في وطن
”المقاومة”
و”قوة الضعف”
والانتفاضات
الشعبيةلماذا
الجيش
اللبناني؟
الخميس, 09
مارس, 2006 -نوال
نصر -البلد
طالما
كانت تصعب،
على أي
لبناني، رؤية
نفسه يقف أمام
حاجز عسكري
سوري، في
انتظار أن
يأذن له
العنصر
الغريب
الواقف
أمامه،
بالمرور. وكم تصعب
على
العسكريين
اللبنانيين،
أهل البلد،
رؤية أنفسهم
يقفون تحت قرص
الشمس “بلا
عمل وطني”,
بحجة أنهم إذا
عملوا قد
ينقسمون
ثانية وثالثة
ورابعة...
مثلما انقسموا
في سبعينات
القرن الماضي.
لهم عيد في الأول
من آب. وعليهم
يرمى الورد
والفل في عيد
الاستقلال.
تعلمنا أن
نحبهم. أن
نحترمهم.
لكننا لم نعتد
أن نجدهم حين
نعوزهم... . يقال
لنا ان الجيش
اللبناني،
صنع
الاستقلال ويصنع
التحرير
ويحفظ الوجود
ويحافظ على
البلد وناسه
وعلى الحاضر
والمستقبل... .
لكن التجارب
الكثيرة
المرّة رسمت
ألف علامة
استفهام على
هكذا مفاهيم
بصمناها غيبا
وافتقدناها
واقعا.
الاستقلال
الجديد لم
يصنعه سلاح
الدولة. القرار
1559 أخرج
السوريين.
و”المقاومة”
هي التي دحرت
“العدو”... الجيش
اللبناني، في
رأي الكثيرين،
عاجز سياسيا،
عن الذهاب الى
الشريط
الحدودي في
الجنوب
للدفاع عن
أهله
واستعادة
مزارع شبعا!
الجيش
اللبناني،
بعد ثلاثين
عاما على اندلاع
الحرب
اللبنانية
التي شرذمته,
وبعد نحو ستة
عشر عاما على
حلول السلام
يستمر عاجزا
عن حماية
اللبنانيين!
ما زال هذا
الجيش اللبناني
في حاجة الى
“حماية”. وأهل
الجنوب يستمرون
في حماية غير
الجيش
اللبناني.
لماذا
الجيش اذاً؟
أين تبدأ
صلاحيات
الجيش وأين
تنتهي؟ لن
ندخل في
الكلام
السياسي
الكثير الذي
صدر مرارا
وتكرارا عن
“أي جيش؟ لأي
مهمة؟ ولأي
كلفة؟”. ولن
ندخل في
متاهات
الماضي
القريب حول
“مشاريع
الدولة
العسكرية”...
لكننا نسأل عشية
اعادة تركيب
الوطن: الجيش
اللبناني
لماذا؟ ولمن؟
تحقيق يلقي
الضوء. نقرأ
في سجل الجيش اللبناني
الذهبي، بقلم
رئيس
الجمهورية اللبنانية
العماد إميل
لحود في العيد
الواحد
والستين
للجيش “عليكم
يعتمد الوطن
وأبناؤه،
وعلى رفع
سيوفكم ترتكز
كرامة الحق”.
كلمات
مختارة،
جميلة،
مذهبة... لكن هل
يعتمد الوطن
حقيقة على
سيوف الجيش
اللبناني؟
انقسام
الجيش
أمضى
اللواء
المتقاعد
سامي الخطيب
عقودا في
“العسكرية”.
بدأ ملازما
أول, ثم فصل
الى الشعبة الثانية-
مديرية
المخابرات...عن
دور الجيش وصلاحياته
وحدود هذه
الصلاحيات
يقول:”الجيش
رمز السيادة
ورمز الوطن.
لا بلد من دون
جيش وطني، أقله
كما يقول
الفرنسيون:
“لا بلد من دون
بندقية وطنية
شريفة”.
لا ينكر
“اللواء” صحة
مقولة “ان
الجيش
اللبناني لم
يكن يوما في طليعة
المدافعين عن
الحرية
والاستقلال”
ويقول: “لم
يشعر
اللبنانيون
أن الجيش
اللبناني هو
المنقذ
الحقيقي، لكن
رغم هذا فهم،
مثل سائر شعوب
الأرض، يحبون
جيشهم
ويطمئنون إلى
وجوده. الجيوش
الوطنية، في
مختلف
البلدان،
تكون مسيسة،
أما عندنا
فيبعد الجيش،
قدر المستطاع،
عن السياسة.
نحن لم نسيس
الجيش
لحمايته منها
وحماية لبنان
من انقسام
الجيش... الحرب
اللبنانية
استعرت وأخذت
أبعاداً
خطيرة، بعدما
انقسم الجيش،
أما قبله
فكانت مجرد
مناوشات سخيفة”.
يتذكّر سامي
الخطيب جيدا
ذاك الملازم
أول أحمد
الخطيب الذي
كان أول من
قسم الجيش
آخذا معه
ثلاثين
عسكريا
ودبابة
وشاحنة وعصى
بهم في منطقة
الروضة، التي
كان يطلق
عليها تسمية الإسطبل.
وسانده يومها
خليل الوزير
الملقب بأبو
جهاد من “فتح”.
وأسس ما سمي
بــ “جيش
لبنان العربي”
الذي كان يطلق
عليه “اللواء”
اسم جيش لبنان
الفتحاوي...”
ويشرح
الخطيب:”عرفت
حركة “فتح” منذ
البداية أنها
لن تتمكن من
مواصلة مشروعها
في الكفاح
المسلح إلا
إذا استراحت
في لبنان.
وشلّ الجيش
اللبناني
القوي،
الممسك بإحكام
بالمخيمات
الفلسطينية،
سبيلها للخلاص
من هذه
القبضة”.
كان
العسكر، أيام
الرومان، من
“أولاد
العائلات”.
وتطورت جيوش
الأمم تدريجيا،
بشكل مطرد،
حتى أصبح
الجيش في العصور
الحديثة جيش
كل الأمة، لا
جيش الإقطاع
السياسي أو
المالي...هكذا
يفترض, لكن
القوات المسلحة
رمز السيادة,
استعملت
لحماية
القرار السياسي
في البلاد
ومساندة
الحكام غير
القادرين على
حماية
قراراتهم
السياسية.
الجيش هو مرآة
الشعب وصورة
عنه. فمثلما
يكون الشعب
يكون جيشه،
وبالتالي حين
يكون الوضع
السياسي
متماسكا،
وفاقيا، يكون
الجيش
متماسكا،
موحدا، ووحداته
منضبطة،
وطنية، غير
مهتزة... الوضع
السياسي له
انعكاساته
حكما على
الجيش، “لكن
القيادة
الجيدة، في
رأي الخطيب،
قادرة على
تحييد الجيش
عن أزمات
كثيرة”.
اللواء عصام
أبو جمرا، الذي
عاش ثورة
العام 1958 وكان
يومها تلميذ
ضابط، يتذكر،
من جهته،
مقولة طالما
تردد مضمونها:
“ان قوة لبنان
في ضعفه”...
إذا صحت
هذه المقولة
فما هو لزوم
وجود الجيش اللبناني
القوي؟
السياسة تفسد
الجيش
يعود
أبو جمرا
بالذاكرة الى
بداية الحرب
في لبنان،
وتحديدا الى
العام 1976 :”يومها
طالب فريق لبناني
بتوجيه
بندقية الجيش
الى إسرائيل،
في حين رأى
فريق لبناني
آخر أن حرباً
كهذه ستكون خاسرة.
مع العلم أن
الجيش
اللبناني في
حرب فلسطين،
حين نشأت
إسرائيل عام
1947، كان أكثر
الجيوش قوة
واستبسالا
وكانت لديه
امكانات
افتقدتها
الجيوش
العربية
الأخرى”. ما
حدث في حرب
فلسطين لم يتكرر
في لبنان...
“فالفلسطينيون
توافدوا الى
لبنان وقسموا
الدولة وشلوا
الجيش. ولم
يكن، بالطبع،
ممكنا
استعمال
الجيش بعد
انقسام الدولة,
فضاعت
المؤسسة
العسكرية”.
طرح مرارا، على
مدى العقود
الماضية،
استبدال
الجيش الوطني
بحرس وطني،
بمعنى إنشاء
وحدات تهتم
بالأمن المحلي
ولا تكون على
عاتقها
محاربة
الخارج. ويقول
أبو جمرا:
“أثبت التاريخ
أن الجيش لم
يحرر البلاد
من
الإسرائيلي
ولا من السوري
ولا طبعا من
الفلسطيني...
ليس الجيش
اللبناني هو الذي
دحر
المحتلين،
وبالتالي ظنّ
البعض أنه من
السهل
استبدال هذا
الجيش بوحدات
من الحرس الوطني،
لكن الأفكار
الافتراضية
هذه لم تنف ضرورة
الإبقاء على
الجيش
لمواجهة
العدو.
ملزمة
الدولة، إذا
ارتأت تخفيض
عديد الجيش اللبناني،
أن تنشئ وحدات
احتياط تتدخل
عند الحاجة...
وبالتالي
يمكن تخفيض
هذا العديد
لكن لا يمكن
إلغاء الجيش.
بدليل ما يحدث
في بعض أنحاء
العالم، في
أميركا
وفرنسا وفي
دول متحضرة
أخرى، تكون
لديها وحدات
احتياط،
تستدعيها عند
الحاجة
وتخضعها الى
تدريب مشدد.
الولايات المتحدة
الأميركية
قادرة بهذه
الطريقة على
رفع عديدها من
200 ألف عنصر الى
مليون عنصر”.
هل كان
هناك، في يوم
ما، عدو واحد
مشترك بين جميع
اللبنانيين؟
يجيب أبو جمرا
“واجه الجيش اللبناني
بفعالية في
البداية،
الفلسطينيين الذين
عبثوا
بالأمن... حين
يتفق
السياسيون
على عدو مشترك
ينفذ الجيش
واجبه ويكون
فعالا”. ويروي
أبو جمرا “قبل
ثلاثة عقود
تقريبا، في
العام 1973، يوم
هاجمنا
المخيمات
الفلسطينية
وكدنا نستعيد
صبرا وشاتيلا
جرى تدخل
سياسي...
السياسة تفسد
الجيش”.
الجيش
اللبناني
دفع، ولا
يزال، فواتير
سياسية.
السياسة، على
ما قال أبو
جمرا، “ما
زالت تمنعه
اليوم من
الذهاب، على
سبيل المثال،
الى الجنوب.
سورية كانت
تعرف أنه إذا
تمت هذه
الخطوة فلن
تتمكن هي من
التدخل، كما
تفعل، وسيضطر
حزب الله
للعمل من خلال
الجيش...”
ويستطرد
بالقول “لم
تأمر السلطة
السياسية،
مراعاة
للحزب، بذهاب
الجيش الى الجنوب.
فلا شيء، غير
هذا، يمنع
إرساله, وأن
يحمي الأرض
بالتالي من كل
خرق بالطرق
المناسبة: بالمراقبة
والاعتراض
بواسطة لجنة
الهدنة أو
الأمم
المتحدة. وإذا
حدث اعتداء
يرد بالطرق المناسبة
أيضا. أما إذا
عادت ونشبت
الحرب فلا شيء
يمنع مجددا من
إنشاء
المقاومة”.
إذا كان
هذا هو رأي
اللواء أبو
جمرا، حول دور
الجيش
“المفقود” في
الجنوب, فما
هو رأي اللواء
سامي الخطيب
أيضا في هذه
النقطة؟
تحصين
الأمن
يحاول
الخطيب اعطاء
تفسير, “ربما
لأن الميليشيات
في لبنان
ستطالب حينها
بنزع سلاح
“الحزب”... وربما
لأن من مصلحة
سورية إبقاء
شعلة مزارع
شبعا موجودة
من أجل الضغط
على اسرائيل. ثمة
وجهة نظر أيضا
هنا،
فإسرائيل
تخرق جدار الصوت
برا وبحرا
وجوا, وهناك
أسرى
لبنانيون بعد
في السجون
الإسرائيلية.
وبالتالي،
يرى البعض
ضرورة
الاحتفاظ
بالمقاومة
بهدف الضغط على
اسرائيل”.
تحليلات
كثيرة
وتفسيرات لا
تنتهي تصدر من
هنا ومن هناك،
تعطي استسلام
الجيش اللبناني
للواقع
المفروض،
تبريرات ليست
كلها في
محلها... ولعلّ
الحلقة
الأضعف فيها
هو هذا الجيش
الذي نتغنى به
في الحفلات
والمناسبات ونلطمه
بألف حجة
وحجة، لنبقيه
بعيدا عن
“الظروف
والمناخات
السياسية”
التي تبطل
أساس وجوده!
يتوزع الجيش
اللبناني على
كل الأراضي
اللبنانية
ويقول اللواء
الخطيب: “ليست
هناك منطقة في
لبنان إلا
وتضم لواء أو
سرية. مهمة
الجيش الأولى
هي حماية
الوطن
والحدود
والأمن القومي،
أما قوى الأمن
الداخلي فهي
لتأمين الأمن اليومي.
المهمات
الأساسية
للجيش هي
الأمن القومي
وحماية
الحدود
والمحافظة
على المقدسات
والتراث وعلى
التاريخ
والهوية... أما
المهمات
الثانوية
فتقتصر على
مؤازرة قوى
الأمن الداخلي
في الحفاظ على
الأمن
اليومي”.
أين هي
مهام الجيش
اللبناني
اليوم من
المهام الأساسية
الموكلة
أساسا إليه؟
يجيب
الخطيب
منطلقا من
اعتبارات “بما
أننا خارجون
من حرب أهلية،
وبعد تحرير
الجنوب، نحن
في حاجة الى
تحصين أمننا الداخلي
أولا، لهذا
يقوم الجيش
اللبناني بالمهمة
الثانية...
وبما أن هذه
المهمة تلتقي
مع مهمة قوى
الأمن، التي
على عاتقها
مهمة الأمن الداخلي
فما يقوم به
الجيش اليوم
هو مجرد
مساندتها،
لكن هذا لا
يطبق
بحذافيره.
فالجيش اللبناني،
الذي يقتصر
عمله على
المهام الثانوية،
يتدخل في
مسائل ثانوية
ليست ضمن
اختصاصه...
فممنوع على
الجيش أن يدخل
الى البيوت،
إلا بأمر من
مفوض الحكومة
لدى المحكمة
العسكرية،
وهو يحاسب على
هذا. لهذا
يقسم ضباط
الشعبة
الثانية،
الذين
يتدخلون في
شؤون
المواطنين،
اليمين
كضابطة
عدلية، يعني
تقارير هؤلاء تصلح
أن تكون
قرارات ظنية
وتأخذ بها
المحاكم...”.
يقوم
الجيش
اللبناني
بمهامه
الأساسية
“صوريا”، فهو،
على ما قال
اللواء
الخطيب: “لا
يريد أن يحتك
بحزب الله
الذي يرى، وفق
حساباته، أنه
قادر على
تنفيذ
المقاومة
أفضل من
الجيش. يعني،
بكلام آخر،
إذا أراد
الجيش أن يحرر
شبعا فلن
يستطيع، لأن
أهدافنا
مكشوفة
وميزان القوى
بيننا وبين
اسرائيل فاضح
و”سنأكل قتلة”.
في حين أن
المقاومة
تضرب وتعود
مثل السمكة في
المياه”.
إذا
سلمنا جدلا أن
التفسير الذي
يعطيه الخطيب
منطقي فما هو
لزوم جيوش
الدول؟ سؤال
جوابه مثل...
السمكة في
المياه!
يستعيد اللواء
الخطيب في
كلامه عن
الجنوب
وإسرائيل والجيش
اللبناني
والعرب, قصة
عسكري اسمه
طنسة,”خضع الى
فحص ليترقى
الى رتبة
عريف، فسئل
إذا كنت وراء
المتراس
وهاجمك العدو
من الأمام
ماذا تفعل
فردّ “أفتح
النار”. سئل
وإذا أتاك العدو
من اليمين؟
ردّ “أفتح
النار”. وماذا
لو أتى من
الشمال؟ أجاب
“أفتح النار”.
وإذا أتى العدو
من الخلف؟
فقال “يحرق...
هالجيش, ليس
فيه إلا طنسة”.
هكذا لبنان
والقضية
الفلسطينية
وإسرائيل...
التي تقع مهمة
مواجهتها على
كل العرب وليس
على لبنان
وحده”.
العسكر
يتبدلون من
موقع الى موقع
“لئلا يتبلدوا”
أي يصابوا،
على ما قال
الخطيب
بالبلادة “كما
أنهم يتعرفون
بهذا على
معالم لبنان...
الجيش
اللبناني
فقير. أيام
الرئيس فؤاد
شهاب كان العميد
ريمون اده يقف
في المجلس
النيابي ويصرّ
على عدم إعطاء
المؤسسة
العسكرية
سلفات “لا
تعطوا الجيش
أموالا لئلا
تأخذها
الشعبة
الثانية”. أعطي
الجيش مالا
“بالقطرات”
وها هو العتاد
قد أصبح بعد
ثلاثين عاما
باليا
والمركبات
“محرتقة”.
أي
لبنان
تريدون؟ أي
جيش تريدون؟
جيش مقاتل؟ دولة
قوية؟ الجيش
اللبناني حسب
الخطيب، هو
الذي يحدد شكل
الدولة، قوية
أو ضعيفة. تحتاج
الدولة الى أن
تختار لزوم
مؤسستها العسكرية...”
ويبدو أن
الآخرين
اختاروا عنا
لزوم مؤسستنا
العسكرية. “لا
يمكننا
الاستغناء عن
الجيش
اللبناني”.
يصرّ الخطيب,
معتبرا أننا
في حاجة اليوم
الى ستين ألف
عسكري على
الأقل. “فماذا
لو سئلنا أين
آلتنا
العسكرية
التي ستنزع
الأسلحة
وتمنع
الحالات
الاعتراضية
في المخيمات؟
سنضطر حينها
مجددا الى
استئجار جيش فهل
يمكننا أن
نتحمل مرة
جديدة الأمن
بالتراضي؟”.
“الجيوش مكلفة
وإذا كانت
الحروب
بالنسبة الى
البعض متعة،
فالشعوب
الفقيرة لا
يمكن أن تتمتع
بها”... بهذا
يختم اللواء
سامي الخطيب
كلامه مؤكدا
أن لبنان الذي
خصص العام
الماضي، الجيش
بنسبة 11 في
المئة من
الموازنة
العامة، لا
يمكن أن يتمتع
بأي حروب قد
ينوي خوض
غمارها!”.
السياسة
تفسد الجيش
يعود
أبو جمرا
بالذاكرة الى
بداية الحرب
في لبنان،
وتحديدا الى
العام 1976 :”يومها
طالب فريق
لبناني
بتوجيه بندقية
الجيش الى
إسرائيل، في
حين رأى فريق
لبناني آخر أن
حرباً كهذه
ستكون خاسرة.
مع العلم أن
الجيش
اللبناني في
حرب فلسطين،
حين نشأت إسرائيل
عام 1947، كان
أكثر الجيوش
قوة واستبسالا
وكانت لديه
امكانات
افتقدتها الجيوش
العربية
الأخرى”. ما
حدث في حرب
فلسطين لم
يتكرر في
لبنان...
“فالفلسطينيون
توافدوا الى
لبنان وقسموا
الدولة وشلوا
الجيش. ولم
يكن، بالطبع،
ممكنا
استعمال
الجيش بعد
انقسام الدولة,
فضاعت
المؤسسة
العسكرية”.
طرح مرارا، على
مدى العقود
الماضية،
استبدال
الجيش الوطني
بحرس وطني،
بمعنى إنشاء
وحدات تهتم بالأمن
المحلي ولا
تكون على
عاتقها
محاربة الخارج.
ويقول أبو
جمرا: “أثبت
التاريخ أن
الجيش لم يحرر
البلاد من
الإسرائيلي
ولا من السوري
ولا طبعا من
الفلسطيني...
ليس الجيش
اللبناني هو
الذي دحر
المحتلين،
وبالتالي ظنّ
البعض أنه من
السهل
استبدال هذا
الجيش بوحدات
من الحرس
الوطني، لكن
الأفكار
الافتراضية
هذه لم تنف
ضرورة
الإبقاء على
الجيش
لمواجهة
العدو.
ملزمة
الدولة، إذا
ارتأت تخفيض
عديد الجيش اللبناني،
أن تنشئ وحدات
احتياط تتدخل
عند الحاجة...
وبالتالي
يمكن تخفيض
هذا العديد
لكن لا يمكن
إلغاء الجيش.
بدليل ما يحدث
في بعض أنحاء
العالم، في
أميركا
وفرنسا وفي
دول متحضرة
أخرى، تكون
لديها وحدات
احتياط،
تستدعيها عند
الحاجة
وتخضعها الى
تدريب مشدد.
الولايات
المتحدة
الأميركية
قادرة بهذه
الطريقة على
رفع عديدها من
200 ألف عنصر الى
مليون عنصر”.
هل كان هناك،
في يوم ما،
عدو واحد
مشترك بين جميع
اللبنانيين؟
يجيب أبو جمرا
“واجه الجيش اللبناني
بفعالية في
البداية،
الفلسطينيين الذين
عبثوا
بالأمن... حين
يتفق
السياسيون
على عدو مشترك
ينفذ الجيش
واجبه ويكون
فعالا”.
ويروي
أبو جمرا “قبل
ثلاثة عقود
تقريبا، في
العام 1973، يوم
هاجمنا
المخيمات
الفلسطينية وكدنا
نستعيد صبرا
وشاتيلا جرى
تدخل سياسي... السياسة
تفسد الجيش”.
الجيش
اللبناني
دفع، ولا يزال،
فواتير
سياسية.
السياسة، على
ما قال أبو
جمرا، “ما
زالت تمنعه
اليوم من
الذهاب، على سبيل
المثال، الى
الجنوب. سورية
كانت تعرف أنه
إذا تمت هذه
الخطوة فلن
تتمكن هي من التدخل،
كما تفعل،
وسيضطر حزب
الله للعمل من
خلال الجيش...”
ويستطرد
بالقول “لم
تأمر السلطة السياسية،
مراعاة
للحزب، بذهاب
الجيش الى الجنوب.
فلا شيء، غير
هذا، يمنع
إرساله, وأن
يحمي الأرض
بالتالي من كل
خرق بالطرق
المناسبة:
بالمراقبة
والاعتراض
بواسطة لجنة
الهدنة أو
الأمم
المتحدة. وإذا
حدث اعتداء
يرد بالطرق
المناسبة
أيضا. أما إذا
عادت ونشبت
الحرب فلا شيء
يمنع مجددا من
إنشاء
المقاومة”.
إذا كان هذا
هو رأي اللواء
أبو جمرا، حول
دور الجيش
“المفقود” في
الجنوب, فما
هو رأي اللواء
سامي الخطيب
أيضا في هذه
النقطة؟
تحصين
الأمن
يحاول
الخطيب اعطاء
تفسير, “ربما
لأن الميليشيات
في لبنان
ستطالب حينها
بنزع سلاح
“الحزب”... وربما
لأن من مصلحة
سورية إبقاء
شعلة مزارع شبعا
موجودة من أجل
الضغط على
اسرائيل. ثمة
وجهة نظر أيضا
هنا،
فإسرائيل
تخرق جدار
الصوت برا
وبحرا وجوا,
وهناك أسرى
لبنانيون بعد
في السجون
الإسرائيلية.
وبالتالي، يرى
البعض ضرورة
الاحتفاظ
بالمقاومة
بهدف الضغط
على اسرائيل”.
تحليلات
كثيرة
وتفسيرات لا
تنتهي تصدر من
هنا ومن هناك،
تعطي استسلام
الجيش
اللبناني للواقع
المفروض،
تبريرات ليست
كلها في
محلها... ولعلّ
الحلقة
الأضعف فيها
هو هذا الجيش
الذي نتغنى به
في الحفلات
والمناسبات
ونلطمه بألف
حجة وحجة،
لنبقيه بعيدا
عن “الظروف
والمناخات
السياسية”
التي تبطل
أساس وجوده!
يتوزع الجيش
اللبناني على
كل الأراضي اللبنانية
ويقول اللواء
الخطيب: “ليست
هناك منطقة في
لبنان إلا
وتضم لواء أو
سرية. مهمة الجيش
الأولى هي
حماية الوطن
والحدود
والأمن القومي،
أما قوى الأمن
الداخلي فهي
لتأمين الأمن
اليومي.
المهمات
الأساسية
للجيش هي الأمن
القومي
وحماية
الحدود
والمحافظة
على المقدسات
والتراث وعلى
التاريخ
والهوية... أما
المهمات
الثانوية
فتقتصر على
مؤازرة قوى
الأمن الداخلي
في الحفاظ على
الأمن
اليومي”.
أين هي
مهام الجيش
اللبناني
اليوم من
المهام الأساسية
الموكلة
أساسا إليه؟
يجيب
الخطيب
منطلقا من
اعتبارات “بما
أننا خارجون
من حرب أهلية،
وبعد تحرير
الجنوب، نحن في
حاجة الى
تحصين أمننا
الداخلي
أولا، لهذا
يقوم الجيش
اللبناني
بالمهمة
الثانية...
وبما أن هذه
المهمة تلتقي
مع مهمة قوى
الأمن، التي
على عاتقها
مهمة الأمن
الداخلي فما
يقوم به الجيش
اليوم هو مجرد
مساندتها،
لكن هذا لا
يطبق
بحذافيره.
فالجيش
اللبناني،
الذي يقتصر
عمله على
المهام الثانوية،
يتدخل في
مسائل ثانوية
ليست ضمن اختصاصه...
فممنوع على
الجيش أن يدخل
الى البيوت،
إلا بأمر من
مفوض الحكومة
لدى المحكمة
العسكرية،
وهو يحاسب على
هذا. لهذا
يقسم ضباط
الشعبة
الثانية،
الذين
يتدخلون في
شؤون المواطنين،
اليمين
كضابطة
عدلية، يعني
تقارير هؤلاء
تصلح أن تكون
قرارات ظنية
وتأخذ بها
المحاكم...”.
يقوم
الجيش
اللبناني
بمهامه
الأساسية
“صوريا”، فهو،
على ما قال
اللواء
الخطيب: “لا
يريد أن يحتك
بحزب الله
الذي يرى، وفق
حساباته، أنه
قادر على
تنفيذ
المقاومة
أفضل من
الجيش. يعني، بكلام
آخر، إذا أراد
الجيش أن يحرر
شبعا فلن
يستطيع، لأن
أهدافنا
مكشوفة وميزان
القوى بيننا
وبين اسرائيل
فاضح و”سنأكل
قتلة”. في حين
أن المقاومة
تضرب وتعود
مثل السمكة في
المياه”.
إذا
سلمنا جدلا أن
التفسير الذي
يعطيه الخطيب
منطقي فما هو
لزوم جيوش
الدول؟ سؤال
جوابه مثل...
السمكة في
المياه!
يستعيد
اللواء
الخطيب في
كلامه عن
الجنوب وإسرائيل
والجيش
اللبناني
والعرب, قصة
عسكري اسمه
طنسة,”خضع الى
فحص ليترقى
الى رتبة
عريف، فسئل
إذا كنت وراء
المتراس
وهاجمك العدو
من الأمام
ماذا تفعل
فردّ “أفتح
النار”. سئل
وإذا أتاك
العدو من
اليمين؟ ردّ
“أفتح النار”. وماذا
لو أتى من
الشمال؟ أجاب
“أفتح النار”.
وإذا أتى
العدو من
الخلف؟ فقال
“يحرق... هالجيش,
ليس فيه إلا
طنسة”. هكذا
لبنان
والقضية
الفلسطينية
وإسرائيل...
التي تقع مهمة
مواجهتها على
كل العرب وليس
على لبنان
وحده”.
العسكر
يتبدلون من
موقع الى موقع
“لئلا يتبلدوا”
أي يصابوا،
على ما قال
الخطيب
بالبلادة “كما
أنهم يتعرفون
بهذا على
معالم لبنان...
الجيش اللبناني
فقير. أيام
الرئيس فؤاد
شهاب كان العميد
ريمون اده يقف
في المجلس
النيابي
ويصرّ على عدم
إعطاء
المؤسسة
العسكرية
سلفات “لا
تعطوا الجيش
أموالا لئلا
تأخذها
الشعبة الثانية”.
أعطي الجيش
مالا
“بالقطرات”
وها هو العتاد
قد أصبح بعد
ثلاثين عاما
باليا
والمركبات “محرتقة”.
أي
لبنان
تريدون؟ أي
جيش تريدون؟
جيش مقاتل؟
دولة قوية؟
الجيش
اللبناني حسب
الخطيب، هو الذي
يحدد شكل
الدولة، قوية
أو ضعيفة.
تحتاج الدولة
الى أن تختار
لزوم مؤسستها
العسكرية...”
ويبدو أن
الآخرين
اختاروا عنا
لزوم مؤسستنا
العسكرية.
“لا يمكننا
الاستغناء عن
الجيش
اللبناني”.
يصرّ الخطيب,
معتبرا أننا
في حاجة اليوم
الى ستين ألف
عسكري على
الأقل. “فماذا
لو سئلنا أين
آلتنا
العسكرية
التي ستنزع
الأسلحة
وتمنع الحالات
الاعتراضية في
المخيمات؟
سنضطر حينها
مجددا الى
استئجار جيش
فهل يمكننا أن
نتحمل مرة
جديدة الأمن
بالتراضي؟”.
“الجيوش
مكلفة وإذا
كانت الحروب
بالنسبة الى البعض
متعة،
فالشعوب
الفقيرة لا
يمكن أن تتمتع
بها”... بهذا
يختم اللواء
سامي الخطيب
كلامه مؤكدا
أن لبنان الذي
خصص العام
الماضي،
الجيش بنسبة 11
في المئة من
الموازنة العامة،
لا يمكن أن
يتمتع بأي
حروب قد ينوي
خوض غمارها!”.