رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لـ((الشراع)): لست مرشحاً تقليدياً للرئاسة والعرب مع رئيس جدي وفاعل  

04 كانون الثاني/13

حاوره احمد خالد /  الشراع

*لحود سـلّـم لبنان لسوريا وأشرف على وصايتها عليه

*لو لم نتعاط مع السوري مثلما تعاطينا معه لما تمكنوا من قتل رفيق الحريري

*أقول لمنتقدي المقاطعة يجب ان نطلق صرخة كبيرة لنصل الى النتيجة المطلوبة

*المسيحيون بثلثيهم مع توجهات 14 آذار/ مارس

*في كسروان 8 و14 آذار/ مارس لديهما القوة نفسها وفي السياسة الناس معنا

*اكثر الزعماء المكروهين مسيحياً هم احمد الاسير ثم جنبلاط وأنا وعون في المرتبة الاخيرة

*كنت أول المتصلين بعباس لتهنئته بالاعتراف بالدولة الفلسطينية

*لست مرشحاً تقليدياً للرئاسة لكنني أتمناها لتحقيق مشروعي وأهدافي وتطلعاتي للبنان

*نعم الجنرال عون هو الاقوى بين المسيحيين ولكن شيعياً

*الخارج سئم قبل الداخل من الدولة اللبنانية المشلولة والمنحلة والعرب مع رئيس جدي وفاعل لمساعدة لبنان

*لسنا بوضع ضعيف في زحلة وتحالفاتنا لن تكون تقليدية

في مقره في معراب يفتح رئيس حزب ((القوات اللبنانية)) الدكتور سمير جعجع مع عدد من الاصدقاء من بينهم مندوب ((الشراع)) بعضاً من صفحات ذكرياته وتجربته في المعتقل، ويتطرق الى مواضيع سياسية واجتماعية.

الحوار مع ((الحكيم)) يتشعب وهو لم يكن حواراً كلاسيكياً بل دردشة وجدانية من القلب الى القلب، حوار امتزج فيه السياسي بالوجداني، والفلسفي بالواقعي، وهو الذي يعتبر ان النجاح والوصول الى الهدف يتطلبان تراكم المواقف.. والحياة بنظره ليست مجرد ترف بل مواقف ونضال، وهو المسكون بـ((الفلسفة، والبعد الروحي والتنسكي))، وعشقه للقراءة والمطالعة والاطلاع.

ويؤكد ((الحكيم)) هذا المنحى المعروف في شخصيته النهمة دوماً للمعرفة ويقول: ((هذه الحالة رافقتني خصوصاً من عام 1990 الى 2005، كنت أقضي كل وقتي بالتفكير والتأمل، وربما من اكثر المرات في حياتي والتي عمقت فيها قراءاتي ووسعت مفاهيمي في كل المجالات كانت عندما كنت في دير القطارة، مسؤولاً عن جبهة الشمال، طبعاً باستثناء الاوقات التي كنا نتعرض فيها لهجمات، وغارات، فقد كان لدي الوقت للقراءة، بعد إنجاز مهمات الحراسة، وتفقد الخطوط الامامية، والخطوط اللوجستية، وتفقد العسكر.. لذلك في تلك المرحلة استفدت وأنجزت جزءاً من قراءاتي..)).

البعد الروحي التنسكي

ويتابع "الحكيم "الذي يجد لذة في الحديث عن الماضي المحمل بالنضال والتجارب، قائلاً: ((تتالت الاحداث بعد سنة 1982، خصوصاً بعد اغتيال الشيخ بشير الجميل، فاضطررت للصعود الى منطقة الجبل لمواجهة الوضع القائم هناك، ومن الطبيعي في وضع كوضع الجبل المشتعل يومذاك، فإنك لا تستطيع أن تقرأ، أو تكتب. ثم من بعد الجبل كان الوضع في بيروت ((خرباناً)) فانتهينا بانتفاضة 1985، ثم انتفاضة 1986، نتيجة زيارات ايلي حبيقة الى الشام، وما نتج عنها مما سمي بـ((الاتفاق الثلاثي)).. من بعدها وعندما أصبحت في قيادة القوات اللبنانية، لم يعد لدي لا الوقت ولا الفراغ لمتابعة قراءاتي وتأملاتي بسبب تسارع الأحداث.. الى ان اعتقلوني)).

((الحكيم)) الذي اُدخل الى المعتقل، تمكن من تحويله مكاناً وصومعة للتأمل، فقهر ظلمة هذا المعتقل ووحشته بصفائه الروحي، ويقول ((.. صار لي وقت عندما اعتقلت، لذا صرت أتعمق بكل المسائل الفكرية التي تتحدث عن ((البعد الروحي التنسكي))، وهي قضايا تهمني، وكنت قبلها أجمع الطلاب وألقي عليهم محاضرات من كتاب le gouellan ،وكتاب L'homme, cet inconnu . وخلال الاعتقال أكملت البعد الروحي التنسكي، الذي أعتبره اساساً للانسان حتى يخوض تجربة حياة ناجحة وجدية، وأن يكون الانسان قوياً بهذا البعد، فالمحارب او المقاتل الشريف في كثير من ثقافات الشرق الادنى والاساطير، يجب ان يبدأ بقضاء فترة من حياته ما بين سنة وسنتين وعشر سنين في ما يسمونه بـ((عزلة المحارب))، مثلاً في افريقيا يضعونه في الغابة، وأن يقوم المقاتل و((يدبر حالو))، الكثير كانوا يخافون ان يعودوا الى بيوتهم مثلاً او يتخاذلوا، وهناك أساطير في بلاد ما بين النهرين يدعو بعضها لخضوع البطل لما يطلق عليه ((descend aux enfers le )) اي كل بطل عليه ان ينزل الى جهنم، حتى يمر في الحياة دون أن يضعف، أو ان يتعب، وهذا المنحى واقعي جداً.. فالمعتاد على الحياة السهلة لا يمكنه ان يعيش ظروفاً صعبة، أو يصمد أمام صعوبات الحياة، وحتى في الحياة السياسية العادية تجعله هذه الامور يقوى تجاه الضغوطات من جهة او الاغراءات من جهة اخرى، وذلك حتى يقدر ان يستمر.. فهذا الجانب كان يهمني جداً حتى قبل المعتقل، وخلال ايام ((دير القطارة)).

وتابع: ((خلال فترة اعتقالي تعلمت ألا اركز على ما فعله الآخرون بحقي، ولم اقض الوقت في السجن افكر بما جرى معي، وأندب حظي، على العكس تكيفت مع الواقع واعتبرت انه صار لدي عمل وان هذا العمل يدخل في سياق النضال والكفاح، ولم أكن احسب الوقت ((كنت شايف القصة طويلة))، وكنت اعتبر ان وجودي في الاعتقال أيضاً شغل ونضال وأهم من كل الاشغال، ونحن نتذكر دوماً من له قيمة تاريخية رمزية نتذكر مثلاً يوسف بك كرم، ولا نتذكر وزيراً ربما في حكومة الحاج حسين العويني، تذكروا ان التاريخ يكتب تباعاً وعلى الاقل سيذكر ايضاً الذين كانت لديهم أدوار سلبية، مثلاً التاريخ سيذكر اسم الرئيس اميل لحود الذي سلم لبنان لسوريا، وأشرف على الوصاية السورية على لبنان..)).

لم استسلم ولم ارضخ

وتابع: ((كنت في المعتقل افكر كيف أكون معتقلاً مثالياً فلا استسلم لهم، ولا أرضخ، وأن اعيش حياتي كمعتقل كما هو مفروض، فلم افكر ابداً متى سيتم الافراج عني، واستمررت، مع انني في الوقت نفسه كنت مؤمناً بنهاية الأزمة القائمة على توازن سياسي، وانه وبعد ان يتبدل هذا التوازن السياسي سأخرج من معتقل دخلته بسبب وجود عهد وصاية سورية، لا لأي سبب آخر، وأول ما سيضعف عهد هذه الوصاية، وما ان ينتهي هذا التوازن سأخرج، وبالفعل عندما خرج السوريون في نيسان/ ابريل أنا خرجت من معتقلي في تموز/ يوليو، والتأخير في خروجي حتى تموز/ يوليو كان فقط بسبب الاجراءات الادارية)).

((خليك قبضاي)) آخدينك على التحقيق

وعما إذا تبادر الى ذهنه يوماً في انه طعن من الحلفاء قبل الاصدقاء، وانه كان ((كبش محرقة)) ودفع من عمره اعتقالاً بسبب غدر البعض، يبتسم جعجع ويرد بهدوء وتسامح مسيحي يؤمن به قائلاً: ((لا أبداً لم تراودني هذه الافكار، لأن حوالى 99 % من الناس من الذين كانوا حولي لم يكونوا مقتنعين أبداً، مروراً بالحرس والمحققين الذين حققوا معي التحقيقات الاولية، والقضاة الذين كانوا يحققون معي تحقيقات قضائية انتهاء برئيس الجمهورية، كلهم غير مقتنعين بوجودي في المعتقل إلا انهم كانوا أدوات الاعتقال ليس إلا، وكنت أفكر ان كل هؤلاء غير موجودين، مثلاً عندما كان العسكري يضع العصبة على عيني كان يقول لي ((خليك قبضاي نحنا آخدينك على التحقيق))، وضابط آخر يؤكد لي ((بتعرف يا حكيم نحن مجبورين))، فهذا مجبور وهذا مضطر.. ((مين كان بدو هيك السوريون كان بدهم هيك)) هذه الفكرة كانت تجعلني أتمسك بموقفي، فلو كان هؤلاء يجسدون موقفهم الرافض لما كان هناك ظلم واحتلال، إنما الكل يشارك، فالمثل الذي يقول ((الايد يللي ما فيك عليا بوسها وادعي عليها بالكسر)) ((لا يا خيي لا تبوسها ولا تدعي عليها بالكسر بل ارفضها.. فلو لم يتعاط احد مع السوري لما وصلنا الى ما نحن عليه، ولما تمكنوا حتى من قتل الشهيد رفيق الحريري)).

الحياة موقف

وأضاف: ((الحياة موقف، وأتذكر كيف كان كل من يصعد لزيارتي الى السجن، كان متحفظاً في حديثه معي وخائفاً، بينما أنا كنت أطرح كل ما أريد طرحه من معتقلي بحرية، في الوقت الذي كان فيه كل الموجودين خارجاً أسرى الوضع القائم، خائفين وحذرين من التلفظ بكلمة خارج الخط، هذه الجوانب من الحياة هي الحياة الحقيقية، مثل الذين كانوا يقولون لنا اليوم ((على ماذا تتكلون في المقاطعة؟ أقول لهم يجب ان نطلق صرخة كبيرة، وعلينا أن نكثف الموقف وأن نزيد من تراكمه حتى نصل الى النتيجة المطلوبة)).

استطلاعات ونتائج

ورداً على ما قيل عن وجود استطلاعات رأي تؤكد ان عدداً كبيراً من المسيحيين باتوا خارج فريقي 14 و8 آذار، يؤكد الدكتور جعجع: ((أنا لست مع هذا التوصيف، لأنني اطلعت بنفسي على استطلاعات رأي تناولت موقف المسيحيين من جعجع وعون، وجدت قسماً معي وقسماً آخر مع عون، اما القسم الثالث فلا مع عون ولا جعجع، ولكن عندما تسأل هذه الشريحة أسئلة سياسية تجد ان ثلثي هؤلاء مع توجهات 14 آذار، أما فيما يتعلق بالحكومة، فقد جرى استطلاع رأي في كسروان مع الناس حول الحكومة فتبين ان 66 % من الناس في كسروان ضد الحكومة.. وان أحزاب 14 و8 آذار في كسروان لديها تقريباً القوة نفسها، ولكن هناك كتلة كبيرة تجد طرحها وميلها السياسي لصالح 14 آذار)).

الجنرال عون ((الأقوى شيعياً))

وعما يتردد بأن الجنرال عون هو الاقوى مسيحياً، يضحك الحكيم ويرد فعلاً ان الجنرال هو الأقوى بين المسيحيين، ولكن ((شيعياً)).. لقد قاموا باستطلاعات من خلال وكالة تابعة لهم حتى تظل توحي بهذا الامر، فكانت النتائج وفق وكالتهم تارة 23,5 % لصالحي وأخرى 23% لصالح عون ثم العكس وبالفارق نفسه، وكذلك بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ومن هنا استنتجوا ان عون ما زال الزعيم الأول، فكيف ذلك؟ ففي أي استطلاع رأي هناك ((مساحة هامش الخطأ)) ما بين 2 و3 %، وخلال الدراسة سألوا سؤالاً نشروه في جريدة ((الاخبار)) دون انتباه، والسؤال للمسيحيين كان ((من هو الزعيم الذي تكرهه بالتتالي))، فكانت النتائج ان أكثر الزعماء المكروهين مسيحياً بالتتالي: أحمد الاسير، ثم وليد جنبلاط، نجيب ميقاتي، نبيه بري، حسن نصرالله، وسعد الحريري ثم ميشال عون، سليمان فرنجية، سمير جعجع.. يعني إذا سلمنا جدلاً انني وعون في النسبة نفسها إيجابياً إلا ان عون وفق هذا الاستطلاع يتقدمني سلبياً.. لذا علينا الانتباه لأننا سنتعرض لحملات إعلامية كثيرة من هذا النوع ليظهروا ان عون هو الزعيم المسيحي الأول، إلا ان هذا الامر في الواقع غير صحيح إطلاقاً.

زيارة غزة

وفي معرض حديثه عن زيارة وفد 14 آذار الاخيرة التضامنية الى غزة يعلن ((الحكيم)): نحن كمسيحيين لا يمكن أن نبقى في هذا الشرق إلا إذا كنا من هذا الشرق وحتى نكون من هذا الشرق، علينا أن نتفاعل مع قضاياه سلباً أم إيجاباً، وأكبر خطأ نرتكبه ان نكون على هامش الاحداث، لأننا عندها سنصبح على الهامش، بل يجب ان نكون على الطاولة، ونأخذ قرارنا، فأنا ضد المنحى الذي يدعو إليه عدد من المسيحيين بالابتعاد والعزلة عما يجري، لأن الحياة مستمرة و((ماشية أو تمشي معها، أو تصبح على قارعة الطريق))!!

وفيما يتعلق بزيارة غزة فأقل ما يقال انها زيارة لها بعدها الانساني، زرنا غزة بعد أسبوع من القصف والمعارك والتي أدت الى سقوط 130 قتيلاً، للتضامن مع شعب عربي هو شعب فلسطين، الذي لدينا علاقات مع دولته كدولة عضو في الجامعة العربية، وقبلنا زار غزة أيضاً وزراء الخارجية العرب، وبعض المسؤولين الاوروبيين، لذا زيارتنا طبيعية ببعدها الانساني، وقد تتكرر لا سمح الله لو حصل الامر ذاته مع الضفة الغربية، وأنتم تعرفون مدى علاقتنا بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، فأنا كنت من أول المتصلين به مهنئاً بموضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية)).

فخامة الرئيس !!

وعما إذا كان بالإمكان مناداته يوماً ما بـ((فخامة الرئيس))، يضحك ويقول بكل شفافية وصدق: ((بيني وبينكم لا أفكر بالموضوع، ولن أكون مرشحاً لرئاسة الجمهورية بالشكل التقليدي، من حيث ترتيب المواقف، التي تتلاءم، أو الاتصالات مع الكتل، والقيام بصفقات وغيرها من أمور، بل أنا أكمل عملي بشكل طبيعي كما أنا، ولكن إذا اقتربت الانتخابات وتبين ان هناك توجهات لدى بعض الكتل في أن أكون في موقع الرئاسة، طبيعي أنا أتمنى ذلك من باب انني أصبح في موقع يتيح لي تحقيق مشروعي وأهدافي وتطلعاتي للبنان)).

ورداً على القول بأنه بات الاكثر قبولاً لموقع رئاسة الجمهورية في لبنان لدى عدد من دول القرار العربية وفق استطلاعات ودراسات، يقول: ((بصراحة أنا لاحظت من خلال عملي السياسي ان الاطراف الداخلية والخارجية سئموا من حالة الدولة اللبنانية القائمة ومن الضعف الذي تعانيه بحيث تبدو دولة مشلولة ومنحلة، وأكد لي عدد من المسؤولين العرب الذين التقيتهم بأنهم إذا فكروا في تجميد الوضع في لبنان وتقوية الدولة علينا الذهاب لاختيار رئيس جدي وفاعل)).

وتابع جعجع ((يطل علينا البعض بالقول ان لا صلاحيات لرئيس الجمهورية لتفعيل عمل الدولة، بل على العكس تماماً بالإمكان تفعيل المؤسسات وإقامة الدولة وتعزيزها بالصلاحيات الموجودة ما المشكل في ذلك))؟!

كل من هو خارج القضية لا مكان له بيننا

وحول الوضع الانتخابي وفي زحلة بصورة خاصة قال: ((نحن لدينا مشروعنا السياسي الواضح فمن يؤيد مشروعنا يمكن البحث معه، فلا مصلحة لنا أبداً للتعاطي مع أي كان من خارج مشروعنا السياسي نحن لسنا قيادة تقليدية همنا الحفاظ على مناصبنا ولسنا في زحلة بوضع ضعيف، فكل من هو مع القضية أهلاً به، وأعلن ان هذه السنة ستكون تحالفاتنا الانتخابية تحالفات قائمة حول ((القضية)) التي نؤمن بها لا أكثر ولا أقل وكل من هو خارج القضية لا مكان له بيننا.