نظرية
رئيس
الجمهورية
الضعيف ورئيس
الحكومة
القوي
توفيق هندي/كاتب
واستاذ
جامعي
النهار 29/3/2006 يسود
أوساط
الأكثرية ما
يمكن تسميته
نظرية الرئيس
الضعيف: يجب
ألاّ يكون مرشح رئاسة
الجمهورية
الزعيم المسيحي
الأكثر
شعبية، أي
الأقوى
مسيحياً. يقولون
أن العرف منذ
الاستقلال
يؤكد على هذه
القاعدة
ويردف بعضهم
أن العرف ثبّت
قاعدة أخرى مكملة
للأولى، هي أن
يكون الوزير
الأول (رئيس الحكومة
بعد الطائف)
الزعيم
الأقوى بين
المسلمين. ويذهب
بعضهم إلى حد
اعتبار هذه
القاعدة
المزدوجة
(رئيس جمهورية
ضعيف مسيحياً
ورئيس حكومة
قوي إسلامياً)
في أساس
الصيغة
اللبنانية إن
لم نقل في
أساس الميثاق
الوطني.
وللتأكيد
على نظريتهم
هذه يستعرضون
أسماء
الرؤساء منذ
الاستقلال.
فبشارة الخوري،
مع حفظ
الألقاب،
الغير قوي
مسيحياً فاز
على إميل إده
القوي
مسيحياً،
وكميل شمعون
لم يكن زعيماً
مسيحياً
قوياً عندما
انتخب رئيساً
للجمهورية،
وفؤاد شهاب لم
يكن شعبياً لا
مسيحياً ولا
إسلامياً،
كذلك الأمر
بالنسبة
لشارل حلو.
أما سليمان
فرنجية فلم
يكن من أركان
الحلف
الثلاثي القوي
والمسيحي
الهوية، وإلياس
سركيس لم
يكن شعبياً.
أما بشير
وأمين
الجميل،
فكانا
الاستثناء
الذي يؤكد
القاعدة،
وهما انتخبا
في ظل أوضاع
استثنائية
جداً.
أما الياس
الهراوي
وإميل لحود،
فقد ًانتخباً
في ظل الوصاية
السورية حيث
لبنان كان
فاقداً
لاستقلاله
وسيادته
وحرية قراره. لذا، فلا
دلالة لهذه
القاعدة في ظل
دستور الطائف.
وإذا كانت
قاعدة رئيس
الجمهورية
الضعيف مسيحياً
تبدو للوهلة
الأولى،
محققة من خلال
هذا الاستعراض
التاريخي،
يشوب القاعدة
الثانية عدد
كبير من
الاستثناءات
بحيث أن صوابيتها
مشكوك بها.
ولا بد هنا
من الملاحظة
أن دستور
الجمهورية الأولى
كان يعطي رئيس
الجمهورية
المسيحي
صلاحيات
واسعة جداً
بحيث يصح
القول أن نظام
الجمهورية
الأولى هو
نظام شبه
رئاسي يكرس
نوعاً من
الغلبة
المسيحية في السلطة:
فرئيس
الجمهورية هو
السلطة
التنفيذية
يساعده
الوزير الأول
السني
والوزراء وهو يعينهم
من دون إستشارات
ملزمة، كما له
صلاحية واسعة
في حل مجلس
النواب حيث
التوازن فيه
هو 6 مسيحيين
مقابل 5
مسلمين، وحيث
رئيس مجلس
النواب الشيعي
ينتخب فقط
لمدة سنة
واحدة. في
ظل هذا
الدستور،
ولتخفيف
مساوئ هذه
الغلبة المسيحية
في السلطة،
كان من
الطبيعي أن
يكون رئيس
الجمهورية
ضعيفاً
مسيحياً
ورئيس الحكومة
قوياً سنياً.
وهكذا، يتبين
لنا أن اعتماد
القاعدتين الآنفتي
الذكر، كان له
ما يبرره في
الجمهورية
الأولى. فهل
يصح
اعتمادهما في
الجمهورية
الثانية؟
وفقاً للدستور
الحالي، مجلس
الوزراء
مجتمعاً يشكل
السلطة
التنفيذية.
صلاحيات رئيس
الجمهورية
تضاءلت بشكل
ملحوظ وذهب
القسم الأكبر
منها إلى مجلس
الوزراء كما
تعززت صلاحيات
رئيس الحكومة.
وتعزز موقع
السلطة التشريعية
في التوازن
بينها وبين
السلطة
التنفيذية
ولا سيما
من خلال
انتخاب رئيس
مجلس النواب
لمدة اربع
سنوات، مع
صعوبة تصل إلى
حد الاستحالة
في حل المجلس
من قبل
الحكومة و/أو
رئيس الجمهورية
.
وإذا كان نقل
اتفاق الطائف
لبنان من نظام
الغلبة
المسيحية في
السلطة إلى
نظام التساوي
المسيحي-
الإسلامي في
السلطة، وإذا
كانت الوصاية
السورية هدفت
عملياً طوال 15
عاماً إلى ترسيخ
نوع من الغلبة
الإسلامية
خلافاً لنص
الطائف
وروحه، فقد
حان الوقت
لتقويم
الاعوجاج
وتحقيق
المناصفة
الفعلية وليس
الشكلية في
السلطة والتي ينص عليها
اتفاق الطائف
كما الدستور،
خلافاً لموقف
غالبية
القيادات
الإسلامية
التي تحاول أن
لا تقر بفعلية
المناصفة
المنصوص
عليها في اتفاق
الطائف. فكيف
يمكن تحقيق
هذا الهدف؟
ثمة من يعتبر
أن المناصفة
الفعلية بين
المسيحيين
والمسلمين
تتحقق في
المؤسسات،
وتحديداً في
مجلس النواب
والحكومة
وبدون الإلتفات
إلى التوازن
بين الرئاسات
الثلاث. قد
يبدو هذا
الرأي صائباً
على وجه
العموم ولكن قد
تتحقق
المناصفة
الفعلية في
المؤسسات في
ظل ظروف معينة
وقد لا تتحقق
في ظل ظروف
أخرى.
فالمشهد السياسي
اللبناني
يتميز اليوم
بتورم سياسي غير
طبيعي، له
أسباب لا مجال
للغوص فيها في
هذا المقال، يصيب
المذاهب
والطوائف. فـ"الغولنة"
السياسية و"الميغا" ( méga )
قيادات تجتاح
الساحة
السياسية
اللبنانية: الحريري
عند السنة،
نصر الله عند
الشيعة،
جنبلاط عند
الدروز، ميشال
عون عند
المسيحيين. إن هذا
الواقع
المرضي يفسد
الممارسة الديموقراطية
لأن التعدد
داخل المذاهب
والطوائف
مرتبط جدلياً
بحسن سير الديموقراطية
التوافقية في
ما بينها.
والواقع أن
نبيه بري فرضه
"حزب الله"
رئيساً لمجلس
النواب باسم
الشيعة ولم
يشأ نصر الله
أن يتبوأ
بنفسه هذا
المركز لأنه
ليس نائباً
أولاً
ولأسباب
أمنية ثانياً
ولحسابات
سياسية جعلت
الحزب غير
راغب
بالذهاب
إلى هذا الحد
في انخراطه في
الدولة اللبنانية
في هذه
المرحلة
ثالثاً وليس
لأي سبب
آخر. والواقع
أيضاً أن فؤاد
السنيورة
فرضه سعد الحريري
رئيساً
للحكومة ليس
لسبب إلا لأنه
لا يريد هو ان
يتبوأ هذا
المنصب
طالما
إميل لحود في
سدة رئاسة
الجمهورية.
فماذا تريد
الأكثرية بعد
لحود ؟ سعد
الحريري رئيساً
للحكومة
وشخصية
مارونية غير
قوية مسيحياً
رئيساً
للجمهورية،
أي رئيس
للجمهورية
ضعيف شعبياً
وسياسياً
(وليس
بالضرورة
ضعيف الشخصية)
مقابل رئيس حكومة
قوي جداً
شعبياً سنياً
وسياسياً .
وفي ظل اللوحة
السياسية
الحاضرة تكون
أكثرية الحكومة
حكماً في يد
رئيس
الحكومة، فلا
تعود السلطة
التنفيذية في
مجلس الوزراء
مجتمعاً إنما
عملياً بيد
رئيس الحكومة
. وهكذا،
تتحقق الخطوة
الأولى من
تخطي الطائف
والدستور.
تستكمل هذه
الخطوة بخطوة
ثانية هي
إجراء الانتخابات
النيابية وفق
قانون تعده
الهيئة الوطنية
لقانون
الانتخابات
لن يكون
نوعياً مختلفاً
في تداعياته
ومفاعيله عن
قانون الألفين
السيئ الذكر. أوكد على
الأمر الأخير
لأني على علم
يقين أنه يسود
الأوساط
السياسية
المسلمة اقتناع
بأنه لا مجال
أن يكون
للمسيحيين
حصة الـ 50%
في مجلس
النواب بل أن
حصتهم يجب ألا
تتجاوز في
أحسن الأحوال الـ 40% (نسبة
المسجلين
المسيحيين
على لوائح
الشطب)، علماً
أن عدداً من
رجال السياسة
المسيحيين،
وبعضهم يطمح
إلى الرئاسة،
يجارونهم
بهذا
الاقتناع
ضماناً لمصالحهم
السياسية
الخاصة.
ما هو رأيي؟
أن يقر قانون
انتخابات
نيابية يسمح
للمقترعين
المسيحيين أن
يكون لهم
تأثير متساوٍ
رياضياً مع
تأثير
المقترعين
المسلمين على
انتخاب ال
128 نائباً. من
أجل ذلك لا
يكفي أن تسجل
للقيادات
المسيحية
اعتراضاتها
في الإعلام أو
أن تنتقد
الهيئة
الوطنية أو أن
تقتصر
مطالباتها
على العموميات
كالمطالبة
بصحة التمثيل
أو ما شابه،
ثم تترك
المبادرة بيد
من لا يستسيغ
تحقيق المناصفة
الفعلية، وهو
أكثري في
مواقع القرار:
الهيئة
والحكومة
ومجلس النواب.
إن هذا التصرف
غير جدي. والمطلوب
هو اتفاق
المسيحيين
على مشروع
محدد يحقق هذا
التساوي في
التأثير،
كالمشروع
الذي تقدمت به
للهيئة أو أي
مشروع آخر
يوصل إلى
النتيجة نفسها.
فتجري
الانتخابات
وفقاً
للقانون
الجديد،
فينتج عنها
مجلس نواب
يكون فعلاً
وليس شكلاً
مناصفة بين
المسلمين
والمسيحيين.
وينعكس هذا
الواقع على
التوازنات
داخل
الحكومة،
فتستقيم
المناصفة
داخلها.
أما بالنسبة
للرئاسات
الثلاث،
فالأفضل في المبدأ
أن لا يكون أي
من الرئاسات
الثلاث لأي من
ال méga قيادات
أو من
التيارات
التي يرأسونها،
فتتوازن هذه
الرئاسات
بضعفها وتكون
الرئاسات
الثلاث لكل
لبنان وليس
لمذهب أو
طائفة، وتتركز
اللعبة
السياسية
داخل
المؤسسات الدستورية
(مجلس النواب،
الحكومة
ورئاسة الجمهورية).
غير أن هذا
الحل يبدو
صعباً إن لم
نقل مستحيلاً
في ظل سيادة ال gaém قيادات
على الحياة
السياسية
اللبنانية.
لذا، لا مفر
من انتخاب
رئيس جمهورية
قوي مسيحياً
من الزاوية
الشعبية
والسياسية
إذا تمسك سعد
الحريري بأن
يكون هو أو من
ينوب عنه
رئيساً
للحكومة. فعكس
ذلك يعني بكل بساطة
تجاوزاً
للطائف
والدستور.
فالمطلوب من
رجال السياسة
المسيحيين
وعي هذه
الحقيقة
والترفع عن
مصالحهم
السياسية
الخاصة ووضع
المصلحة
الوطنية
فوقها في
مقاربتهم لهذه
المسألة
الحساسة،
وإلا فلا يمكن
اعتبار مواقفهم
إلا تفريطاً
موضوعياً ليس
فقط بحقوق المسيحيين
وفاعلية
حضورهم
السياسي في
السلطة، إنما
وخاصة
تفريطاً
بطبيعة
الكيان اللبناني
وديمومته
وقدرة
اللبنانيين
على حكم أنفسهم
بأنفسهم.