الأَحجام
بعد النظام
بقلم/الياس الزغبي
من
خارج
المكابرة
وسياسة
الأُمنيات،
يفرض المنطق
السياسي بدء
التفكير في
مرحلة ما بعد
رحيل نظام
بشّار الأسد.
فليس
من الحكمة في
شيء تصديق
نبوءة
"بطليموس الرابيه"
حول ثبات
نظامه
الحاضن،
كثبات الأرض
قبل 18 قرنا. ولا
حاجة لانتظار
"كوبرنيكوس
سياسي" كي
ينسف نظريّة
كلّ
"البطالسة"،
ويؤكّد دوران
الأرض،
وتهاوي
النظام!
ولسنا
هنا في وارد
التنجيم حول
مرحلة ما بعد
الأسد في
سوريّا،
فالسوريّون
يرسمون
مستقبلهم بعد
حكم البعث،
وحراكهم
السياسي
يقرّر طبيعة النظام
الذي يريدون.
ما يهمّنا
هو استشراف
الوضع
اللبناني بعد
سقوط الأسد، طالما
أنّ نصف القوى
السياسيّة
ربَط مصيره علنا
بحاكم دمشق،
وذهب معظمها
في اتجاه غير
مرتدّ، قاتلا
أو مقتولا.
وحين
نتحدّث عن
القوى
السياسيّة
المرتبطة بالنظام
السوري، نعني
فورا "حزب
الله" وملحقاته
في 8 آذار،
ونكاد لا نذكر
الملحقات
لأنّها، في
الحساب
السياسي،
تبدو في حاجة
دائمة الى
الاحتضان
والرعاية والاسناد،
كي يكون لها
موقع أو دور.
فهي فرع لا
أصل، وقوّتها
من خارجها
وليست من
صلبها.
"حزب
الله"، اذا،
هو المعني
بالمصير بعد
الأسد.
وفي
تقدير استباقي،
يُمكن حصر
أبواب سلوكه
بأحد بابين:
أمني أو
سياسي، ولا
يُمكن تصوّر
نجاحه في دمج السلوكيْن،
كما يفعل
الآن. فبعد
سقوط الأسد،
لا مجال لاستخدام
الذراع
العسكريّة
والأمنيّة في
نسف الميزان
السياسي
وتغيير
الأكثريّة
بالقوّة، ولا
وظيفة
للسترات
السود،
وسبعات أيّار.
اذا
اعتمد "حزب
الله" السلوك
الأمني، يعني
ذلك فورا اشعاله
حربا أهليّة
مذهبيّة، لا
يُمكن أن يخرج
منها منتصرا،
في بيئة
مترامية
مناهضة له
تمتدّ من لبنان
الى
سوريّا
والأردن
والخليج،
فضلا عن
الشمال التركي،
وامتداد
الثورات
العربيّة غير
الملائمة له الى شمال
أفريقيا،
خلافا لما كان
يُمنّي النفس به.
وليس
ما نَحَتَه من
تحالف
أقلّيات بين
لبنان وسوريّا
مع العلويّين
والمسيحيّين
سيمدّ له خشبة
الخلاص، ولا
كذلك السند
الشيعي العراقي
الغارق في
همومه
الداخليّة،
ولا غزّة المُنهكة
والمرتبكة في
تحالفاتها،
ولا العمق الاستراتيجي
الايراني
الممدّد على
المشرحة
الدوليّة.
فالدعم الفعّال
لا يكون
بالمراسلة،
بل برؤوس
الجسور التي
يكون أهمُّها
قد انهار مع
نظام الأسد.
كما
لا تكفي رؤوس
الجسور
الداخليّة
الصغيرة التي
بناها
بالسلاح
والمال، من
الشمال الى
الجبل
والبقاع
وبيروت، كي
تكون عبّارات
لسيطرته
العسكريّة
على المناطق:
فلا القومي
السوري في عكّار
والكورة
والمتن، ولا
المربّعات
المسلّحة في
طرابلس ومناطق
شماليّة
أُخرى، ولا
بعض الأذرع
الموزّعة في
الجبل، ولا
خلايا بعث هنا
وأَرهاط
مخابرات
هناك، ولا
طبعا بعض
التشكيلات العونيّة
الموجّهة،
تستطيع
مواجهة الحيويّات
الشعبيّة
الوازنة
والقوى
السياسيّة
المتيقّظة. وقد كانت
له تجربة
فاشلة قبل
قرابة 5 سنوات
في 23 ك–2 / 2007، لا بدّ
أنّه استخلص
دروسها.
وقياسا
على براغماتيّة
باقية لدى "حزب
الله"، يجوز
توقّع
اعتماده
السلوك السياسي
بعد رحيل
حليفه، وقد
بدأت اشاراته
في هذا
الاتجاه، ولو
بخفر وحذر
شديديْن. وهو الآن
في غمرة البحث
عن "صيغ"
سياسيّة
تحافظ على ماء
وجهه، أبرزها
صيغة قانون
الانتخاب. وهمّه
تمرير صيغة
تكفل له
أكثريّة
سليمة وليست
سقيمة،
مفتعلة
وعابرة كما هي
الآن، لأنّه
يُدرك عُقم
سلاحه سنة 2013 في
فرض الموازين.
ولكنّه
مرتبك في كلّ
الصيغ
النسبيّة
والفرديّة،
ويتمنّى، في
سرّه، اعتماد
المحافظات أو
الدائرة
الواحدة مع
نسبيّة
مركّبة، أو
قانون الـ60 في
أسوأ
الأحوال،
لعلّه يُنقذ
مقاعده
ومقاعد ملحقاته.
وطالما
أنّ أُمنياته
الدفينة صعبة
التحقّق، فهو
يسعى الى
منع خصومه (14
آذار) من
تحقيق
الانجاز الذي
كادوا
يحقّقونه في
انتخابات 2009،
أي أكثريّة
الثلثين،
لولا مجموعة
أخطاء، وسطوة
السلاح.
وليس
بعيدا عن
التوقّع أن
تنجح تحالفات
14 آذار في بلوغ
هذا الرقم الحاسم
في الدستور
والسياسة،
بعد التعلّم من
الأخطاء،
ورفع رهبة
السلاح،
واعتماد قانون
يؤمّن واقعيا
صحّة التمثيل.
فمعركة 14
آذار يجب أن
تكون حسم
الثلثين،
وليس أبدا أقلّ
من ذلك. وكلّ
الشروط
والظروف
والروافع والحوافز
متوافرة
وستزداد، شرط
استخدامها وادارتها
بصورة جيّدة.
في
الخياريْن،
سيجد "حزب
الله" نفسه في
الموقع الحرج،
بعد انهيار
سنده السوري.
وما عليه سوى انتقاء
الخسارة الأرحم
والأخفّ
وطأة، وهي
بالتأكيد
خسارته
السياسيّة،
لأنّ الخيار
العسكري
الأمني سيكون
أبلغ أثرا
وأعمق ندوبا
وأشدّ خطرا
على مصيره، فيكون
اذذاك كمن
يخسر دنياه
وآخرته معا.
فليحافظ
على شيء من
دنياه، في
النسيج
اللبناني، كي
يبقى له شيء
من الرحمة، في
الدينونة.
السبت
19 تشرين
الثاني 2011