ترويض
مزدوج
بقلم/الياس الزغبي
أتاحت
تطورات
الأسبوعين
الأخيرين
التفكير في
وجود خطّة
دولية اقليمية
قادتها
الولايات
المتحدة
وتركيا،
خلافا لمظاهر
الاختلاف
بينهما، أدّت الى وضع ايران واسرائيل
معا تحت قيود
وضوابط يمكن
تسميتها
بالترويض المزدوج
أو الاحتواء
الثنائي الذي
حصل مثيل له
في التسعينات
ضد العراق وايران.
الاحتواء
المزدوج
السابق أسقط
العراق من المعادلة،
وأطلق، من حيث
لا يدري (أو
يدري كثيرا)،
النفوذ الايراني
في العمق
العربي وفي
معادلات افغانستان
وآسيا
الوسطى،
وشجّع اسرائيل
على التشدّد
في مسارات
السلام، وعلى
استثمار
الخطر الايراني
المتنامي وايديولوجية
أحمدي نجاد في
تغطية
تصلّبها.
لقد
تقاطع
العدوّان
الحميمان، أو
الصديقان اللدودان،
في لعبة
المصالح،
وتغذّى كل
منهما من
تطرّف الآخر،
وتوزّعا
مساحات
النفوذ، وأجهضا
مساعي
السلام، من
المبادرة
العربية الى
الرباعية الدولية،
ومن المسعى
التركي الى
مشروع أوباما،
كما حالا دون
المصالحة
الفلسطينية.
ليست
صدفة أن
تتقدّم تركيا
"أسطول
الحرّية" نحو
غزّة، ولا
يمكن الظنّ
بأنّ
الولايات المتحدة،
وأوروبا
وروسيا
استطرادا،
كانت غافلة عن
الاستعدادات
التركية
لقيادة
الأسطول وارتدادات
الحدث
المنتظر وتوظيفاته،
حتّى لو لم
تسقط ضحايا،
فكيف اذا
سقطت.
وأيضا
ليست صدفة أن
تتبنّى أنقره
خطة مبادلة الاورانيوم
مع طهران
والبرازيل،
مع علمها
الأكيد أنّ المجتمع
الدولي
برمّته لا يثق
بوعود ايران،
وقد كانت له
معها تجارب
مخيّبة غير
مرّة، سواء في
المفاوضات المباشرة
أو في مهمّة
الوكالة
الدولية
للطاقة
النووية.
ولا
يغيّر وقوف
أنقره ضد
الدول الخمس
الكبرى وسبع
دول أخرى،
برفضها
العقوبات على ايران،
شيئا في عملية
الاحتواء أو
الترويض، بل
يؤكّد
القاعدة
الثنائية
القائلة
بالضبط المزدوج:
ايران في
مشروعها
النووي واسرائيل
في خطّة نسف
الحلول. وقد
قطع حرص رئيس
الوزراء
التركي أردوغان
على حسن
العلاقة مع
الغرب
والمجتمع
الدولي الشك
باليقين، فالبراغماتية
التركية ليست
في وارد
التضحية
بالمصالح العميقة
مع أوروبا
وأميركا
وروسيا
والعرب وصولا الى الصين
من أجل الكاميكازية
الايرانية،
كما لا يمكن
تخيّل وقوع
تركيا في
تجربة "الحرس
الثوري
التركي".
حين
يتصدّر أردوغان
المشهد
السياسي الاقليمي
فليس على حساب
دور المجتمع
الدولي بل
لحساب المعادلة
الجديدة:
تراجع الخيار
الحربي الايراني
الى الصف
الخلفي ومعه
خيار التطرّف الاسرائيلي،
مقابل تقدّم
خيارات
السلام، وفي
صلبها
المبادرة
العربية
للسلام.
هذه
المعادلة
وضعت ايران
واسرائيل
في حالة حرج،
وعزّزت
التقارب بين
الدول العربية،
وجعلت الفروع الايرانية
من لبنان الى
غزّة والعراق
ترتبك أمام
تباعد
مرجعياتها. ولا
يُحسد "حزب
الله" و"حركة
حماس" على
وضعهما، أمام
مؤشّرات
ابتعاد
الرافد السوري
عن النبع الايراني.
صدمة
"حزب الله"
مثلا تمثّلت
في التزام
لبنان الموقف
العربي العام
حين امتنع عن
التصويت، بما
فيه موقف
المصنّفين في
خانة
الممانعة والمقاومة
الذين
تتقدّمهم
سوريا. هل سمع
أحد بانتقاد
سوريا أو قطر
أو سواهما
لموقف لبنان
في مجلس الأمن
الدولي، بل هل
كان هناك صوت
مرتفع غير صوت
"حزب الله" والدائرين
في فلكه ضد
الامتناع،
وهل كان في امكان
وزراء جنبلاط
تأييد الحياد
بين ايران
وأميركا لولا
وجود رغبة
سورية سعودية
واضحة في ذلك؟
أمّا تصويت
وزراء رئيس
الجمهورية ضد
العقوبات فلم
يكن سوى
اصطفاف حسابي
نظري لحفظ
التوازن
الشكلي، ولم
يكن له أي
معنى سياسي،
وليس في وسع
الرئيس
سليمان أن
يصطف مع المحور
الايراني
في وجه سوريا
والعرب
والعالم.
والمشكلة
لدى بعض حلفاء
سوريا أنّهم
لا يصدّقون
اتساع
المسافة
بينها وبين ايران،
مثل أولئك
الذين لم
يصدّقوا حتى
الآن انهيار
الاتحاد السوفياتي.
لا
يمكن الذهاب
بعيدا للقول انّ ايران
باتت في عزلة
تامّة وانّ
فروعها في
مأزق. ولكن
يمكن التأكيد
أنّ المرحلة
هي لفرز
التحالفات
ومعاينة ما
يبقى منها وما
يستجدّ،
ولاختبار
التحوّلات في
السياسة:
- على
مستوى اسرائيل،
يجب رصد
التداعيات
على حكومة نتنياهو،
ليونة في
اتجاه
التسوية أم
تصلبا في
اتجاه الازمة
الداخلية
والتغيير
السياسي.
- على
مستوى ايران،
فرصة للتبصّر
في معاني
الابتعاد
العالمي عنها،
وفي أسباب
"برودة"
حلفائها من
العرب، ترجّح
فيها كفّة
العقلانية أو كفّة
النجادية.
يكفي أن تلقي
نظرة على
واقعية
حليفتها
"السابقة"
سوريا، وذرائعية
حليفتها
"الجديدة" (والموقتة)
تركيا كي ترى
ثمار السياسة
الهادئة.
من
طريقة تعامل
هذا الثنائي
مع الحقائق الجيوسياسية
الجديدة،
قبولا او
رفضا، يتحدّد
مصير المنطقة
حلاّ
أو
حربا. الحل
يفرض على اسرائيل
أثمان
السلام،
والحرب توصل ايران الى
انهيار
الأحلام.
يبقى
السؤال عن مدى
الدور التركي
المتقدّم، فهل
يسمح المجتمع
الدولي باطلاق
العنان لهذا
الدور
وعملقته، بما
يؤثّر سلبا على
التوازنات في
المثلّث
الروسي الاوروبي
الاميركي؟
الأكيد
أنّ الترويض
المزدوج
يتحوّل الى
ثلاثي في حال
خروج تركيا عن
الضوابط
المرسومة،
لئلاّ يصيب
الخلل حركة
الآلة العظمى
التي تحمل اسم
النظام
العالمي.
ومسكين
من لا
يتّعظ من سرّ
هذا النظام في
القرار 1929.
الاحد 13
حزيران 2010