من
حوار جعجع
ونصر الله
بقلم/جان عزيز – صدى البلد
الثلاثاء, 07
مارس, 2006
قال سمير
جعجع لحسن نصرالله
يوم السبت
الماضي في
الجلسة
المغلقة
السادسة من
الحوار: "سأحدثك
يا سيد بكل
صراحة وبقلب
مفتوح. فأنا
أفهمك
تماماً،
لأنني عشت
تجربة مماثلة لتجربتكم.
أنا أيضاً كان
لدي جيش كامل
بعشرات
الدبابات ومئات
المدافع، وفي
لحظة اتخذت
قرار تفكيكه
بالكامل. حتى انني بعد
خروجي من
السجن صرت
شخصاً آخر،
تخليت عن الكثير
من أفكاري
السابقة
واعتنقت
أفكاراً جديدة
لمصلحة هذا
البلد. حتى ان
البعض من القواتيين
لم يتقبلوا
هذا التغيير
وأجد صعوبة في
إقناعهم به. لكن
صدقني، مصلحة
لبنان وشعبه
تقتضي منا ذلك".
ابتسم أمين
عام حزب الله،
قبل ان
يجيب: "وأنا
أيضاً قطعت
شوطاً كبيراً
على الطريق نفسها.
فلا تنس انني
آتٍ من جماعة
لا تؤمن بأقل
من تحرير
القدس وإقامة
الجمهورية
الإسلامية في
لبنان. وأنا
أيضاً وجدت
صعوبة في
إقناع
جماعتي، لكننا
نجحنا،
والتزمنا
نهائياً ان
يكون سلاحنا
في إطار لبنان
وحده وفي خدمة
تحريره لا غير...".
فأردف جعجع:
"لكنكم في حلف
مع إيران وهذا
يتخطى حدود
الوطن". فأجابه
نصرالله:
"علاقتنا
بطهران
نجيّرها
لمصلحة
لبنان، لا العكس.
طيلة الأعوام
الماضية نحن
كنا في حاجة الى دعمها
لتحرير أرضنا.
بينما لا
تحتاج طهران الى دعمنا
في مواجهة أي
كان. وفي
كل حال تعهدنا
واضح ونهائي: سلاحنا
ليس
للاستعمال في
الداخل، بل
للتحرير، هذه
هي كلمتنا".
الذين كانوا
يستمعون الى
هذا الحوار لم
يفاجأوا
بمضمونه، ولا
بالمسافة
التي تفصل
الرجلين. فمن
الطبيعي
والمنطقي
والمفروض ان
يتبادل زعيما
القوات اللبنانية
وحزب الله هذا
الحديث. لكن
قلة من
الجالسين الى
طاولة ساحة
النجمة، راحت
أبعد في
القراءة، لتسأل:
لكن على ماذا اتفق
الرجلان
نفساهما قبل
سبعة أشهر؟ علام
تحالفا في
الانتخابات
وفي الحكومة
وفي بيانها
الوزاري الذي
أقفل منذ تموز
الماضي هذا النقاش؟
وما الذي تغيّر
لتنقلب "الثقة"
التي منحها
نواب "القوات"
لسلاح
المقاومة
الصيف الماضي
عدم ثقة كالتي
تناقش في
المجلس
النيابي نفسه
اليوم؟
مراقبون
سياسيون
يخشون ان
تكون الصورة
المسيحية
مطابقة لما
كانت عليه عام
1989، بكل
تفاصيلها
وحيثياتها
ودقائقها. كما
يخشون ان
يكون "التحالف
الرباعي" الذي
قام قبل نحو
سنة مرشحاً
ليلعب دور "اتفاق
الطائف" الذي
أقرّ قبل 17
سنة؟ أحد أبرز
معاوني جعجع
السابقين قال
مطلع
التسعينات،
انه بالتأكيد
ليس من الذكاء
بمكان، ان
يدفع طرف
مسيحي ثمن
اتفاق الطائف
ثلاث مرات: مرة
بالاقتتال
عند دخوله
فيه، ومرة
بالتهميش عند
تطبيقه عليه،
وثالثة
بالقتل عند
خروجه منه.
وزاد من
مفارقة هذه
الملاحظة ان
الأطراف غير
المسيحية
تعاملت مع
المسألة في شكل
معاكس
بالكامل. فهي
قبضت عند
إقرار الطائف
واستفادت
طيلة تطبيقه
وتحولت فجأة
ضحايا تستحق
التعويض بعد
نهايته.
النمط نفسه
يكاد يرتسم اليوم
مع مقاربة
التحالف
الرباعي الذي
قام بين الحريري
وجنبلاط
من جهة
وثنائية حزب
الله وأمل
الشيعية من
جهة أخرى، وسط
صمت مسيحيي 14
شباط
وموافقتهم. فمع
قيام هذا
الحلف بين
آذار ونيسان
الماضيين دفع
المسيحيون 44
مقعداً
نيابياً من
مقاعدهم الأربعة
والستين، هي
في الواقع
والوقائع،
مجموع النواب
المسيحيين
الذين أوصلهم
الحلف
الرباعي الى
المجلس،
تاركاً لهم
مهمة اختيار 20
نائباً
مسيحياً فقط.
ومع تطبيق
حكم الحلف
نفسه دفع
المسيحيون
أيضاً تسعة
مقاعد وزارية
من مقاعدهم الاثني
عشر في
الحكومة
الحالية. ولم
يترك
للمسيحيين
الحلفاء سوى
ثلاثة مقاعد
تقاسمهما
حلفاء 14 شباط، ورضيوا
بفتات
حقائبها
المتواضعة.
واليوم يتجه
مسيحيو الحلف
نفسه الى
الخروج من "الرباعي"
فهل يدفعون
الثمن مرة
ثالثة، رئاسة
جمهورية،
تماماً كما
دفعوا الثمن
ثلاثاً أيام
الطائف؟
المشكلة ان
آليات العمل
السياسي في
لبنان تعطي زعامات
الوطن
التاريخية
تفلتاً
كاملاً من أي مساءلة
أو محاسبة. تبقى
مسؤولية
التاريخ،
وقبلها
مسؤولية بكركي،
التي لم تفقد
بعد أوراقها
الوازنة، ولا
يمكن ان
تنكفئ عن
لعبها، أياً
كانت ضغوط
الداخل أو الخارج.