العدوى
الشافية
الياس الزغبي
الاحد 16
أيار 2010
خلاصات
كثيرة ترتّبت
على
الانتخابات
البلدية في مرحلتيها
الأوليين،
وستؤكّدها
المرحلتان المقبلتان،
أهمّها تحديد
أحجام
الأحزاب والتيارات
السياسية،
تمدّدا أو
انحسارا،
وتشابكها مع
العائلات
سلبا أو ايجابا،
والتأسيس لمسارات
الانتخابات
النيابية سنة
2013 ذات الصلة
المباشرة
بانتخابات
رئاسة
الجمهورية في
العام التالي.
لكنّ
الخلاصة
الأعمق والأبلغ
أثرا تكمن في
بداية تفسّخ
الحزب –
الطائفة، واهتزاز
الأحاديات
الحديدية
التي كادت
تطيح التوازن
اللبناني
التاريخي
وتنسف النظام
السياسي
الديمقراطي
لمصلحة حكم اوتوقراطي
سياسي – ديني
تربض نماذجه
على صدر بعض
الدول في
المنطقة.
على
مدى السنوات
الخمس
الأخيرة،
اتجهت الطوائف
الكبرى الى
اسلاس
قيادها
لأحادية
حزبية مقفلة،
وكادت تخنق أبناءها
في قبضة
المرجع
الواحد
والحزب
الواحد.
وسادت
حالة من الاعجاب،
بل الانبهار،
بتجربة "حزب
الله" في
الطائفة
الشيعية،
وانزلقت فئات
كثيرة من
الطوائف الأخرى
الى
انتقاد تعدّد
المرجعيات
لديها
والتباكي على
غياب
تماسكها،
خصوصا في
البيئة
المسيحية، وبات
التنوّع
والتعدّد
تهمة، أو سببا
للأسف والشك والاحباط.
وجاء من أوهم
المسيحيين
بضرورة
التشبّه
بالأحادية
الشيعية، وطرح
نفسه مرجعا
مطلقا لهم
بحجّة تمثيل
ثلاثة
أرباعهم،
فوقع معظمهم
في فخّ الزعيم
الأوحد،
وكانت
النتيجة
انشقاقا
عموديا كاد
يقتل الحيوية
الباقية
عندهم،
وانقلابا غير
مكتمل (وغير
ناجح) على
وجدانهم
وتاريخهم. وثبت
لهم أنّ ما
يصحّ لمرحلة
ما عند سواهم
لا يصحّ
عندهم، في تراكم
تجربتهم
التعدّدية
الحضارية،
وقد اختبروا
معاناة مريرة
عندما سقط لهم
قائد تاريخي
شهيدا قبل 28
عاما.
لقد
أنقذ
المسيحيون
أنفسهم من
مستنقع الزعامة
الفردية بدءا
من 7 حزيران 2009،
وكرّسوا
تنوّعهم
الخلاّق في
أيّار 2010،
ونقلوا
عدواهم
السياسية
المنعشة
والشافية الى
شركائهم في
الطوائف
الأخرى،
فكانت
الطائفة السنّية
سبّاقة في
نعمة
التنوّع، ليس
لدواعي
التقليد
والتأثّر
فقط، بل بفضل
ليبرالية التياّر
الغالب في
أوساطها،
والذي فتح
نوافذها
وآفاقها على
الحداثة
والديمقراطية،
برغم مخاطر
التعدّد على
التمثيل
الساحق. آثر
هذا التيّار
نقل قواعده الى رحاب
المستقبل،
على اثارة
غرائزها للاطباق
عليها.
ولم
يكن اختبار
الطائفة
الدرزية أقل
تنوّعا،
فبرزت حالات
لافتة في قرى
عاليه وبعبدا
والشوف
وراشيا، بما
يطلق السياسة
من أسرها،
ويحرّرها من
النمطية
الموروثة،
على الأقل في
اتجاه ثنائية
خبرها
التاريخ
الدرزي بين القيسية
واليمنية.
أمّا
العدوى
الأشدّ بلاغة
فكانت في
البيئة
الشيعية، حيث
عانى "حزب
الله" في الضاحية
والبقاع،
وسيعاني بعد
أسبوع في
الجنوب،
طلائع انفكاك
عن نظامه
الحديدي،
وانتكاسات في
مواجهاته
البلدية غير
المنفصلة
تماما عن
المعنى
السياسي. ولم
يكن اخلاله
بمنح حليفه العوني
السلّة
المقفلة
والموعودة من
الأصوات في جبيل والأشرفية
وزحلة وقرى
مشتركة
كثيرة، سوى اثبات
لتراخي قبضته
عن طائفته
وتراجع قدرته
في تجييرها،
وليس لأي سبب
سياسي أو خلاف
"عقائدي"
بينه وبين
حليفه
المتهاوي.
الثابت أنّ
"حزب الله"
يتمسّك،
حتّى الغرق،
بهذا الحليف،
لأنّه لن يجد لقية
نفيسة مثله للتماهي معه،
لا عند
المسيحيين
ولا في
الطوائف
الأخرى.
نعمة
هذه العدوى
الديمقراطية
المتدحرجة من طائفة
الى أخرى
تبلغ خاتمتها
السعيدة اذا
استطاعت خرق
القبّة
الفولاذية
الأخيرة التي
ينصبها "حزب
الله" فوق
طائفة كيانية
أساسية،
فتتساوى اذذاك
الطوائف
بتعدّديتها
وتنوّع خياراتها،
وتستقيم
الحياة
السياسية.
هكذا استقامت
بعد
الاستقلال
لأنّ التعدد
داخل كل الطوائف
أتاح نشوء
تشكيلات
سياسية
متوازنة في
ثنائية
مختلطة (كتلوي
– دستوري ، نهج –
حلف... )، ولم تقف
طائفة صافية
في مواجهة
أخرى.
لا
شك أنّ الخلل
الخطير الذي
ضرب التوازن
في العلاقات
بين
اللبنانيين
خلال السنوات
الخمس الأخيرة
كان نتاج
المعادلة
الخاطئة:
طائفة
ذات نظام
مرصوص في
مواجهة طوائف
ذات تنوّع.
كي
يقوم التوازن
الصحيح بين
الطوائف يجب
أن يقوم توازن
داخل كل طائفة
فلا تخضع
لطغيان أو استئثار.
الأولوية هي
للتوازن بين
مكوّنات كل طائفة
بما يؤدّي الى
التوازن بين
مكوّنات
الوطن.
والحلّ
هو في رفع
النظام
المرصوص
وحالة الطوارىء
عن الطائفة
الأخيرة
المأزومة،
ولو تذرّع
"قائدها"
بذريعة
المقاومة
والحماية،
وليس الحلّ في
جرّ الطوائف
الأخرى الى
تجربة
انغلاقية
محكومة
بالسقوط،
مهما امتدّت
في الزمان
والمكان.
انّها
عدوى خير
وعافية،
سيقطف
اللبنانيون
ثمارها المباركة.