أسرار 14
آذار
بقلم/الياس الزغبي
وعاما
بعد عام، تبقى
حركة 14 آذار حيويّة،
متجدّدة،
متوهّجة،
قويّة، حاضرة.
فما هو
سرّ قوّتها
وحيويّتها
وحضورها، وما
هي أسباب هذين
التجدّد
والتوهّج؟
كثيرة
هي الأسباب
والعوامل
والأسرار
التي تجعل 14
آذار تبدو
اليوم
وكأنّها في لحظة
اندلاعها قبل
6 سنوات، أو
كأنّ دماء
شهدائها لا
تزال فوّارة،
وستبقى، في
الشوارع والساحات.
تستحقّ
هذه الثورة
الناعمة العنيدة
بحوثا
ودراسات
معمّقة في
أصولها
ودوافعها وتجلّياتها،
ويستطيع أهل
التحليل والتعليل
والتشريح
الغوص الى
أسرارها
ومكنوناتها،
لكنّ مقالة
مقتضبة لا
تطمح الى
هذا العمق، بل
تحاول، بايجاز،
تبسيط الكلام
في أسرارها
وحقيقتها،
بما يتلاءم مع
بساطة هذه
الثورة
المتنامية
وشفافيّتها
وصدقها
وعفويّتها.
كلّ
الحالة التي تجسّدها
حركة 14 آذار،
يُمكن
تفسيرها
بأسرار ثلاثة:
-
سرّها
الأوّل،
أنّها بلا
أسرار. نعم،
هي مكشوفة كلّيّا
تحت الشمس.
واضحة أمام
العيون
والأسماع
والعقول، في
كلّ نشاطاتها
واجتماعاتها،
من القمّة الى
القاعدة.
اجتماعات
قياداتها
معلنة
ومكشوفة
النتائج،
ومؤتمراتها
تحت الضوء
مفتوحة
للنقاش وتعديل
الوثائق
والبيانات،
ودارة
أمانتها العامّة
مشرّعة أمام
الناشطين
والحزبيّين
والمثقّفين والاعلاميّين،
في نوع من "هايد
بارك" دائم،
تتفاعل فيه
الأفكار
وتتبلور الرؤى،
ومهرجاناتها
متدفّقة
بعفويّة
وطوعيّة
لافتة لا
تتدخّل فيها
سوى ضوابط
النقل وتأمين
سلامة
التنظيم
والاحتشاد،
لتأمين حرّية التعبير
السلمي
الحضاري. هذا
الانكشاف هو
سرّ حيويتها
وقوّتها، وهو
نقيض لما يجري
في الضفّة
الأخرى حيث
المخطّطات نتاج
ذهنيّة
مخابرات وراء
الستار
الحديدي، والقرارات
في الغرف
المقفلة،
والاحتفالات
الشعبيّة
المرصوصة على
شاكلة
المربّعات
الأمنيّة.
-
سرّها
الثاني، هو عريُها من
السلاح. تمنح
أبناءها
أمانا داخليا
وشجاعة
استثنائيّة:
أمان المؤمن
وشجاعة صاحب
الحق
والقضيّة. لا
يُخيفهم سلاح
مستور أو
مشهور، ولا
تُحبطهم اغتيالات،
ولا تُثنيهم
غلبة القوّة.
قليلة هي الشعوب
التي يسقط
قادتها شهداء
بهذه النوعيّات
والأعداد،
وتبقى شاهرة ارادتها
وحقّها في وجه
قاتليهم.
ونادرة هي
الشعوب التي
لا تيأس ولا
تضعف ولا تهون
همّتها بمرور
الزمن. وأهل
"ثورة الأرز"
من هذه القماشة
النادرة ومن
طينة مباركة
مجبولة
بالحقّ والحرّيّة.
-
سرّها
الثالث، أنّ
الخارجين
منها وعليها،
يُصبحون هائمين
على وجوههم في
السياسة
والموقف. حين
كانوا فيها
كانت لهم
مراكز
الصدارة
ومواقع
الزعامة،
وحين خرجوا
انزلقوا الى
حالة
الالتحاق، الى
الخطاب
السياسي
المقفل، الى
الردح
بالقوالب
الجامدة
الجوفاء
المسبّحة بحمد
"الممانعة
والمقاومة"
والسلاح
"المقدّس"
والأنظمة
المعاندة
للتطوّر
والعصر.
خارجان
خسرا نفسيهما
و"لم يربحا
العالم":
-
الأوّل، نقل
خيمته الى
ساحة 8 آذار
بعدما جرّته
قاعدته الى
انتفاضة
الاستقلال
خلافا
لارتباطه
المسبق،
فتحيّن
الفرصة وجرّ
بعضها الى
"ورقة اذعان"
قدّست سلاح
"حزب الله"
وغطّت
استباحته للشوارع
والدولة والحرّيّة
والنظام،
لقاء الوعد
بثمنين: مال تحقّق،
وحكم معلّق.
-
الثاني، فضّل
الرضوخ
للسلاح بدل
مواجهته، فنزل
من رتبة قائد الى موقع محاصص،
تحت شعار
"السلامة
غنيمة"، ووقع
في اشكاليّتين:
اشكاليّة
دور مع حلفائه
الجدد، واشكاليّة
مع قاعدته
التي لا تريد
مغادرة موقعها
التأسيسي في
"ثورة الأرز".
أمّا
الأفراد
المغادرون
فيبحثون بقلق
عمّا يضمن
عودتهم الى
كراسيهم
المهتزّة،
سنة 2013.
مأزق
جميع هؤلاء
الخارجين
أنّهم
انزلقوا من عقد
السلام الى
عقيدة
السلاح،
وشتّان ما بين
سلام يُحيي
وسلاح يُميت.
ولا
يُضير خروجهم
في شيء حركة 14
آذار.
لقد
تخفّفت من
أثقالهم
وباتت أكثر
رشاقة وشبابا.
وهي
متحرّكة، متقدّمة،
منتصرة. تحصّن
أداءها
بصراحتها،
وتكلّل نجاحها
بأسرارها غير
السرّيّة.
الاحد 13
آذار 2011