الفريد
الوحيد
بقلم/الياس الزغبي
"حزب
الله"، لم
يعُد له مثيل. نجح
في نسج قماشته،
وصُنع
"فرادته"،
نجاحا مدوّيا. هو
رأى، في
الأساس، أنّه
من طينة
مختلفة، وانتدب
نفسه لمهمّة "الهيّة"،
وأطلق على
أتباعه لقب
"أشرف
الناس"، ونصّب
ذاته ربّانا
وميزانا
وديّانا. طرح نموذجه
التنظيمي
والقتالي
والعقائدي
على العرب
والمسلمين،
ورفع راية
جهاده فوق كلّ
الرايات،
وقال لهم: أنا
سيفكم ودرعكم
وحصنكم، وأنا
المنقذ
والمخلّص
والمحرّر،
فاتبعوني. أُعجب
به
كثيرون،
وتقدّم
الترويج على
الواقع،
ودخلت صورته
معظم البيوت
العربيّة والاسلاميّة،
حتّى كادت
تتحوّل الى
تعويذة، وسعت
مجموعات
وتنظيمات الى
تقليده
واستلهامه،
ولم تسلم
منازل
المسيحيّين
البسطاء من
الصورة
والمثال.
قبل 5
سنوات، والى
أشهر معدودة،
جلس "حزب
الله" سعيدا
على عرش
المشاعر
والأوهام.
اطمأنّ الى
طيبة القلوب
والنيّات،
وحكّ على
الأحلام المكسورة
والنفوس
المُحبطة
والهزائم
المتناسلة.
لعب على سحر
الكلمات
الثلاث:
المواجهة والممانعة
والمقاومة،
ناسجا على
منوال نظامين
في دمشق
وطهران باعا
الناس وعودا
بالمقاومة
لترويضهم واسكاتهم،
فانكشفا على
عُريهما الذي
فيه خلقهما
الانقلاب.
النموذجان
اللذان صنعاه
محاصران
الآن،
ويتهاويان.
والنماذج
التي حاول هو
صنعها
ورعايتها
زالت أو تكاد:
واحد في غزّة
يستدرك ذاته،
ثان في العراق
يذوب، ثالث في
البحرين
والكويت
ينكمش، رابع
في اليمن يضيع،
خامس في
السودان لم
يرَ النور،
سادس في المغرب
أُجهض، سابع
وثامن وتاسع
وعاشر من الصومال
الى
فنزويلا
والأرجنتين
والتشيلي...
يتبخّر.
وبسرعة
قياسيّة
اصطدمت
الحسابات
التي أجراها
حول
الانتفاضات
العربيّة
بمسارها
المناقض لما
رغب وتمنّى،
فرياح
الثورات في
مصر وتونس
وليبيا
واليمن
وسوريّا غير
ما اشتهتها سفنه،
ولم يخرج من
صفوف العرب صفويّون
أو خمينيّون
أو نجاديّون
أو أولياء
فقيه أو ملوك
"انتصارات الهيّة". اليوم، يراقب
"حزب الله"
بأسى وحسرة
حشرة صانعيه وتفتّت
صنائعه،
ويجلس وحيدا
مع حالته
"الفريدة"
التي لم يبقَ
لها شبيه أو
نسيب أو قريب. يلتفت
الى نتاجاته
المحلّية
لعلّها تعوّض
خسارته
الخارجيّة، فيجدها
تغرق في
حروبها
ورغباتها
الصغيرة، تعجز
عن اللقاء في
حكومة واحدة،
تبذّر ما جمعته
من شعبيّة في
الخدع
الانتخابيّة
وما حصدته من
أموال
"طاهرة"،
وتسفّ في أُسبوعيّاتها
السياسيّة اسفافا
غير مسبوق.
واذا
كانت هذه هي
حاله، عالق
بين
مرجعيّاته
المنقبضة
ونماذجه
الخارجيّة
المنتهية
وصنائعه الداخليّة
المفكّكة،
فكيف يعمل
للخروج من مأزقه؟
الواضح
أنّه شديد
الحَيرة
والارتباك،
سواء لندرة
كلام مسؤوليه
أو هبوط أدائه
أو احتباس
قائده، ولم
تُنعشه كثيرا
الحركة
الواسعة التي
قام بها
الموفد الايراني
شيباني، ولا تطمينات
الرئيس
السوري فوق
جثث الضحايا
وركام المدن.
قد
يكون من
المبكر أن
يُقدم "حزب
الله" على الخروج
من "فرادته"
المؤذية. ومن
الصعب الطلب منه
الاعتراف
الصريح
والسريع
بسقوط نموذجه
في كلّ مكان، واعادة
صوغ ذاته على
نموذج عصري
آخر قابل
للحياة
والانخراط في نسيج
لبناني وعربي
جديد.
لكنّ
الممكن هو
سعيه الى
فهم حاله
ومآله. هو
يُقفل على
نفسه الأبواب
ويقطع مع
الجميع: يخوّن
كلّ من لا
يُعجبه، يستأثر
بلغة السلاح
ونواصي
الشوارع،
يُقفل لقاءات
الحوار ويرفض
النقاش،
يُقرّر في جنس
ملائكة
الحكومة
وشياطينها، يستنسب في
صلاحيّات
الرئاسات،
ينفرد في كسر اجماعات
المراجع
الروحيّة، يؤبلس
العدالة
الدوليّة،
يهزّ استقرار
أنصاره وداعميه
من أفريقيا الى
الخليج، يوعز
بعدم استقبال
موفد أقدر
دولة في
العالم،
يُدير ظهره
لحقائق الاقليم
وتطوّراته،
ولا يتردّد في
تحريك ميني
7 أيّار لمنع
ناشطين
مدنيّين من
التعاطف الانساني
والاعلامي
مع الشعب
السوري.
من
هذا الادراك
لخطورة
انغلاقه على
الآخرين
واكتفائه
بعضلاته،
يبدأ "حزب
الله"
بالخروج من
معضلته. فمعضلته
في عضلاته. وأوّل
الوعي هو الاقرار،
الضمني على
الأقلّ، بأنّ
هذا "الفريد"
بات وحيدا...
ويندم.
الاحد 22
أيار 2011