إزاحة
الستار عن
تمثال للرئيس
كميل شمعون باحتفال
في دير القمر
حرب:
عرفته
بالمثال
للعدل
السياسي الذي
لم ينحدر الى
المستويات
التي نشهدها
شمعون:
علمنا قيمة
الوطن وكيف
نحافظ عليه
ونصونه وبقي
كذلك حتى
الرمق الأخير
رزق:
ألهمنا كيف
تكون الرئاسة
والمسؤولية
محبة وعطاء
لان هذا ما
يحتاجه لبنان
البستاني:
حرص على
التوازن وحسن
الجوار مع كل
الطوائف فكان
يحترم ويصادق
الآخر
وطنية
- دير القمر - 9/10/2010
أقام حزب
الوطنيين
الأحرار،
بالتعاون مع
مجلس بلدية
دير القمر،
احتفالا في
ساحة الشهيد
داني شمعون في
دير القمر، لمناسبة
إزاحة الستار
عن تمثال
للرئيس
الراحل كميل
نمر شمعون.
وحضر
الى جانب
رئيس حزب
الأحرار
النائب دوري
شمعون وعائلته،
وزير العمل
بطرس حرب
ممثلا رئيس
الجمهورية
العماد ميشال
سليمان ورئيس
مجلس النواب الاستاذ
نبيه بري
والحكومة سعد
الحريري،
ممثل الرئيس
أمين الجميل
نائب رئيس حزب
الكتائب
اللبنانية
شاكر عون
يرافقه عضو
المكتب
السياسي
المحامي جوزف
عيد، ممثل
رئيس تكتل
التغيير والاصلاح
النائب ميشال
عون الوزير
السابق ماريو
عون، الوزيرة
منى عفيش،
ممثل رئيس
اللقاء الديموقراطي
النائب وليد جنبلاط
الوزير أكرم شهيب،
ممثل وزير
الداخلية
زياد بارود قائمقام الشوف
جورج صليبي،
ممثل
البطريرك
الماروني
الكاردينال
مار نصر الله
بطرس صفير الآباتي
مارسيل أبي
خليل، ممثل
رئيس الهيئة
التنفيذية في
"القوات
اللبنانية"
سمير جعجع
قرينته النائبة
ستريدا
جعجع، رئيسة
جمعية الأمير
الوليد بن
طلال الانسانية
والاجتماعية
الوزيرة
السابقة ليلى
الصلح حمادة،
النواب: روبير
غانم، ايلي
ماروني، ايلي
عون، جورج
عدوان، علاء
الدين ترو،
محمد الحجار،
فادي الهبر،
ومثل النائب
مروان حمادة
نجله كريم،
وممثل النائب
نعمة طعمة
طوني
انطونيوس،
وعدد من
الوزراء
والنواب
السابقين،
منسق الأمانة
العامة لقوى
14آذار النائب
السابق فارس
سعيد وأعضاء
من الأمانة،
ووفود من
أحزاب:
التقدمي الاشتراكي،
الكتائب،
المستقبل
و"القوات اللبنانية".
وحضر
ممثلون عن:
قائد الجيش
والمدير
العام لقوى
الأمن
الداخلي،
وقائد الدرك،
والمدير العام
لأمن الدولة،
ومدير
المخابرات،
ومدراء عامون،
ونقباء
بينهم نقيب
الصحافة محمد
البعلبكي،
وممثلون عن
عدد من
البعثات
الدبلوماسية
وبلديات ورجال
دين وشخصيات
مختلفة.
النشيد
الوطني
استهلالا،
وتقديم من
الدكتور الياس
رزق، وشريط
وثائقي جرى
عرضه عن
الرئيس كميل شمعون
وأبرز
المحطات
السياسية
والاجتماعية
له.
البستاني
وألقى
رئيس بلدية
دير القمر انطوان
البستاني
كلمة قال
فيها: "كميل
نمر شمعون، إبن دير
القمر،
المحامي
والدبلوماسي
والسياسي ونائب
الشوف
ورئيس
الجمهورية
اللبنانية.
اجتمعنا
اليوم لتكريمه،
إننا
نشكركم
لتكبدكم هذا
العناء،
وأهلا وسهلا
بكم في دير القمر.
كميل نمر
شمعون، إن
شرفة سينما
دير القمر
تفتقدكم
اليوم، هذه
الشرفة التي
انطلقت منها
أول انتفاضة
حضارية
وسلمية فتحت
أمام لبنان
عصر التطور
والانفتاح
والنمو
الاقتصادي،
وكنت على
رأسها،
بحنكتك
السياسية
وحسن المعاملة،
تصادقت مع
الزعماء
العرب
والأجانب، التقدميين
والمحافظين،
من أقصى الشرق
الى أقصى
الغرب. ولا
غرو فإنك كنت
وريث العظماء
الذين حكموا
لبنان من هنا،
من دير القمر.
تابع:
"إنك وريث فخر
الدين المعني
الثاني مؤسس
لبنان الحديث
والذي انفتح
على العالم
وعين الرجل
المناسب في
المكان
المناسب،
ووضع أسس العلاقات
الدبلوماسية
مع بلاد الشرق
والغرب. وريث
الأمير حيدر
شهاب الذي أسس
لبنان
المعاصر
بترتيبه
أوضاع
المناطق
وهيكلية
الدولة ونظام
الضرائب
والاقتصاد
والزراعة.
وريث الأمير
بشير الثاني
الكبير الذي
حكم بعدالة
وصرامة، والذي
هيأ لبنان
ليماشي
التطور
العلمي: ففتح الموانىء وحاول
أن يلعب دورا
بين الشرق
والغرب،
وأرسل الطلاب الى معاهد
الطب
الفرنسية في
مصر، وتلقح
ولقح اللبنانيين
ضد وباء
الجدري، وشيد
مستشفى الكرنتينا.
حالف محمد علي
المصري
وفرنسا
وايطاليا
والفاتيكان.
وشيد الجسور
وثبت الأمن
على جميع الأراضي
اللبنانية.
إنك وريث داوود
بك عمون واوغست
باشا أديب
اللذين وضعا
أسس لبنان
القرن العشرين.
وعندما
انتخبت رئيسا
للجمهورية
مارست الحكم
على طريقة
أسلافك إضافة الى نظرتك
المستقبلية
المحدقة
بالقرن
الواحد والعشرين،
فأعليت شأن
الاقتصاد
والتجار والصناعة".
تابع:
"ووطدت
التعليم
وأسست
الجامعات
وشجعت
الثقافة
وأنشأت
المهرجانات
الدولية
وزرعت في
العالم
ممثليك في
السفارات كلا
حسب اختصاصه
المتوازي مع
الدولة
المضيفة، ونشرت
الأمن على
جميع الأراضي
اللبنانية،
وعقدت
المؤتمرات
الدولية
فصالحت
الزعماء
العرب في ما
بينهم. والأهم
الأهم أنك كإبن
دير القمر والشوف،
حرصت على
التوازن وحسن
الجوار مع
جميع الطوائف،
فكنت تحترم
وتصادق
الآخر، وكان
الآخر يحترمك
ويصادقك. كنت
كبير القلب،
فصفحت عن كل من
أراد أذيتك،
عملت بكل قواك
لتجنب لبنان
كوارث الحرب
ومصائبها،
ناشدت
اللبنانيين
والفلسطينيين
أن لا ينجروا
وراء أعمال
تخريبية وحربية،
لأنك كنت تعلم
أنه إذا وقعت
الواقعة كانت
الكوارث
ستلحق
باللبنانيين
وبالفلسطينيين
على حد سواء".
أضاف:
"لسوء الحظ لم
يكن هناك آذان
لتسمع، وحين
وقعت الكارثة
صببت جهودك
كلها لتجنب
دير القمر والشوف
صولات الحرب،
فلم تقطع أبدا
خيوط معاوية
بينك وبين كل
الأطراف.
وعندما لزم
الأمر قاومت
الاحتلالات
بكل قواك
وصمدت بالأشرفية
بين أبنائها،
وحملت في
الوقت ذاته هم
حرب الجبل
وحصار دير
القمر، فخلصت الأشرفية
وخلصت دير
القمر. لكل
هذا تقول لك
الدير اليوم،
أهلا وسهلا بك
مجددا في
ربوعها، فكنت
وما زلت
وستبقى رمزا
من رموزها. وكذلك
يقول لك الشوف
ويقول لك
كل لبنان،
شكرا كميل نمر
شمعون".
رزق
وتحدث
النائب
السابق ادمون
رزق، فقال: "ما
دمنا معا فلا
قوة تستطيع
النيل من
لبنان،
والعزاء في
وحدتنا
واعترافنا
كلانا
بالآخر،
والحرص على
الوطن، إننا
مدعوون لتأدية
رسالة في
الشرق لكي
نكون نموذجا حضاريا
يقول للعالم
لا تخطىء
تستطيع وأن
تفرقنا مذاهب
أن نتوحد
ونشهد لحقيقة
واحدة ان الانسان
أخ الانسان".
أضاف:
"يا كميل
شمعون ألهمنا
كيف تكون
الرئاسة
والزعامة
والمسؤولية
والوفاء
والولاء والتضحية
محبة وعطاء
وهذا ما
يحتاجه
لبنان، ومن
يقول بأن
القوة
الحقيقية هي
في ما نمسك من
صواريخ
وأسلحة
وذخائر وما نمتشق
من سيوف، أليس
الحسين من قال
"أللهم إن كنت
قد منعت عنا
النصر فاجعل
لما هو خير
منه"، كان
يعرف ان
النصر
بالمحبة
والعقل
والحضارة، هو
خير من النصر
بالسيف
والمدافع
وحاملة
الطائرات والقاذفات
والقنابل. ان
ثورة لبنان يجب
أن نحافظ
عليها، فليبق
الجبل رافدا
لكل الشواطىء
البعاد وعزة
إباء وسيادة
وحرية
واستقلال، ولتبق
أقمار الدير
مشعشعة من
الجبل وهاجة
على مدن لبنان
ليظل
اللبنانيون
المشاعل أمام
العرب
والعالم".
حرب
وقال
الوزير بطرس
حرب: "تقف
الدولة اليوم
بكاملها
إجلالا للرئيس
كميل شمعون،
وبصفتي
الشخصية، لما
كانت تربطني به من
صداقة ومعرفة
ومواكبة،
أقول عرفته
بالرجل
المثال للعدل
السياسي الذي
لم ينحدر يوما
الى
المستويات
التي نشهدها
هذه الأيام،
عرفت فيه
الأصالة
الوطنية
الشجاعة،
المؤمن
بلبنان وبالله
وبأبدية
وسرمدية
وسيادة لبنان.
وإن وقفت
اليوم بينكم
وفرض الكلام
فلكي أحيي هذا
الرجل والبيت
الكريم، ودير
القمر وجبل لبنان
والشوف،
وأملنا أن
ينبت أمثال
هذا الرجل
رحمه الله وأبقاكم
سالمين".
شمعون
والقى
النائب دوري
شمعون الكلمة
الآتية: "لما
سألني أحد
أصدقائي عن
مواصفات
التمثال،
وإذا كان حجمه
صغيرا أو
بقامته
الطبيعية،
أجبته أن تمثالا
لعملاق
السياسة
اللبنانية
يجب ان
يكون بحجمه،
على الأقل،
مرة ونصف
الحجم الحقيقي،
ولو كان
المكان يتسع
لكنا كبرناه
أكثر، ولو
أردنا أن
نعطيه ما
يستحق من عظم،
لكان رأس
التمثال ناطح
السحاب. كميل
نمر شمعون كان
حقا رجلا إستثنائيا
بكل ما في
الكلمة من
معنى، أكان
ذلك بحجمة
السياسي أم
بنبوغه أم بإخلاقه
وعلمه وطيبة
قلبه، كان "يزعل"
ويعاقب ثم
يسامح، كان
يواجه
الأخطار التي
تحدق بلبنان
بشراسة تفوق
بكثير مواجهة
الخطر الذي
يقع عليه وعلى
عائلته".
تابع:
"لقد علمنا
قيمة الوطن
وكيف نحافظ
عليه ونصونه،
علمنا كيف نحب
الناس ونحترمهم،
كل ذلك ضمن
أطر المودة
والشهامة
والأخلاق،
وبقي كذلك حتى
الرمق الأخير
من حياته، كان
رحمه الله،
بالرغم أن
جسده قد أنهكه
السن والمرض،
يأبى إلا أن
يقوم عن كرسيه
ليصافح كل من
يزوره بالإبتسامة
والكلمة
المرحبة
اللائقة".
وقال:
"نحن اليوم في
مسقط رأسه،
غير بعيدين عن
منزل أبيه،
ولا عن أول
مدرسة تعلم
فيها، وبجانب
سيدة التلة
التي تعلق بها
وبقيت
أيقونتها حول
عنقه حتى آخر
يوم من حياته،
كما نحن على
مقربة من حقول
دير القمر
التي اصطاد
فيها وأحب
طبيعتها، أحب
دير القمر وحببنا
فيها، مفتخرا
بماضيها
وحريصا على
حاضرها، ولما
كانت الحروب
قائمة وأهلها
فاقدي الثقة
بالمستقبل،
شيد منزلا في
أعلى تلالها،
ليقول للديارنة
والمنطقة بأجمعها
أنه واثق
بالمستقبل،
وينظر إليه
بكل إيجابية
وعنفوان وجأش
وصمود،
متيقنا أنه
بالنسبة لسنه
قد لا يأتيه
يوم ليسكن
فيه".
تابع:
"تعلق كميل
شمعون بالشوف
والجبل
وبالتعايش
بين طوائفه،
كان دائما الزعيم
السياسي
الفريد من
نوعه، إذ بقي
حتى اليوم
وبعد ثلاثة
وعشرين عاما
على وفاته،
حيا في قلوب
الناس
وذاكرتهم، وإينما
تنقلت في هذا
الجبل أو حتى
في جميع مناطق
لبنان، مازال اللبنانييون
يتكلمون عنه،
منهم من عرفه
أو من كان
أهله يعرفونه
كما لو أنه
اليوم حيا
بينهم. لا شك
أنه كان لكميل
شمعون أخصام
كثر، كما كان
له أصدقاء أكثر،
ولكن كلاهما
كانا يتفقان
على أن هذا الرجل
ليس من الرجال
العاديين،
وليس شخصا
سيمر عليه
التاريخ مرور
الكرام، إن
أحببته وإن
بغضته فهناك
واقع ليس
بإمكان أحد أن
ينكره، وهو ما
ذخر به
عهده من
مشاريع
وتشريعات
وتطويرات حتى
آخر سنة منه،
عندما أصبح
مشغولا
بالدفاع عن إستقلال
لبنان وعن
بقائه كما كان
دائما يردد
ليبقى سيدا
حرا مستقلا
أبديا
سرمديا".
اضاف:
"هذه
العبارات لم
تكن لكميل شمعون
مجرد محط
كلام، كان
يعني ويعمل
بما تعنيه كل
منها، خرج من
الحكم وأنشأ
حزبنا، وخاض معارك
إنتخابية
وسياسية،
وقاوم وبقي
يقاوم لأخر
رمق من حياته،
متمسكا بهذه المبادىء
ومدافعا عن
لبنان
واللبنانيين
جميع اللبنانيين.
وما كان يطلب
من الدفاع عن
قضايا العرب لم
يتأخر يوما،
وبخاصة
القضية
الفلسطينية
وحقوق الشعب
الفلسطيني،
حتى لقب عن حق
ب "فتى العروبة
الأغر"،
ولكنه لم
"يبد" يوما أي
قضية أو مصلحة
على قضية
لبنان ومصالح
شعبه، وهذا ما
نريده قدوة يحتذى بها
لتصرف جميع
السياسيين كي
يسلم لبنان،
ونتحاشى
المشاكل
والحروب
الداخلية
التي لم تنفع
أحدا سوى
الآخرين".
وختم:
"كميل شمعون
أسطورة، لكن
لم يكن بإمكانه
التوصل الى
قمم النجاح
والعظمة، لو
لم يكن بجانبه
زلفا، هذه
الأم والزوجة
المثالية
التي بقيت
صامتة مبتسمة
متفهمة ما يواجهة
من مشاكل
وصعوبات. هنا
وفي ساحة داني
شمعون، لا
يمكن أبدا أن
أنساه وانغريد
والملاكين
طارق وجولين،
وكل شهداء
لبنان، آملا
أن يصبح لبنان
الدولة التي
من أجلها
عملوا وقضوا".
بعدها
أزاح حرب
وشمعون ونجله
كميل ورزق
الستارة عن
التمثال.
أيستحضر
الحجر سحر
فتى العرب
الأغرّ في
ساحة دير
القمر ؟
بقلم
إميل أبي نادر
(•) النهار
"لو
كنت أقدر ان
اعاقب
أبحراً
قاس
بها كولومبوس
الأهوال
لنزعت
منها درّها
وجعلته
فوق
الضريح لذكره
تمثالاً
"شاعر
مهجري"
أجل كيف
يجسّد
البرونز
والحجر
كيمياء "ساحر
الجماهير"
وسحر "فتى
العرب
الأغرّ"
وسمات "آخر العمالقة"
وجلال "فخامة
الملك" وبريق
رجل الدولة
الفذ،
ونَفَسَ بطل
تاريخي من
أبطال
الاستقلال؟
ألقاب
وتسميات
واختزالات
ومواقف، أملت
على فقيد
الصحافة
المغفور له ميشال أبو
جوده مقالاً
في العمود
الثامن من
"النهار"
بعنوان: "عهد
كميل شمعون
وعصره". مقالٌ
يتلاقى
برمزية
مدلولاته
وأبعاده مع
مقال آخر له
في العمود
ذاته: "في حمى
الأمير"،
فجَّر ضده
حقداً دفيناً
أدمى القلم
الحر بطعنات
غادرة في
الوجه تحوّلت
وسام شرفٍ
حمله وحملته "النهار"
مدى الحياة.
ولد
كميل نمر
شمعون عام 1900،
مع بزوغ فجر
القرن العشرين،
في دير القمر
عاصمة
الأمراء.
والده نمر
شمعون، والدته
سيدة من آل
نعمه من أكبر
عائلات دير
القمر.
كان
الوالد رجلاً
وطنياً، قويّ
الشكيمة، استقلالي
النزعة، وقف
بقوةٍ الى
جانب أهله
وأبناء
بلدته، ناضل
معهم من أجل
تخفيف وطأة
المعاناة
والألم ومن
أجل وأد فتنةٍ
جديدة كانت
بدأت تظهر
براثنها
القاتلة منذ أواخر
النصف الاول
من القرن
التاسع عشر،
وتجرُّ
ذيولها في بعض
أرجاء الجبل
وبخاصة في دير
القمر، بعد
أفول العهد
الشهابي الى
منفى على شاطئ
البوسفور.
نفى
الأتراك نمر
شمعون الى
بر الأناضول،
كما نفوا ابن
بلدته وصديقه
داود عمون الى
بر مصر. وسط
هذه الأجواء
المفعمة بعبق
الحريّة، المضوّعة
بعطر شهداء
قضوا بالمئات
غدراً في ساحة
دير القمر،
ولم يكن بعد
قد جفّ ترابهم
تحت صنوبراتها.
في
هذا المناخ،
نشأ كميل
شمعون
وترعرع، وكانت
الحرب
العالمية
الأولى قد
ألقت
أوزارها، وانهزم
الأتراك،
وانقرض العهد
العثماني في المشرق
العربي وفي
العالم.
كان
كميل شمعون
بعد شاباً
يافعاً، في
الثامنة عشرة
من عمره، أنهى
دروسه
الثانوية في
معهد الفرير
في الجميزة،
وتخرّج
محامياً
شاباً في معهد
الحقوق
الفرنسي،
شارع هوفلان.
باشر
ممارسة
المحاماة،
مدافعًا
عنيدًا عن
حقوق موكّليه،
حاصداً
محبتهم
وتقديرهم.
بعدها، نشأت
حوله كتلة من
ناس، من كل
مشرب، في
المنطقة
والجوار وفي الشوفين
الأعلى
والساحلي وفي الاقليم،
تشكّلت من
أصدقاء
ومعجبين
ومسحورين
ببهاء طلعته،
شاعرين بقربه
العفوي منهم.
كتلة من ناس
ما لبثت أن
تحوّلت قاعدة
شعبية
متنوّعة، حملته
بداهةً الى
خوض معركة
انتخابية
نيابية في
الجبل، وكان
الجبل يومها
دائرة
انتخابية
واحدة، تحت مبادئ
ومفاهيم
جمهورية
محدثة، كانت
أعلن دستورها
عام 1926.
نجح
كميل شمعون
فأصبح أصغر
نائب وأصغر
وزير عام 1932 وله
من العمر
يومها اثنان
وثلاثون
عاماً.
كتلة
من محبيه شدّت
بعضهم اليه
هوايته للصيد
ومهارته في "القواص
على الطاير"
أحاطته بهالة
من روح
فروسيّة، كان
افتقدها كبارهم
منذ زمن
العثمانيين،
فأصبح كثر
منهم رفاق صيد
شغوفين
بمرافقته في
رحلات الصيد،
موزعة على
المواسم
والمناطق،
كان له في كلٍ
منها، فريق
حاضر، ناضر،
بعدما لمس
ترحيباً حارّاً
صادقاً بهم من
قبل الصياد
كميل شمعون.
يحضرني
هنا حدثٌّ في
منتهى
الطرافة، حصل
يوم 21 ايلول
1952 في قصر بيت
الدين، وكان
كميل شمعون قد
انتخب بالاجماع
رئيسًا
للجمهورية
صبيحة ذلك
اليوم في مجلس
النواب، فحضر
للتو الى
قصر بيت الدين
رئيساً
جديداً
للبلاد لختام
فصل الصيف
للمرة الأولى
في القصر
الرئاسي الذي
كان قرّره
سلفه الشيخ بشاره الخوري
مقرّاً
صيفياً
للرئاسة.
نزلت،
وكنت بعد
يافعاً،
لاستقبال
فخامة الرئيس
الجديد في
القصر، مع
وفدٍ من كبار
البلدة ورئيس
وأعضاء
المجلس
البلدي، يوم
كان بعد في بلديات
بعض الجبل،
رجالٌ رجال،
وكان الرئيس يعرف
شخصياً عدداً
منهم.
سأل
الرئيس شمعون:
"وين عازر
مش معكم؟" لم
يعرف أحد منا
أولاً، من
يقصد، أوضح: عازر الذي
كنّا نذهب واياه
الى
الصيد؟ عرفنا
عندئذٍ انه
يقصد عازر
بو خير،
ذلك الرجل
الطيّب،
العادي، الذي
كان مثل
الرئيس شمعون
مغرمًا
بالصيد، وكان
أبًا لعائلة
كبيرة يعولها
بتعبه وعرق الجبين
ولم يحضر مع
الوفد ظنّاً
أن رفيقه الصياد
كميل شمعون لن
يتعرّف اليه
بعدما صار
رئيساً
للجمهورية.
ذهلنا
جميعاً
لعاطفة
الوفاء
والصداقة
الصادقة، لدى
فخامة الرئيس.
ليس
في مقدور هذا
المقال والف
مقال مماثل أن
يلخّص قرنًا
من وقائع
وانجازات
ومواقف، كان
الوطن، بين
المشرق
العربي بأسره.
مسرحًا
لها، ملأها
الساحر أداء
سياسياً
ووطنياً وعمرانياً
وتشريعياً،
لم ينضب ولم
يهن.
ومع
كل التقدير
والشكر للاستاذ
جورج غانم
لغنى
الوثائقي
الرائع
بأربعة أجزاء
الذي شاهدناه
ونعاود
مشاهدته
اليوم، وللجهود
الفائقة التي
رافقت تجميع
الوثائق
والمحفوظات
من أكثر من
مرجع رسمي واعلامي
في الداخل
والخارج،
وعلى سنوات
عدّة، أقول للاستاذ
غانم ان
جهداً جباراً
مماثلاً،
أتمنّى أن
يتاح له أداؤه
علّنا نصل الى
احاطة كل
ما تميّزت به
هذه الشخصية
النادرة من مناقبية
وصفات، وكل ما
قامت به
من أعمال
ومبادرات.
علّني
لا أضيف شيئاً
مهماً الى
ما احتوته هذه
الوثائقيات
والكتب ودار
النهار للنشر:
"كميل شمعون
آخر العمالقة"
ولكني أحب أن
أتذكّر بعض
وقفات كميل
شمعون مذ كان
وزيراً
مفوضاً
للبنان في
لندن وبهذه
الصفة يقوم
باتصالات
متعددة
الوجهة، لمواكبة
انجاز
الاستقلال.
حراك كثيف الى
درجة ان
صحافياً ورجل
دولة آخر في
لبنان
المغفور له جورج
نقاش، تضايق
من هذه
المواقف لعدم
تطابق الأمزجة
والأهواء
ربما، بين
الرجلين،
فسطَّر
افتتاحية طنَّانة
في "الاوريان"
بعنوان:
"اسكتوا
السيد شمعون" Faites taire M. Chamoun
اختفى العدد
بسرعة مذهلة
حتى بلغ سعره
يومها 5 ل. ل.
بدلاً من 25 ق. ل.
مثّل
شمعون لبنان
في المنتديات
العالمية، مدافعاً
عن فلسطين، في
لايك سكسيس،
حتى الاعياء
الشديد
والسقوط على
المنبر، وفي
الأمم المتحدة
لاحقاً، عن
القضية ذاتها
مع وفد رئاسي
برئاسة
الرئيس
سليمان
فرنجية، حيث
أفلتت الكلاب
البوليسية
للكشف على
الحقائب في
مطار
نيويورك، وكذلك
في لوزان مع
وفد رئاسي
آخر، حاملاً الى هناك
همّ لبنان من
أجل انهاء
الحرب
الدائرة على
أرضه، منذ "بوسطة عين
الرمانة".
وقف
بقوة وحزم في
وجه كل تطاولٍ
على كرامة
لبنان واستقلاله،
بتصريحات
مدوّية لا
تخلو من طرافة.
جواباً عن
سؤال أحد
الصحافيين عن
رأيه في تصريحات
ومواقف من
لبنان كان
أعلنها
الوزير عبد الحليم
خدام: "لا عتب
على من مثله،
خصوصاً أنه متخرج
من جامعة سعسع".
كما وقف
بصلابة في وجه
قومية عربية
زاحفة، ملتهبة
وملتهمة
تعيّره
بمواقفه من العروبية
الصاعدة هذه،
قال في احتفال
رسمي شعبي: "ما
كنت أتوقّع أن
تتحوّل العروبة
الحقّة
التي ناضل
لبنان
وناضلنا من
أجلها منذ
تأسيس الجامعة
العربية،
فتصبح سمّاً
قاتلاً تنفثه
أبواق بعض
الأقزام
والمشعوذين".
لم
يشأ، وهو الديموقراطي
الأصيل، أن
يكمل مساره
الأساسي بعد
الرئاسة،
لاعباً
منفردًا، بل
أسّس حزباً،
يخلف في نظره
الحزب
الدستوري،
ويحاول مثله
أن يحضن كل
مكوِّنات
لبنان، بلد
التعدّد العقيدي
والحضاري.
فكان الى
جانبه من
مؤسسي حزب
الوطنيين
الأحرار
المغفور لهم:
كاظم الخليل،
الأمير مجيد ارسلان،
سليمان
العلي، محمود
عمار، ومن اصدقائه
الخلص
المغفور له
الرئيس عادل
عسيران.
اما
النائب الطرابلسي
الشاب يومها،
المغفور له
رشيد كرامي،
فقد طلب منه
الرئيس شمعون
أن يرأس احدى
أولى
الوزارات،
فكان اصغر
رئيس حكومة في
لبنان الحديث.
لم
يعرف لبنان
ازدهارًا
اقتصاديًا،
عمرانيًا،
ثقافيًا
وسياحيًا
كالذي عرفه في
عهده انطلاقًا
من تأسيس معرض
طرابلس
الدولي وانشاء
كازينو
لبنان،
والمدينة
الرياضية،
ونواة تنفيذية
للمشاريع
الكبرى
تطوّرت في عهد
الرئيس فؤاد
شهاب الى
مجلس تنفيذ
المشاريع الانشائية.
وفي
استعادة
خاطفة (zapping) لشريط
الحياة
الطويل نقول
إن كميل
شمعون، بقي
ذاته، في
العسر واليسر،
في الحكم وفي
المعارضة،
التي تبوأ رئاستها
مرتين: الجبهة
الاشتراكية
الوطنية، والجبهة
اللبنانية،
وفي مواقف
عربية بارزة استحق
عليها تسمية
"فتى العرب
الأغر"،
بالإضافة الى
دعوته الملوك
والرؤساء
العرب الى
اجتماع طارئ
على ارض
لبنان، إثر
حرب السويس عام
1956. اضافة الى توحيد
الموقف
المسيحي في
الحلف
الثلاثي الشهير،
فالى بعث
نشاط المجلس
العام
الماروني،
وتأسيس الرابطة
المارونية
للاهتمام
بالشأن
الوطني الى
جانب
البطريركية
المارونية.
صدرت
في عهده
تشريعات
تناولت نواحي
عدة من النشاط
الوطني
المنتج أو
الرقابي أو
التنظيمي
فكان قانون
"من أين لك
هذا" وقانون اعطاء
المرأة للمرة
الأولى حقها
في الانتخاب،
وقانون الاحوال
الشخصية لغير
المحمديين
وغيرها
الكثير.
نشر
كتابًا
بالفرنسية
بعنوان "Crise au moyen-orient"
(أزمة في
الشرق الأوسط)
أبرز فيه
الأزمة اللبنانية
بأبعادها
العربية والاقليمية
والدولية، اصبح
الكتاب
مرجعًا اساسيًا
من أجل جلاء
حقائق وأفكار
ومواقف من هذه
الحقبة.
وأخيراً،
لعلني لا
أغالي،
انطلاقًا من
فكرة أن ذكر
رجل دولة واحد
قد يلخّص وحده
ذكر أمة بأسرها،
مع حفظ مكانة
المقومات
الأخرى التي تميّز
الأمة من
شخصيات
وأحداث، هذا اذا كان لا
مناص من
الاكتفاء
باسم واحد.
ولا أغالي بالقول
مثلاً،
انطلاقًا من
القارة الاميركية،
ان
جمهورية
تشيلي يبرز
فيها اسم سالفادور
اليندي،
وجمهورية
بوليفيا اسم سيمون بوليفار،
وكوبا اسم
فيديل
كاسترو،
والمكسيك اسم هيدالغو، واميركا
اسم جورج
واشنطن. وفي
القارة الاوروبية،
يبرز في
انكلترا اسم
الملكة
فيكتوريا،
وفرنسا اسم
شارل ديغول، والمانيا
اسم بسمارك
وايطاليا اسم غاريبالدي،
واسبانيا اسم
خوان كارلوس،
وروسيا اسم
لينين، وقبرص
اسم المطران مكاريوس.
وفي القارة الافريقية،
في مصر اسم
سعد زغلول،
وفي تونس اسم
الحبيب بورقيبة،
وفي الجزائر
اسم بن بيلا،
وفي ليبيا اسم
عمر المختار،
وفي جنوب افريقيا
اسم نلسون
مانديلا. وفي
القارة
الآسيوية،
يبرز في تركيا
اسم مصطفى
كمال، وفي
الهند اسم
المهاتما غاندي،
وفي الصين اسم
ماوتسي تونغ، وفي
السعودية اسم
الملك عبد
العزيز، وفي
سوريا اسم
حافظ الأسد،
وفي لبنان
يرتسم اسم
كميل شمعون.
أختم
وأنا على يقين
ان
المواطن
اللبناني، في
هذه الأيام،
وفي غمرة البحث
عن المستقبل
والمصير، وفي
مواجهة تحديات
خطرة، مميتة
للاستقلال
والكيان،
يحاول الاهتداء
الى سبلٍ
للحفاظ على
سيادة
واستقلال
أسسهما الأولون
بالعرق
والدم، وهو
شديد الحيرة
والارتباك، لايجاد
السبل
المؤدية الى
تجاوز "القطوع
الكبير"
الذين يهولون به على
الوطن، أدعو
أخي المواطن
أينما كان
وأياً كان أن
يعود الى
سِيَرْ أبطال
الاستقلال،
واستحضار
تضحياتهم،
والاستعداد
لمثلها
وأكثر،
فيهتدون حتماً
الى
سوِّي السبيل.
وأخيراً
استمح
الشاعر
المهجري
عذراً إن
أنهيت كلمتي
بترداد أبيات
له، استهللت
فيها كلمتي
هذه، بتصرّف من
وحي المناسبة:
لو
كنت أقدر أن
أعاقب أدهرًا
قاس بها أبطالنا
الأهوال
لنزعت
منها مجدها
ونصبته
حتى
السماء
لذكرهم
تمثالا
وأقول
للساحر المختزَل
بالبرونز
والحجر، في
ساحة دير
القمر، ساحة
فخر الدين، الى جانب
لوحة الشهيد
داني شمعون
وزوجته انغريد
وولديه طارق وجوليان
حيث تجاور
مئذنة فخر
الدين كنيسة
سيدة التلة،
أقول له: لن
يبقى لبنان
إلاّ اذا
بقيت في
ساحاته كما في
ساحة القدس،
"تجاور الكنائس
المعابد" على
لحن غناء
فيروز
سفيرتنا الى
النجوم،
وبعيداً من كل
اصولية
أو تيوقراطية
أو
ديكتاتورية.
•
مدير عام واستاذ
جامعي سابق،
الرئيس
الفخري لنادي
بيت الدين.
عن
النهار
بقلم
إميل أبي نادر
(•)