مصادر دبلوماسية: عقوبات الـ 1636 ضد سورية على نار حامية

بقلم/ جان عزيز - البلد

الخميس, 09 فبراير, 2006

تحرص أوساط دبلوماسية غربية في بيروت على اختيار كلماتها بدقة للتعبير عن موقفها من "التفاهم" المعلن قبل أيام بين العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله. وإذ تبتعد كلياً عن اطلاق أي وصف سلبي تؤكد انها لا يمكن أن تطلق أي كلام يفهم منه ان ارادتها قد تكون ضد الحوار بين اللبنانيين، أو غير مشجعة للتلاقي بين الأطراف السياسية الأساسية في لبنان. وإذ توافق الأوساط الدبلوماسية نفسها على القول بأن التفاهم المذكور يتضمن نقاطاً ايجابية عدة بالنسبة الى الوضع اللبناني، خصوصاً في مسائل ترسيم الحدود بين لبنان وسورية وتبادل العلاقات الدبلوماسية بينهما والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية والمواطنين اللبنانيين النازحين الى اسرائيل، تشير الى انها تدرس بعناية ما تضمنه التفاهم لجهة قضية سلاح "حزب الله".  

وتسارع الأوساط الدبلوماسية التابعة لدولة عظمى في بيروت، الى إقران ما سبق بحرصها الدائم على وحدة كل القوى التي شكلت حركة 14 آذار قبل نحو عام. بمن فيها خصوصاً العماد عون. وتكشف ان نصائح بهذا الشأن وجهت الى النائب سعد الحريري في جولاته الغربية الأخيرة، حيث سمع أكثر من تشجيع على العمل لإعادة وحدة 14 آذار، كما على تقوية علاقاته مع بكركي وتنقيتها. وتتوقف المصادر نفسها عند هذه النقطة لتشير الى الاستحقاق الانتخابي المرتقب في دائرة بعبدا - عاليه، مستوضحة كل التفاصيل الممكنة حوله، ومدققة بجميع المواقف، قبل أن تؤكد أملها بأن يشكل هذا الاستحقاق فرصة مناسبة لإعادة جمع شمل حركة 14 آذار.

وانطلاقاً من الحدثين الآنيين، تفاهم "التيار" و"الحزب" والانتخابات المرتقبة، تعود الأوساط الدبلوماسية نفسها الى التأكيد على مواقف إدارتها من الوضع اللبناني عموماً. فتذكر بالتزامها قضايا هذا الوطن وسيادته وحريته وديمقراطيته وحكمه الصالح. وتؤكد في هذا السياق ان الجولة الأخيرة للنائب الحريري كانت دليلاً اضافياً على هذا الالتزام.

ولذلك تؤكد المصادر الغربية نفسها انها تبذل جهداً ملحوظاً ومزدوجاً اليوم، لمتابعة تنفيذ هذه السياسة من جهة، كما للرد على حملات التضليل التي تستهدف اللبنانيين منذ فترة، محاولة ايهامهم بحلول تبديل في السياسات الغربية المتعلقة ببلادهم، أو حتى بعقد صفقة بين عواصم هذه السياسات وبين دمشق. وإذ تلاحظ هذه المصادر ان النظام السوري هو غالباً مصدر حملات التضليل هذه، تكشف عن ان العواصم الغربية مصممة على دحض مثل هذه الأضاليل، وفي هذا السياق أبلغت حكومة دولة عظمى قبل أيام السلطات السورية ان سفيرتها المفترضة معتمدة لديها لن تعود الى دمشق في المدى المنظور كله.

وتضيف الأوساط الغربية نفسها ان جهدها هذا والمعبّر عن التزام حكومتها، كان واضحاً إبان ما سمي المبادرة العربية حيال الأزمة اللبنانية السورية. إذ ان سلطات بلادها لم تسمح بأي التباس حيال موقفها من امكان ان تتضمن هذه المبادرة مسعى سورياً مغلفاً بالإطار العربي. إلا ان المصادر نفسها تعرب عما يشبه ارتياحها الى ما تكشفه عن موقف مصري منسجم مع توجهات إدارتها، وهو ما شكل إحدى الضمانات التي أدت الى وقف تلك المحاولة.

أما عن إمكان إنجاز التغيير اللبناني الديمقراطي المطلوب، في ظل استمرار النظام السوري الحالي، فتعترف الأوساط الغربية بأنها باتت تتحدث منذ مدة عن "تغيير تصرف" النظام في دمشق. غير ان هذا الهدف يمكن أن يبلغ حدود "تغيير شخصيته" (Character). وحول تراجع فاعلية الوسائل المتاحة بين أيدي إدارتها وحكومتها لتحقيق ذلك، تؤكد المصادر نفسها ان الوسائل اللازمة لا تزال متوفرة وعديدة. وإذ تعرب عن اعتقادها بأن سورية قد لا تتأثر بأي اجراءات عقابية تتخذها دولة واحدة، تكشف عن ان ثمة مساعي راهنة على مستوى الحكومات الغربية كما الأمم المتحدة، لوضع العقوبات التي نص عليها قرار مجلس الأمن رقم 1636 موضع التنفيذ. وهل يعني ذلك تنصل الحكومات المعنية من أي اجراءات تتخذها كل منها على حدة؟ تجيب المصادر نفسها بالنفي، مؤكدة تدليلاً على ذلك ان لا شيء يمنع اعادة تفعيل الأحكام التي تضمنها قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان، الصادر عن الكونغرس الأميركي والذي وقعه الرئيس الأميركي جورج بوش قبل عامين، على سبيل المثال.

وإذ تُجمل المصادر الغربية قراءاتها للوضع اللبناني بتأكيدها على استمرار تفاؤلها حيال مستقبل هذا البلد، تحرص على السؤال حول ما هو متوقع لنشاطات الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، بعد أيام قليلة في 14 شباط. ولا تنسى الاستيضاح حول أرقام الحشود المرتقبة وعما إذا كان ذلك سيتأثر سلباً بما حصل في الأشرفية يوم الأحد الماضي.