خيارات ما قبل حوار العمر

جان عزيز –صدى البلد

الثلاثاء, 04 أبريل, 2006

بعد فشل المبادرات العربية المتكررة، وبعد "صدام الخرطوم"، لم يعد أمام الحوار الوطني أي استحقاقات زمنية منظورة يمكن أن توقّع وتيرته أو تنير مسيرته. وليس أدلّ على ذلك من تأجيل جولته المقبلة 25 يوماً كاملاً.

وهذا ما يفتح عامل الوقت على حرب استنزاف باردة، سيكون فريق 14 شباط خصوصاً عرضة لها. وفي مواجهة هذا الواقع الضاغط يؤكد المطلعون ان الأكثرية النيابية والحكومية باتت أمام خيارات محدودة ومحددة من زاوية تغيير الوضع القائم.

وهي ما يمكن اختصاره بثلاثة خيارات رئاسية ومثلها حكومية، يمكن عرضها كالآتي:

في الخيارات الرئاسية ثمة رهان كامن ودائم لدى الأكثرية، على أن التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، لا بدّ أن يفتح ثغرة في الجدار المسدود.

وثمة همس كثيف في دوائر هذا الفريق عن أن نبوءة النائب سعد الحريري ستصح، حين قال ان المطالبين برحيل ديتليف ميليس قد يترحمون عليه. ووسط تحريك مجلس الأمن لملف انشاء المحكمة الدولية، انتعشت آمال كثيرين لدى فريق 14 شباط، في أن يأتي تقريرسيرج براميرتس المقبل، "قراراً اتهامياً" محكماً، يطلق آلية المقاضاة الدولية، كما آلية التغيير المحلية و"الاقليمية" في شكل متزامن.

أما الخيار الرئاسي الثاني فهو التفاهم مع دمشق عبر "بوابة المقاومة" كما سمتها الأوساط السورية، أي عبر "حزب الله"، للوصول الى مرشح رئاسي يعيد ترميم "التحالف الرباعي" الذي قام قبل 7 أشهر.

واذا كان "رهان براميرتس" سرياً بالمطلق، فان رهان "الرئيس الرباعي" بات أقل سرية خصوصاً بعدما تردد ان النائب سعد الحريري نقل الى محاوريه "الحزبللاهيين"، في جولتهم التي تلت "هفوة" اسم النائب السابق نسيب لحود، اسمي مرشحين اثنين، هما وزيران سابقان، ممن لا "فيتو" عليهم من فريق 8 آذار.

يبقى الخيار الرئاسي الثالث لدى فريق 14 شباط وهو "الحكي" عن توافق حول اسم العماد ميشال عون للرئاسة.

وتؤكد معلومات متطابقة ان هذا الموضوع طرح في اجتماع قريطم أمس الأول، ودارت حوله التحاليل، خصوصاً لجهة احراج "حزب الله" ومن خلفه.

علماً أن أكثر من عضو في هذا الفريق بات في المقابل يطرح ترشيح عون من زاوية المقاربة الجدية لا للمناورة.

أما في حال سقوط الخيارات الرئاسية الثلاثة المذكورة، وبالتالي في حال اضطرار الأكثرية نفسها للتعايش مع استمرار اميل لحود في ولايته الممددة خلافاً للدستور فان المطلعين يشيرون الى وجود 3 خيارات أخرى قيد الدرس، للتخفيف من وطأة النكسة والحد من أضرارها.

هذه "الخيارات الحكومية"، أولها تراتبياً، اتخاذ الأكثرية النيابية والحكومية قرارها بأن تكون "سلطة" وأن "تحكم" ضمن الاعتبارات والموازين القائمة.

وهو ما لم تفعله منذ قيام الحكومة الحالية في تموز الماضي. ويقضي هذا الخيار بأن تحزم مجموعة 14 شباط أمرها داخل مجلس الوزراء، حيث تملك أكثرية الثلثين، وان تنتقل من تعطيل السلطة الاجرائية الى تجسيدها.

والحزم نفسه يمكن اللجوء اليه في المجلس النيابي، حيث لفريق 14 شباط أكثرية عادية كافية لاقرار القوانين والتشريعات العادية المطلوبة، في انتظار "يوم أبرك وغد أفضل".

أما الخيار الحكومي الثاني، فمعاكس تماماً، عنوانه استقالة الحكومة الحالية والذهاب الى استشارات التكليف باسم النائب سعد الحريري، ومن ثم الى استشارات التأليف بتشكيلة حكومية كاملة من فريق 14 شباط وحده دون سواه. وليرفض لحود هذا الواقع الدستوري وليتحمل هو اذذاك مسؤولية أزمة الحكم الناشئة عندها.

ويبقى الخيار الأخير، وهو الأضعف والأقل ترجيحاً، ومفاده استقالة الحكومة ومقاطعة استشارات ما بعدها، وترك السلطة للقوى الأخرى، وانتقال 14 شباط الى المعارضة.

أي من الخيارات الستة أقرب الى الواقع؟ ثمة 25 يوماً لتبيان حظوظها، هذا اذا كان ثمة تغيير ممكن.

والا فعلى سعد الحريري استعادة الشعار من على مكتب والده: "اصبر على صبر حاقدك..."، وعلى نبيه بري الاستعداد لحرفة "حوار العمر"، وعلى الناس الترحم على وطن يعيشون ويرثون عمره...