البقاء
للأصلح
بقلم/الياس الزغبي
في
الواقع
السياسي
والوطني،
لبنان هو الآن
في ذروة
الصراع على
مصيره.
هو
على المنعطف
الأصعب
والأخطر،
سواء اذا
أطلق "حزب
الله" سلاحه
عيانا ونشر
وحداته المدرّبة
جهارا، أو
خبّأه
وخبّأها تحت
المعاطف
السوداء وعلى
منعطفات
الأحياء.
لا
يتغيّر شيء في
الموازين بين
الحالتين،
فالسلاح
الظاهر أو
المستور
يُنتج الحالة
نفسها. وقد
أعطى مفاعيله
القصوى ولا
يُبدّل تشكيل
حكومة
الانقلاب، اذا
استطاع "ربّ
البيت"
تشكيلها،
شيئا في الميزان
.
الثابت
أنّ "حزب
الله"، مع من
فوقه وتحته،
كاد يُحرق كلّ
أوراقه، وكلّ
عوامل القوّة
لديه، وهو
الآن بدأ يحسب
مدى جدوى
ترسانته
وأوراق قوّته
العارية في
مواجهة
الحقائق
اللبنانيّة
الثابتة، والمتغيّرات
الاقليميّة
المقلقة،
والصلابة
الدوليّة
المتنامية، طالما
أنّ
الترسانات
المدجّجة
تتهاوى في ربيع
شعوب المنطقة.
يُقلقه
كثيرا ويُثير
حيرتَه صمتُ
السنَد
الأقرب في
دمشق، وارتباكُ
السنَد
الأبعد في
طهران.
تشغل
بالَه وُجهة
الانتفاضات
العربيّة وفكرة
امتداد النار الى
الرداء
السوري، فما
قامت به
وديعة
"النظام
الأمني
المشترك"
بخطف معارضين
سوريّين في
بيروت يُقلق
أصحابه أكثر
ممّا يُريحهم،
ويؤّشّر الى
الضعف والذعر
أكثر منه الى
القوّة
والثقة
بالنفس.
يَهجس
بالقمع
الصامت
الدائر في ايران
ضدّ معارضي
السلطة
والنظام معا.
تُخيفه
الارادة
الدوليّة في
تحصين عدالة
المحكمة والاصرار
على اجراءاتها،
فيشهر في
وجهها ورقته
القديمة
الصفراء بعدم
التعاون
معها، تحت
الذريعة البائتة
الفائتة
نفسها: أداة أميريكيّة
اسرائيليّة.
والمأزق
يتّسع ليأخذ
في طريقه مسؤولين
ووزراء،
بعضهم خضع
لسطوة
السلاح،
والآخر لانخراط
ضرير في
اللعبة
القاتلة
والعقيدة المقفلة.
ومساكين
هؤلاء كيف
يُقفلون على
أنفسهم أبواب
العالم،
ويكتفون
بمربّع ضيّق
ليس له سوى
منفذ واحد
مرشّح للاقفال
أيضا في المدى
المتوسّط، مع
اقتراب
اليقظة التغييريّة
من مضاجع
الأولياء.
لا
شىء يضمن
عدم اقدام
الفريق
"المزنوق"
على الهروب الى
الأمام،
واستخدام آخر
عروض القوّة
ونفخ العضلات.
لكنّ المأزق
سيزداد،
والمنافذ
ستضيق، وما بُني
على باطل
سينهار. ولا
بدّ من مراقبة
وليد جنبلاط
الأشدّ
تحسّسا بهذه
"الزنقة"،
لرصد باروميتر
تصريحاته وتموضعاته.
في
وجه هؤلاء
حالة انسانيّة
سياسيّة
وشعبيّة لا
تملك سوى ارادتها
وحقّها،
وشجاعتها في
الحقّ. هي من
الطينة نفسها
التي حرّكت
ربيع العرب
وأطلقت ارهاصاته،
شهرت دمها في
وجه السيف قبل
سنوات ستّ،
وظلّت تشهره
كلّ يوم، وفي
الأوردة
المفتوحة
لكلّ شهيد من
شهدائها،
حتّى صار درعا
يقي لبنان من السقوط،
ومثالا لقدرة
الضحيّة على
مواجهة الجلاّد
واسقاطه.
ألا
يتّعظ أهل
السلاح من عجز
"مقدّسهم" في
لبنان، ومن
مصير مكدّس الترسانات
في المغرب
والمشرق؟ ألا
يكفيهم النموذج
الليبي الذي
لا تشفع له
لهفة حليفهم تشافيز؟
في
أمثالنا
الشعبيّة: "اذا لم
يعلّمك أهلُك
فالدهر
يُعلّمك"،
وآن لمن لم
يتعلّموا من
أهل الوفاق
والسلم
والحرّية، أن
يتعلّموا من
عبر التاريخ
ودروس الحياة
وصروف الدهر
وظروفه.
انّه
الصراع
المصيري في
قمّته. لا
نقول على فسطاطَي
الخير والشرّ
وثنائيّة
النور والظلمة،
بل على
ثنائيّة
السلم
والعنف، قوّة
الحق وحق
القوّة،
النيّات
البيضاء والبزّات
السوداء.
صراع
على وصل لبنان
بالعالم أو فصله،
بناء الدولة
أو مصادرتها،
صون الحرّيّات
أو قمعها، اقامة
العدل أو
تكريس القتل،
الانخراط في
تحرّر الانسان
أو جعله رقما
وآلة في مشروع
أو ولاية.
ولا
يُمكن حسم هذا
الصراع خارج
منطق التطوّر،
وخارج
القاعدة
التاريخيّة
الذهبيّة:
البقاء
للأصلح.
ولا
يختلف عاقلان
على أنّ
الأصلح
للبنان ليس
السلاح الذي
يصنع
السياسة، بل
السياسة التي
تحكم السلاح.
هذا
ما تُثبته
الآن شعوب
المنطقة، وما
أثبتته سابقا
الشعوب
المتقدّمة في
الحضارة، ولا
يشذُ لبنان عن
منطق الحياة
وقانون
البقاء للأصلح.
لعلّ
صدمة
وعي، ولو
متأخّرة،
توقظ العقول
المهووسة
بقوّة السلاح.
فالصلاح
أقوى من
السلاح.
الاحد 6
آذار 2011