الحريري سمّى مرشحه فأثار أكثر من تساؤل

بقلم/جان عزيز  - صدى البلد

18 مارس, 2006

باتت المعلومات المتداولة ترجّح ان يكون النائب سعد الحريري حمل الى السيد حسن نصرالله في لقائهما الأخير يوم الأحد الماضي، اسم مرشح واحد يقترحه لرئاسة الجمهورية هو النائب السابق نسيب لحود.

وتضيف المعلومات نفسها ان الحريري قدم لحود كمرشح يحظى باجماع قوى الأكثرية النيابية، اضافة الى كونه موضع تفاهم فرنسي ـ سعودي حول ترشيحه.

وتؤكد المعلومات في المقابل ان جواب نصرالله كان سلبياً وهو عبر عن سلبيته باستناد موقف "حزب الله" من الملف الرئاسي، الى ثلاثة اعتبارات:

التوافق مع الرئيس اميل لحود، وعدم تخطي العماد ميشال عون، والحرص على التناغم مع بكركي.

وتضيف المعلومات أيضاً ان رد "الحزب" كان جازماً لناحية معرفته المسبقة بموقفي جهتين اثنتين يتمسك بالتنسيق معهما وهما موقفا الرئيس لحود والعماد عون، فيما بدا أكثر تحفظاً لجهة موقف بكركي، مكتفياً بالسؤال عما اذا كان اسم النائب السابق لحود حائزاً على بركتها. وتختم المعلومات بأن الحوار انتهى حول هذه النقطة الى نوع من الغمز السياسي على طريقة الدعابة، بالقول: اذا كان فريق 14 شباط يريد لحودياً لرئاسة الجمهورية، فهذا حاصل اليوم.

غير أن أوساطاً مطلعة على وقائع هذا البحث كما على خلفيات موضوعه والقوى المعنية به، لم تكتف بمضمونه ولا بنتيجته، بل انطلقت منه لتطرح التساؤلات الآتية:

1 ـ ما الذي جعل النائب سعد الحريري يخالف موقفه المعلن في ترك مسألة اسم المرشح الرئاسي لبكركي، ليعود فيخوض هو شخصياً في اطار حوار سني شيعي، بحثاً عن شخصية الرئيس الماروني؟

هل يعني ذلك تكرار اللغة المزدوجة التي اعتمدها فريقه حيال المقتضيات الميثاقية منذ قانون الانتخابات النيابية واجرائها، وصولاً الى تشكيل الحكومة وأدائها طيلة نصف السنة، انتهاء حتى بالانتخابات الفرعية في بعبدا عاليه، يوم حاول الحريري التدخل فيها وفرض مرشح لها؟ أم أن مسيحيي فريق 14شباط قد أعطوا رئيس كتلة "المستقبل" تفويضاً في هذه المسألة لبحثها مع "حزب الله"؟

2 ـ هل يمكن للنائب الحريري أن يكون قد حمل اسم نسيب لحود مرشحاً رئاسياً لاقناع السيد نصرالله بتبنيه، وهو يدرك مسبقاً ان طرح هذا الاسم يواجه عقبتين أساسيتين لدى الفريق الشيعي، تتمثلان بالاشكاليتين اللتين يمثلهما مع كل من لحود وعون اللذين يحرص "الحزب" على مراعاتهما؟

وبالتالي هل قصد الحريري من هذا المسعى المحكوم سلفاً بالفشل، احراق أوراق مسيحيي 14 شباط، تمهيداً للانتقال الى الأسماء التسووية التي يبدو أن المعالجات الاقليمية تحاول تزكيتها؟

3 ـ كيف ستتعامل قوى 14 شباط، ومسيحييوها تحديداً، مع قضية المرشحين التسوويين المطروحين، خصوصاً بعدما بات في طليعتهم اسما الوزير السابق ميشال اده وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه؟

خصوصاً وان التحفظات المختلفة باتت تخرج الى العلن حيال الشخصين.

الأول نظراً الى طابع "الرئاسة الانتقالية" الذي قد يضفيه، في مرحلة وصفت بالتأسيسية وتتسم بحضور الممثلين الرئيسيين للجماعات الأخرى.

والثاني نظراً الى سلسلة طويلة من الملابسات المرتبطة بشخصه، بدءاً بالعلاقة الاستشارية مع الرئيس السوري بشار الأسد، وانتهاء بالملفات المرتبطة بموقعه الوظيفي، ومروراً خصوصاً بموقفه الشهير لجهة استعداده لدعم الاقتصاد السوري في مواجهة أي عقوبات دولية ناجمة عن تطبيق قرارات الشرعية الدولية.

4 ـ كيف ستتعامل بكركي مع هذه الطروحات، وسط ما يحكى عن خوف سيدها من تكراره تجربة العام 1988، يوم دخل في لعبة الأسماء من دون جدوى، وخوفه الأكبر من تجربة العام الذي أعقب، يوم انكفأ عن التدخل في الموضوع فقام "الطائف السوري" بعد اغتيال الرئيس رينيه معوض، مع ما حمله للبلاد من نعم وافرة. فهل يظل الصرح أسير هذين الموقفين الصدمتين، أم يتخطاهما الى حسم الموقف وضبط الموقف المسيحي والتعبير عنه في شكل يجنب قواهم حرفاتهم الثلاث التقليدية: التناحر أو النحر أو الانتحار؟

هل من حل ممكن وسط هذه المعطيات؟

تجزم الأوساط المطلعة بالايجاب، وتؤكد ان هذا الحل يبقى ممكناً طالما أن مختلف القوى الفاعلة لا تزال تؤكد انها تقف خلف بكركي في قضية الاستحقاق الرئاسي.

وهو موقف يجب التثبت منه، واللحاق بأصحابه حتى دورهم الواسعة، قبل فوات الأوان.