الخطأ”
البطريركي
والخطر الكياني
جان عزيز
الأحد, 25 يونيو, 2006
من المجلس
الدستوري
وامتحان خلف
وجدي الملاط
أمام وليد عيدو،
الى
ناطحة السحاب
الجديدة لآل
الحريري وسط
العاصمة
بارتفاع 160
متراً شرعها
مجلس الوزراء
متراً متراً.
ومن توظيفات
بلدية بيروت والادارة
العامة
وأولاد كتلة “المستقبل”،
الى
الجامعة
الحريرية
الوحيدة
المرخصة،
ورسوم انتقال
الملكية
المختصرة من
مليارات الى
بضعة آلاف.
بين ذلك كله
ترتسم الصورة
الحقيقية لما
عبر عنه أحد
أركان “جماعة 14
آذار”، فارس
سعيد، بحديثه
عن “شهوة الى
السلطة”، لدى
الفريق
الحريري. غير ان قلة من
المعنيين
يدرك عمق هذا
التوصيف
وخطورة
عواقبه
والتداعيات. فما
يعرفه طبعاً
نائب جبيل
السابق، وما
يجهله على ما
يبدو فريق
الحريري
الشاب، هو ان
المسيحيين
عاشوا العقود
الأربعة
الماضية، وبما
أكثر في
الزمن، حالة
تجاذب داخلي
عنيف، بين
قراءتين
ورهانين
ومشروعين. ذلك
انه منذ
انكفأت
الناصرية
نفوذاً عن
بيروت إثر “النكسة”،
ومنذ بروز
السباق بين
ياسر عرفات
وحافظ الأسد،
على الفوز بالارث
الناصري في
لبنان، برز
فريق مسيحي
منقلب على الفكر
“الدستوري ـ النهجي”،
يقول بحماية
الشراكة المسيحية
داخل النظام،
عبر الاتفاق
مع طرف خارجي
قوي. وذلك في
مقابل الفريق
المسيحي
الآخر، الذي ظل
يؤمن بميثاقية
التركيبة
اللبنانية،
ضمانة كافية
لكل جماعاتها
في وجودها
وحقوقها
وشراكتها.
وبعد استكمال
الوصاية
السورية عام 1990،
صار هذا
الصراع “الفكري”
المسيحي ــ المسيحي،
أكثر بروزاً
وحدة وعنفاً
وحتى دموية. فكان
ثمة سياسيون
مسيحيون
يؤكدون ان
لا مشكلة بين
المسيحيين
وهذا النظام
في دمشق”، في
مقابل وجود
مشكلة وجودية
بنيوية، بين
المسيحيين
والمسلمين في
لبنان ونظامه.
وكان هؤلاء
يدعون سراً
وعلناً الى
اتفاق سوري ــ
مسيحي، يسمح “بحكم
البلد بعضلات
دمشق”،
ويؤكدون انه
الخيار
الأسلم
لتحقيق خير
الجماعة
المسيحية
ومستقبلها.
وفي المقابل
كان ثمة
سياسيون
مسيحيون
آخرون،
يؤكدون ان
لا مشكلة
جوهرية مع
المسلمين،
خصوصاً بعد “الطائف”،
وان المشكلة
الوحيدة
المتبقية هي
مع النظام
السوري الذي
تتناقض
مكونات عقله
السياسي مع كيانية
لبنان
ونهائيته. وكان
هؤلاء يدعون الى “تجديد
معنى الميثاق
اللبناني”،
بحيث يؤدي
ذلك، عبر
إقامة “شبكة
أمان مسيحية
ــ اسلامية”،
الى
إحياء جوهر
الميثاق
اللبناني
أولاً وإخراج سورية
من لبنان
ثانياً،
وتحقيق “التسوية
التاريخية
بين البلدين” ثالثاً.
وتقضي
الموضوعية
التاريخية
بالاعتراف
بأن هذين
الرأيين
المسيحيين
كانا الى
حد كبير
متوازيين
متعادلين
ومتكافئين في
البيئة
المسيحية. الى
ان حسم
سيد بكركي
موقفه. وهذا
الحسم لم يكن
سهلاً ولا
حتمياً، فيوم
دخل الحريري
الأب الحياة
السياسية
اللبنانية، كان
صاحب الغبطة واقفاً
عند مقولته
الشهيرة: “إذا
خيرنا بين
الحرية
والتعايش،
اخترنا الحرية”.
مؤشراً بذلك الى البعد
الداخلي
الطاغي
للقضية
اللبنانية، ولقضية
المسيحيين في
صلبها.
واقتضى
الأمر
أعواماً
طويلة
وجهوداً
ومعاناة
وأخطاء فادحة
من قبل دمشق،
حتى انتقلت بكركي من
تلك المعادلة
مطلع
التسعينات، الى
مقولتها
الجديدة في
نداء 20 أيلول 2000،
من انه “لن
تكون فتنة في
لبنان ان
لم يعمد
أحد الى اضرام
نارها. واللبنانيون
ما اقتتلوا
يوماً إلا لانه
كان هناك من
يبذر بذور
الفتنة في ما
بينهم”.
هكذا حسمت بكركي
الأمر، ورجحت
كفة مسيحية
على أخرى: لا
مشكلة “نظامية”
مع المسلمين
في لبنان. كل
المشكلة إذاً
مع الوجود
السوري فيه. فيما
كان ثمة آخرون
يحذرون بكركي
وفريقها من
وهم هذا
الرهان،
داعياً
دائماً الى
الخيار
المعاكس.
وما لا يعرفه
فريق الحريري
الشاب، انه
بعدما حسمت بكركي
خيارها هذا،
حركت كل
المسيحيين
وعبأت كل
اللبنانيين
وأعادت الاهتمام
الدولي الى
لبنان وبه.
لكنها أيضاً
حركت “نظام
الدولة في
سورية”، الذي
بادر الى
ترغيبها
وترهيبها. فأرسل
اليها “العروض”
شفوية
ومكتوبة،
ومارس عليها
كل الضغوط،
مباشرة
ومداورة. لكن
ما حسم كان قد
حسم.
في 26 نيسان 2005
خرجت سورية من
لبنان، وحان
موعد امتحان
الرهان
وتأكيد
الخيار. فجأة
برزت تلك “الشهوة
الى
السلطة” التي
تحدث عنها أحد
عارفي بكركي
ورهانها،
وأحد حلفاء
أصحاب الشهوة
السلطوية
الجديدة. أين
الخطر
الحقيقي في
ذلك كله؟ كل
الخطر في ان
يدفع أداء “أصحاب
الشهوة” المسيحيين
الى
تكوين انطباع
بأنهم “أخطأوا
أو بأن خيارهم
كان ضالاً
ورهانهم كان واهماً.
عندها يصير كل
الكيان في
خطر، وكل
الرهانات سراباً،
وتصير كل
شهوات
السلطة،
ضرباً من “لحس
المبرد”. فهل
يستمع حلفاء
فارس سعيد اليه؟