مقابلة
النائب انطوان زهرا
موقع لبانون فايلز
20 تشرين الأول 2007
أي تلاعب في الموعد الدستوري مغامرة غير محسوبة النتائج تشكل خطراً أساسياً على موقع الرئاسة وعلى دور المسيحيين في لبنان
اعتبر النائب انطوان زهرا أن الهجوم السوري الحاد على الرئيس فؤاد السنيورة كان متوقعاً وليس مستغرباً لأن كل من يقف في مواجهة الأطماع السورية في لبنان، على غرار ما تقوم به الحكومة الحالية في دفاعها عن سيادة لبنان واستقلاله وقراره الحر، سيتعرض تلقائياً لحملة شعواء، مؤكداً أنه عندما تعترف سوريا بنهائية لبنان من خلال إقدامها على ترسيم الحدود وإقامة تبادلاً ديبلوماسياً ووقف تدخلها في الشؤون اللبنانية الداخلية تصبح جزءاً من الحل، وقبلذاك، ستبقى جزءاً من المشكلة.
وأفاد نائب البترون أنه لا يعول كثيراً على زيارة الوفد الوزاري الأوروبي لأنها تأتي على خلفية حماية القوات الدولية، التي يشكل الأوروبيون عمودها الفقري، أكثر من أي سبب آخر، معرباً عن أمله بأن ينطلق أي مسعى دولي وإقليمي هادف إلى حل الأزمة اللبنانية من المصلحة اللبنانية أولاً وأخيراً، واضعاً الكلام حول الخطط الأميركية لإقامة قواعد عسكرية في لبنان في إطار محاولة تخوين الحكومة اللبنانية بغية تبرير الحالة الانقلابية التي يحضر لها.
وقال النائب القواتي أن مبادرة بكركي لم تخفق إنما تراجع الأمل بما كان يؤمل أن تحققه نتيجة التعاطي الاستنسابي والتذاكي على طرح البطريركية المارونية من قبل مسيحيي 8 آذار في محاولة منهم لاستخدام هذه المبادرة بغية تحسين شروطهم السياسية خلافاً لجوهرها الذي تعبر عنه البطريركية المارونية في حملها هماً مسيحياً ووطنياً حقيقياً، متسائلاً عن المعايير التي وضعتها المعارضة لتحديد أو تصنيف الأقطاب عن غيرهم، فإذا كان على أساس التمثيل البرلماني والنيابي، فأحد الأشخاص من بين الذين تمت تسميتهم لا كتلة نيابية له، أما إذا كان على أساس رئاسات الأحزاب فهناك عدد كبير من رؤساء الأحزاب الذين يجب أن يتمثلوا في لقاءات مماثلة، معتبراً أن دعوة العماد عون إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية عدة أشهر غير مسهلة للأهداف التي نعمل من أجلها كمسيحيين ولبنانيين، ومحذراً من أي تلاعب في الموعد الدستوري باعتباره مغامرة غير محسوبة النتائج تشكل خطراً أساسياً على موقع الرئاسة وعلى دور المسيحيين في لبنان.
ما تعليقك على الهجوم السوري الحاد ضد الرئيس فؤاد السنيورة؟
الهجوم السوري متوقع في أي لحظة وليس مستغربا على الإطلاق لأن كل من يقف في مواجهة الأطماع السورية في لبنان، على غرار ما تقوم به الحكومة الحالية في دفاعها عن سيادة لبنان واستقلاله وقراره الحر، سيتعرض تلقائياً لحملة شعواء. فالتجني الذي تعرض له الرئيس فؤاد السنيورة من قبل وزير الخارجية السوري وليد المعلم متوقع، مما يؤكد مجدداً أن مشكلتنا التاريخية مع سوريا والمتمثلة في عدم استعدادها بالاعتراف في لبنان الوطن والدولة والمؤسسات، لم تتبدل.
ما السبيل لأن تصبح سوريا جزءاً من الحل في لبنان، لا جزءاً من المشكلة؟
عندما تعترف سوريا بنهائية لبنان، بشكل لا لبس فيه ولا إبهام، من خلال إقدامها على ترسيم الحدود وإقامة تبادلاً ديبلوماسياً ووقف تدخلها في الشؤون اللبنانية الداخلية تصبح جزءاً من الحل، وقبلذاك، ستبقى جزءاً من المشكلة، خصوصاً أنه لا نية لدى السوريين، حتى الساعة، في إقامة علاقات طبيعية، من دولة إلى دولة، مع لبنان.
هل تتوقع تجاوباً سوريا مع المبادرات الأوروبية وتحديداً مع الانفتاح الفرنسي المتجدد؟
هناك نظرة عقائدية سورية إلى لبنان باعتباره خطأ تاريخي يجب تصحيحه عبر ضمه إلى سوريا، مما يجعل المشكلة مع دمشق تتجاوز الأطر السياسية التقليدية المؤقتة إلى المشكلة ذات الطبيعة البنيوية الطويلة الأمد، ولا يبدو، ويا للأسف، أنها على استعداد لتغيير نظرتها وموقفها من الكيان اللبناني والدولة اللبنانية. ولذلك، نراها تفعل كل ما في وسعها لتعميم الفوضى في لبنان بغية إقناع الخارج، كل الخارج، باستحالة الاستقرار فيه وقيام سلطة فعلية ودولة سيدة على أرضها، تمهيداً لإعادة تلزيمها لبنان وهيمنتها عليه من خلال الإيحاء أن الاستقرار فيه يمر حتماً بدور سوري أساسي. نشكر دائما، في مطلق الأحوال، كل مسعى دولي وإقليمي هادف إلى حل الأزمة اللبنانية، ونؤكد، في هذا المجال، لجميع أصدقائنا في العالم أن أي مسعى يجب أن ينطلق دائماً من المصلحة اللبنانية أولاً وأخيراً.
هل عقارب الساعة ممكن أن تعود إلى الوراء من خلال عودة الهيمنة السورية على لبنان؟
هذا الأمر، بالنسبة إلينا، هو قرار، أكثر مما هو توقع أو تحليل سياسي، وقرارنا واضح في هذا الشأن وهو في عدم السماح إطلاقاً بعودة عقارب الساعة إلى الوراء. هذا الموضوع غير مطروح ولم يعد ممكناً.
ولكن معلوم أن هنالك بعض الرهانات على تحولات في المنطقة تعيد إلى سوريا دورها في لبنان؟
لا شيئ ينبئ بأن هناك اعترافاً لسوريا، بعد اليوم، بدور إقليمي أكبر من حجمها الطبيعي أي من حدودها الدولية الجغرافية.
ألا تعتقد بأن تعامل سوريا مع لبنان يثبت، يوماً بعد يوم، المقولة الشهيرة للصحافي الشهيد سمير قصير باستحالة تعايش نظام ديمقراطي مع آخر ديكتاتوري؟
لا علاقة لنا بنوعية الحكم والنظام في سوريا، هذا الموضوع لا يعنينا من بعيد أو من قريب مع تمنينا لجميع الشعوب في العالم أن تتمتع بالحرية والديمقراطية، ولكن، ويا للأسف، علمتنا التجربة أن هذه النظرية صحيحة، فبدلاً من أن تكون القاعدة "إذا كان جارك بخير أنت بخير"، تحولت مع سوريا "ما دام نظامها بخير لا يمكن أن يكون لبنان بخير".
هل ما زال بإمكان سوريا تفجير الوضع اللبناني؟
أستبعد ذلك، إمكانيات التفجير السورية للوضع اللبناني تراجعت كثيراً عما كانت عليه في السابق، وهذا ما يعكس بعض من الإطمئنان لدينا ويؤكد بأن التهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور هو لمجرد التهويل لا أكثر، والمطلوب اليوم تمرير الاستحقاق الرئاسي بأفضل الشروط الممكنة بغية توسيع مساحة الاستقرار.
هل يمكن أن تشكل المحكمة الدولية المظلة الواقية للبنان؟
نعم بالتأكيد.
في أي إطار تضع إثارة سوريا وحلفائها في لبنان موضوع الخطط الأميركية لإقامة قواعد عسكرية وإبرام اتفاقات استراتيجية مع لبنان؟
في إطار البحث الدائم عن حجج واهية من أجل تعطيل الانتخابات الرئاسية بعدما سقطت كل ذرائعهم السابقة، لا أساس من الصحة لهذه المعلومات التي تهدف فقط إلى محاولة تخوين الحكومة اللبنانية بغية تبرير الحالة الانقلابية التي يحضر لها والتي لن تنجد بالتأكيد أي مناخ إيجابي على الإطلاق.
هل باتت جلسة 23 الجاري التي دعا إليها الرئيس نبيه بري في حكم المؤجلة؟
منطقياً نعم.
هل تتوقع التوصل إلى توافق على اسم الرئيس الجديد ضمن المهلة الدستورية؟
نأمل ذلك، علماً أن أملي في هذا الموضوع ليس كبيراً.
إلى ماذا يستند الرئيس بري في تفائله الدائم بأن "التوافق آتٍ آتٍ"؟
يتصرف الرئيس بري، بشكل دائم، كرئيس كتلة نيابية، لا كرئيس للمجلس النيابي، وهو غير واضح في تعاطيه مع الوضع السياسي، لا بل أن أداءه مخيب للأمال، ولكن في مطلق الأحوال "تفاءلوا بالخير تجدوه"، ولذلك نأمل أن يكون لهذا التفاؤل أساساً حقيقاً.
ماذا تتوقع من المساعي الدولية المكثفة وخصوصاً زيارة الوزراء الثلاثة الفرنسي برنار كوشنير والإسباني ميغيل انخيل موراتينوس والإيطالي ماسيمو داليما؟
لا أعول كثيراً على زيارة الوفد الوزاري الأوروبي لأنها تأتي على خلفية حماية القوات الدولية، التي يشكل الأوروبيون عمودها الفقري، أكثر من أي سبب آخر، وما يهمهم بالتالي هو أمن القوات الدولية قبل أي شيء.
هل أخفقت مبادرة بكركي سياسياً بمعزل عن انطلاق أعمال اللجنة المنبثقة عن اللقاءين؟
لم تخفق مبادرة بكركي إنما تراجع الأمل بما كان يؤمل أن تحققه نتيجة التعاطي الاستنسابي والتذاكي على طرح البطريركية المارونية من قبل مسيحيي 8 آذار في محاولة منهم لاستخدام هذه المبادرة بغية تحسين شروطهم السياسية خلافاً لجوهرها الذي تعبر عنه البطريركية المارونية في حملها هماً مسيحياً ووطنياً حقيقياً.
هل الاجتماع الرباعي الذي طرحه العماد عون وارداً من قبلكم؟
لا أساس منطقي لهذا الطرح إذ كيف يمكن الانطلاق بأي عمل إذا لم تتوافر له المقومات المطلوبة؟ والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال ما المعايير التي وضعتها المعارضة لتحديد أو تصنيف الأقطاب عن غيرهم؟ إذا كان على أساس التمثيل البرلماني والنيابي، فأحد الأشخاص من بين الذين تمت تسميتهم لا كتلة نيابية له، أما إذا كان على أساس رئاسات الأحزاب فهناك عدد كبير من رؤساء الأحزاب الذين يجب أن يتمثلوا في لقاءات مماثلة، مما يجعل التصنيف غير موفقاً وفي غير مكانه.
هل الخلاف القائم حالياً في لبنان هو بين المسيحيين أم حول خيارات وطنية كبرى؟
الصراع القائم هو بين مشروعين سياسيين مختلفين وليس بين المسيحيين، ولكن بعض القوى المسيحية عملت على توصيف المشكلة وكأنها بين المسيحيين على موقع رئاسة الجمهورية بغية تبرير أو غض النظر عن تحالفاتها وخياراتها السياسية.
ما رأيك في دعوة العماد عون إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية عدة أشهر وفي أي إطار تضعها؟
هذا الطرح غير مساعد ولا مسهل بالطبع للأهداف التي نعمل من أجلها كمسيحيين ولبنانيين. أي تلاعب في الموعد الدستوري هو مغامرة غير محسوبة النتائج وقد تؤثر سلباً على موقع رئاسة الجمهورية إلى آماد طويلة مستقبلية وبالتالي لن نوافق عليها. مصدر الخطر مرده، بشكل أساسي، إلى محاولة تجاوز المهلة الدستورية التي ندعو إلى احترامها، مما يشكل خطراً أساسياً على موقع الرئاسة وعلى دور المسيحيين في لبنان.
هل أنتم مصممون، كقوى 14 آذار، في حال فشل التوافق، الانتخاب بالنصف زائداً واحداً؟
هناك تصميم ما بعده تصميم على إجراء الانتخابات ضمن المهلة الدستورية وبحسب الأصول الدستورية.
هل صحيح أن 14 آذار عاجزة عن تأمين الأكثرية المطلقة؟
إذا كان هناك أدنى شك في قدرة قوى 14 آذار على الانتخاب بالنصف زائداً واحداً، يجب أن يحفزهم هذا الكلام على تأمين النصاب والإتيان بالرئيس الذي يرونه مناسباً.
هل يشكل الاستحقاق الرئاسي المقبل نقلة نوعية على المستوى الوطني عموماً والمسيحي خصوصاً؟
يشكل الاستحقاق الرئاسي المقبل رافعة على كافة المستويات، وهو محطة يستكمل فيها التحرك الوطني الكبير الذي انطلق مع انتفاضة الاستقلال بغية تفعيل عمل المؤسسات وتثبيت السيادة والاستقلال وتحييد لبنان عن محاور الصراع في المنطقة.
حاوره: شارل جبور
cjabbour@lebanonfiles.comجميع الحقوق محفوظة ©