عوده
ترأس قداس عيد
الفصح في
كاتدرائية
القديس جاورجيوس
: متى نعيد
لبنان وطنا لابنائه
ودولة متطورة
تحكم
بالعدالة
والمساواة
والقانون
وصلنا
الى هنا لاننا لم
نراقب ولم
نعاقب بل
تقاسمنا
المغانم على حساب
الشعب
أملنا
أن يكون عهد
القتل والإغتيالات
ولى إلى غير
رجعة فالقتل
والاغتيال
مدانان
وطنية -
15/4/2012 ترأس متروبوليت
بيروت
وتوابعها
للروم الارثوذكس
المطران الياس
عوده خدمة
الهجمة وقداس
الفصح في
كاتدرائية القديس
جاورجيوس
في ساحة
النجمة، في
حضور حشد من
المؤمنين. بعد
قراءة
الإنجيل
المقدس ألقى
عوده عظة قال
فيها:
"اليوم
يوم القيامة
فسبيلنا أن
نتلألأ
بالموسم ونصافح
بعضنا بعضا،
ولنقل يا إخوة
ولنصفح لمبغضينا
عن كل شيء في
القيامة،
ولنهتف هكذا
قائلين:
المسيح قام من
بين الأموات دائسا
الموت بموته
والذين في
القبور وهبهم
الحياة."
هكذا
رتلنا اليوم
للتعبير عن
إيماننا
وفرحنا بقيامة
ربنا يسوع
المسيح الذي
نزل إلى أسافل
الجحيم
لينتشل منه
آدم وكل
ذريته.
الفصح
عبور، إنه
انتقال من
ظلام القبر
إلى ضياء
الملكوت. وهذا
العبور قد تم
بثمن باهظ
جدا. لقد
بذل الإله دمه
لكي نخـلص من
براثن
الخطيئة والشر،
ونقوم إلى
حياة جديدة
تحكمها
المحبة وثمار
الروح. ربنا
تنازل بملء
إرادته لكي
يعبر بنا من
الموت الذي
سببته
الخطيئة إلى
الحياة التي
خلق الإنسان
لها.
الله
منذ البدء خلق
الإنسان على
صورته
ومثاله، حرا
خلقه، وأسكنه
الفردوس،
وملكه على
الخليقة. لكن
الإنسان
انصاع
للتجربة فسقط
. حريته كانت سبب سقوطه.
بملء إرادته
أراد جعـل
نفسه فوق
إرادة الله
وتنكر لمحبة
الله الفائقة.
لكن
الله، بعظيم
رحمته وعمق
محبته، لم
يترك هذا المخلوق
المنتفخ
بكبريائه
يتخبط في
الخطيئة، وفي
الجحيم الذي
وضع نفسه فيه،
بل تنازل مخليا
ذاته، متخذا
صورة عبد،
صائرا في شبه
الناس،
ليخلصهم. بذل
نفسه على
الصليب
ليعتقهم،
ليعتقنا
جميعا. نزل
إلى عمق
الظلام
ليرفعنا إلى
الحياة
الجديدة التي
صارت لنا
بقيامته.
"هوذا
بالصليب قد
أتى الفرح لكل
العالم." بموته
افتدى الرب
الجميع
وبقيامته فتح
لنا أبواب الملكوت،
وجعلنا أبناء
للقيامة
والنور إن مشينا
طريقه
باختيارنا.
نحن أبناء
الله. نحن على
صورته
ومثاله، أحرار
في قراراتنا.
فهل نختار
عتمة الجحيم
أم ضياء
الملكوت؟ .
المؤسف
أن الإنسان
يتلذذ
بالخطيئة
ويختار دائما
الطريق السهل.
طريق التوبة
والرجوع إلى
الله محفوف
بالصعاب. فعلى
الإنسان الذي
اختار إتباع الرب
القائم أن
يتخلى أولا عن
أناه، أن يفرغ
ذاته من
الأنانية
والكبرياء ويعتنق
المحبة
والتضحية. عليه
أن يحب الله
من كل قلبه
ومن كل فكره
ومن كل قدرته
وأن يحب قريبه
كنفسه (مر 12: 30-31).
هذا يعني أن
عليه أن يتمنى
للغير ما
يتمناه
لنفسه، وأن
يبتعد عن كل
ما يسيء إلى
أخيه الإنسان
لكي لا يسيء
إلى صورة الله
في وجه أخيه،
لكي لا يسيء
إلى نفسه. أين
نحن من هذا؟
أين نحن من
صفاء القلب وراحة
الضمير؟ أين
نحن من المحبة
التي لا تطلب
مكافأة، ومن
السلام الذي
يغمر النفس
وينعكس على
الآخرين؟ .
ما
يحزننا أن عيد
القيامة يحل
مرة أخرى وفي
القلب غصة لأن
السلام ما زال
بعيدا عن
القلوب وعن
بقاع الأرض،
وما زلنا
نعاني
الأحقاد والإنقسامات،
ونشهد الحروب
والقتل
والتهجير
والجوع والعنف
وانتهاك
الحريات
والكرامات. ما
زال الإنسان
متعطشا إلى
الدم، لاهثا
وراء المال
والسلطة، دائسا
على جسد أخيه
وعلى كرامته.
ما زالت
المصالح
تتلاعب بالبشر،
والحقد
يسيرهم،
والكبرياء
تقودهم. قال
الله لآدم:
"ملعونة
الأرض بسببك"
(تك 3: 17). يبدو
أن الإنسان ما
زال سبب
اللعنة التي
تلاحق الأجيال
منذ الجد
الأول، لأنه
لم يتخل عن
الإنسان
القديم فيه،
بخطاياه
وسقطاته. نحن
نرتل في خدمة
المعمودية:
"أنتم الذين
بالمسيح
اعتمدتم المسيح
قد لبستم".
الإنسان
المسيحي الذي اقتبل
المعمودية قد
دفن إنسانه
القديم ومات
مع المسيح،
ليحيا معه
إنسانا جديدا
متعاليا عن كل
الصغائر التي
تسيء إلى
حياته
الجديدة. لابس
المسيح إنسان
يصبو إلى
الكمال لأن
ربنا كامل
ومنزه عن الخطيئة.
هل نسعى نحن المسيحيين
إلى الكمال أم
نتصرف كأبناء
هذا الدهر؟.
مشكلة
المسيحي أنه
ينسى
المعمودية
التي اقتبلها،
والميرون
(أي مسحة
الروح القدس)
الذي ختم به،
ولا يسعى إلى
أن يكون ملحا
في الأرض
وخميرة صغيرة
تغير وجه
الكون.
لقد ولد
ربنا في مغارة
ليعلمنا
التواضع فازددنا
كبرياء
ونرجسية. اقتبل
الختان في
اليوم الثامن
ليعلمنا الإنصياع
للشرائع
والقوانين،
ولنقطع من
حياتنا كل زائد
ونافل،
فما كان منا
إلا التعلق
بكل زائل
وزائف، والتمرد
على القوانين.
اقتبل
الموت طوعا
ليكسر غل
الخطيئة التي
تكبلنا فنولد
للحياة
الجديدة، فما
ازددنا إلا
شرا وخطيئة،
بل تغلبت
الغريزة
الحيوانية
فينا على ما
عداها، وكانت
نتيجتها هذه
البشاعة التي
تخلفها
أعمالنا
الشريرة. أليس
التصحر والقحط
والجوع
والأمراض والقتل
والموت
وتدمير
الطبيعة من
صنع يدي
الإنسان؟ .
نحن
بحاجة إلى دفء
المحبة ونور
القداسة، إلى
انفتاح القلب
للقلب، إلى
الإصغاء إلى
صوت الله
وطاعته
ببراءة الأطفال
وصدقهم. نحن
بحاجة إلى
التقليل من
الكلام
والإكثار من
الأعمال.
الكلام فارغ
فيما الأعمال تثمر. ولا
ننسى أن الحقد
يولد حقدا
والشر شرا
والعنف عنفا. وحدها
المحبة تثمر
تواضعا
ووداعة وخيرا
وصفاء وسلاما.
وطننا
سيبقى نازفا
إن تركنا
للحقد
والأنانية
والمصالح محلا
في قلوبنا،
أما محبتنا
بعضنا لبعض
وأمانتنا
لوطننا دون
سواه،
فتجعلان منا
شعبا موحدا
يقف سورا
منيعا أمام كل
الأنواء.
علينا
أن نعمل معا،
جميعنا،
للخروج مما
نحن فيه. ألا
نخجل مما
نسمعه يوميا
من مصائب تنزل
بنا: أبنية
تنهار على
رؤوس
ساكنيها،
أطعمة فاسدة تودي
بحياة البشر،
حليب فاسد
وأدوية فاسدة
ولا رقيب أو
حسيب. مياه
ملوثة يتاجر بها البعض
على حساب
البعض الآخر،
تقنين في
الكهرباء
ويبشروننا
بالمزيد،
وأصحاب
المولدات لا
يشبعون،
أسعار
المحروقات
تتضاعف، خطوط
التوتر
العالي سيف
مسلط على رؤوس
المواطنين،
بالإضافة إلى ما
نسمع عن
الصفقات
والعمولات
وهدر المال العام
وسوء إدارة
الثروات
الطبيعية
والفساد الذي
ينخر ما تبقى
من إدارات
الدولة. وهل
ننسى التعدي
على الحريات
والسرقات
والتسويات والفلتان
الأمني
وتصفية
الحسابات
والتعدي على
التاريخ وعلى
البيئة
والتعدي حتى
على المسنات؟
متى
يصبح طموحنا
أبعد من الأمن
والرغيف،
أبعد من الحرية،
حرية الفكر
وحرية
التعبير
وحرية العيش
بكرامة؟
أليست هذه
أمورا بديهية
بل حقا مكتسبا
لكل إنسان
يعيش في وطن؟ بعض الدول
التي كنا
بكبريائنا
ونرجسيتنا
نعتبرها
متأخرة قد
سبقتنا
أشواطا في
مجالات العلم
والإبداع والحضارة
ونحن ما زلنا
نلهث وراء
الخبز والمازوت
والكهرباء
والماء ونحلم
بطرقات
مضاءة، آمنة،
خالية من
الحفر،
وبأبنية
سليمة وبقانون
سير صارم أو
قانون
إيجارات عادل.
متى نعيد
لبنان وطنا
لأبنائه
ودولة متطورة
تحكم بالعدل
والمساواة
والقانون
الذي يسري على
الجميع، وعلى
أساس أن لا
أحد فوق
القانون ولا
أحد أكبر من
الدولة؟ متى
ننتهي من
المزايدات
الكلامية والإتهامات
المتبادلة
فيما الحقيقة
ضائعة ولا أحد
يهتم بها؟
متى نتجاوز
المصالح الخاصة
والسياسات
الضيقة ونجعل
مصلحة
المواطن وحياته
الكريمة في
رأس
اهتماماتنا؟ .
لقد
وصلنا إلى هذا
الدرك لأننا
على مر
السنوات لم
نعمل على بناء
دولة ولم
نراقب ولم
نحاسب ولم نعاقب
ولم نعدل بل
تقاسمنا
المغانم على
حساب الشعب
المقهور. هل
نتذكر أن
البشر
متساوون أمام
الألم وأمام
الحزن وأمام
الموت؟ هل
يدرك من يتاجر
بأرواح الناس
وبحياتهم
وبقوتهم أنه
قد يأتي من
يعامله
بالمثل؟ وهل
يتذكر من يظلم
الناس بأي
طريقة أنه
سيواجه في
اليوم الأخير
حاكما عادلا؟
.
لبنان
بحاجة إلى
نهوض أخلاقي
وثقافي
واجتماعي
وسياسي. إنه
بحاجة إلى
قيامة من
المستنقع الموحل
الذي يتخبط
فيه، وهذا أمر
لن يحصل إلا
بتكاتف
الجميع، مسؤولين
ومواطنين،
وتضافر
جهودهم،
وتعلمهم من
أخطاء الماضي
من أجل بناء
مستقبل أفضل.
هنا
لا بد من
التذكير أن من
لا تاريخ له
لا مستقبل له. وكتابة
التاريخ لا
تكون
انتقائية بل
موضوعية،
علمية، توكل
إلى باحثين
أكاديميين،
موضوعيين، ومؤرخين
حياديين
يسردون
الأحداث دون
التعليق
عليها، ويتركون
للأجيال
القادمة
الحكم عليها.
من حق الأجيال
أن يكتب
تاريخنا على
حقيقته،
بعيوبه ومفاخره،
دون بتر أو
تجميل،
وبعيدا عن المحاصصة
التي تدخل في
كل أمورنا
وتشوهها. وإن
احتج طرف أو
تظاهر طلاب
للتعبير عن
رأيهم في
كتابة
التاريخ،
فحري بالدولة
عوضا عن كم
أفواههم بالقوة
وقمعهم
وضربهم،
الإصغاء
إليهم ومحاورتهم
واعتماد
العقل
والمنطق
لإقناعهم.
ولأننا
نحتفل بعيد
القيامة،
ولأن ربنا لم
يستثن المرأة
من عملية
الخلاص بل كان
للمرأة دور
بارز في خلاص
البشرية من
خلال اختيار
العذراء مريم
ليتجسد ابن
الله فيها،
فأصبحت والدة
الإله التي
نكرمها،
أتساءل كيف
يمكن أن يرفض
في القرن
الحادي
والعشرين
قانون يمنع
اضطهاد المرأة
وتعنيفها
والتسلط
عليها
واستعبادها
وظلمها؟
المرأة هي
الأم وهي
الأخت والإبنة
والحفيدة
والزوجة
والزميلة في
العمل، فكيف يسمح
إنسان لنفسه
بالإساءة
إليها أو الحد
من حريتها أو
تعنيفها أو
اغتصابها؟ هل
يقبل أي رجل
أن تساء معاملة
ابنته أو
حفيدته؟
لماذا يسيء
إذا إلى ابنة
أو حفيدة رجل
آخر؟
المرأة
في المسيحية
مساوية للرجل
وشريكة، وهي
على صورة
والدة الإله
مكرمة
ومحترمة،
وربنا القائم
من ظلمة الموت
ظهر لها أولا
إذ ظهر
لحاملات
الطيب اللواتي
جئن باكرا
ليطيبنه. المرأة
تستحق كل
احترام
وتقدير،
وعليها أن
تحافظ على
كرامتها
وطهارتها
وفضائلها
لتفرض وجودها وتنال
حقوقها وتمنع
عنها كل
استغلال.
أما
العنصر الآخر
المستضعف في
المجتمع، عنيت
الأطفال، فمن
حقهم على
الدولة منع
استغلالهم والإتجار
بهم وتعنيفهم.
أطفال اليوم
رجال الغد
وأعمدة الوطن،
ومن أبسط
حقوقهم
حصولهم على
المأوى والعلم
والتربية
والحياة
الكريمة
الآمنة.
في هذا
اليوم
المبارك نسأل
ربنا الناهض
من القبر أن
يقيم الجميع
من أخطائهم
والسقطات، من الأنانية
والجشع، من
الحقد والظلم
والعداوة،
إلى المحبة والحياة،
إلى النور والإنفتاح
والعطاء. كما
نسأله أن يحفظ
وطننا
وأبناءه، ويبسط
سلامه في
قلوبنا وفي
وطننا وفي
العالم أجمع،
وأن يقينا من
المهالك
والمحن ومن كل
ما يعيدنا إلى
الوراء. أملنا
أن يكون عهد
القتل والإغتيالات
قد ولى إلى
غير رجعة.
أملنا أن نعود
إخوة يحافظ
كل منا على
حياة أخيه
وكرامته
وحريته.
نحن
المسيحيين
قوم نؤمن
بالحرية
ونبشر بها،
ونؤمن أن الله
خلقنا أحرارا
ولا يحق لأحد
أن يحد من
حرية الآخر أو
من حياته.
القتل مرفوض والإغتيال
مرفوض وهما
مدانان. كيف
ينام إنسان
قتل إنسانا
أو تسبب في
أذيته؟ هناك
من لا يطيق
قتل حشرة أو
قطع شجرة فكيف
يقطع إنسان من
الحياة؟ .
حفظكم
الرب الإله
الناهض من
القبر وأعاد
عليكم هذا
العيد
المبارك
بالصحة
والخير
والسلام.
المسيح
قام ـ حقا
قام. ألا
جعلنا من أبناء
القيامة
والحياة
آمين".