حقيقة "7
آب"
بقلم/الياس الزغبي
لا
شيء يستطيع
طمس قضيّة "7
آب" 2001، أو الغاءها
من الذاكرة
الوطنيّة، لا
مرور الزمن،
ولا انكار
أو تنصّل
مرتكبيها
وضحاياها معا.
هي،
في جوهرها، "بروفا"
للمحاولة
الانقلابيّة
في 23 كانون
الثاني 2007، والانقلاب
الناقص في 7
أيّار 2008،
والانقلاب
الراهن في 13
حزيران 2011
(حكومة "حزب الله"
– ميقاتي).
الأهداف
هي نفسها:
تثبيت النظام
الأمني
العقائدي القمعي
(بعث أو "حزب
الله"). والوسائل
هي نفسها:
استخدام
السلاح ومنطق
الغلبة (اعتقالات
وتنكيل أو قطع
طرق أو اجتياح
مسلّح أو قمصان
سود).
لكنّ
الأهم
والأشدّ اثارة
أنّ القائمين
بكلّ هذه
الانقلابات
هم أنفسهم!
نعم،
وشهادة
للحقيقة، وانصافا
للأبرياء
الذين دفعوا
ثمن 7 و9 آب 2001،
ومعظمهم ما
زال ضحيّة
جهله، على
طريقة
التواطؤ مع
الجلاّد
وتكريمه
والالتحاق به، لا بدّ
من الاضاءة
على الواقعات
والأشخاص والأهداف:
- في
الوقائع، قضت
الخطّة بوضع
كوادر
"التيّار العوني"
في واجهة
الاعتقال
والقمع،
والتعتيم ما
أمكن على
معتقليّ
"القوّات"،
لأسباب
نوضحها مع
الأهداف. وقضت
كذلك بتكبير
التّهمة الى
حدّ العمالة
والتخطيط
لضرب
الاستقرار،
لمزيد من
التوظيف
السياسي، كما
قضت بالترويج الاعلامي الى
أقصاه، والاسراع
في اطلاق
سراح كوادر
قريبة ولصيقة
بالعماد عون،
مع الشكر
والاعتذار،
واستغلال
دموع بعض
المعتقلين،
لاسيّما
الكبار منهم
بالسنّ. وهناك
واقعة أكّدت
ضلوع "عونيّين"
في القمع أمام
قصر العدل،
تبيّن أنّهم
من "الأجهزة"
أيضا (شراكة
وشركة منذ ذلك
الحين).
- في
الأشخاص، لم
تكن 7 و 9 آب 2001 من
نتاج طرف
واحد. المؤسف
أنّها كانت
نتاجا مشتركا
بين قيادتي
الضحايا
والجلاّدين. سبقت
عمليّة القمع
والاعتقال
اتصالات
وعمليّة تنسيق
بين الطرفين،
واتفقا على
تقاطع المصالح
والأهداف،
وحتّى
التفاصيل
التنفيذيّة،
وكان أمامهم
متّسع من
الوقت بين
زيارة البطريرك
صفير للجبل
والتنفيذ (3
أيّام). كانت
العلاقة
ممتازة في
حينه (ولا
تزال)، بين اليرزة
وقيادة الأمن
العام
ومرجعيّتهما
السوريّة من
جهة، وشارع فالسبورغ –
الدائرة 17 في
باريس، من جهة
ثانية.
الضحايا
لم يكونوا على
علم بما كان
يُدبَّر لهم،
والمحزن
أنّهم ما زالوا
غير مدركين ما
اقترفت
قيادتهم
بحقّهم، بل ما
زالوا يكيلون
لها المدائح والتسابيح،
وأحدهم بات
نائبا يُشيد
بقامعيه
ووليّه، كمن
يلعق دمه.
- في
الأهداف،
تلاقت مصلحتا
طرفي الخطّة:
الأوّل
سعى الى
نسف نتائج
مصالحة الجبل
التاريخيّة،
لأنّ استمراريّة
الوصاية
السوريّة
تفرض الفصل وليس
الوصل بين
القوى
والطوائف.
الثاني
سعى الى
مضاعفة العطف
الشعبي، وهذا
ما حصل
بالفعل. وكان
الطرف الأوّل
يريد فعلا
زيادة شعبيّة
الثاني
وتقليص
شعبيّة
"القوّات" وابقاء قائدها
في السجن أطول
مدّة ممكنة،
بمعرفة واطمئنان
مسبقين أنّه
سيقطف شعبيّة
عون لاحقا، على
قاعدة تسمين الخواريف.
وهذا أيضا ما
تحقّق بعد
الخروج
العسكري السوري
(ألم يقطف
النظام 21 ثمّ 27
نائبا
"عونيّا"، والتحاقا
كاملا به،
واستماتة في
الدفاع عنه
الآن؟).
لقد
استثمر العقل المخابراتي
السوري في
آلام ضحاياه،
ونجح. وهم
اليوم يقفون
في الصفّ
الأوّل دفاعا
عن نظامه. لا
يهمّ كم تناقص
عددهم، لكنّ
الخطير أنّ من
تبقّى منهم
مغمضون،
عاجزون عن
رؤية الحقيقة.
انّهم
مرشّحون لدور
الضحايا
مرّتين، مرّة
مع صعود هذا
النظام
وأُخرى مع هبوطه،
كأنّه قدر اغريقي
مرصود. بينما
تتمدّد
قيادتهم
وترتاح على
معاناتهم،
وهم لاهون.
هي تشطب من
ذاكرتهم 7 آب
بعدما أعطت
ثمارها، كما
شطبت 13 تشرين
وبرّأت
فاعليها.. وهم
غافلون. ألم
يفعل النظام
الوصي الشيء
نفسه بشطب
ذاكرة الاسكندرون؟
الوصي
والموصى عليه
من القماشة
نفسها.
في
التاريخ
السياسي،
هناك حقائق لا
تنكشف الاّ
بتراكم
معطياتها مع
الزمن.
اذا لم
يكن في
استطاعة
ضحايا "7 آب" ادراك
الحقيقة في
وقتها، بفعل
براعة اخفائها،
فعلى الأقلّ
أن يفتحوا
عيونهم عليها
اليوم، بعد
اكتمال
عناصرها.
سبقهم
متنبّهون الى
اليقظة، فما
بالهم يوغلون
في في
الغفلة
والنوم؟
هل
يصعب عليهم
التأكّد من
أنّ حلفاء 2001 (بل
قبل ذلك بكثير)،
هم أنفسهم
حلفاء اليوم؟
وهل
يصدّقون
قائدهم في
قوله: لا قمع
في سوريّا بل
دفاع عن
النفس، وشرعة
حقوق الانسان
ماركة
تجاريّة؟
اذا
صدّقوه يعني
أنّ النظام
نفسه لم يقمعهم
قبل 10 سنوات،
بل دافع عن
نفسه وهم
المعتدون،
وأنّهم كانوا
يرفعون
الشرعة فوق
نضالهم كشعار
تجاري!
وليعتذروا، اذا، من
شارل مالك في هدأة قبره.
قليل
من الوعي، ولو
متأخّرا،
يُفرح
قلوبهم.. وقلب لبنان.
الأحد
07 آب/2011