إيران
وإسرائيل:
الوضع الحرج
بقلم/الكولونيل
شربل
بركات
كانت
إيران زمن
الشاه تعتبر
إحدى الدول
الصديقة
لإسرائيل
وكانت هناك
علاقات تعاون
متينة قائمة
بين
الدولتين،
ولكن بعد تسلم
الخمينيين
السلطة تغيرت
نظرة حكام
طهران الجدد
تجاه الدولة
اليهودية
واختاروا
معاداتها
كشعار، ربما،
للسيطرة على
الشارع
العربي حولهم
ومن خلاله فرض
هيمنتهم على
مقدرات منطقة الشرق
الأوسط
الغنية
بالنفط.
نظر
الخمينيون
إلى العالم الاسلامي
كمجال سهل لهم
لإعادة إحياء
الحلم الأمبراطوري
الفارسي الذي
كانت قضت عليه
جحافل الغزاة
العرب مع
الفتح الاسلامي.
ومع أن الفرس
كانوا جاهزين
لتقبل تغيير
المعتقدات
المجوسية
آنذاك، إلا
أنهم اعتبروا
اندحار دولة
كسرى وسقوط
عاصمتها
المدائن بيد العرب
خسارة أساسية
تضاهي
خسارتهم
الحرب مع اليونانيين
زمن الاسكندر
الكبير. ولكنهم
شيئا فشيئا
أعادوا صياغة
العصبية
القومية تحت
الستار
المذهبي
ليتميزوا عن
المحيط. وإذا
بالدولة الصفوية
تحيي، بعد عدة
قرون، هذه
القومية
فتدغدغ أحلام
الشاه بالأمبراطورية
وتتحول مع
الخميني إلى
خطط لإقامة
حكم "إمام الزمان"
أو "الولي
الفقيه" الذي
ينوب عنه ويقيم
في قم.
الخمينيون
استغلوا صراع
شقي البعث في
سوريا والعراق
وسيطرة
العلويين على
حكم بلاد
الشام والفوضى
التي يعيشها
لبنان لكي
ينفذوا إلى الطائفة
الشيعية في
هذا البلد
فيكون لهم من
جنوبه خط تماس
مع الدولة
العبرية
يؤكدون
بواسطته على
نظرية
معاداتهم
لدولة
إسرائيل، ما
سيكسبهم
بالتأكيد
مزيدا من
التأييد بين
جماهير الدول
العربية التي
لم تتوحد إلا
على معاداة
الصهيونية.
أما
الإسرائيليون
فقد اعتبروا
دوما بأن إيران
بعيدة عنهم
وهي لا تشكل
أي خطر مباشر
على أمنهم، سيما وأن
علاقاتهم
التاريخية
بالفرس لم تكن
مرة عاطلة،
ولذا فهم لم
يعطوا الحرس
الثوري الذي كان
يدرب بعض
الشيعة اللبنانيين
الاهتمام
الكافي، لا بل
سمحوا لهؤلاء
في مرات
متعددة
بالظهور
بمظهر البطل
في نظر شعوب
المنطقة التي
لم تلبث تفتش
عن اسطورة
تعيد لها
ثقتها بالنفس.
ولكن
عندما بدأ
الحديث عن امكانية
امتلاك إيران
لسلاح نووي
تغيّر
الموضوع واستفاق
الاسرائيليون
على حقيقة
مزعجة هي دخول
منطقة الشرق
الأوسط عصر
الصراع النووي
والذي لا يمكن
التغاضي عن
تفاعلاته.
فعندما حاول
صدام حسين
امتلاك هذا
السلاح سرع بيغن،
رئيس وزراء
إسرائيل
يومها، إلى
التخلص من البرنامج
النووي
العراقي
بضربة نوعية،
ومثله فعل أولمرت
مع السوريين
في مفاعل دير
الزور. ولكن
البرنامج
النووي
الإيراني
اختلف في نواح
عدة؛ منها
توزعه على عدد
كبير من مراكز
الانتاج
ووقوعه في بلد
يبعد عن حدود
الدولة
العبرية آلاف
الكيلومترات،
وقد تعلّم
الإيرانيون
العبر مما حصل
في العراق ومن
ثم سوريا
فحصّنوا مواقع
مفاعلاتهم
حيث لم يعد
ضربها عملية قرار
بسيط، كما
يبدو.
وبالرغم
من الحديث
المتكرر عن
قيام اسرائيل
منفردة،
ربما، بضربة
للبرنامج
النووي الإيراني،
إلا أنه لم
يسجل عمليا أي
تحرك فعلي في هذا
الاتجاه بعد.
ولكن لماذا
أعيد طرح هذا
الموضوع فجأة
في إسرائيل
ومن على وسائل
الاعلام؟
فهل صحيح
ما يقال بأن
فرصة ضرب هذا
البرنامج
أصبحت محصورة
من حيث التوقيت؟
وإذا كان هذا
هو الواقع
فلماذا يطرح اعلاميا
ما قد يعطي
الخصم فرصة
للاستعداد؟
أم أنه تحضير
للرأي العام
لكي لا يصدمه
حجم العملية وذيولها؟
الشرق
الأوسط
اليوم، وبعد
تداعي
الديكتاتوريات
فيه وعدم قيام
أنظمة بديلة
تستند على دعم
الشعب وولائه
في كافة الدول
العربية،
أسقط هؤلاء
كليا من حساب
موازين القوى،
وها هي شعوب
هذه الدول
العربية
تتغنى مرة
بإيران وأخرى
بتركيا وهما
لم تكونا خلال
التاريخ
صديقتين
حميمتين
للعرب. ولولا
بعد النظر
التي تحلت به
دول الخليج في
وقفتها بوجه المطامع
الإيرانية
خاصة في
البحرين
ودخولها في
التحالف
الدولي في
ليبيا لنسي
العالم وجود
العرب كليا.
فهل أن عصر
الصراع
العربي الإسرائيلي
في الشرق
الأوسط انتهى
وبدأ صراع القوى
الأكبر؟ وهل
يكون التحدي
الإيراني
للأمم
المتحدة
مدخلا لعصر جديد
من التوازن
يكون فيه
السلاح
النووي والخوف
من استعماله
هو الضامن
الحقيقي
للسلام؟
الأميركيون
يستعدون
للانسحاب من
العراق في آخر
السنة كما
تستعد إيران،
بحسب البعض، لاحكام
سيطرتها
عليه، ومن هنا
محاولة
النظام في
سوريا الصمود
لبضعة أشهر قد
تفتح له بعدها
الامدادات
البرية من
إيران ويصبح
التخلص منه
عملا صعبا.
ولكن الثورة في سوريا
هي حقيقة يصعب
تجاهلها. فهل
سيقدر الأسد
ولو بمساعدة
الإيرانيين
على خنقها بعد
كل هذه
التضحيات؟ وهل
سيتمكن
الإيرانيون
من الوصول
الفعلي إلى حدود
إسرائيل بعد
تأمين صمود
الأسد وسيطرة
حزب الله
الكاملة على
الحكم في
لبنان؟
يقول
البعض بأنه
ليس من السهل
السيطرة حتى
على العراق،
وأن إيران سوف
تدخل في
مستنقع إين
منه ما حصل
للأمريكيين
إذا هي حاولت
ذلك. ولكن
العراق مفروز
من حيث
الولاء،
ولإيران فيه مناطق
نفوذ واسعة
وكافية لكي
تربط سوريا
ولبنان بخط امداد
متواصل وبدعم
بشري وتقني
ليس بالبسيط،
وفي نفس الوقت
سوف تفتح لها
أبواب جديدة
في مجالات اقتصادية
وليس فقط
عسكرية، فهي
بوصولها إلى البحر
المتوسط، وهو
حلم الفرس
القديم، سوف تصبح
على رمية حجر
من أوروبا
بينما يبقى تأثيرها
في قلب أسيا
وعلى حدود
الهند والصين
اللتان تعدان
اليوم أكثر
الأسواق
العالمية القابلة
للتطور في
مجالي الانتاج
والاستهلاك.
فهل ستقدر
إيران الخمينية
على دفع الحلم
الفارسي
للتحقيق؟ وهل
سيتطلب ذلك
مزيدا من
التضحيات
والتطرف
واعتماد سياسة
الحافة؟ وهل إن القدرة
النووية
ضرورة لتصبح
معها إيران
عنصر استقرار
وأحد
اللاعبين في
عالم الكبار؟
يدعي
محللون
سياسيون بأن
كلام الاسرائيليين
على ضرب
المشروع
النووي
الإيراني ما
هو إلا محاولة
للضغط على
العالم الحر
لفرض المزيد
من العقوبات
على إيران ما
قد يسهم في
تردّي الأوضاع
الداخلية
لتطيح
بالمتشددين
الدينيين
وتسمح للمعتدلين
بتسلم
القيادة،
وأنهم ليسوا
بوارد محاربة
الفرس بشكل
مباشر، ولو أن
هؤلاء يزايدون
كل يوم في هذا
الاتجاه. ولكن
ترك إيران الخمينية
تصل مع قدرات
نووية إلى
حدود إسرائيل
لا بد أن يكون
عملية
انتحارية بحد
ذاته،
بالنسبة لبعض الاسرائيليين،
ولو أن هناك
من يعتقد بأن
التفاهم حتى
مع هؤلاء
الإيرانيين
حول المصالح
والعلاقات
يمكن أن يتم
بشكل أسرع
بكثير مما قد
يتصوره رجل الشارع.
فبالرغم من
قيام سلام مع
مصر والأردن منذ
أكثر من
ثلاثين سنة لم
يستطع حكام
العرب افهام
شعوبهم
بأهمية السلام
ولم تزل هذه
تحلم بالحرب
كلما سنحت
الفرصة وهي
معبأة بشكل
مستمر ضد
السلام
الدائم مع الدولة
العبرية. بينما
وفي حال قيام
أي تفاهم مع
الفرس حول
المصالح المشتركة
لا بد أن يتم
الالتزام
بقواعده بكل تأكيد،
لأن الثقافة
الفارسية في
معاداة اليهود
تختلف عن
ثقافة العرب
في ذلك.
الخمينيون
في إيران
وقادة اسرائيل
يقفون اليوم
على مفترق صعب
ووضع حرج،
والكلام على
عمل عسكري من
قبل الدولة
العبرية ليس
بالقرار
السهل، وهو لم
يأخذ تأييدا
بعد حتى داخل
المجتمع
الإسرائيلي
نفسه. ولكن
دفع إيران
لبرنامجها
النووي
والعمل
للحصول على
هذا السلاح
(كما يشير
إليه تقرير
المنظمة
الدولية الأخير)،
وفي ظل حكم
متطرف ذو
أطماع خارجية
وخطط توسعية،
هو خطر شديد
ليس فقط على
الدولة العبرية
إنما على
المنطقة ككل.
فهل تمر
الأزمة بسلام
كما مرت
سابقاتها
ويكتفي
العالم
بزيادة العقوبات
التي لم تفعل
مع صدام سابقا
ولا هي أثرت
جديا على نجاد
حتى اليوم؟ أم
أننا على عتبة
أحداث مصيرية
سوف تغير
خارطة الشرق
الأوسط فتقضي
على بعض القوى
وتهييء
لمستقبل أقل
توترا وأكثر
تعاونا بين
شعوبه؟ وهل
سيحلم العرب،
أو ما تبقى
منهم، بدور
طليعي في
المشاركة
بصياغة
السلام هذه
المرة؟
تورونتو - كندا
10 تشرين
الثاني/11