"الحوار"
ضد "التفاهم"
بقلم
المحامي
والمحلل
السياسي الياس
الزغبي
في
لقائهما
التلفزيوني
المشترك ليل
الاربعاء 6-2-2008
حرص السيد حسن
نصرالله
والعماد
ميشال عون على
اعتبار "ورقة
التفاهم"
التي وقّعاها
في 6-2-2006 بمثابة
مستند ومرجع
للنقاط التي
تم اقرارها
على طاولة
الحوار
الوطني
وأعلنها
الرئيس نبيه
بري يوم
الثلثاء في 14
اذار 2006، بل ذهب
السيد
نصرالله الى
حد القول ان
"ورقة
التفاهم
شكّلت المسودّة
الاساسية"
لما جرى
الاتفاق عليه
في جلسات الحوار.
وكان
الطرفان،
وخصوصا منهما
الجانب العوني،
قد دأبا
باصرار، وفي
أكثر من مناسبة،
على تصوير
الاتفاقات
المبرمة بين
الاطراف الـ14
المتحاورة
وكأنها مجرد
استنساخ لما
ورد في
"تفاهمهما"،
وأن فضل
"الورقة" قد سبق.
فهل هذا صحيح
؟ وهل هناك
تطابق أو
تشابه بين
"التفاهم" و
"الحوار" أم
تناقض وفروق
جوهرية؟
في
قراءة مقارنة
للنقاط
الاربع المشتركة
بينهما يتبين
أنهما
يلتقيان في
الشكل، أي في
العناوين
العامة
العائمة فقط،
ويتنافران في
المضامين
والمؤديات،
واحيانا في
اللغة:
أولا - في
موضوع
التحقيق
الدولي والمحكمة
الدولية
أقرت
طاولة الحوار
"موضوعات
لجنة التحقيق
الدولية
والمحكمة
الدولية
وتوسيع مهمات
لجنة
التحقيق"،
بينما أغفلت
"ورقة
التفاهم" ذكر
المحكمة
الدولية كليا
(لم يكن قد صدر
قرار انشائها
بعد ولكن
التحضير لها
كان حثيثا في الامم
المتحدة
وبيروت)، ولم
تسمّ التحقيق
الدولي باسمه
بل أشارت الى
"استمرار
التحقيق وفق
الاليات
المقررة
رسميا"!
وتجاهلت
الاشارة الى
القرار
الدولي 1595 الذي
أنشأ لجنة
التحقيق وكل
القرارات
التالية،
وكأن موقّعي
"التفاهم" لا
يعنيهم ما
يصدر عن الامم
المتحدة والشرعية
الدولية،
لذلك لم يرد
ذكر لأي قرار
دولي في
"الورقة" من
ألفها الى
يائها (هذا
عائد الى عقيدة
غير خافية لدى
"حزب الله" في
تقديم
"الولاية" أو
الشريعة على
أي شرعة، وخلو
أدبياته
السياسية من
ثقافة
الالتزام
بمفاهيم
المجتمع
الدولي
والمواثيق
الدولية). ولم
يفت
الموقّعين أن
يعاجلوا
التحقيق
"الرسمي" بالتشكيك
فيه عبر
الدعوة الى
ابعاده " عن
محاولات
التوظيف
السياسي"،
الامر الذي لم
تقع فيه طاولة
الحوار،
وتنبّه اليه
أركان 14 اذار
في جولات
النقاش.
ثانيا
- في السلاح
الفلسطيني
- أسندت
طاولة الحوار
حل السلاح
الفلسطيني خارج
المخيمات
ومعالجته
داخلها الى
الدستور ووثيقة
الوفاق
الوطني
(الطائف) وما
نصت عليه تحت
عنوان "بسط
سيادة الدولة
اللبنانية
على كل الاراضي
اللبنانية"،
فيما غابت
الاشارة الى
الدستور والى
نص الطائف عن
"التفاهم"
خصوصا لجهة
"بسط
السيادة".
- تحدثت
ورقة الحوار
عن مهلة 6 أشهر
للحكومة لحل
السلاح خارج
المخيمات و
"لمعالجته"
داخلها،
بينما تحدّث
"التفاهم" عن
"ترتيبه" في
الداخل، وقد
التزم
المجتمعون
"العمل الجدي
لتنفيذ ما ورد
اعلاه ودعم
جهود
الحكومة"،
فلم يقم
الاطراف
"الاقربون"
الى المنظمات
المسلحة،
خصوصا منها
المتمركزة خارج
المخيمات،
بأي جهد في
هذا المجال
نظرا الى
التقاطع
الاستراتيجي
بينهم وبينها.
- لم تشترط
ورقة الحوار
قيام "اطار
مؤسساتي فلسطيني
واحد"
للتفاوض معه
كما فعلت
"ورقة
التفاهم"،
والخطورة
تكمن في تعليق
حل السلاح
الفلسطيني
على توحيد
قرار
الفلسطينيين،
وهو أمر صعب بل
مستحيل،
وسيبقى هناك
فصيل أو أكثر
يرتبط بدمشق
أو سواها،
قادر على نسف
الحل. فهل هذا
ما يضمره
واضعو
"التفاهم" من
خلال "الاطار
المؤسساتي
الفلسطيني
الواحد"؟ وما
هي الحكمة التي
أملت دس هذه
العبارة في
النص؟
ثالثا
– في العلاقات
اللبنانية –
السورية
- لقد أرست
طاولة الحوار
هذه العلاقات
على أساس نص
الدستور لجهة
أن "لبنان وطن
سيد حر مستقل عربي
الهوية
والانتماء"،
وعلى أساس
اتفاق الطائف
ولاسيما ما
ورد فيه عن
علاقات لبنان
وسوريا لجهة "
استقلال
وسيادة كل
منهما "،
بينما نصت
"ورقة التفاهم"
على "سيادة
واستقلال
الدولتين"،
وهنا فرق كبير
في اللغة
والمعنى، فلا
يجوز أن يكون
هناك سيادة
واحدة
واستقلال
واحد لدولتين،
بل سيادتان
واستقلالان،
وهذه هي أهمية
هاتين
الكلمتين
الصغيرتين:
"كل من".
والمفارقة أنها
المرة الاولى
التي ترد فيها
هذه العبارة الاستثنائية
خلافا لكل
النصوص التي
تعالج العلاقات
اللبنانية
السورية، من
الطائف الى طاولة
الحوار مرورا
بكل البيانات
الوزارية،
حتى أن
"معاهدة
التعاون
والاخوة
والتنسيق" (1991)
لم تشذ عن
العبارة
التقليدية
بكلمتيها
السحريتين.
ولا يمكن
تبرير هذا
"الخطأ"
اللغوي طالما
أن أصحابه من
أئمة لغة
سيبويه، وقد
زايدوا أخيرا
على العرب
وأمينهم
العام عمرو
موسى في تفسير
البند الثاني
من مبادرة
الجامعة العربية
(أليس سيبويه
فارسي الاصل
ومن منطقة شيراز؟)،
فلا عجب في أن
يزايد الفرس
على العرب في
اللغة
والسياسة،
وحتى في
العروبة كما
هو حاصل، من
لبنان الى
فلسطين الى
العراق.
- أكدت ورقة
الحوار على
"عدم جعل
سوريا مصدر تهديد
لأمن لبنان
ولبنان لأمن
سوريا
ومواطنيهما"،
كما أكدت على
ضبط الحدود
وتكريس قاعدة
"عدم تدخّل اي
من الدولتين
في الشؤون
الداخلية للدولة
الاخرى"، ولم
ترد أي اشارة
الى المسألتين
في "التفاهم".
- طالبت
ورقة الحوار
باقامة
علاقات
"ندّية تتجسد
في أقرب وقت
ممكن بعلاقات
دبلوماسية
على مستوى
السفارات"،
واكتفت "ورقة
التفاهم" بالعلاقات
الدبلوماسية
بدون ذكر أي
مستوى (قد
يكفيها مكتب
تمثيلي وظيفي
كما في
الثمانينات)،
وربطتها بـ
"توفير
الظروف الملائمة"
(من يقدّر
ويقرر
ملاءمتها؟).
- وصفت
"ورقة
التفاهم"
مرحلة
الوصاية
السورية
(الاحتلال، في
القاموس
العوني
القديم) بـ"التجربة
السابقة التي
علقت بها
أخطاء وثغر وشوائب"،
وهذا ما لم
تنزلق اليه
ورقة الحوار
تداركا
لمحظور
المطالبة
لاحقا باعادة
التجربة بعد
"استخلاص
العبر
والدروس من
الاخطاء والثغر
والشوائب"!
- دعت ورقة
الحوار الى
انهاء ملف
"المفقودين والمعتقلين"
بينما اكتفى
"التفاهم"
بالحديث عن
"المعتقلين"
فقط، أي
الموقوفين
وفقا للقانون
السوري. وقد
ذهب أحد طرفي
"التفاهم"
(العماد عون)
الى حد تبرئة
ذمة النظام السوري
من
"المفقودين"،
بتحميله
المليشيات اللبنانية
مسؤولية
اخفائهم على
الطريق! ولم يبذل
طرفا
"التفاهم" أي
جهد لكشف مصير
هؤلاء، ولم
ينجحا في
تحرير
"معتقل" واحد
برغم التحالف
ووحدة الحال
مع مرجعية
الاعتقال.
رابعا
– في مسألة
مزارع شبعا
دعمت
ورقة الحوار
الوطني
الحكومة في
العمل على
"تثبيت
لبنانية
مزارع شبعا
وتلال كفرشوبا
وتحديدها وفق
الاجراءات
والاصول
المعتمدة
والمقبولة
لدى الامم
المتحدة"،
وهذا يعني السعي
الى الحصول
على توثيق
اعتراف سوريا
رسميا
بلبنانيتها
من أجل تحديدها
وترسيمها. لكن
"ورقة
التفاهم"
أعفت سوريا من
هذا الاعتراف
الرسمي
بقولها: "بعد
أن أعلنت
الدولة
السورية
لبنانيتها
الكاملة"! ثم
توالت
التأكيدات
على لسان
المسؤولين
السوريين أن
لا تحديد ولا
ترسيم
للمزارع الاّ
بعد تحرير
الجولان! ولم
يصدر أي تعليق
أو تساؤل أو استيضاح
من أهل
"التفاهم".
لقد
دهمت الحرب
طاولة الحوار
وقطعت عليها
البحث في
مسألة سلاح
"حزب الله".
ولو قيّض
للطاولة أن
تفتح هذا
الملف لما
أخذت بما ورد
عنه في
"التفاهم"
لأنه يضع
السلاح في
مرتبة "الوسيلة
المقدسة"، أي
فوق نقاش
البشر، ولكان
الامر معقولا
لو أن الحق أو
الهدف هو
المقدّس. زد
أن بقاء
السلاح مرهون
بفكرة مطلقة
وغامضة هي
"حماية
لبنان" و
"توافر
الظروف
الموضوعية"
الأكثر
غموضا، وكل
بحث معلق الى
ما بعد بعد
تحرير مزارع
شبعا ولو
استغرق الامر
جيلا كاملا
وربطته سوريا
بجولانها،
وبدون أن يكلف
الطرفان
نفسيهما اشارة
عابرة الى
الجيش
اللبناني في
استراتيجية
الدفاع عن
لبنان، وصيغة
"تقاسم
اللبنانيين
أعباء هذا
الدفاع" وهو
النموذج
الامثل لصيغة
التقاسم.
يحار
المواطن في
أسباب هذا
التأليه ل "ورقة
التفاهم"
وكيف تحوّلت
في عيون أهلها
الى أصل كل
شيء (الحوار
والجوار
والمصالحة والممالحة
والرجاء
والبناء
والسلام...)،
والى علة
الوجود وسدرة
المنتهى. وهم
لو أدركوا سلبياتها
وأضرارها
خارج بيئتهم
المقفلة (شغب 27
الفائت
نموذجا)
لأنزلوها من
مرتبة
"المقدّس" هي
الاخرى، لئلا
تصبح طوطما
يعبدونه، أو صنما،
يأكلونه اذا
جاعوا
ويحرقونه اذا
ضاعوا.
**الياس
الزغبي
(محام
وكاتب سياسي)