إلى
فادي
الشاماتي مع
محبتي
واحترامي
في
أسفل رابط
لمقالة
وجدانية
كتبها فادي
الشاماتي
ونشرتها مجلة
المسيرة وهي
موضوع تعليقنا
الياس
بجاني 05 كانون
الثاني/13/لم
اتمالك عواطفي
وقد انهمرت
الدموع من
عيني وانا
اقرأ ما كتبته.
لقد دخلت ودون
إذن كل كلمة
خطها قلمك المؤمن
إلى قلبي
ووجداني
وضميري
وتفاعلت معها
وكأنني كنت
معك فيما مررت
به من غذابات
وتجارب ومعاناة.
ليس غريباً
على من أسلم
نفسه ليسوع أن
يصبح بهذه
الشفافية
وبهذا الوضوح
وبهذا الكم
الكبير من
التواضع
متمنطقاُ
سلاحي المغفرة
والمحبة. انت
حاربت من أجل
قضية مقدسة
ولأنك كنت
صادقا ولم
تطلب أي شيء
لنفسك عريت
الآخرين
ولهذا نبذوك
وحاربوك
وابتعدوا عنك
وأبعدوك. في
الواقع
الإيماني أنت
بقيت في قلب
يسوع وفي قلب
قضية لبنان
المحقة وفي
ضمير كل مؤمن وهم
خرجوا. تحية
لك من القلب
وهنيئاً لك
هذا الكم
الكبير من
الإيمان وهذه
الثروة من القناعات
الإنجيلية.
أنت ارتضيت
الأبواب الضيقة
التي توصل إلى
ملكوت الله،
وهم اختاروا
الأبواب
الواسعة. أنت
عرّفت معنى
المحبة وجوهرها
وعملت بها
ومارستها
وذلك لأن
المحبة الحقة
كما الإيمان
إن لم تقترن
بالأفعال فهي
ميتة كالجسد
بلا روح.
هنيئاً لك هذه
الزوادة
الإيمانية
التي لا تقدر
بثمن،
وهنيئاً
للبنان بأمثالك
من المؤمنين.
فادي
الشاماتي/مجلة
المسيرة
العدد 1403/7/1/2013
ما
كانت رتبتك
العسكرية في
القوات يا
شاماتي؟،
الاجابة
:”نقيب”،
وتنهال على
رأسي ضربات ثقيلة
موجعة تُريني”
نجوم الظهر”
وهي نجوم
حقيقية تراها
في عتمة الألم
وليست من صنع
الخيال أو
الامثال
الشعبية.
كانت
تلك البداية
في رواق سجن
وزراة الدفاع
تحت الارض ليل
21 نيسان عام 1994،
يوم إقتيادي
من غدراس بعد
اعتقال الدكتور
جعجع مباشرة،
أوقفت الى
الحائط طوال الليل،
مكبّل اليدين
ومعصوب
العينان
بخرقة بالية
عفنة، يقف
بجواري كلٌّ
من فادي مهنا
مرافق ستريدا
جعجع ونبيل
ابو النصر
مسؤول الحماية
في غدراس،
وكنّا قد
أعتقلنا سوية
بعد الاخلال
بإتفاق حصل
بين جعجع
ومسؤول أمني
اتفق فيه أن
نبقى في
غدراس.!
متألماً،
مقهوراً،
واقفٌ أتلّقى
ضربات “عطية”
وأسئلته
الاستفزازية
الساخرة،
وعطية هو لقب
يُطلق على
جميع جنود
خدمة السجن في
وزارة الدفاع
إخفاءً
لأسماءهم
تحسباً لأي
إنتقام لاحقاً
من المعتقلين
السابقين. في
خضّم هذا
الموقف الذي
لم أتعرض طوال
حياتي
لمثيله،
إنتابني شعور
جارف من القلق
والحقد، قلق
من مجهول
يختلف كلياً
عمّا عايشته
خلال الحرب
ولحظات
إنتظار
المعارك،
وغضب من تلك
اللكمات
والاهانات
التي حفرت في
جسدي ألماً
وفي كرامتي
مذلّة،
وإستمر ذلك
طويلاً قبل
بدء جولات
التحقيق معي
والتي كانت
اشدّ عنفاً
وضراوةً.
في
غرفة التحقيق
بين
الاتهامات
بالمشاركة في
إغتيال داني
شمعون
وعائلته،
تخبئة السلاح،
قتل رائد سوري
في بطرام
الكورة،
محاولة إغتيال
سرج بو طابق
الذي لم اسمع
بإسمه من قبل
(علمت لاحقاً
من صديق انه
كان من عناصر
وحدات دفاع
ادونيس وعمل
لاحقاً مع الياس
حبيقة وما زال
حياً يرزق)،
وجولات
التعذيب التي
تنوّعت
وسائلها، من
البلانكو،
الكهرباء،
والكرسي التي
كانت أشدّ
الوسائل
تعذيباً،
مروراً
بمواجهتي
بجعجع
لإتهامه
بإعطاء أوامر
لتخبئة
السلاح
وصمودي في
إنكار ذلك، وقبل
أن افقد الوعي
لمدة لم أعلم
بالضبط كم
طالت، مرّت
ببالي أفكار
وخواطر كثيرة.
هل إنتهت
القضية، ماذا
يخططون لي، كم
سأصمد قبل
الانهيار، لماذا
وصلنا الى
هنا، ماذا
يحصل يا ترى
لجعجع؟ اسئلة
كثيرة ومشاعر
متناقضة،
ولكن أكثر ما
سيطر علي هو
الحقد. ولا
انكر انه في
احلام يقظتي بين
جلسة تحقيق
وأخرى،
راودتني خطط
الانتقام ورد
الأذى
مضاعفاً لكل
من آذاني وتعرّض
لي. فهذا الذي
سأفجر له
سيارته وذلك
الذي سأتربّص
به وأقتله،
وخواطر من
أفعال الانتقام
لا تنتهي الا
بعودتي الى
غرفة التحقيق.
بعد
27 يوماً في سجن
وزراة
الدفاع،
أحالوني الى
المحكمة
العسكرية حيث
حوكمت بتهمة
حيازة أسلحة!،
خرجت بعدها
عائداً الى
منزلي
وعائلتي، منهكاً
مريضا
متسمماً ( لم
أدخل الحمام
طوال فترة
إعتقالي بسبب
الوضع النفسي
المتشنج
وفترات دخول
الحمام التي
لم يسمح بها
لأكثر من دقيقة،
سأكتب عن ذلك
لاحقاً ).
في
أزمنة الشدّة
والقهر،
يرتدّ
الانسان الى
ينابيع
الروحانيات
ومعاقل
الايمان،
يستمدّ منها
قوّته للصمود
في وجه الظلم
اللاحق به
والظروف
البائسة التي
تحيطه،
فالايمان هو
القوة
الوحيدة التي تطيح
بكل حسابات
الربح
والخسارة
وتجعل من المستحيل
ممكناً. الى
ايليج عدت انا
ورفاق كثر، الى
نبع القِيم
والتاريخ
والصمود، ليس
بسلاح الحديد
والنار
والعدد، بل
بالإيمان
والتمسّك بالقِيَم
والاتكال على
الله. في
أحضان العذراء
تحيط بي هامات
البطاركة
وقبور رفاق
شهداء، لم أجد
سوى الانجيل
معيناً لي على
إستيعاب ما
حصل والتحصّن
أمام الآتي.
غرِفت منه
بشغف العطشان
الى قطرات
مياه تُحييه
يرافقني
إحساس بالذنب
بدايةً،
لأننا في
العادة لا
نلتجىء الى
الله الا في
أزمنة المحن
والويلات،
تُحرِقنا
حرارة
الايمان
والصلوات،
وبعد ذلك نعود
الى برودتنا
ووثنيتنا
المغلّفة
بالصلوات الاسطوانية.
خلال
الاحدى عشرة
سنة التي
أعقبت حلّ حزب
القوات
اللبنانية،
أعتقلت في سجن
وزارة الدفاع عشر
مرات ولفترات
زمنية
متفاوتة ما
عدا الاستدعاءات
والاحتجاز في
مراكز
المخابرات
اللبنانية
والسورية،
وبين مرة
وأخرى كنت
ألمس التحوّل
في داخلي
يدفعني أكثر
الى التصلّب في
الحق
والتمسّك في
القيم ولكن
على أساس المحبة
وليس الحقد،
وأيقنت فعلاً
ان الحقد لم
ينتج عنه الا
الشر والمآسي
طوال التاريخ
وهو خير عدو
لحامله،
تفاعلت مع ما
أتعرّض له من
تحقيقات
واهانات
وضرب، بثقة
أكبر وسلام
داخلي لم أعرفه
من قبل. في
وزارة الدفاع
وغيرها من امكنة
الاعتقال وفي
لحظات الصفاء
ولو تحت وقع
الألم، لم
يغرب عن بالي
أقوال ذلك
المعلّم الذي
لا مثيل له،
وإكتشفت
الانتصار
الحقيقي الذي
اوصانا أن
نصبو اليه،
وحينها عرفت
معنى البطولة
الحقّة. أن
تقتل وتدمّر
وتحقق نصراً ماديا
إن دخلت في
تفاصيله
ونتائجه سترى
أنه يعادل
الهزيمة
بالكلفة
والخسائر،
وأن تفعل كل
ذلك ليس ذلك
بالبطولة
الحقّة، ولكن
أن تواجه
وتصمد أمام كل
عوامل الخوف،
الموت،
العذاب. أعزل
من كل شيء
متروك لحالك
دون مساعدة
سلاحك الوحيد
هو ما تُفيض
به روحك من
سلام وإيمان
ومحبة حتى
تجاه معذبيك
ومضطهديك. تلك
هي البطولة.
في تلك
الاروقة
الباردة
تراءت لي
حقيقة ساحات
روما نيرون
وشهادات
الالاف من
الأبرار وان
بطولة
الفضائل أعظم
من اي سلاح.
فوق
في أروقة
الاعتقال تحت
الارض، عرفت
المغزى من ”
اغفر لنا
ذنوبنا
وخطايانا كما
نحن نغفر لمن
اساء الينا”
وأدركت بكل
جوارحي ان لا
قيمة لأي
إنتصار اذا لم
نحقق اولاً
إنتصارنا على
ذاتنا
والسبيل
الوحيد الى
ذلك هو
بالمحبة، وبذلك
أخرج من صفوف
الجماهير
المتشابهة
حقداً وتفاهة
رغم فوارق
اللون والدين
والانتماء، الى
رحاب الاقي
بها ذاتي
وربما
تهيّئني حقاً
لدخول
الملكوت.
في
تنامي
الاحاسيس
والتعمّق في معاني
تعاليم يسوع،
إختلفت رؤيتي
لما كنت أعانيه
وأتعرض له
وأحسّ به.
رويداً وبعد
تجارب عديدة
غلَبَت
المحبة الحقد
الراسخ في
ثنايا قلبي
والتوّاق الى
ترجمة أحلام
يقظتي، رفضت
أن أتساوى
بالحقد مع
الظالم ولو
كنت مظلوماً.
كل تلك
القناعات
تعززت بعد
معرفتي
وإطلاعي على
حيثيات أحداث
عديدة عاشها
جيلنا ولم
نُدرك حينها
خفاياها،
فأيقنت ان
خطايا جسيمة
ارتكبناها في
حق أنفسنا
ومجتمعنا،
لأننا لم نعرف
أن نحب بعضنا
بعض حتى
رفاقنا في
القضية!، ولم
نعرف أن
نتواضع
لنتلافى
الكثير
الكثير من المكابرة
الذي أطاحت
بتضحيات
ومكتسبات
باهظة الأثمان.
في
خضّم هذا
التحوّل
الداخلي،
اقرنت القول بالفعل.
طرقت ابواب
منازل رفاق لي
ممن جرفهم حينها
الخلاف داخل
القوات الى
خصومة مجانية
معي أطاحت
برفقة العمر
والقضية
وتُرجمت
كرهاً وتخويناً
ومقاطعة في كل
شيء!. تصالحت
وإياهم وإعتذرت
منهم عن أي
إساءة غير
مقصودة، فوجئوا،
صُدِموا،
ولمسوا صفاء
قلبي وهنا بالذات
شعرت بنكهة
الانتصار
الحقيقي
ولسان حالي
يقول: يا رب
عملت بما
أوصيت به
صالحت اخي وها
انا جاهز
لتقديم
قرباني.
حتى
قبولي بلقاء
الدكتور جعجع
في خريف عام 2010 بعد
مرور أكثر من
خمسة سنوات
على خروجه من
السجن الذي
طالماً عملنا
لأجل تحقيق
ذلك وبعد
مبادرته الى
قطيعة لم
تقنعنا
مبرراتها حتى
اليوم، ما كان
ليحصل اللقاء
لو كنت عاتباً
على أسى
وحاقداً على ظلامة،
أو اسيراً
لوهم المواقع
التي نخال غالباً
ان قدرتنا
وقيمتنا
نستمدّها
منها وليس العكس،
ننسى ما قيل ”
من له يعطى
ويزاد”.
حرّاً
كنت في لقاء
يتيم دام
لساعتين
وحريتي لم تأتي
سوى من أمرين:
المحبة
المترسخة في
أعماقي وسلوكي،
كما تجردي حتى
الزهد من كل
ما يمّس قناعاتي،
وربما بسبب
هذا كان جعجع
طوال اللقاء محرجاً
لأنه انتظرني
أشكو من
ظلامة،
عاتباً مطالباً
بحق مسلوب
وتأخر ليدرك
أني سرت بعيداً
عن ما هو عليه
وأن المعاناة
والسجن علّموني
ربما أكثر.
ولم أكتفي
بذلك بل بادرت
بعد نهاية
اللقاء وفي
طريق العودة
بادرت الى أخذ
الهاتف من
رودريك باسيل
الذي كان
حاضراً في اللقاء
بصفته الوسيط
حين طلبت منه
الردّ على اتصالات
ستريدا زوجة
الدكتور جعجع
المتكررة
لسؤاله عن
اللقاء وعدم
تجاوبه بسبب
وجودي معه.
حدثتها
لدقائق
مطوياً بذلك
ومن جانبي
صفحة ماضِ
إكتفيت بأني
تعلّمت منه
الكثير وتركت
فيه الكثير
الكثير.
كثيرون
سيقولون
علناً وفي
سرّهم: ما
باله هذا الرجل؟
وكيف لمحارب
تماهى مع
الحديد
والنار،
الموت
والحياة، أن
يصير وديعاً
هكذا،
ومثالياً في
زمن صارت
الخطيئة فيه
فضيلة؟! في
يقيني ان قلة
ستعرف أي طريق
سلكت وان
الوداعة لا
تتناقض
والصلابة
والحرية دون
محبة هي عقيمة
لا رجاء منها.
أجبرنا
على حمل
السلاح
دفاعاً عن
وجودٌ روحيٌ
قبل أن يكون
مادياً.
وجوداً ينتمي
في هويته وديمومته
وخلاصه الى
نبع واحد هو
يسوع المسيح،
ويعاملنا
الآخر على هذا
الأساس.
والسؤال: كيف
يمكن لنا
العبور
بتاريخنا
وحاضرنا
والمستقبل،
الى الوجود
الحر ونحن
نسير مبتعدين
رويداً رويداً
عن نبع
الحياة: يسوع.