الحريري وعون
والحقائق
الصعبة
بقلم/جان
عزيز – صدى البلد
الثلاثاء, 25 أبريل, 2006
تعتقد أوساط
مسيحية أن
الردود
الحريرية على ميشال
عون، ليست
مجرد انفعال. ففيها
إطلالة على
استمرارية
مشروع ما
للبنان منذ 20
عاماً، وحتى
محطته
المرتقبة في
خريف 2007.
ما هو
هذا المشروع؟
لا يمكن لأحد الاجابة
بموضوعية على
هذا السؤال. لكن
أخصامه
يستشفون بعض
معالمه عبر
المقارنة بين
سعر المتر
المربع
الواحد في سوليدير،
وبين الحد
الأدنى
للأجور، كما
عبر أجواء الفنادق
البيروتية
الفاخرة
بدءاً من
منتصف كل ليل...المهم
ان
المشروع موجود
وقديم ومستمر
ومنتكس. والمصادفة،
انه اصطدم
في ثلاث من
نكساته،
بتقاطع في
المواقف
المسيحية.
المرة
الأولى كانت
بين خريف 1985 و 1986. يومها
ركب المشروع
على الاتفاق
الثلاثي. تمت
الرعاية
والولادة بين
سويسرا
ومكاتب عبد
الحليم خدام،
قبل ان
ينتهي بسقوط
الدم المسيحي
بين نهر الموت
ونهر بيروت. بعدها
كان سمير جعجع
يروي كيف ان
أصحاب
المشروع
حاولوا الثأر
منه، فموّلوا
عملية
الاختراق
الفاشلة
للمناطق الشرقية
في 27 أيلول 1986.
ونام
المشروع
عامين
كاملين، كمن
خلالهما خلف الترويكا
الحليفة: الشهابي
خدام كنعان،
وخلف الاستحقاق
الرئاسي
المقبل سنة 1988. في
أيلول من ذلك
العام جاء
ريتشارد
مورفي الى
دمشق، وبعد
ساعات من
هواية
استنزاف
الأعصاب السورية،
أعطاه خدام
الورقة اللغز.
حملها الموفد
الأميركي
موهوماً،
وصار اسمها
مظلوماً. لكن
تقاطع الموقف
المسيحي أسقط
الظلم والوهم
مرة ثانية. يروي
أحد شهود تلك
اللحظة ان
القادة
المسيحيين
حينها
توافقوا على
الرفض من دون
الحاجة الى
تنسيق بينهم،
ولا حتى الى
اتصال. كفى كل
واحد منهم انه
يرفض رئيساً
ليس هو. فكان
رفضهم كافياً
لمواجهة
اللحظة، وعاجزاً
عن التحسب لما
بعدها.
بعدها وقعت
حروب التدمير
الذاتي، فعاد
المشروع على
جناحي الطائف.
أسقط رينيه
معوض للاتيان
بالياس الهراوي. وأسقط
عمر كرامي
لفتح الطريق...
يروي الراحل
جورج سعاده
في كتابه "قصتي
مع الطائف" وقائع
مذهلة عن
ذهابه
للمفاوضة على
تأجيل الانتخابات
مع أركان
الطائف
السوري،
ليفاجأ بالمرحوم
رفيق الحريري
مجيباً
وحيداً على طروحاته
ومملياً
للشروط على
سيد بكركي.
وللمرة
الثالثة أعاق
المسيحيون
مسار المشروع.
قاطعوا
انتخابات 1992،
دخلوا غيبة الاحباط،
توزعوا بين
المنافي
والمعتقلات،
فتعثرت مسيرة الانماء والاعمار
الملزّمة الى
شركة "قاسيون"
وشركاها. ذات
مرة تحدث
الحريري
بصراحة عن "مسؤولية"
الآخرين في
التعثر وعنه. ومرات
عدة رد عليهم بعرقلات
أقسى من
الفاتيكان
وباريس الى
القاهرة
وواشنطن. في
العام 1998، أدرك
الحريري ان
الظروف تغيرت
في دمشق. انكفأ
أصدقاؤه
فيها، فتقدم
عليه هناك
مشروع الدولة
العسكرية،
الذي كان قد
أجله بالتعديل
الدستوري
نفسه سنة 1995. فصعد
الى بكركي
في خلوته
الحوارية
الشهيرة. بعدها
بدا رفيق
الحريري
شخصاً آخر. من
دون الشهابي
وخدام
وكنعان، وفي
مواجهة اميل
لحود وجميل
السيد ومصطفى
حمدان، اكتشف
سيد قريطم
ميثاقيته،
قبل ان
يسقط شهيدها.
بعده عادت
الأمور 20
عاماً الى
الوراء. حلم
بعودة خدام ما
الى
دمشق، وحلم
مقابل بعودة
المشروع نفسه الى بيروت. وبين
الاثنين
استحقاق
الرئاسة في
خريف 2007، وعقبة
احتمال قيام
موقف مسيحي
موحد ولو على مجرّد
الرفض. فبدأ
الاستنفار
وتوزع العمل: على
جبهة
الاستحقاق
تعبئة عربية
ودولية لضمان
اختيار رئيس منسجم
مع المشروع،
وعلى جبهة
العقبة
المحتملة
استيعاب من يمكن
استيعابه،
وضرب كل
الباقين. ميشال
عون كان في
الخانة
الثانية
ويبدو انه باق
فيها.
في البلد
اليوم طرفة
تقول ان
أركان
التحالف
الرباعي
السابق
التقوا ذات مرة
وساقهم
حديثهم الى
التباهي. قال
وليد جنبلاط،
لا شك انني
أكبركم قدراً.
يكفي ان
تحذفوا حرف "الدال"
من اسمي،
لتعرفوا انني
"وليّ". فأجابه
نبيه بري: بل
أنا أعظمكم،
احذفوا "الهاء"
من اسمي لتدركوا
انني "نبي".
فرد السيد حسن
نصرالله: لكن
البعض لاحظ ان حذف "الراء"
من اسمي يجعله
"نص الله"،
معاذ الله. فابتسم
سعد الدين
الحريري وقال
لهم: احذفوا
ثلثي اسمي،
فتجدوا انني
الحريري،
أكبر من كل الاوصاف...
ترى! من أين
يأتي المزاج
الشعبي بطرفه
والدعابات، خصوصاً السمجة
منها؟