النيران
الصديقة
بقلم/الياس الزغبي
مخدوع،
أو مشتبه، أو
مغفّل، كلّ من
يظنّ أنّ
أسلحة المليشيات
تتواجه أو
تتقاتل، بلا
قضيّة.
ومسكين
من يصدّق أو
يعتقد أنّ
أصحاب هذه
الأسلحة
ليسوا
"أخوة"، ولو احتربوا
وسقط منهم
ضحايا، وهلكت
ممتلكات لهم،
أو لسواهم من
الناس الآمنين.
لقد حرص
طرفا الحرب
"الصغيرة"
ألأخيرة في
بيروت على
التأكيد
أنّهما
"أخوة" في خطّ
نضالي وجهادي
واحد، وأنّ ما
جرى "اشتباك
فردي"، حادث مرور
بين أهل
البيت، لا
أكثر، وأنّ من
سقط قتيلا أو
جريحا كان
ضحيّة "نيران
صديقة".
صدّقوهم،
هم لا
يكذبون.
انّهم
"أخوة"، "أصدقاء"،
"رفاق"،
أصحاب قضيّة
واحدة جامعة "مقدّسة"...
غير رسوليّة.
نعم،
قضيّة
"مقدّسة"
تجمعهم.
هي
بالتأكيد
ليست قضيّة
فلسطين، لأنّ
هذه القضيّة
لا تحتاج الى
شوارع أو
مساجد برج أبو
حيدر والبسطا،
ولا الى زواريب النويري والمصيطبه
ورأس النبع.
لقد أضاعوها
سابقا في
دهاليز لبنان
ومتاهات
السياسة الاقليميّة
والدوليّة،
بعدما زجّوها
في منحدرات
عيون السيمان
وغرّقوها في
بحر جونيه .
وهي
أيضا ليست
قضيّة تحرير
ما تبقّى من
مزارع، وما
راج من مزاعم
في مواجهة اسرائيل.
فالتحرير
والمواجهة
دونهما
الجغرافية
المحرّمة،
والقرار 1701،
والحالة
الجولانيّة
المستقرّة
والمستمرّة
منذ 4 سنوات،
ولو شابتها
طفرات طارئة
وعابرة.
وهي
كذلك، ليست
قضيّة اسقاط
المشروع
الأميركي
و"تغيير وجه
المنطقة".
من
نصّبوا
أنفسهم قادة
للمواجهة
العالميّة في
وجه
الاستكبار
يبحثون اليوم
عن حبل نجاة وقناة
حوار، من طهران
وبو شهر الى صعده،
ومن برج أبو
حيدر وطريق
المطار الى
غزّة، فبغداد.
وقد بردت همّة
الأصدقاء من
برازيليا الى
أنقرة، فدمشق.
ما
هي، اذا،
هذه القضيّة
المحكمة
"المقدّسة"
التي تجعل من
القتل
بالرصاص
والقاذفات
موتا رحيما، ويصبح
الطرفان
المقتتلان
شقيقين
حليفين صديقين
ودودين،
وتصبح النار
بينهما
"نيرانا
صديقة"؟
انّها،
في الواقع،
قضيّة السلاح.
نعم، السلاح
هو القضيّة.
هو غاية
في حدّ ذاته
وليس وسيلة.
ألم تصفه
ورقة
"التفاهم"
الذائعة
والبائسة
بأنّه مقدّس؟ اذا، هو
أسمى من أيّ
قضيّة، طالما
أنّه ترقّى الى مرتبة
الآلهة.
اقرأوا
جيّدا ما
يقوله "حزب
الله" في
مواجهة مطلب
جعل بيروت
خالية من
السلاح غير
الشرعي.
هو
يقول قولين:
الأوّل يطالب
بتعميم "سلاح
المقاومة"
على كلّ
لبنان، أي
تحويل لبنان الى ضاحية
كبرى، أي
تنفيذ
الانقلاب
الموعود.
والثاني: نعم،
نقبل بنزع
السلاح من
بيروت، ولكن،
هل يشمل ذلك
نزع سلاح
المخيّمات
الفلسطينية
في العاصمة
وعلى ضفافها؟
والقولان
يؤدّيان الى
نتيجة واحدة:
السلاح باق باق باق .
"حزب
الله" يدرك
عقدة السلاح
الفلسطيني
وامتداداته
السوريّة
والعربيّة، والايرانيّة،
بل يساهم في تعقيدها
أكثر، منذ
توقيعه
الصوري على
قرار طاولة
الحوار في
آذار 2006، ويربط
سلاحه بهذه
العقدة.
هو
يغذّي ويدعم
ويبرّر سلاح قوسايا
وحلوى والناعمه،
وداخل
المخيّمات.
ولاقاه مرارا
أحمد جبريل ورامز
مصطفى وأبو
موسى وسواهم،
في أوركسترا التصدّي
لاسرائيل.
سلاحان
يتبادلان
الخدمات
والحجّة
والدعم، يتقاويان
على الدولة
اللبنانيّة،
يأكلان من المعجن
الذرائعي
والتمويهي
نفسه: مقاومة اسرائيل.
ويخترعان
وظيفة اضافيّة:
التوطين.
وفي
حرب "حزب
الله"
و"الأحباش"
الذريعة نفسها:
نحن "أخوة"،
أهل قضيّة
واحدة وهدف واحد .
سلاحنا
"شرعي وضروري"...
وموقّت؟
ضحايانا
سقطوا بـ"نيران
صديقة". لا
يتدخّلنّ أحد
في شؤوننا،
ولا يستغلّنّ
أحد "حادثنا
الفردي".
بعد
مقولة
"السلاح يحمي
السلاح" في 7
أيّار 2008، أصبحت
المعادلة
الآن: "السلاح
يحتمي
بالسلاح".
سلاح
يبرّر سلاحا. سلاح
يستدعي سلاحا.
سلاح
يستنفر سلاحا.
انّهما
يتعايشان، يعتاشان
من وجودهما
المتبادل،
يعقدان "حلفا
مقدّسا"
للبقاء .
هكذا
هما سلاح
"حزب الله"
والسلاح
الفلسطيني.
وهكذا هما
معا، مع
الأسلحة "الصديقة".
وكلّ
من هو خارج
هذه الحلقة
والساحة،
متآمر أو عميل
أو عدو، حزبا
كان أو طائفة،
حيّا أو
منطقة، أفرادا
أو مجموعة أو
"بيئة حاضنة".
وكلّ
من يدعو الى
مدينة آمنة
منزوعة
السلاح،
مشبوه أو خائن .
السلاح
للأقوى،
الحقّ
للأقوى،
ولتذهب الدولة
الى جحيم
الشلل.
ففي
زمن "زينة
الرجال"، لا
مجال الاّ
للحلول
العشائريّة،
والأمن
بالتراضي،
والسلطة
الهشّة .
الأمن
فقط لحَمَلة السلاح،
ومجد السطوة
أُعطي لهم.
فليتمجّد
اسم السلاح،
هو الصراط
والصنم والوثن،
ايّاه
يعبدون وايّاه
يستعينون.
الاحد 29
آب 2010