ابداً
لم يتغيّر شيء
إيلي الحاج
( "المسيرة"- العدد 1093 – الإثنين 9 تشرين الأول 2006 )
مرّت 15 عاماً لم تتغيّر فيها إلا وجوهنا أو هكذا يخيّل إلى من يقرأ الأخبار. كان المسيحيون عموماً يظنون أنه بمجرد خروج الجيش السوري من لبنان والدكتور سمير جعجع من السجن وعودة العماد ميشال عون ستفتح صفحة جديدة لهم ولوطنهم . الأكثر سذاجة تخيّلوا أن لقاءات وخلوات وأعمال فكر وتنقية رؤية ستتلاحق سعياً إلى مصالحة مع الذات ومع الآخر الأقرب والأبعد، مصالحة لا أكثر، لا أحلاف ولا وحدة موقف أو رأي، وبين المحازبين ما دامت متعذرة بين القادة الذين لا ينفكون يثيرون الدهشة بقدرتهم على الذهاب إلى النهاية في تجاوز حواجز الماضي حيثما يتعلق الأمر بقادة وقوى كانت لنا جميعاً " الجهة المقابلة".
إلا أن عدم تحقق أمنية المصالحة يجب ألا تحمل المرء على خيبة دائمة، بل هي يمكن أن تحفز إفرادياً على وعي أعمق لما حصل في ما مضى، وللآتي في غياب أي نقد حقيقي للذات على المستوى الجماعي السياسي . غياب يفرضه زجر من هنا وهناك تحت شعار" كفى جلدٌ للذات".
والحق أن بعض من يستحقون الجلد ربما يبدون الأكثر ثقة بأنهم كانوا ولا يزالون وسيظلون على صواب، ووحدهم بلا شريك، ومن بعدهم الأبناء والأصهار والزوجات والأحفاد أيضاً ، والولاء لهم بلا سؤال هو معيار الإلتزام والتنزيه، ليس التنزيه الوطني فحسب بل الأخلاقي أيضاً. وأكثر من ذلك، المسيحيون مدعوون بين وقت وآخر إلى الإحتفال بأخطاء هؤلاء وخطاياهم.
يوحي هذا الواقع الذي لا يبدو حتى اليوم بصيص أمل في الخروج منه قريباً أن جيلاً ثانياً سينشأ محروماً إلى حد كبير القدرة على التمييز ونقد الذات والموضوعية بحد أدنى في مقاربة شؤون السياسة والوطن، تحديداً جيل أبناء وبنات من كانوا فتياناً وصبايا عندما اندلعت الحرب. هم أيضاً سيذهبون إلى الجامعات وحقول الحياة المختلفة على وقع أبواق إعلامية وتصريحات مبشرين لا تعدمها أفكار وقيادات تقنّع فكرها الديكتاتوري والعائلي بكلمات ومواقف محقّة في الظاهر، مدمّرة في المضمون، لإيمان مطلقيها وأنصارهم إيماناً مطلقاً بأن الحق إلى جانبهم على الدوام وبأنهم معصومون كمؤسسي الأديان .
هل سمعنا من أي واحد منهم يوماً أنه أخطأ في أي قرار أو موقف أو رأي؟ لم نسمع.
السيّد حسن نصرالله أشرف منهم . على الأقل قال : "لو كنت أعلم ..." .