أسوأ من المثالثة
بقلم/الياس الزغبي
"ثمن
المقاومة هو
أكثر من المثالثة
التي تعدوننا بها". جملة
واضحة وخاطفة
وردت بالصوت
والصورة على لسان
السيّد حسن
نصرالله في
خطابه الأخير.
بضع
كلمات تختصر
مشروع
"المقاومة":
مشروع يعبر
فوق المثالثة
كحصّة موقّتة
يقبل بها
"حزب الله"
مرحليا، كي
يبلغ بعدها
الهدف الأسمى
و"النصر الالهي"،
أي الاستيلاء
على الدولة،
وليس فقط "الاغراء
بالسلطة" على
حدّ تعبيره.
بعد
صمت طويل
ومواقف مريبة
حول مسألة المثالثة،
وتلزيم
النطق في
النظام
لحليفه
المصطفى، خرج
قائد "حزب
الله" عن صمته
كي ينسب الفكرة
الى
الفرنسيّين،
ويصوّر
مرجعيّته الايرانيّة
كأنّها مجرّد
مستمعة
ومتلقّية
بدون رأي وموقف،
في حين أنّه
طبّق عمليا المثالثة
تحت اسم
"الثلث
المعطّل"
تارة، وتحت
شعار مموّه
لملحقه:
"الجمهوريّة
الثالثة"،
تارة أُخرى.
وتزداد
الغرابة حين
ينسب الى كوسران وكوشنير وكيسنجر
كلاما
وأفكارا ليست
لهم، بل نُسبت
اليهم
بالتواتر والاسقاط
والاستنتاج.
وهذه من
أساليب
الترويج والبروباغندا
التي تلامس الديماغوجيا،
أكثر منها
وسائل اقناع
سياسي واثبات
للوقائع.
والواضح
أنّ "حزب
الله" بدأ منذ
فترة يفقد الحجّة،
ويلجأ الى
أساليب كيفما
اتّفق، على
طريقة الغريق
الذي يتمسّك
بأيّ خشبة أو
قشّة خلاص.
وتشتدّ
الريبة حول
حقيقة ما
يريده "سيّد
المقاومة" من اثارة
موضوع المثالثة،
بسبب تغييبه
المتعمّد
للمناصفة،
ففي معرض النفي
لأيّ تصريح أو
موقف صدر عن مسؤول أو
رجل دين أو
صحافي من "حزب
الله"
والشيعة في
المسألة،
تأكيد على ما
يُضمر حول
البديل.
انكار
السعي الى
المثالثة
لا يعني، في
قاموسه،
التمسّك
بالمناصفة.
هذه موضة بائتة
طواها الزمن
مع صنّاعها في
الطائف. وفي
رصد بسيط
لخطاب نصرالله
منذ 5 سنوات،
وكذلك
تصريحات
معاونيه
وحلفائه، لا
يمكن العثور
على أدبيّة
واحدة تؤكّد
صيغة
المناصفة
التي أرساها
اتفاق الطائف،
بينما احتلّت
المناصفة
صدارة خطاب الرئيس
سعد الحريري،
مرة بعد مرة،
مع حرصه الدائم
على نعتها بـ"التامّة"،
بعيدا من لغة
الأرقام
والأحجام.
لقد
ترقّب
المسيحيّون
باهتمام قصد
السيّد نصرالله
من كلامه في المثالثة،
وتوقّعوا أن
يقرن نفيه
بتأكيد على
بديلها الطبيعي
المتّفق
عليه، أي
المناصفة،
فخاب أملهم،
وتضاعفت
خشيتهم من
الغلبة
العدديّة التي
يبيّتها
كلامه،
وترسّخ لديهم
ما كان مجرّد
ظنّ وشبهة،
حول المشروع
السياسي –
الأمني –
العددي الذي
يتخطّى المثالثة
الى ما هو
أسوأ، أي
الأحاديّة
المذهبيّة
المغلّفة
بأغطية ثلاثة:
شعار
المقاومة،
شريحة موعودة
من
المسيحيّين،
شريحة مأخوذة
من السنّة والدروز.
وليس
غريبا أن
يستفيق في
الوجدان
المسيحي صدى
الصوت نفسه
قبل ربع قرن
حين دعا الى
استرداد
أقضية في جبل
لبنان، واعادتها
الى
"وليّها
الفقيه" في هاتيك
الأيّام من
القرون
الوسطى. والمؤلم
أنّ أتباع هذا
الصوت من
المسيحيّين
"مفتّحةٌ
عيونُهمُ
نيامُ"!
لم
تعد المثالثة
تُشبع عين أهل
الانقلاب،
لأنّها تندرج
في مؤامرة "الاغواء
بالسلطة"،
أمّا الغاية
فهي السلطة
نفسها، كلّ
السلطة،
الدولة كلّ
الدولة،
ووقتئذ، يتمّ
توزيع المغانم
والأسلاب على
السائرين في
الركب، كلّ بحسب
وفائه وتقديماته
ودقّة
التزامه. ولا
ريب أنّ هناك
علاوة للأشدّ
شراسة وصلافة
ولسانا سليطا.
تحت
ستار سرد
"المؤامرة"
وروايتها في
فصول خمسة،
وتوزيع تهم
التواطؤ
والعمالة والخيانة
على خصوم
المشروع، بل
اتّهامهم
بأنّهم هم
قتلة
شهدائهم،
والتهديد
بقطع الأيدي والأعناق،
تكشف قيادة
"حزب الله" عن
الخطّة المبيّتة
الموكلة اليها.
وهي
خطّة لا ترضى بـ"الشراكة"
في السلطة
والتوافق،
شعار مرحلتها
الأولى في
الـ2006، وقد
أصبحت اليوم
مجرّد "اغراء"!
ولا
تكفيها المثالثة
التي وضعت
أساسها في 7 ايّار
واتفاق
الدوحة، في
الـ2008.
ولا
تقف عند
نظريّة
"السلاح يحمي
السلاح"، بل
تريد لبنان
المستباح.
ولا
يضيرها قطع
لبنان عن
بعديه العربي
والعالمي
والشرعيّتين
العربيّة
والدوليّة.
خطّة
مُشبعة
بنفسها،
معتمدة على
قوّتها الصافية،
ممتلئة بعمق
مرصود من
بيروت الى
طهران.
ويغيب
عن أهلها أنّ
السير على حبل
مشدود، في اتجاه
واحد، محفوف
دائما بخطر
السقوط، مهما
كان البهلوان بارعا،
أو واثقا
معتدّا
بنفسه، أو
مغامرا في
مصيره ومصير
الناس.
السبت 13
تشرين الثاني
2010