بين
النصّاب
والفاشي"
جان عزيز
الجمعة, 23 يونيو, 2006
يبدو الزمان
الراهن وأهله
قد جاروا
وقسوا على
اللبنانيين
عموماً، وعلى
المسيحيين
منهم خصوصاً،
وعلى موارنتهم
تحديداً، حين
حشروهم بين
خيارين: اما
أن يناصروا اميل لحود
في موقفه من
جاك شيراك، واما أن
يؤيدوا
الثاني في
ثأره من الأول.
ذلك أن "فضل"
الاثنين
عليهم سابق واصل
وكامل.
غير أن
الكلام عن
لحود ومشكلته
مع الموارنة والمسيحيين
واللبنانيين،
يظل طاغياً
كثيراً. بينما
استذكار "أفضال"
شيراك نادر
شحيح، وهو ما
يقتضي،
للتوازن والموضوعية
والحقيقة،
بعض الانعاش.
فاللبنانيون
لن ينسوا،
أقله
السياديون
منهم، يوم وقف
الرئيس الفرنسي
في ساحة
النجمة في 4
نيسان 1996،
متحدثاً عن
رهانه هو
أيضاً على
ربيع السلام الآتي:
"فرنسا تأمل
أن تكون سنة 1996
حاسمة
ومقرونة باقرار
الاتفاقات
بين اسرائيل
وسورية، وبين اسرائيل
ولبنان". قالها
شيراك، ليكمل
صدمته
لمعارضي
الوجود
السوري، بالتأكيد
على أن هذا السلام
هو وحده ما "سيسمح
للقوات
السورية
بالانسحاب".
ولم يتأخر رد
فعل
السياديين
اللبنانيين،
فبعد يومين
صعد شيراك الى
بكركي
يوم الجمعة
العظيمة،
لتستقبله
حشود المعارضة
اللبنانية
بصفير
الاستهجان وادارة
الظهور. ليزداد
يأس
السياديين
بعد الزيارة
اثر ما تكشف
عن مضمونها من
محاولة
الوريث الديغولي،
اقناع
سيد بكركي
بتخفيف
معارضته
وتليين مبدئيته
والسير بما هو
قائم، بعد
أشهر على
انتهاك الدستور
اللبناني
تمديداً للياس
الهراوي.
ولم يتأخر
شيراك في
تصاريحه
يومها، عن ضرب
كل مطالب
السياديين
اللبنانيين
مجتمعة. فتجاهل
مسألة اقتراب "نفي"
ميشال
عون من نهاية
مدته، مؤشراً الى
التزامه
مواصلة تلك
الخطوة
التعسفية
فعلياً
وواقعياً. وحين
سئل في لقائه
الشباب
اللبنانيين
عن سمير جعجع
واعتقاله تحت
الأرض، جاهر
زعيم "الأم
الحنون" بثقته
بالقضاء
اللبناني
القائم
يومها، وتأكيده
عدم تدخله في "شأن
قانوني".
ومرت الأيام
وكرت سبحة الاتحافات
الشيراكية
من دون توقف. فعاد
الينا في 30
أيار 1998 مكرراً
المواقف
نفسها، قبل أن
يستقبل الرئيس
السوري حافظ
الأسد في
الاليزيه في 16
تموز 98 بحفاوة
ومواقف
مماثلة.
وظل البعض من
متوهمي النوستالجيا
الفرنسية من
اللبنانيين،
يراهن على أن
هذا الموقف الشيراكي
هو لمصلحة
لبنان، على
عكس ظاهره. وظلوا
يسوقون ان
الهدف منه
الوصول الى
انسحاب اسرائيلي،
يسمح بعده
بخروج دعوة
فرنسية الى
جلاء سوري
كامل عن لبنان.
وأنجز
التحرير في
أيار 2000 وأعلنت بكركي
نداءها في
أيلول،
واستعرت
المواجهة بين
المعارضة
اللبنانية واميل
لحود، ليحل
الأخير وسط
هذه الأجواء
بالذات، ضيفاً
مميزاً على
قصر الاليزيه
في "زيارة
دولة" هي
الثانية بعد
استضافة شارل
ديغول لشارل
حلو قبل 3 عقود
ونيف. وليقف
شيراك في 28
أيار2001 رافعاً
نخبه أمام
الرئيس
اللبناني
الواصل الى
بعبدا
بتعديل
دستوري وأمر
سوري، قائلاً
له: "هذا النخب
أرفعه على
شرفكم، وعلى
شرف السيدة اميل لحود
التي أقدم لها
تحياتي
الأكثر
احتراماً".
والتحيات
نفسها حملها
شيراك مجدداً الى
بيروت،
لمشاركته في
القمة الفرنكوفونية
بعد عام ونيف،
برئاسة لحود
نفسه. يومها
كان الاسرائيليون
قد مضى عامان
على جلائهم،
وكانت واشنطن
قد أطلقت "قانون
محاسبة سورية
واستعادة
السيادة اللبنانية"،
ليقف شيراك في
ساحة النجمة
مجدداً في 17
تشرين الأول 2002،
مشيداً
بالسلام
اللبناني
المتحقق،
ومؤكداً مرة
أخرى بأن "التطور
نحو السلام
المأمول،
سيسمح للبنان
وسورية
بتناغم علاقاتهما،
ويؤدي الى
الانسحاب
الكامل
للقوات
السورية من
بلادكم، وفق
اتفاق الطائف"،
المتأخر
استحقاقاً 10
أعوام كاملة.
ما الذي غيّر
جاك شيراك؟
روى عبد
الحليم خدام في
حديثه
التلفزيوني
الانقلابي
مطلع هذه السنة،
ان أول
التغيير في
الموقف
الفرنسي، كان
مرتبطاً بعقد
شركة "توتال"
الذي رفضته
دمشق. وخدّام
"شاهد ملك" في
هذه القضايا
لا شك. وهو
يعرف الرئيس
الفرنسي الذي
قال مرة
مدافعاً عن
نفسه: "لست
حقوداً ولا
فاقداً
للذاكرة".
يوم وصل جاك
شيراك وجان
ماري لوبن
الى
نهائي
الانتخابات
الرئاسية في
أيار 2005، رفع
اليسار
الفرنسي
شعاراً يقول: "بين
النصّاب
والفاشي،
نختار الأول". قد
لا تكون
المعادلة
نفسها مطروحة
اليوم بين شيراك
ولحود، لكن "الاستحقاق"
الفرنكوفوني
المطروح يسمح
للبنانيين
بألا يختاروا
بين الاثنين.