"حركة
التغـيير" تُنجز ورشتها التنظيمية وتطلق مجلس قيادتها الجديد
عقدت "حركة التغـيير" مؤتمرا" صحافيا" قبل ظهر يوم الأحد الواقع فيه 29 آذار 2009 ،
في أوتيل كومفورت ـ الحازمية، أطلقت خلاله مجلس القيادة الجديد .
إفتتح اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني ، ثمّ كلمة الأمين العام أنطوان سعادة الذي
أذاع البيان الختامي للخلوة الإستثنائية وقد جاء فيه :
إختتمت الجمعية العومية لـ ِ "حركة التغـيير" خلوتها الإستثنائية والتي إستمرت
ليومي الجمعة والسبت 27 و 28 آذار 2009 ، حيث تمّ تشكيل مجلس القيادة الجديد على
الشكل التالي:
ايلي محفوض: الرئيس المؤسّـس
بسّام خضر آغا: نائب الرئيس
أنطوان سعادة : أمين عام
كريستيان مدوّر : أمين السرّ
الياس حموي: مفوّض المال
ميشال فلا ّح: مفوض الإعلام
جهاد الرمّوز: مفوّض المناطق
أنطوان ضاهر: مفوّض الإغتراب
أمين ديب: مفوّض الطلاّب والشباب
جوزف سركيس: عضو مجلس قيادة
ناجي ناصيف: عضو مجلس قيادة
آمال عرمان: عضو مجلس قيادة
جوزف خوري : عضو مجلس قيادة
بعدها عقد رئيس "حركة التغـيير" عضو قوى 14 آذار المحامي ايلي محفوض مؤتمرا" صحافيا"
جاء فيه :
هل سأل أحد القيمين أو المسؤولين عن لبنان كيف إندلعت الحرب عام 1975 ؟
وهل يعرف اللبنانيون أسباب تلك الحرب البغيضة ؟
نحن على مشارف إستحقاق إنتخابي ، هو بالدرجة الأولى إستحقاق دستوري له دلالاته
ومؤشراته . ولبنان ينقسم الى فريقين 14 و8 آذار.. وبات واضحا" أنّ فريق 8 آذار ـ إن
لم نقل ينفذّ رغبات النظام السوري ـ فهو على الأقلّ يتماشى في سلوكيته السياسية مع
ما يوافق المصالح السورية . وبإلحاح نسأل : كيف نذهب الى الإنتخابات النيابية ؟
وبأية أجواء أمنية سنخوض غمار هذا الاستحقاق؟
ماذا عن بعض المناطق الخارجة عن سيادة الأمن الشرعي اللبناني وسلطته ؟
ما هو وضع مطار بيروت والطريق المؤدية اليه ذهابا" وإيابا" ؟
أسئلة بحجم الوطن، أنقلها أمام الرأي العام اللبناني، والناس بانتظار أجوبة واضحة ،
اللبناني يريد أن يعرف مصيره، وهو يتجه الى الإنتخابات في ظلّ ظروف غير عادية
تشوبها تشوّهات قد تؤدّي، في حال إستمرارها، الى إحداث خلل في الحياة السياسية
اللبنانية .
وما صدر مؤخرا" من مواقف تحتّم إشراكنا في الحكم وتحديدا" في التشكيلة الحكومية
التي ستلي الإنتخابات النيابية، إنما يخفي نوايا لا تُنبئ بأيّام خير ولا بحياة
سياسية طبيعية . إنطلاقا" من هنا، يجب تطبيق مفهوم الديمقراطية ، بمعنى أنّ
الإشتراك في حكومة أو عدمه، يبقى شأنا" نقرره بمعزل عن أية ضغوطات وتهديدات مبطّنة
بدأت تصدر منذ اليوم. وبالفعل، فإنّ المنطق يقول بأنّ إستقامة الحياة السياسية
تتطلّب موالاة ومعارضة، أمّا والحال كما هي عليه اليوم، حيث نشهد لحكومة بعض من
أعضائها ينتقدون ويتهجمون ويتطاولون على رئيسها والوزراء الآخرين ، فهذه هرطقة
دستورية. وهنا دعونا نسجّل ما ورد حرفيا" في البرنامج السياسي الذي على أساسه خيضت
الإنتخابات النيابية الماضية والتي عليها حصل أحدهم على نسبة ال 70 % من المسيحيين:
" إن تواجد الموالين والمعارضين معا" في حكومة واحدة ، ونظام الترويكا الذي يُخضع
أصغر قرار لموافقة الرؤساء الثلاثة: رئيس الجمهورية، ورئيس المجلس النيابي، ورئيس
الوزراء... يمثلاّن براهين محزنة على ذلك. كلها هرطقات دستورية بحجة الحفاظ على
التعددية الطائفية في المجتمع اللبناني. لقد شوّهوا حياتنا المؤسساتية ولم يخدموا
سوى الإحتلال وعملائه.
لذا من الطارىء تطبيق مبدأ تضامن السلطة التنفيذية في ممارساتنا ونصوصنا . وهل من
ضروري للتذكير أن البرنامج السياسي وحده يحدد انتماء وزير ما ـ بل رئيس الوزراء
نفسه ـ الى الحكومة؟ وأن تضامن الفريق الوزاري هو مبدأ مؤسّساتي ضروري لحسن الإدارة
؟
إنّ الوزير الذي لا يوافق رئيس حكومته في سياسته يجب أن يقدّم استقالته أو أن يُعفى
من مهامه . فحتى في الديمقراطيات التي شهدت نظام تعايش ، يكون صوت مجلس الوزراء
موحدا"
وهنا سأفتح مزدوجين وسأستطرد لأقول: مستغرَب سلوك أحد الوزراء حديثي النعمة ، حيث
نراه يطبّل ويزمّر ويعقد المؤتمرات الصحافية كلّما دخل فلس الى الخزينة العامة عبر
إيرادات وزارته ، وكلّما حوّل هذه الإيرادات أطلّ على اللبنانيين وكأنه محصِّل
لحقوقهم أو كأنه يسدّد هذه المتوجبات من ملكه الخاص. هذا نهج وتصرف وسلوك طائش
وصبياني لا يمكن وصفه إلاّ بالمراهقة السياسية.
الإنتــخابات النيـابيـة ومصيـر لبنان
خلال الأربع سنوات الماضية ، كـنّا في 14 آذار الأكثرية، وكان بإمكاننا أن نحكم،
وبحسب الأصول والدستور، من دون العودة الى الأقلية الخاسرة، على الرغم من ذلك جاءت
الأكثرية النيابية بالرئيس نبيه برّي على رئاسة المجلس النيابي ، وهذا كان قرارا"
خاطئا"، دفعنا ثمنه تعطيلا" وتأخيرا" للاستحقاقات الدستورية وأهمها إنتخابات
الرئاسة..ومن دون أن ننسى أنّ نخبة من نوابنا تمّـت تصفيتهم ، ولم يكلّف رئيس
المجلس نفسه عناء لعقد جلسة ولو لمجرد الشكليات ولمجرد إستنكار جرائم القتل.. أيضا"
، أقفل الرئيس بري المجلس النيابي ونقل المفتاح الى جهة مجهولة ، ونظّم مع حلفائه
برنامجا" تعطيليا" للدولة اللبنانية. وعشية إغتيال جبران تويني، بدأ الوزراء
التابعين لحزب الله وحركة أمل بالإعتكاف، لتكرّ سبحة شبكة التعطيل مرورا" باحتلال
الوسط التجاري وصولا" الى إجتياح بيروت في 7 أيار. والمفارقة أنّنا كنّا الأكثرية
في الإنتخابات الماضية ، ولكن هذه الأكثرية وحدها، دون سواها ، سقط لها الشهداء،
نواب ، صحافيون، وزراء ، قادة رأي وفكر.. المفارقة أنّ هذه الأكثرية وحدها دون
سواها ، حُرمت أبسط حقوقها البديهية ، فوُضعت في سجن إحترازي منعا" لمسلسل تصفيتها
وحماية للدستور ، بحيث أنّ المخطط كان يهدف الى إنقاص عدد النواب ليتسنّى للأقلية
القبض على السلطة.
الصورة اليوم على الشكل التالي : للبنان رئيس جمهورية نثق به ، يعمل جاهدا" لحلحلة
العقد الشائكة ، وهو بحاجة الى دعم مطلق ليس فقط على المستوى الشعبي ، إنما أيضا"
هو بحاجة لتفعيل حركية المؤسسات الشرعية والدستورية ، وعلى رأسها مؤسسة المجلس
النيابي ، فمن دون التشريع والمراقبة والمحاسبة ، تتعطّل الدولة وأجهزتها. من هنا
التأشير على أهمية الإنتخابات المقبلة ، ليس فقط لتكريس الأكثرية في مواقعها ، ولا
لمجرد الربح والخسارة، إنما إنطلاقا" من مفهومين نقيضين باتا يتحكمان بالحياة
اليومية للبنانيين: مفهوم 14 آذار، ومفهوم 8 آذار
مفهوم 14 آذار الذي إنتهج مسلكا" مؤسساتيا" داعما" للشرعية بكافة مكوّناتها
ومؤسساتها، تجلّى من خلال الحفاظ على مبادىء أساسية ، منها على سبيل المثال لا
الحصر كلّ الإعتداءات التي تعرّضنا لها ، كلّ الإغتيالات
التي طالتنا، كلّ الخروقات الأمنية التي حصلت وعلى رأسها إجتياح بيروت... على الرغم
من ذلك بقينا راسخين ثابتين متمسكين بالدولة وبأجهزتها وبشرعيتها ومظلتها كخيار
واحد أحد لا سبيل لنا سواه .
أمّا قوى 8 آذار فقد حاولت إستدراجنا الى ملاعبها في الفتنة والحروب ، ولكن وعينا
وتيقظنا وإيماننا المطلق بلبنان الوطن والمؤسسات حرمهم من مخططهم ومنعهم من تعميم
ثقافتهم المسلّحة، وهذا ما جعل 14 آذار تنتقل بلبنان من إستحقاق الى إستحقاق بأقلّ
ضرر ممكن .
كانوا أقلية وعطلّوا.. كانوا أقلية وحملوا السلاح بوجهنا.. كانوا أقلية وصادروا
الأملاك العامة والخاصة واحتلوا العاصمة وفوّتوا على لبنان الفرص الإستثمارية
والسياحية . وهكذا سقط ضحايا إقتصاد تماما" كما سقط ضحايا سياسة.
برأيكم عندما تضطر مؤسسة الى الإقفال والإستغناء عن موظفيها ، اليس هذا إعداما"
وتصفية لعائلات لبنانية ؟
كانوا أقلية وتركوا الإدارات العامة وعطلوا يوميات الناس ، والأنكى أنهم سيّروا
أوراقهم وأعمالهم الخاصة من خلال الوزارات التي إستمروا قابضين عليها من دون أن
يسمحوا للوزير بالتكليف ممارسة عمله وتسيير شؤون الناس.
كانوا أقلية واعتدوا على الجيش ، تذكّروا مارمخايل ـ الشياح وبدعة إنقطاع الكهرباء..
كانوا أقلية واعتدوا على قوى الأمن الداخلي بإمكانكم مراجعة سجلات المديرية العامة
لقوى الأمن الداخلي لتحصوا عدد العناصر التي تمّ الإعتداء عليها ، والواضح أنّ
الإعتداء على الضابط طارق الزين لن يكون الأخير ، هل يُعقَل أن يُخطف ضابط وعناصر
درك ويُصار التحقيق معهم ، هكذا ببساطة ما بعدها بساطة ؟ والسبب واضح : ممنوع على
قوى الأمن قمع المخالفات في المرّبع المسمّى إصطلاحا" الضاحية لانـد.
في هذا الإطار، لا بدّ من تذكير اللبنانيين بكلام زعيم حزب الله عندما وعَدَهم، في
حال ربح الإنتخابات وإنتقلت الأكثرية اليه أن يكون مصير معارضيه إمّا التسفير أي
النفي خارج أرضنا ( ذكّرنا زمن الأترك بسفر برلك ) وإمّا السجن، وهكذا يتبيّن منهج
هؤلاء ومخططهم ومسعاهم المستمر للقبض على السلطة بأيّ ثمن.
لــماذا الإصـرار على إعتبارها إنتخابات مصيرية ؟
بكلّ وضوح وإستنتاجا" لما سبق، نقول إنهم كانوا يشاركون في الحكم على أقليتهم
وفعلوا ما فعلوه بلبنان وباللبنانيين. فماذا إذا" لو قبضوا فعلا" على الحكم من خلال
توّليهم لمفاصل الدولة ومفاتيحها، وماذا سيفعلون بالمعارضة التي ستكون أيضا" متمسكة
بالدولة والمؤسسات وخيار القوانين والدستور وعدم الإحتكام الى لغة الشارع؟
بكلّ وضوح ،إنّ تسليم الأكثرية لحزب الله وأعوانه يعني تسليم لبنان، على طبق، لجعله
أتون جبهة مفتوحة على كلّ إحتمالات الحروب الإقليمية ، وبالتالي للعودة بهذا الوطن
الى خندق المعارك. وهكذا ،فهؤلاء يكتبون لنا، للبنان، لأولادنا، مصيرا" محتّما"،
حروبا" لا تنتهي، طالما أنهم وعدونا بتحرير القدس وإزالة إسرائيل من الوجود
نعم، هذه قراءتنا لنتائج الإنتخابات المقبلة، التي لا تكمن إهميتها بمجرد ربح أو
خسارة، فواقعية مجريات التطورات، منذ 14 شباط 2005 وحتى اليوم ، تقول بأنّ حزب الله
بات يقترب أكثر وأكثر من القبض على السلطة، وبمراجعة لمذكراته منذ أربع سنوات
يتبيّن كيف أنه يزحف شيئا" فشيئا" باتجاه الإمساك بقبضة من حديد على الأمن اللبناني،
وكيف أنه يتحكّم بأمن اللبنانيين.
منذ أربع سنوات يتمادى حزب الله بتصرفاته وسلوكياته على مستوى الأمن، وتصرفاته غير
مقبولة وهي غير مبررة أصلا"، ونحن نتفرّج... نشاهد ما يدور وما يجري من أحداث ،
ولكن لا يتعدّى دورنا مجرّد التأشير على هذه العورات، وعلى هذا الشواذ الحاصل
والمتمادي منذ أكثر من أربع سنوات .
فليفهم اللبنانيون ، هذه الإنتخابات ليست مجرد فريق يربح وآخر يخسر، هذه الإنتخابات
ليست إحتفاظا" بأكثرية لمجرد تسجيل موقف سياسي، وهنا أتوّجه تحديدا" الى الناخب
المسيحي لأقول له إنّ المسألة لم تعد تحتمل النكايات الشخصية الضيقة ولم تعد واحد "عوني"
من هنا وجاره "قواتي" من هناك، الخطورة أبعد وأعمق من مجرد تيار يربح وتيار ينهزم،
المسألة محورية ستكتب مستقبل أولادنا وأولاد أولادنا من بعدنا.. المخطط للبنان أن
يتحوّل الى مستنقع من النار والبارود، ومَن يريد أن يتحوّل الى خط مواجهة ومقاومة
مسلّحة إنطلاقا" من أرض لبنان أقول له إذا" فلتتجه الى فلسطين ولتُقاد المقاومة
إنطلاقا" من أرض فلسطين .. وليفهم حزب الله وأعوانه .. نحن نريدكم معنا ..بيننا..
نريدكم لبنانيين تتمتعون بالحقوق والواجبات التي إرتضيناها على أنفسنا.. ولكن بصوت
عال نقول لكم :دعونا نعيش ودعوا أولادنا يبقون هنا ..لا نريد لأولادنا أن يقفوا مرة
جديدة بالصفوف أمام أبواب السفارات للحصول على تأشيرة هجرة، وإلاّ فأنتم تلعبون
بمصير لبنان .. كلّ لبنان.
نعم هذه هي نتائج الإنتخابات القادمة، هي بين نهجين وخطين ومسلكين وسلاحين ودولتين
..
خطّنا ونهجنا ومسلكنا وثقافتنا دولة قوية قادرة، لا سلاح إلاّ بيد الشرعية
اللبنانية الرسيمة .. السلاح بيد المؤسسات العسكرية اللبنانية الشرعية الرسمية .
وهنا أسجّل للعونيين تحديدا" ، لأقول لهم حكّموا ضمائركم وتناسوا كمية الحقد التي
زرعوها في عقولكم ورسخوها في صدوركم ، نحن قبلكم كنّا نختزن كمية كبيرة من الأحقاد
، ولكن الحقد يولّد الحقد والضغينة تنتج المزيد من الضغائن.
تحرروا من عقَد الداخل، وطالما أنكم تصالحتم مع سوريا وعفيتم عنها وعن كلّ ما
إرتكبته في لبنان، وهذا شأنكم، ولن أجادل به ولن أناقشكم بتفاصيله ، إسألوا أنفسكم
ولو مجرد سؤال بسيط : كيف تتصالحون مع السوري وتعفون عن نظامه ؟ كيف تسامحونه على
الرغم من كلّ ما حصل خلال 30 سنة ولا تتجرأون على مسامحة جاركم وقريبكم وزميلكم في
العمل وقد يكون شقيقكم في نفس البيت وأعني القوات اللبنانية؟ !
أنا لا أطلب منكم وإليكم أكثر مما أنتم أقدمتم عليه، مَن يسامح، عليه أن يبدأ بأخيه
القريب قبل جاره البعيد..
هذه هي المعادلة التي يجب أن تبدأوا بتعميمها وتكريسها، ولا ترضوا أن تتحولوا الى
حطب ثورة ، فقبلكم كثر جرّبوا لغة الحقد، ولم تقتل إلاّ أصحابها وأضرّت بلبنان
وأرجعتنا الى الوراء وأضعفت المسيحيين.
دور الناخب المسيحي في تصحيح الشواذ المتمادي
على الناخب اللبناني أن يعلم تماما" أن خياره في هذه المرحلة سوف يؤسّس للبنان الغد
، وعليه أن يعلم أيضا" أنّ مخطط إسقاط نظامنا العام مستمر من قبل مجموعات أصبحت
واضحة في مسعاها الدائم ليس فقط للقبض على السلطة، إنمّا من أجل تغيير النظام وصولا"
الى حلم المثالثة ، ونحن سنكشف أمام اللبنانيين بعضا" من جوانب هذا المخطط ، الذي
لا سمح الله في حال قُدِّر لهم أن ينجحوا فيه، فذلك يعني القضاء على لبنان وتاليا"
القضاء على الوجود المسيحي الحرّ في هذه البقعة من الشرق الأوسط ..
المثالثة لم تعد أمرا" مخفيا" في أدراج حزب الله وأعوانه ، ولكن الواضح أنهم
يستعملون سياسة "النَـفَـسْ الطويل"..
ولعلّ حماستهم غير المسبوقة ، اليوم تحديدا" لتخفيض سنّ الإقتراع يأتي في سياق
متغيرات ديموغرافية جذرية مخيفة، بحيث أنّ الفارق الكبير في نسبة الولادات وهي
لصالح الطائفة الشيعية، في وقت مثلا" يعارضون منح المغترب اللبناني حقه في التصويت
كما عارضوا في السابق حق منحه الجنسية، من هنا الربط بين وسائل وأساليب التعطيل
والعراقيل، بحيث أنّ ما شهدناه من سلوكيات شاذة خلال الأربع سنوات، أفضت الى محصّلة
كانوا يبغون الوصول بها الى حدّ إستحالة تطبيق الدستور ، وهذا المسعى سيستمر وسوف
نشهد لحملات تصعيدية بهدف إظهار أنّ الدستور الحالي لم يعد قابلا" للحياة ،
والمشروع يهدف برّمته الى إجراء تعديلات دستورية أي بمعنى أوضح يريدون "رأس
الطائف". وهم نجدهم يعملون في الظلام على هذا المشروع بعيدا" عن الضجيج الإعلامي.من
هنا التعويل على دور الناخب المسيحي في تصحيح الخلل ، وفي إحباط مخطط يُراد من
خلاله تعميم مشروع حزب الله على كلّ اللبنانيين، وهو لم يعد يخجل من طروحاته ، ولا
من تصرفاته ، ولا من المجاهرة بحقيقة مشروعه. فلنتذكّر شعاره "فإنّ حزب الله هم
الغالبون"، والفريق المسيحي الذي يحالفه اليوم، إنما يفعل ذلك ليستقوي به على
أخصامه المسيحيين الآخرين ، ولكن وعي اللبنانيين ، وتحديدا" في هذا المجال وعي
المسيحيين يجب أن يتفوّق على لعبة النكايات الضيقة، فماذا سينفع فئة محددة مسيحية
أن تربح مقعدا" نيابيا" من هنا أو آخر من هناك، في وقت أنّ لبنان سيكون مستقبلا" في
دائرة جعله مقرا" لقواعد عسكرية ـ إيرانية.
والأحداث خــير دليــل على ما نقول..
بداية لا بدّ من الكلام عن طاولة الحوار ، ألَم تتأسّس هذه الطاولة الحوارية من أجل
بحث سلاح حزب الله ؟
إذا" هذا السلاح هو الغائب الأكبر عن أجندة الحوار ، وتغييبه عمدا" يكمن في تأجيل
المشكلة الكبيرة التي إسمها سلاح خارج السيادة اللبنانية ، وتاليا" تأجيل الإنفجار
، والتأجيل هنا إنما يخدم الشارع ويجنبذه فوضى إنتشار سلاح حزب الله، وهذا الخطر
بدأ يتنامى باضطراد منذ رفع شعار "السلاح يحمي السلاح"..
ومَنْ يشجّع حزب الله، عليه أن يفهم جيدا" أنّ الأجيال التي يطلقها هذا الحزب عبر
عقيدة بدأوا بترجمتها من خلال مفهوم رفض الآخر إن لم يكن في صفّهم ، ولم تعد مسألة
السلاح موضوع نقاش أو بحث ، بعدما أزفّ الحزب معادلته القديمة ـ الجديدة والتي بدأت
بالظهور ألآ وهي "حزب الله لا يبحث أمر سلاحه مع أحد ، وهدفه من الحوار جرّ
اللبنانيين الى مقاومته ودويلته ، فالسلاح باق طالما بقي الإنجيل والقرآن، وكلّ مَن
سيطالب بسحب السلاح ستُقطَع يداه... وأخيرا" السلاح باق طالما بقيت إسرائيل"
إنطلاقا" مما سلف أقول للبنانيين ، ومن خلالهم للناخب المسيحي الغارق حتّى الساعة
بأوهام شعارات ضلّلته منذ ذاك التحالف في مارمخايل ، إنّ مشروع حزب الله هو إيراني
بالدرجة الأولى ، والقرار في إيران ، ولم يعد أمر مسايرة السلاح بشتى الأضاليل
والحجج يخدم إلاّ مشروع هذا الحزب ، وبالتالي سوف يدمّر لبنان .
وللتاريخ ، نسأل: مَنْ من اللبنانيين يريد لسلاح غير سلاح الدولة الشرعية عبر
مؤسساتها الرسمية من جيش وقوى أمن أن يستمر ؟ هذا هو السؤال ، وهذه هي الحقيقة التي
علينا جميعا" مواجهتها بعدما تحوّل هاجس هذا السلاح الى مرض سيقضي على ديمومة لبنان
واستقلاله واستقراره..
وللتاريخ ، نضع اللبنانيين أمام مسؤولياتهم ، وعليهم أن يتحملّوا نتائج ما سوف
يجرّه هذا الوضع الشاذ على مستقبل وطننا ، وبالتالي على مستقبل أولادنا، ومنذ فترة
يستعمل البعض مقولة "أنا لا أسمع ، لا أرى ، لا أناقش".
قبل أحداث 7 أيّار راحوا يسوّقون لبدعة تسلّح البعض ، وراح إعلامهم يروّج لعمليات
تدريب مزعومة لأحزاب وتيارات في 14 آذار ، لتتكشّف تفاصيل تلك المقدمة حيث ترجموا
هذه الأضاليل على أرض الواقع ، وحاولوا إسقاط النظام والإمساك بالسلطة تمّ تفويت
هذه المحاولة وكانَ إتفاق الدوحة ، الذي يخرقونه كلّ لحظة .
هم يتهمون الآخرين بالمال الآتي من خارج الحدود.. ولكن ألآ يخجلون من طرح هكذا
أكاذيب ، وهم غارقون في لعبة إستجرار "المال النظيف"..
هم يتهمون الآخرين بالتَبَعية.. في وقت هم جيش إيران في لبنان..
هم يأخذون على الجيش وقوى الأمن عدم قدرتهم على ضبط الأمن .. وهم يعتدون على الجيش
وقوى الأمن..
ولعلّ ما صرّح به مصدر مسؤول في حزب الله لموقع "لبنان الآن" بتاريخ 23/2/2009
يعبّر أصدق تعبير عن منهجيتهم ، حيث نشر الموقع المذكور كلاما" لمصدر مسؤول في حزب
الله أن لا علاقة للحزب بكلّ من يخلّ بالأمن العام في مناطق الضاحية ، وقال تعليقا"
على حادثة تعرّض الضابط الزين للخطف والإعتداء في محلّة عين الدلبة في برج البراجنة
بأن لا علاقة للحزب بأمن المنطقة ، وفي السياق ذاته نشرت صحيفة النهار بتاريخ
24/2/2009 أنّ شقيق مسؤول اللجنة الأمنية في حزب الله كان وراء الإعتداء على الضابط
الزين وسائقه في الضاحية .
أمّا بالنسبة للطريق المؤدية الى مطار بيروت الدولي ، والتي باتت طريقا" غير آمنة ،
وقد كشَفنا عن معلومات ترددت أصداؤها حول وجود كاميرات مراقبة بدءا" من مستديرة
الطيونة وصولا" حتى المطار ، بحيث أنّ كلّ سيارة تسلك هذا المسار يتمّ مراقبتها
وتصويرها وبالتالي يُصار الى تسجيل رقم لوحتها ومن ثمّ إدخال الرقم الى كومبيوتر
المعلومات ومعرفة هوية صاحب السيارة ، وهكذا تتمّ مراقبة حركة المغادرة والوصول.
هذه المعلومات نضعها اليوم أمام الرأي العام اللبناني ، والمطلوب من كافة المراجع
الأمنية والحكومية والقضائية التأكّد من صحتّها ، والمطلوب تأمين أمن طريق المطار ،
خاصة وأنّ الشهيدين جبران تويني وأنطوان غانم جرت عمليتا إغتيالهما بعد وصولهما
بساعات الى لبنان عبر المطار . وللتذكير ، المواطن اللبناني جوزف صادر تمّ إختطافه
على طريق المطار ، فهَلْ مَن يسمع ، وهَلْ مَنْ يحرِّك ساكنا" تجاه هذا الخطر
المحدق ؟؟
وهنا أتمنّى على حزب الله الكفّ عن إستغباء الناس ، وتضليلهم ، وليتذكروا كلام
الإمام علي بن أبي طالب "خير المُقال ما صدقته الفِعال".
أمّا الحليف المسيحي لحزب الله الذي يسعى معه لتقويض النظام
فقَدَ كلّ معايير القيَم السياسية ، خاصة في الحملات الأخيرة التي لم توّفر حتّى
اللبنانيين المغتربين ، فإهانة هؤلاء من خلال الزعم بالأموال التي ستُدفَع لهم ثمنا"
لتذاكر السفر ، جاء يذكـرّنا تماما" بإتهامنا بالتسلّح قبل 7 أيار.
وكذلك حملته ضدّ التشكيلات القضائية ومن خلالها التشكيك بالجسم القضائي برّمته ،
وهو أراد من ذلك التصويب على هدفين معا":
الهدف الأوّل جاء لعدم الرضوخ لطلباته في تعيين المحسوبين عليه .
الهدف الثاني التحضير النفسي منذ اليوم ليعلن أنّ سبب خسارته في الإنتخابات انما ما
كانت لتحصل لولا وجود قضاة تتوافر فيهم مواصفات تتوافق مع متطلباته.
ولكن ، وإنعاشا" للذاكرة اللبنانية ، فإنّ مضيّ أكثر من أربع سنوات على آخر تشكيلات
قضائية سبّب: ــ شغور مراكز عديدة في العدلية إمّا بسبب الوفاة أو التقاعد أو
الإستقالة.
ــ عدم البتّ بملفات عديدة .
ــ تأجيل جلسات المحاكمة لفترات طويلة .
ــ حرمان 105 قضاة متخرجين من معهد الدروس القضائية من مراسيم تشكيلاتهم وبالتالي
ببقائهم دون عمل.
إذا" أين تكمن الثغرات في هذه التشكيلات؟ وهل تصبح ثغرات في حال لم تتوافق ومصالح
أصحاب التحاصص والمحسوبيات، أم أنّ ترك العدلية من دون إنتاجية أفضل؟ أو تكبيد
المكلَّف اللبناني مزيدا" من الضرر أفضل ؟
إنطلاقا" من كلّ ما ذكرناه، يبقى على الناخب المسيحي دور فعّال في تصحيح الإعوجاج،
وإعادة الحياة السياسية الى وضعها الطبيعي عبر التصويت للخيارات والمفاهيم
اللبنانية الواضحة والتي لا تتلّون وتتبدّل ..
ولعلّ ما جرى مؤخرا" على مستوى الدائرة الأولى في بيروت، وأعني بها الأشرفية، كان
أصدق تعبير عمّا نقوله.
حيث أنّ فشل الحليف المسيحي لسوريا في إقناع الحزب السوري القومي بإحلال الوزير أبو
جمرة مكان الوزير حردان، دفعه الى الهجوم على الأشرفية وأبناء الأشرفية، وتحديدا"
على أهلنا الأورثذكس بعدما زفّ لهم إنعدام وجود طاقات أورثذكسية من أبناء الأشرفية،
الأمر الذي إضطره الى إستقدام الوزير أبو جمرة، وإسقاطه على رؤوسهم بالمظلّة ، ولكن
بوجه مَن يريد ترشيحه؟ نايلة جبران تويني!! إبنة الشهيد التي اتهمها بعدم الكفاءة،
ولكن الموضوع يتعدّى الترشيح، وقد يكون في الأمر مطلب سوري بمعاقبة جبران تويني على
مواقفه السيادية، لذا وجد هؤلاء الفرصة السانحة لهم عبر مواجهة نايلة في عقر دار
أهل الأشرفية.
وأخيرا"، نقول إنه بسبب "فتح لاند" إندلعت الحرب في لبنان، وعدم حسم مسألة ذاك
السلاح غير الشرعي والخارج عن إطار الشرعية اللبنانية أدّى الى خراب لبنان وتدميره
طوال ثلاثين سنة، كما أوصلنا الى إحتلالين إسرائيلي وسوري، لذا لا نريد "للضاحية
لاند" أن تعود بنا الى حيث يعيد التاريخ نفسه والسببين رفعا شعار مقاومة إسرائيل
إنطلاقا" من لبنان .
لبـنان أولا" وأخيرا"
ايلي محفوض