اللواء اشرف ريفي: امن طرابلس ليس سلعة بيد النظام السوري وحزب الله والتغاضي عما يجري يهدّد بخروج الامور عن السيطرة/دعا اهلها وقياداتها للتحرك لاعادة الحياة اليها

المركزية-25 تشرين الأول/13/ اكد المدير العام السابق لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي انه "من غير المسموح ان تترك زمرة مسلّحة كمسدس مصوّب الى رأس مدينة طرابلس لتهديد امنها واستقرارها وسلامتها"، لافتاً الى ان "امن طرابلس ليس سلعة بيد النظام السوري ولا بيد "حزب الله"، امن المدينة حقّ لها وليس منّة من احد وعلى الدولة وعلى كلّ المسؤولين السياسيين وغير السياسيين ان يتحملوا مسؤولياتهم تجاه طرابلس"، ومعتبراً ان "التغاضي عما يجري بات يهدّد بخروج الامور عن السيطرة واذا حصل ذلك نكون دخلنا في المجهول ولن يرحم التاريخ المقصرين والمتخاذلين".

وقال في مؤتمر صحافي عقده في دارته في طرابلس "كما تعوّدنا في اللحظات الصعبة ان نقول الحقائق كما هي. نحن مدعوون اليوم باسم طرابلس وباسم كل اللبنانيين الشرفاء والمؤمنين بدولتهم والمؤسسات ان نضع الاصبع على الجرح وان نُنبّه الى خطورة ما تتعرّض له المدينة من اعتداءات اصبحت تأخذ طابع المؤامرة. مرّة جديدة يحاولون تدفيع طرابلس الابية ثمن وقفاتها الوطنية والتاريخية الكبيرة وثمن تمسّكها بخيار الدولة. فالى متى سيستمرون؟، والى متى سيبقى هذا الجرح نازفاً؟، هل يعتقد احد بعد الان ان هناك من سيبقى ساكتاً عن الاعتداء المُبرمج والاثم على كرامة طرابلس وامنها"؟.

اضاف "انه الاعتداء السابع عشر من حوادث 7 ايار 2008 المشؤومة طبعاً وليست المجيدة ومنذ اتفاق الدوحة الذي نقضوه على مستوى الوطن والذي برهنوا من خلال الاعتداء على طرابلس انه لم يكن سوى محطة لقضم ما تبقى من هيبة الدولة والمؤسسات. انه الاعتداء الثاني عشر على المدينة بعد تشكيل هذه الحكومة المستقيلة التي كانت استقالتها اشبة باستقالة ميّت واليوم تحت اصوات الرصاص والقنابل التي تروّع الاطفال منذ 5 ايام وعلى وقع الشلل الذي احدثته هذه الاعتداءات المجرمة تعلن طرابلس وفاة هذا الخيار السياسي الخارج عن قناعتها وثوابتها واعني بذلك سقوط خيار المحور السوري – الايراني في طرابلس. من هنا، من هذه المدينة اللبنانية عاصمة الشمال التي لم تساوم يوما على كرامتها، من مدينة الشهيد رفيق الحريري ومن مدينة ثورة الأرز التي آمنت بالدولة، ومن هذه المدينة العظيمة التي تفخر بكبار من ابنائها كالرئيس الشهيد رشيد كرامي والمناضل عبد المجيد الرافعي نقول للقاصي والداني طفح الكيل ما جرى ويجري لم يعد مقبولا بكلّ المقاييس ويجب ان يتوقف فوراً".

وتابع "يهمني كابن طرابلس الغالية التحدث امام الرأي العام بصراحة علّ بعض الكلمات تصل الى حيث يجب. اولا، جرّب النظام السوري ابان وصايته على لبنان ان يركّع طرابلس وفشل، حيث هدّم البيوت فوق رؤوس اصحابها وارتكب ابشع المجازر في حقّ ابنائها ولا يمكن ان تنسى طرابلس في هذا المجال المجزرة التي تعرّض لها اهلنا في التبانة عام 1986، كما لا يمكن ان تنسى الشهيد البطل خليل مكاوي ابو عربي الذي اغتاله النظام السوري، ولا ننسى كيف زجّ عدد كبير من شبابنا الوطنيين في السجن السوري الكبير. اليوم، تقول له طرابلس انها لا تخاف منه ولا من اتباعه هي قادرة على الدفاع عن نفسها بخيار الدولة ومؤسساتها وما لم يحققه بالأمس في عزّ جبروته وسطوته لن يحصل عليه اليوم بواسطة زمر مرتهنة. ثانيا، دعوتنا واضحة الى الدولة اللبنانية ان تقوم بواجبها في تأمين امن المدينة واتخاذ اجراءات حاسمة تمنع الاعتداء على طرابلس حيث يكون الأمن لها وليس عليها، عندما نطالب بهذا الأمن لا نتسول حقا ليس لنا، بل نقول للجميع هذا المسلسل يجب ان يتوقف والقانون في المدينة يجب ان يطبّق وطرابلس جاهزة لتسهيل كلّ الاجراءات وهي تنتظر من الدولة اللبنانية المبادرة السريعة كي لا تتطور الأمور الى الأسوأ".

ولفت ريفي الى انه "يخطئ من يعتقد ان ما يجري في طرابلس مواجهة مذهبية بين السنة والعلويين، ما يحصل اعتداء من زمرة تمّ تسليحها لضرب امن طرابلس، جماعة ثَبُت للأجهزة الأمنية التي نشكر لها جهدها في كشف الجريمة الكبرى، ان مجرمين يختبئون تحت عباءتها على الأقل ارتكبوا جريمتي التفجير في مسجدي السلام والتقوى والتي ادت الى استشهاد اكثر من 50 مواطنا وجرح المئات من ابناء طرابلس الابرار. هذا الواقع، يجعلنا نتوجه الى اهلنا في جبل محسن ليتخذوا الموقف المناسب لادانة المسؤولين عن التفجيرات المجرمة ونتوجه الى المرجعية الدينية العلوية الى ادانة هؤلاء والتبرؤ منهم وادانة المجرم حيّان رمضان الذي يختبئ بعباءة رجل دين".

وسأل الاجهزة الأمنية القادرة "لماذا لم تبادر الى اليوم الى مداهمة هؤلاء المجرمين واعتقالهم وسوقهم امام القضاء ليصار الى محاكمتهم وفقا للقانون منعا للثأر والانتقام ولاخماد الثورة من داخل اهالي المدينة والشهداء والجرحى"؟.

وقال "طرابلس لا يمكن ان تقبل ان يتحول هؤلاء المجرمون الى قديسين جدد، نحن اليوم، نؤكد انحيازنا الى منطق الدولة ورفضنا الأمن الذاتي الذي واجهناه في وقت كنا نغرق في دمائنا ودماء ابنائنا الذين سقطوا في انفجار طرابلس، ونحن اليوم امام لحظة الحقيقة التي يجب ان تقال: طرابلس لم تعد قادرة على تحمل هذه الاعتداءات، في الجولة السابقة ابلغ الرئيس سعد الحريري كل المعنيين ان عدم وقف هذا المسلسل الاجرامي ستكون له عواقب وخيمة تماما كما فعل نواب المدينة وفاعلياتها وقياداتها. طرابلس لم تعد تستطيع التحمل وطرابلس لا يمكن ان تقبل ان نكون شهوداً على استهدافها من دون ان نحرك ساكنا".

واكد ان "طرابلس لم تعد تقبل وعودا واقوالا بل تريد افعالا وهي تطالبنا بحقها الطبيعي في الامن والاستقرار. صبيحة هذا اليوم اتصل بي الرئيس فؤاد السنيورة معلننا استعداده للاعتصام في هذه المدينة الى ان ينتهي هذا المسلسل الاجرامي، الاحرى والاولى بالرئيس نجيب ميقاتي ووزرائه الطرابلسيين ان يتركوا وزاراتهم ويعتكفوا في مدينتهم لاعادة حقها في الامن اليها".

ودعا اهل طرابلس، من قيادات ومرجعيات وفاعليات وشرائح اهلية وشعبية، الى "التشاور والبحث في خطة تحرك، تعيد لطرابلس حياتها الطبيعية. لن نعدم اي خيار لحماية اهلنا ومدينتنا".

اضاف "ولا بد من التطرق الى 3 نقاط هي اولا التعويض على المتضررين جراء تفجيري مسجدي التقوى والسلام، حيث مضى نحو 3 اشهر عليهما ولم تدفع اي تعويضات سوى تعويض رمزي يبلغ الف دولار فقط لا غير، ما يسمى بدل الايواء. والى اليوم هناك بيوت لم ترمّم، فمن يحمي سكانها من العواصف والشتاء، ولا نرى الا وعوداً ولا تعويضات. ثانيا، وضع باب التبانة، هناك اسباب سياسة وراء ما يحصل من حوادث، لكن هناك ايضا اسباباً انسانية واقتصادية واجتماعية. ولا يمكن ان تبقى التبانة في شكل خاص، ومناطقنا الشعبية، في حالة من الحرمان وعدم وجود فرص عمل للشباب. وثالثا، لا يمكن ان يكون الحل الا سياسيا وتنمويا، هناك مشاريع كبيرة في طرابلس والشمال عموما، هناك معرض رشيد كرامي الدولي ومرفأ طرابلس ومصفاة طرابلس ومطار الرئيس رينيه معوض، ويجب ان تفعّل هذه المشاريع، لايجاد فرص عمل لاولادنا ولأهلنا، لحماية اي قرار سياسي او امني، من خلال التنمية والتنمية الاجتماعية والانسانية".

حوار: وبعد انتهاء المؤتمر، ردّ اللواء ريفي على اسئلة الصحافيين.

*سئل: تتهمون النظام السوري بانه يقف وراء حوادث طرابلس ولكن هل النظام نفسه هو من يمدّ المجموعات الموجودة في باب التبانة بالسلاح؟

-اجاب "النظام السوري لديه "زُمر" معروفة المحور السوري-الايراني- "حزب الله"، نحن نعلم خريطة توزيع المجموعات المتعاملة معهم وهي مجموعات من المُرتزقة لا يُبنى عليها رهان. اسف ان نقول ان طرابلس تُدافع عن نفسها فقط لا غير، هي لم تكن في حالة هجوم كانت فقط في حالة دفاع، طرابلس في كل تاريخها تُراهن على الدولة ومؤسساتها وهي مدينة مُسالمة ومدينة للعيش المشترك".

واوضح رداً على سؤال ان "كميات السلاح الموجودة في باب التبانة لا تُحسب امام كميات السلاح الموجودة لدى مجموعات "حزب الله" او "سرايا المقاومة". لن نخجل في تبنّي اهلنا في المناطق التي تتعرّض للهجوم. نعم هناك من بنى جيشاً اشبة بجيش نظامي يلبس لباس الجيش اللبناني ويستعرض قواته امام عدسات الكاميرات، لا يُمكن للدولة ان تنظر بعينين يجب ان تنظر بعين واحدة لكافة ابنائها. عندما يُعتقل شخص من ابنائنا ويُزجّ في السجن ولا ندري كيف يخرج منه، عندما تمرّ الدبابات امام الحواجز العسكرية والرسمية اسف ان اقول ان الدولة يجب ان تكون عادلة ومُنصفة لكافة ابنائها".

*سئل: ما صحة المعلومات عن انتقال اكثر من 2000 من عكار في اتجاه باب التبانة؟

-اجاب اللواء ريفي "لا صحة لهذا الكلام، هذا كلام تعمية لا يستند الى وقائع، اقول اننا في حالة دفاع فقط لا غير، نرجو من الدولة اللبنانية ان تقوم بواجباتها لحمايتنا ونحن جاهزون الى ان ننتقل الى الحياة المدنية وهذا ميلنا الطبيعي. لا يجوز ان يُقال في لبنان ان هناك بندقية شرعية وطنية وبندقية غير شرعية ارهابية. جميع البنادق غير شرعية ويجب ان تُجرّد من الناس كافة".

*سئل: اين هي الدولة في حماية اهل طرابلس؟

- قال "اسف ان اقول ان هناك تقصيراً هناك خيارات سياسية لدى الدولة ولدى الحكومة ان لا تكون الى جانب خيار "8 آذار" والمحور السوري-الايراني في طرابلس. لا يُمكن ان يجرّنا احد الى هذا المحور نهائياً، خيارنا واضح نحن مع الدولة السيدة الحرّة المستقلة، ونرجو ان تكون الدولة مع خيار نفسها والا ستخسر كثيراً".

*سئل: ملف طرابلس يُنظر اليه فقط من المنظار الامني، لماذا الحكومات والدولة في شكل عام من فترات الى الان لم تنظر الى تنمية المناطق المحرومة في طرابلس؟

- اجاب اللواء ريفي "لا يُمكن ان تُحلّ ازمة طرابلس كما ازمة كل لبنان من منظار امني فقط او من منظار سياسي، هناك ارتباط وثيق ما بين السياسة والامن والتنمية، لا يمكن ان يكون هناك عدد ضخم من الشباب لا يجد قوت اولاده بكرامة وان نقول له التزم بيتك من دون عشاء. اذاً التنمية واجب، هناك مشاريع كثيرة في الشمال شبه معطّلة كمرفأ طرابلس ومحطة التكرير والمنطقة الحرّة الخاصة، معرض رشيد كرامي، مطار رينيه معوّض، هذه المشاريع لو دُبت الحركة فيها لتحرّكت الدورة الاقتصادية واعطت فرص عمل كثيرة لشباب لبنان".

*سئل: اين اصبحت الخطة الامنية؟

- قال "اسف ان اقول كعسكري سابق نحن لسنا في معركة العلمين، نحن في الخطة الثانية عشرة، هذه مهزلة وكأن هناك احساستً لدى الناس ان ما يجري هو خطة رعاية للعبث بأمن المدينة وليس لحفظ امن المدينة، لمصلحة مشروع حاول ان يُفكّر انه يستطيع الهيمنة على لبنان لكن لا احد يستطيع ذلك الا الدولة اللبنانية. اقول للجميع اعيدوا النظر في حساباتكم نحن كلبنانيين توافقنا على ان تحكمنا الدولة اللبنانية ولا يمكن لاي فريق ان يحكمنا مهما كانت قوته العسكرية".

*سئل: ما هي الخيارات اذا لم تستجب الدولة الى هذا النداء؟

- اجاب ريفي "الدولة التي لا تستجيب لهذا النداء ليست دولة، ولا تستحق الحياة، سنراهن على لبنان وعلى الدولة، والمسؤولون الذين يقصّرون في واجباتهم يجب ان يسقطوا ويستبدلوا بآخرين، لا احد يستطيع اخذ البلد بخياراته بل يجب ان نتشارك".

*سئل: الا تعتقد ان الاجهزة بحاجة الى دعم لوجستي اضافة الى الدعم السياسي؟

-قال "نحن لا نُحارب جيوشاً جبّارة، هناك بقعة جغرافية صغيرة جداً يوجد فيها اناس رهائن، هناك زمرة مسلّحة للاسف مرتبطة بمشروع مشبوه غير قابل للحياة. سبق وجرّبوا في السابق اخضاع الشمال وطرابلس خصوصاً لاخذها الى خيار سياسي معيّن، لن يستطيعوا مهما كلف الامر". الوكيل السوري الاصلي لم يستطع تركيع طرابلس، الوكيل لن يستطيع فعل ما لم يستطع القيام به الأصيل".

*تحدثت عن دور لحزب الله ومشاركته في الإشتباكات؟

- اجاب "نعم اقول بصراحة ان الحزب يمد هذه الزمرة المسلحة بالسلاح وبالتعليمات وبالأموال

* هل دولتنا اقوى من الحزب؟

- قال اللواء ريفي "آسف نحن امام دولة ودويلة التي يبدو انها حاليا مهيمنة على الدولة هناك بعض المؤسسات القضائية والأمنية والعسكرية تدور في فلك "حزب الله"، لذلك نطالب الدولة اللبنانية بان تكون منصفة مع ابنائها والى جانب الضعيف منهم وليس الى جانب القوي. لكن البعض يعتبر ان القوي يستطيع ان يوصله الى غاياته الشخصية لذلك يسلم قراره للقوي. لا احد قوياً إلا الوطن".

*ماهو نداؤك لأهالي باب التبانة؟

- ختم اللواء ريفي قائلاً "انا اعترض على تعبير قادة المحاور، انهم اولادنا ونفاخر بهم وهم ابناء الأحياء السنّية. اليوم "حزب الله" انشأ جيشاً كاملاً تقريبا بنفس لباس الجيش اللبناني. لقد انشأ ما يسمى بسرايا المقاومة التي عندما وقفت في وجه إسرائيل صفقنا لها ولكن عندما توجه السلاح الى اهلنا فلا تكون مقاومة انما "مجموعة زعران وخارجة عن القانون" وهنا اقول لأهالي سكان المناطق المحاذية لمحاور الإشتباكات: "نحن معكم ورهاننا على الدولة اللبنانية التي من واجبها تأمين حماية المواطن. الناس تستطيع ان تقوم إذا كان هذا التدبير لمصلحة المواطن او لمصلحة مشروع مشبوه، فلا أحد يستطيع ان يخدعنا بمشاريع لا نؤمن بها فنحن مع الدولة اللبنانية والعادلة والمنصفة والمحقة والتي تحترم جميع مواطنيها.

 

ريفي لـ«الجمهورية»: النزف سينسحب على بيروت والبقاع

مرلين وهبة/جريدة الجمهورية

25 تشرين الأول/13

في أعنف هجوم على المسؤولين الطرابلسيّين، واصفاً إيّاهم بأنّهم في حال تخلٍّ دائمة عن المدينة، وبكثير من التأثر، تحدث اللواء أشرف ريفي من القلب الى «الجمهورية»، مستفيضاً بكلمته، مناشداً المسؤولين المعنيين التأمّل دقيقة واحدة في الوضع الذي وصلت اليه العاصمة الأحبّ الى قلبه، كاشفاً أنّ طرابلس تشهد رعاية للتفلّت الامني وليس رعاية لخطّة أمنية! محذراً من أنّ الوضع الذي وصلت اليه العاصمة الثانية للبنان غير مطمئن.

وعن النزف المميت، تحدث اللواء ريفي بكثير من القلق، واصفاً إيّاه بـ"النزف الممنهج"، وكأنّ هناك "تفلتاً ممنهجاً". وقال: "لا يمكن لمدينة في عهد حكومة غنيّة بأبنائها، أن تخوض منذ اكثر من سنتين ونصف 12 جولة ميدانية، وكأنه مكتوب عليها البقاء في حال نزف دائمة، والمسؤولون في حال تخلّ دائمة عن مسؤوليتهم، والمستغرب أنّ من نسيجها نُصّب رئيس حكومة وخمسة وزراء لم يقدّموا حتى الان لها مشروعاً إنمائياً واحداً ولو صغيراً، عربون وفاء، ولم يقدموا أمناً بالحد الادنى المطلوب للكلمة، ولم يقدموا دورة اقتصادية في حدها الادنى ايضاً، لأنّ، هناك قراراً ممنهجاً لإبقاء هذه المدينة في حال نزف دائمة". ويستغرب ريفي سَماعَهُ ترنيمة يومية عنوانها خطوط أمنية من هنا وخطوط أمنية من هناك، متسائلاً اين هي هذه الخطوط، وليفسروا لنا معناها وجدواها؟ فهل نحن نقود حرب العالمَين؟! وهل تستلزم هذه المدينة كل هذه الخطوط لإتمام خطة امنية واضحة صائبة صارمة وحاسمة؟! ويعلن ريفي أنه أصبح على "قناعة بأنّ هناك قراراً للتفلت الأمني في العاصمة الثانية للبنان، لا بل هناك رعاية لهذا التفلت الامني، وهذا التفلت ليس عشوائياً وغير منظم كما يظن البعض، لأنّ الطرابلسيين بتركيبتهم وقناعاتهم، مواطنون مسالمون عقلاء ميّالون للحياة المستقرة والآمنة، الا أنّ طرابلس تؤخذ وتجرّ لطبيعة مخالفة لطبيعتها الاصلية".

قرار بالتفلّت الأمني

وفي سؤالنا اذا ما كانت طرابلس تجَرّ الى المصير المجهول؟ يجيب ريفي: "نحن نعلم الى اين تؤخذ طرابلس، وهذا امر كشفناه وعلمناه وليس مجهولاً، فهناك قرار ممنهج بأن تعيش طرابلس نزفاً اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً على الدوام". ويعزو النزوح المتواصل الى "تخوّف الاهالي الذين يبحثون عن الامان لأبنائهم"، متمنياً من جميع العائلات "النضال للوقوف في وجه هذه المؤامرة"، ومن "المسؤولين تحمّل المسؤولية كلّ حسب موقعه المسؤول".

السلطة هيبة... وشَنّ ريفي حملة قاسية على الدولة اللبنانية، متأسفاً على أدائها الضعيف في معالجة ملف أمن طرابلس، فيقول: "الدولة فقدت شيئاً من هيبتها والسلطة هيبة. وللأسف، لا المؤسسات بقي لديها هيبة ولا السلطات والقضائية أيضاً!". وطالب ريفي الجميع بلحظة واحدة للتأمّل والمساءلة والنقد الذاتي، والتساؤل: الى اين اوصلنا هذا البلد؟ وما هو المطلوب منّا لإنقاذه؟ محذراً من أنّ النزف سينسحب على كل لبنان، ولا سيما على البقاع وبيروت"، سائلاً: "هل سيكون هناك صحوة ضمير متأخرة قبل ان ندرك جميعاً الى اين نأخذ لبنان؟ واستغنم ريفي الفرصة في هذا الإطار ليتمنى أن "يساهم تعيين دولة الرئيس الياس المر رئيساً للانتربول، في اعادة شيء من الامان الى البلد والى قلوب أبنائه عموماً، ليلحق طرابلس شيئاً منه"، مضيفاً: "بلدنا لا يُقدّر ولا يعلم قيمة الكفاءات التي لديه، وفي الوقت التي تقدر فيه بلدان العالم رجالاتنا، لم يعرف المعنيون على المستوى الداخلي قيمة الياس المر. نشكر الله انهم عرفوا قيمته على المستوى العالمي، وفي وقت يحتاج لبنان الى كفاءته وأمثال هذه الكفاءات، للأسف نخاف من هذه الكفاءات و"نطفّشها". لم نسأل ريفي في نهاية اللقاء عن رده على اتهامه بتمويل قادة المحاور وتسليحها، لملاحظتنا انه منشغل بالاستعداد لاجتماع امني يدعو فيه الى وقف إطلاق النار. ولضيق وقته وكثرة همومه وانهماكه بمتابعة أخبار مدينته، بعدما خصَّص لنا وقتاً ثميناً، تخوّف خلاله من أن يكون قد فاته متابعة اخبار طرابلس ومواكبتها، حرصاً منه على المساهمة في اعادة أجواء التهدئة الى ساحاتها واستعداداً للمؤتمر الصحافي الذي سيعقده اليوم.

قادة المحاور

إلا أنّ "الجمهورية" قصدت قادة المحاور، مستوضحة عن اتهام اللواء ريفي بتمويلهم عسكرياً ومادياً، فأجاب زياد علوكي قائد محور "حارة البرانية- سوق القمح"، بأنه باع أرضه ليشتري السلاح، مطالباً فريق "الجمهورية" بسؤال الاهالي كيف أنه باع مؤسسات يملكها ليدافع عن نفسه وعن بيته وأبناء بيئته". ويضيف: "لا ريفي موّلنا ولا الميقاتي، ولم يساعدانا بأيّ شكل من الاشكال، بل بعنا مدّخراتنا واشترينا السلاح من اموالنا الخاصة".

واعتبر قادة المحاور، "أنه لو قدّم اللواء ريفي الدعم المادي والعسكري لهم، كما يُقدَّم الدعم لعصابات الاسد، لكانت حسمت المعركة منذ زمن ونَعمَت طرابلس بالامن والأمان". اما عن زعماء طرابلس، فيشير علوكي الى أنهم "حتى الساعة لم يحاولوا الاتصال بقادة المحاور، لأنهم يمثلون أنفسهم ومصالحهم وكراسيهم، ولا يمثلون طرابلس سوى بالاسم".

اما الشيخ شادي جبارة قائد محور "بعل الدراويش"، فيعتبر أنّ "لريفي ناسه ومحبّيه، وقد يكون للمقربين منه ومن مرافقيه سلاح محدود، أما بالنسبة لتمويله قادة المحاور فهذا كلام عار عن الصحة". ويشدد جبارة على أنّ السلاح الذي بحوزتهم "خفيف"، مُقرّاً بأنه "تبقّى من السلاح الذي أمّنه تيار "المستقبل" عام 2008 للدفاع عن النفس، وهو عبارة عن رصاص وما شابه". ودعانا الى التجوال شرقاً وغرباً في أرجاء التبانة "واذا حظينا بسلاح "ار. بي. جي" واحد فسيكون فرجة".

ترسانة جبل محسن

وبالنسبة الى جبل محسن، يكشف جبارة أنّ "لديهم ترسانة اسلحة"، منتقداً الوجود الامني المتمثّل بالجيش اللبناني في الجبل، حاسداً إيّاهم على "التعزيز الامني المريح الذي يحظون به"، داعياً المعنيين الى التجوال في التبّانة ومحاورها للمشاهدة بأم العين غياب العناصر الامنية والجيش اللبناني عنها، "في وقت طالبنا منذ الأمس بدخول ملالات الجيش الى أطراف المحاور لتنفّس الاجواء وتُنهي المهزلة وتجلب المجرمَين الذين فجّروا مساجدنا:

"حيّان رمضان"، والذي وضع متفجرة مسجد التقوى "احمد مرعي. فعدم جَلبهما حتى الساعة تحدٍّ للقوى الأمنية". "والذي ينغّص عيشهم"، حسب جبارة، "هي لغة التحدي التي تكلّم بها رفعت عيد عندما تحدى الجميع بمحاولة الصعود الى جبل محسن لإيقاف المتّهمين".

وقد أقرّ جبارة في حديثه لـ "الجمهورية" بصعوبة مداهمة جبل محسن، مشيراً إلى أنّ "الرسائل الاعلامية التي تبثّ هنا وهناك وعلى المواقع الالكترونية، هي رسائل فارغة ومخصصة للشحن العسكري فقط"، والى أنهم "في الواقع يعلمون انه لا يمكنهم اقتحام جبل محسن للأسباب الآتية:

أولاً: لأن هناك معادلات دولية تمنعهم من الدخول.

ثانياً: لأن الجيش يحميهم وهو من يدافع عنهم وليس العكس.

ثالثاً: لديهم ترسانة أسلحة قوية على الأرض لا نملكها.

رابعاً: لأن هناك معادلة دولية قائمة تحمي الأقليات.

ويلفت جبارة الى أن "المعركة اليوم ليست منظمة، وغير متّفق عليها وليست عشوائية انما هي معركة أفراد إنفعلوا بعدما احتفل أهل جبل محسن بطلّة رئيسهم بشار الأسد الإعلامية، وبدأوا بإطلاق الرصاص لا المفرقعات، كما قال رفعت عيد من خلال جريدتكم. فما كان من أهل السنّة وأهالي ضحايا انفجار المسجدين، إلّا أن ثاروا وردّوا على الرصاص. فكانت مبادرات فرديّة، لا سيما انّ المتّهَمَين قابعين في الجبل ولا قدرة للدولة على جلبهم".

ويضيف: "حاولت تهدئتهم خلال خطبتي في المسجد، إلّا أنهم أجابوني "لن يبرد دمنا إلّا بعد توقيف منفّذي التفجيرَين وجَلبهم من الجبل وسوقهم إلى العدالة، لأنّ أشلاء أبنائنا ما زالت ملتصقة على الأرصفة وجثثهم محترقة على مقاعد السيارات، ولم نتمكن حتى اليوم من لملمة أشلائها وحتى دفنها".

ويؤكد جبارة أنّ "كلمة السر لإنهاء القتال هي دخول الجيش اللبناني وانتشاره على المفارق، وهو لم يفعل ذلك حتى الساعة، فيما الشباب تعِبوا من القتال وينتظرون انتشاره على مفارق المحاور، ويسألون متى سنتوقف وهم يعلمون كما كل مرة، بأنها لن تنتهي قبل تمركز الجيش على مفارق المحاور".

علوكي: لن نقع في فخ عيد

وقد اعتبر علوكي، أنّ "المعركة الاخيرة هي معركة واهية لم يشاركوا فيها كما يجب، ولن يشاركوا لكي لا يقعوا في الفخ الذي نصبه لهم رفعت عيد، لأنه اراد فتحها لتمييع قضية المتهمين في تفجيرَي المسجدين القابعين في جبل محسن"، مؤكداً أنّ اهالي الشهداء وحدهم ردّوا على مصادر النيران". اما عن الصور التي عُرضت على بعض المواقع الالكترونية، وتظهر قادة المحاور يتهيّأون لمداهمة الجبل، فيوضح علوكي أنها "صور قديمة لهم ولن ينجَرّوا الى معركة لا يريدونها، فكلّ ما يريدونه اليوم ليس الحزب العربي الديموقراطي ورئيسه انما فقط تسليم المتهمين. أمّا اذا تطورت الامور فلكلّ حادث حديث"، مذكّراً بالمبادرة الذي عرضها على الدولة منذ اقلّ من شهر وقضت بتسليم الاسلحة التي بحوزتهم، الا انهم حتى الساعة لم يلقوا إجابة ولم يتصل بهم أحد حتى للاستفسار؟! على رغم دعوات الرؤساء أمس الى ضرورة وقف النزف في طرابلس ودعوة رئيس الحكومة الطرابلسي، القضاء العسكري ووزير العدل والمدعي العام التمييزي الى التدخّل، ودعوة الدولة لتثبّت نفسها! فإن علوكي طالب الحريصين على أمن طرابلس بإحياء مرفئها وشركة الـAPC ومطار القليعات ليتسنّى للمقاتلين الالتهاء بالبحث عن فرصة عمل داخل هذه المؤسسات. كذلك دعاهم الى زيارة اراضي الليمون الواسعة في باب التبانة، والتي تتسِع لإنشاء الشركات الكبرى، وتمنى لو يراها تعمل ويعمل فيها أبناء بلدته كما رآها في أحلامه.