأول والأخير في سوريا، الذي ترأّسه فاروق الشرع الذي حيّا الشهداء، فلنعد إلى هذه الروحية من أجل سوريا". وقال: "هذا هو رأيي وهذا هو رأي الذين وقفوا إلى جانب النظام السوري أي الروس والصين الذين اعترضوا على العقوبات الغربية، وهذا هو رأي الصحافيين الذين قرأت مقالاتهم مثل المقالات الأولى (بعد اندلاع الثورة السورية) لكل من (رئيس تحرير صحيفة "السفير" طلال سلمان و(الصحافي) ابراهيم الأمين و(الكاتب السوري) أدونيس، ولن أسمي لمن اقرأ من المعارضة السورية كي لا يفسّر العقل الأمني المريض أنني على اتصال مع المعارضة، وهذا رأيي ورأي جامعة الدول العربية".

وفي السياق عينه، رأى جنبلاط أن "الحل الأمني لن يعطي نتيجة حتى لو عمّ الأمن كل الشام وبقي هناك قتيل أو قتيلان في آخر أصقاع سوريا"، مشددًا على وجوب أن "يكون هناك غير الحل الأمني"، وعلى كون "ما يجري في سوريا ليس حلاً أمنياً مع مجموعة مسلحة، بل مع متظاهر سلمي، دخل على الخط لاحقا بعض المجموعات المسلحة لكن يبقى حجمهم قليل مقابل هذا المتظاهر المسالم في المدن والقرى". وسأل: "بالنسبة إلى الذين تركوا صفوف الجيش؟ لماذا؟ لأن هناك شيئاً خطأً، وأصبح هناك سوء إدارة للأزمة، وأنا لا أراهن على عدم تماسك الجيش السوري، لكن يجب أن أسمع صوتاً لأحد الجنود وهو يقول كفى"، لافتًا إلى أن "هناك ظاهرة الشبيحة"، وسأل: "كيف تسمح دولة مثل سوريا كنت تسمع فيها "رنّة الإبرة عندما تسقط على الأرض" أن تكون هناك ظاهرة مثل الشبيحة فيها؟"، مشيرًا إلى أن "هناك أمورًا لا تطاق وغير مقبولة بحق كرامة الجيش والنظام السوري وأدبياته وممانعة النظام السوري". وقال: "أنا لا أُنكر أن هناك صدامات وقد أدنتُ الإعتداء على الجيش في أحد النقاط التي ذكرتها سابقاً، لكن أيضًا أُدين إطلاق النار على المتظاهر السلمي في درعا والقامشلي".

وتابع جنبلاط: "لا أحد يقول إنّ الأسد لا يتمتع بالشعبية، ولكن لماذا لا يسمح للآخرين بالتظاهر في المقابل؟" وسأل: "كانت هناك تظاهرات في درعا ودير الزور لماذا قُمعت؟" وأضاف: "حصلت جرائم ضد القوات المسلحة السورية ولكن أيضًا حصلت إساءات وجرائم ضد صفوف الشعب، وإذا لم نعترف بهذا الأمر ندخل في نفق مظلم وأقول هذا نصحًا للنظام السوري"، معتبرًا أن "تخطّي مرحلة الخطر علاجها ليس أمنيًا بل سياسي ولا أدري ما اذا كان قطع نظام الأسد مرحلة الخطر". وأضاف: "طالما هناك مواطن بريء يسقط لا أوافق على ما يقال من هنا وهناك (حول الإصلاحات وغيرها)، وطالما لم يجرِ حوار بين الهيئات الشعبية والنظام وحزب "البعث" (الحاكم في سوريا) لا أوافق"، مشيرًا إلى أن "الدم يسيل كل يوم ويجب أن تعطي فرصة للهدوء، فهناك عالمة نفس وكاتبة لن أذكر إسمها زوّروها السجون و(أخضعوها لـ) التعذيب، ماذا نقول لهؤلاء؟" وقال رداً على سؤال: "لا فكرة لي إن كان هناك لقاء قريب مع الأسد وإذا كانت فرصة "سأطلع" إلى الشام" ولا مشكلة في ذلك".

وتابع جنبلاط: "دروز سوريا هم مواطنون سوريون وأرفض حلف الأقليات، وقد رفضت في خطابي في راشيا الحادثة حيث تم تحريض الدروز على أهل قطنا، وكانت ردة فعل من أهل قطنا، وخرجت أصوات من لبنان لتسليح الدروز في سوريا، ورفضت ذلك، وقلت للّواء محمد ناصيف نحن نتعاطى مع دولة، والدروز في سوريا مواطنون"، وسأل: "كيف نحصّن سوريا من أجل مواصلة التصدي لبقاء سوريا في موقعها الممانع إذا لم نقم بالإصلاح الضروري؟". وأضاف: "لست قلقا، لكن أرفض التصرف بمنطق الأقليات التي روّجت له بعض الأوساط، فهذا يدخلنا في منطق التفتيت، وعندما نتعاون لمحاربة التيارات التكفيرية والسلفية وعلى تأصيل الدولة الحرة والديمقراطية ننتصر". وسأل: ثم من ماذا يخاف المسيحيون في سوريا؟ ولماذا نقول ان البديل في سوريا سلفي؟ هذا أمر غير صحيح. هل الخيار في سوريا إما نظام احادي بكل حسناته وسيئاته او السلفي؟ هذا غير صحيح، ولماذا فجأة نقول فتنة مذهبية؟ فالمدخل لتفادي الفتنة هو الإصلاح، وهناك حل سياسي وليس امنيًا لتفادي الفتنة". وأضاف: "ليس هناك عالم عربي هناك قوى عربية ممانعة او متصدية وهناك "حزب الله" و"حماس" في فلسطين وهناك بطل اسمه محمود عباس لا يزال واقفا، ووقفته كانت ممتازة في الأمم المتحدة، ولكن عالم عربي على مستوى التحديات لا يوجد، يوجد إسرائيل وإيران وتركيا". وتابع: "الأمور في سوريا مستمرة منذ سبعة أشهر وكان من الممكن الوصول إلى حل جذري واعتقد انه من اجل سلامة سوريا والأمن في سوريا والممانعة في سوريا يجب الحوار".

وبالنسبة إلى المشهد في العالم العربي، وتحديدًا في البحرين، قال جنبلاط: "كان يمكن الوصول إلى تسوية من أجل إعطاء المعارضة البحرينية التي لم تكن، وأعتقد أنها حتى هذه اللحظة ليست، فئة أو مذهب، ومع الأسف لم تحصل الضغوط الكافية لمعالجة هذا الأمر وما جرى من شعارات في ساحة اللؤلؤة لا بد أن يعالج بالهدوء والحوار للمواطن البحريني حقوقه، ولا بد من تسوية سياسية، ولكن اليوم في هذا الجو المحتقن نتيجة ما جرى بالأمس مما قيل عن محاولة اغتيال السفير السعودي عادل الجبير في واشنطن والتشنج الذي قد يحدث بين السعودية وايران، الأمر صعب، وأتمنّى أن يعود الحوار بين السعودية وإيران، وآمل ألا تكون قضية ما قيل عن محاولة اغتيال السفير السعودي مسارًا للعبة مخابرات أكبر منّا بكثير".

وعن مصر، اعتبر جنبلاط أن "الأمور ممتازة، لكن هناك ثورة وانقلاب إلى أن وصل الإحتقان إلى أوجّه سبقه أكثر من 30 آلاف اضراب في مختلف القطاعات النقابية ثم الشرارة وإطلاق النار ثم التضامن، ثم الجيش، كان هناك انقلاب داخلي وقال للـ(الرئيس المصري المخلوع حسني) مبارك كفى"، مشيرًا إلى أن "هناك خطرًا ولا بد من ثورة كاملة وتطهير الإعلام والأمن وربما الجيش، وأقول ربما، لأنها المؤسسة الأم من 150 عامًا وأكثر، وغيرها من القطاعات من العناصر القديمة والمتسللة والمسيئة، فلم يكن المؤتمر الصحافي للجيش بعد أحداث "ماسبيرو" مُقنعاً، ولا بد لجميع القوى السياسية من إخوان مسلمين وعلمانيين وليبيراليين أن يقفوا وقفة واحدة في وجه السلفي الذي يدمر الأضرحة الصوفية ويحرق المقدسات، ويجب درس قانون يعطي الحقوق للأقباط والخروج من عنق الزجاجة ومن مسألة التعدّي على مسجد وكنيسة من هنا ومدرسة ومستشفى من هناك". وأضاف: "عندما تحصّن مصر نفسها من الموضوع الطائفي تدخل إلى جو جديد، ومصر لا تستطيع إلا أن تعود إلى عمقها الأساسي في أفريقيا".

جنبلاط، الذي اعتبر أن "تحوير الثورات العربية هو ما تريده بعض القوى السخيفة والتي تسمّي نفسها بقوى الممانعة، وهناك من يقول ان تلك الثورات مشروع أميركي للإتيان بالقوى السلفية إلى الحكم وأنا ضد هذا الأمر". قال: "فلندع "حزب الله" جانباً، لكن هناك قوى ممانعة متحجّرة فكرياً لا تؤمن لا بالتعددية الحزبية ولا الحوار... دون حريات لا ممانعة، لأنه أمر مرتبط بالحريات لذلك نشأ وترعرع في لبنان أحزاب مثل "حزب الله"، لكن هناك أحزاب مرتبطة بأنظمة ومرتبطة فكرياً تقول بأن هذه الثورات نتيجة مؤامرة فكرية، أما أنا فأرفض هذا الأمر". وتابع: "إذا وقع اعتداء علينا في لبنان فنحن والجيش والمقاومة سنواجه، ولا أعتقد أن المقاومة ستأسر بعض الجنود اليوم"، معتبراً أن "الثورات تعيد الإعتبار إلى منطق الحرية، فالشعوب لا يمكن ان يتم قمعها بشكل دائم، وقد حصل الأمر خلال الحزب "الشيوعي السوفياتي" وجرى خلال الحرب الباردة في أميركا اللاتينية، وأنظر كيف هي اميركا اللاتينية اليوم، وكيف كانت البرازيل خلال حكم العسكر وكيف أصبحت قوة عالمية بعد تحررها، ولا بد من إعطاء الحرية، فالشعوب الحرة لديها قدرة على الصمود والمقاومة اكثر من الشعوب المقموعة".

وفي الشأن الليبي، أضاف جنبلاط: "في ليبيا لم تحسم المعركة بعد، وأتمنى أن يسيطر "المجلس الانتقالي" ويطهّر ويجتث بقايا نظام (الزعيم الليبي المخلوع معمر) القذافي ثم يطلق الوعود الديمقراطية ودولة القانون، وهذا أمر ليس بالسهل". قابلت (رئيس "المجلس الوطني" الليبي) مصطفي عبد الجليل ونائبه مصطفى الغوقة وغيرهم من "المجلس الإنتقالي" الليبي". وأضاف: "عندما أقوم بصفقة نفطية سأقول هذا وسأشفي غليل صحيفتي "الأخبار" و"السفير". وعندما أشتري قصرًا في فرنسا سأعلن هذا (في إشارة إلى خبر نشرته الصحيفتان كذلك)".

وعن الشأن العراقي، قال جنبلاط: "هناك قوى متضررة من حالة الهدوء فدخلت على الخط بالتفجيرات مجدداً، هم يقتلون اطفالاً ونساءً وشيوخاً وعراقيين أبرياء وليس جنوداً أميركيين". واضاف جنبلاط: "الشباب اليمني لا يريد القائد الحالي، ولا البديل، وهو يريد الشكل الديمقراطي للوصول إلى السلطة، وأقل قبيلة في اليمن لديها سلاح أكثر من المقاومة في لبنان، لكنهم لا يستخدموه بل ينزلون بصدورهم وأنا احيي الثورة هناك ويجب أن يتنحى الرئيس (علي عبدالله صالح). واعتبر على صعيد آخر أن "تركيا دولة كبرى تتمتع بنظام ديمقراطي وتعددي وتنوعي، ويحكمها اليوم الحزب الإسلامي ولماذا لا نستطيع ان نكتسب من هذه التجربة، و(رئيس الوزراء التركي رجب طيب) إردوغان قال لمصر أن تعلموا من تجرية التمازج بين العلمانية والأخوان المسلمين، هذه تجربة رائعة فلنستفد منها". وأضاف: "لا أرى استثمارا غربياً (للثورات العربية)، وأنا كعربي عليّ أن أُقرر مصيري، فإمّا أستطيع أن أقرّر مصيري أو أترك هذا الأمر لغيري، وأنا أقرر كعربي كيف أوجّه ثروتي وأستثمر ثرواتي، وأمس أعطيت تقرير التنمية البشرية لعام 2003 للسيد حسن نصرالله، والتقرير يُظهر أن كل الدخل القومي للعالم العربي مع النفط يوازي دخل إسبانيا، كما تظهر فيه الأرقام عن الأمّية والتخلف، ولذا الأمر هو وفق "شطارتنا" في كيفية استثمار النفط، فمثلاً إيران تبيع نفطها إلى الغرب ولكنها تستثمر الثمن في المشاريع الإنمائية والسلاح".
وبالعودة إلى الملف اللبناني، قال جنبلاط: "أنا والبطريرك (الماروني مار بشارة بطرس) الراعي علاقتنا "منيحة"، أين المشكلة في علاقتنا؟" وأضاف: "طوال عمر المسيحيين وهم يؤيدون في لبنان والمنطقة الحركات القومية التحررية في المنطقة". وسأل: "هل يجب ان نمدح (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين لكي نقول إنه حافظ على المسيحيين؟" وأضاف: "نلتقي مع الصحوات والصوفيين والديمقراطيين ومع كل القوى المتحررة في الإسلام والمسيحية، وعندها ننتصر ليس بالخوف واللجوء إلى أنظمة القمع".

وعن قانون الإنتخابات ورفضه لإعتماد مبدأ النسبية فيه، قال جنبلاط: "النسبية هي الفكرة الأساس لكمال جنبلاط، وإذا كان جاء موضوع النسبية في الإنتخابات ضمن مشروع شامل يهدف لإلغاء الطائفية السياسية وإرساء المجتمع المدني والزواج المدني والأحوال الشخصية الموحدة والدولة المدنية أمشي بالنسبية لكن اذا كان مشروعًا تجميليًا للإتيان بأشخاص جدد فأنا أرفضه"، وأضاف: "على أي حال سندرسه (مشروع قانون النسبية) كي لا يقال إننا أقفلنا الموضوع، وسيكون لي كلمة في النسبية في الجمعية العمومية (للحزب التقدمي الإشتراكي) ولكن البلد مغلق طائفيًا ومذهبيًا ولا يمكن تطبيق النسبية". وأضاف: "في الماضي كان يقول بعض المسيحيين إنني أصادر الصوت المسيحي في الشوف ولكن اليوم بقي هناك نائبان (مسيحيان) في "جبهة النضال الوطني" صديقين لوليد جنبلاط وهما نعمة طعمة وإيلي عون". وسأل: "ما المطلوب؟ أن نقوم بدائرة فردية كل واحد يصوت لنفسه حينها قد أنجح نفسي وقد أسقط نفسي".

وردا على سؤال عمّا إذا كان إلتقى الرئيس سعد الحريري خلال تواجدهما في فرنسا في الفترة عينها، قال جنبلاط: "لم يحصل لقاء مع (الرئيس سعد) الحريري، وإذا حصل لماذا يكون اللقاء سرياً؟" وأضاف: "ذهبت إلى باريس لحضور زفاف ابنة صديقي (وزير الثقافة السابق) غسان سلامة ونُمي لنا انه ربما حضر الحريري إلى الحفل ولكنّه لم يأتِ"، وأضاف: "آخر إتصال مع الحريري جرى عندما ارسلت له برقية تهنئة بمناسبة عيد الفطر ولو جاء إلى العرس لالتقيته ولم أكن لأخفي هذا الأمر"، وتابع: "من حق الحريري أن يكون له كل الحساسيات والحسابات وان يعتقد انه كان لنا يد في إسقاط حكومته ولكن في النهاية السياسة فيها تموجات واخذ ورد وهو صديقي على المستوى الشخصي وله موقعه وحيثيته". وردًا على سؤال أجاب: "الحريري ليس له الكثير من المواقف ولكننا نلتقي في بعضها"، وعما إذا كان يعتقد بوجوب عودة الرئيس الحريري إلى بيروت، قال جنبلاط: "لست ادري وليست "شغلتي" أن أبحث هذا الأمر، وهو له حيثيته السياسية ولو عاد أفضل ولكن ربما له أسباب لعدم العودة". وأضاف: "الحريري ليس عدوي، إفترقنا بالسياسة وقد نعود إلى الحد الأدنى من القواسم المشتركة لو جلسنا وتحدثنا".

وتابع جنبلاط: "أريد إحياء طاولة الحوار ولكن ليس وحدي، والظروف غير مهيأة حتى الآن لأننا محكومون في النهاية بالعيش المشترك أيا كانت التناقضات والطموحات السياسية وتسريبات "ويكيليكس" التي تنهمر من هنا وهناك والتي لا أوافق عليها (...) لبنان لديه هذه الحيثية والتنوع والنظام البرلماني أفضل الممكن في لبنان".
وعن العلاقة مع 14 آذار، أجاب جنبلاط: "إلتقيت مع (الرئيس فؤاد) السنيورة في دار صديق كريم وكان لقاءاً مفيداً وكان يرافق السنيورة (وزير المالية السابق جهاد) أزعور و(وزير الإعلام السابق طارق) متري وتحدثنا عن موضوع خطاب الرئيس سعد الحريري في ما يتعلق بالسلاح في ذلك الوقت، وقلت لهم إنّه لا يمكن التخاطب عبر الإعلام والخطابات مع الجماهير في قضية حساسة مثل السلاح بل لا بد من العودة إلى الحوار، ولكن للأسف هذا لم يحصل".

وعن العشاء مع أعضاء "اللقاء الديمقراطي" الذين رفضوا الإنضمام إلى جنبلاط عند إعلانه خروجه من الأكثرية السابقة، قال جنبلاط: "التقيت (النائب) مروان حمادة وكان هناك (النواب) أنطوان سعد وأنطوان أندراوس وفؤاد السعد وهنري حلو وتعشّينا وتناقشنا في نقاط عديدة ولكن في النهاية نحن رفاق ولم نفترق على عداوة بل إختلفنا على موضوع اعادة التموضع، وهذا العشاء لا يحمل رسالة، وهناك الكثير من المقالات التي كتبت عن هذ الموضوع.. فليتسلّى الإعلام ولكن هل مِن الممنوع أن التقي برفاق قدامي بيننا خبز وملح؟" وأضاف: "خذوا مثلاً العلاقة بيني وبين نصرالله، اختلفنا وتعادينا ثم اجتمعنا وتفاهمنان وانظروا أين كنا وأين أصبحنا، لذلك أقول دائماً إن الخطاب الناري والتشنج لا ينفع، نحن محكومون بالعيش المشترك والتلاقي والحوار". وتابع: "أما علاقتي مع 14 آذار و8 آذار فهمّي فيها واحد وهو الحوار وتدوير الزوايا في حال كان هناك مشروع خلاف وفتنة في لبنان، خصوصاً عندما تحصل خلافات في بعض المناطق بسبب عدم تفاهم بسيط ويقوم الإعلام بنشرها وتكبيرها".

ولفت جنبلاط الإنتباه إلى أنه "سواء حصل اللقاء مع نصرالله أو بدونه فإن آلية التواصل كانت تسير بشكل طبيعي بين الحزب التقدمي الإشتراكي والحزب الديمقراطي وحزب الله"، معتبراً أنّه "من المبكر للغاية الحديث عن الآلية الإنتخابية، فكل شيء بوقته، خصوصاً ان المشروع الإنتخابي الذي ننوي إعتماده سيكون موضوع مناقشة في الجمعية العمومية للحزب (التقدمي)"، معلناً في هذا السياق أنّ "هناك صدمة" سيعلنها في الجمعية العمومية للحزب.

وختم جنبلاط حديثه بالسؤال: "أي ثورة لم تصل إلى مخاض دموي وتآكل أبناءها بعضهم البعض ثم ذهبت إلى مكان آخر بعدها؟ هناك مسار الثورة الفرنسية والثورة البولشيفية والثورة الإيرانية". وقال: "لا نزال في أول الطريق و"الربيع العربي" قد يمر بمخاض دموي أو عنفي ولكن لا بد أن نتحرر من أنظمة الحزب الواحد في كل مكان"، مشدداً على أن "الملك السعودي (عبدالله بن عبد العزيز) شخص جبار يحاول كسر قيود المتزمتين في المدرسة الدينية"، متمنياً له "التوفيق لأنّه شخص إصلاحي كبير بدأ بخطوة تحرير المرأة، وهي خطوة اولية وجريئة". كما لفت في السياق عينه إلى "الخطوات الإستباقية التي يقوم بها الملك عبدالله الثاني في الأردن والملك محمد السادس في المغرب"، معتبراً في المقابل أنّها "ليست كافية إذ إن الشعوب تريد الخروج من القوقعة". (رصد NOW Lebanon)