أمضى نهاراً مع الرهبان واليوم يلتقي رود - لارسن وغداً البابا ثانية

صفير لـ"النهار": أتمنى رئيساً توافقياً أو شبه توافقي وأخشى إذا ظل التناحر أن تتكرّر تجربة كوتي

  البطريرك متحدثاً الى "النهار" في روما. 

تمنى البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير ان يكون الرئيس المقبل للجمهورية توافقياً او شبه توافقي لانه "اذا ظلت كل فئة في موقعها ولا تتفق بعضها مع البعض الآخر، فسيؤدي ذلك الى انقسام ظاهر"، وتخوف من أن يحصل في لبنان ما حصل مع رينه كوتي في فرنسا.

وعشية لقائه بعد ظهر اليوم الاربعاء موفد الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن في مقره في المدرسة المارونية في روما، وقبل 48 ساعة على لقائه الثاني مع الحبر الاعظم البابا بينيديكتوس السادس عشر المقرر ظهر غد في الفاتيكان، لفت البطريرك الماروني في حديث الى "النهار" الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري "ربما" اتصل بنا بعد عودتنا الى بيروت، "اذ هو كما نحن، لا يستطيع التحرك كما يريد". وكشف ان المسؤولين الايطاليين ابلغوا الى نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ان ليس على سوريا ان تتدخل في الشؤون اللبنانية.

وأعلن البطريرك ان المسؤولين في الفاتيكان وايطاليا يتمنون ان يكون رئيس الجمهورية في لبنان بالمواصفات التي سبق ان وضعها للرئيس المقبل الا انه نفى ان يكون سمى "اسماً معيناً" بل جدّد مواصفاته للرئيس.

الحوار

• التقيتم مساء الاثنين رئيس مجمع الكنائس الشرقية المونسنيور ساندري ثانية، فماذا دار في "عشاء العمل"؟

- في المرة الأولى قمت بزيارته بعيد وصولي الى الفاتيكان، وأمس التقينا ثانية وهو يحرص على الاطلاع على الاوضاع لأنه تسلم مهماته حديثاً. ولكن المعروف عنه، رغم انه تسلم مهماته قبل مدة قصيرة، نشاطه وصدق نظرته الى الامور، ويحب الكنائس الشرقية.

اليس لديه ملف شامل عن الكنائس الشرقية وكنائس لبنان؟

- طبعاً، هناك ملف، انما الاطلاع الكامل والشامل يتطلب وقتاً.

"مهتمون اكثر منا"

• ثمة حركة ديبلوماسية سواء في بيروت او هنا، بهدف ايجاد حل وانجاز الاستحقاق الرئاسي، فكيف ترون الاستحقاق بعد الجولة التي قمتم بها، وهل ثمة مبادرة معينة بازاء الموضوع؟

- طبعاً، ثمة تحرك، والناس مهتمون بنا اكثر مما نحن مهتمون بأنفسنا، ونحن نتمنى ان تحصل الامور في اطارها الطبيعي، ولكن اذا حصل ما يقولون اي ان يحافظ كل واحد على مكانه من دون ان يتزحزح، وان يصبح هناك رئيسان وحكومتان، فهذا خراب للبنان، اذ سبق ان جرّب اللبنانيون هذه القضية وعرفوا ما هي نتيجتها. وفي كل حال يجب ان يكون اللبنانيون تعلموا من الأمثلة السابقة فلا يعودون اليها، وهذا ما نتمناه، ونتمنى ان تسير الأمور في نطاقها الطبيعي.

• يحكى عن مبادرات للحل منها مبادرة فرنسية – ايطالية بمباركة فاتيكانية؟

- ثمة مبادرات، ولكن غالبية الدول تقول لنا "ماذا يمكننا ان نساعد؟". طبعاً هناك انواع من المساعدات، ولكن المساعدة السياسية تعود الينا نحن اولاً، اذا كان عندنا استعداد لحل امورنا. اما اذا كان كل واحد يريد تحقيق امانيه الخاصة على حساب المصلحة العامة، فمعنى ذلك ان لا بلد.

• من قبيل عرض الاستعداد للمساعدة، هل طلب منكم مثلاً تسمية مرشحين، او عرض مواصفات لرئيس لدعمها؟ بمعنى آخر هل في اوروبا مواصفات للرئيس كما المواصفات التي ترى ان يتمتع بها الرئيس العتيد للجمهورية؟

- نحن عندما يسألوننا نقول لهم ان الرجل الذي سيأتي رئيساً للجمهورية، يجب ان يكون على مسافة واحدة من جميع الافرقاء في لبنان، ولا يكون رجل حزب دون حزب لأن في ذلك مخاطر، ويجب ان يكون صادقاً ونظيفاً ورجلاً خبيراً في الشؤون السياسية ولا يأتي ليجمع ثروة ويذهب، اي يجب ان يأتي رجل يخدم الوطن.

تبني "المواصفات البطريركية"

• وهل لاحظت ان المسؤولين في الفاتيكان وايطاليا تبنوا هذه "المواصفات الرئاسية البطريركية"؟

- انهم يتمنون ان يكون ثمة رئيس بهذه المواصفات. ولكن الامر يعود الينا اكثر مما يعود اليهم.

• هل ثمة "كلمة سر" تلوح في الأفق عن الرئيس؟

- لا ادري، انما ما نعرفه ان الرئيس الجديد لكي يكون مرتاحاً ويريح الناس لا يستطيع ان يكون رجل فئة دون فئة. هذه المسألة قد تكون مقبولة، في اميركا او غيرها، كما هي الحال مع الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري، انما في لبنان، فليس هناك حزبان انما احزاب عدة، مما يضيع المسؤولية.

• وهل سميت اسماً معيناً او زكيت مرشحاً معيناً للرئاسة؟

- كلا فالجميع ابناء البطريركية. ولن نعيد تجربة ما حصل عام 1988.

• حكي ان موقفاً ايطالياً واضحاً بالنسبة الى سيادة لبنان والانتخابات الرئاسية وضبط الحدود، عرض امام نائب الرئيس السوري فاروق الشرع خلال لقاءاته في روما الاسبوع الماضي؟

- قالوا هنا انهم افهموا سوريا ان ليس عليها ان تتدخل في الشؤون اللبنانية، وان عليها احترام سيادة لبنان واستقلاله، اضافة الى ان تكون بين البلدين علاقة معقولة، اي علاقة جارين يتبادلان المصالح.

• لرئيس مجلس النواب نبيه بري اطلالة تلفزيونية غداً الخميس من على شاشة "المؤسسة اللبنانية للارسال"، قد يتحدث فيها عن مبادرته. فهل ابلغتم شخصياً مضمون هذه المبادرة؟

- كلا، عرفنا شيئا من بعض الزوّار.

انها تقضي بتخلي المعارضة عن حكومة الوفاق وتخلي الموالاة عن اكثرية النصف زائد واحد، لقاء تأمين الجلسة وانتخاب رئيس توافقي؟

- انا اتمنى ان يكون الرئيس توافقيا أو شبه توافقي، لانه اذا ظلت كل فئة في موقعها ولا تتفق بعضها مع البعض الآخر، فسيؤدي ذلك الى انقسام ظاهر وواضح في البلد، وليس من شأن ذلك جمع البلد.

واذا اصر كل فريق على موقفه مع دعوة الرئيس بري الى جلسة في 25 ايلول؟

- هنا يخشى اذا استمر التناحر ان يتكرر ما حصل مرة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، اذ عقد نحو عشرين جلسة قبل ان يتم انتخاب الرئيس، الى ان اتفق على شخصية هادئة هي رينه كوتي، وانتخب. وبعدها بسنتين وجد نفسه غير متكيّف تماماً واستقال، وانتخب الجنرال شارل ديغول وكان ذلك في الستينات.

• وهل يمكن ان تتكرر تجربة رينه كوتي في لبنان؟

- لا ادري. هذا يعود الى النواب.

• يقول بعض افرقاء الموالاة ان مثل هذا الحل فيه افتئات على الاكثرية.

- الاكثرية في لبنان ليست كما الاكثرية في الولايات المتحدة، فهناك يربح حزب ويحكم ويقر الفريق الخاسر بالخسارة ويعترف بالمسؤول الجديد. اما في لبنان فثمة احزاب عدة، والمسؤولية ضائعة.

• حكي ان الرئيس بري كان سيزور الديمان، ثم حكي عن زيارة لبكركي. كيف تبلغت هذه الزيارة؟

- قيل ان الرئيس بري سيتصل بنا، ولكن علمنا بعد ذلك ان الاتصال ربما تم بعد عودتنا من الفاتيكان.

واضاف: "ما بيقدرش يتحرك كما يريد هو"...

• ألا يستطيع التحرك؟

- كلا... ونحن ايضا لا نستطيع التحرك كما نريد.

• يعني من الناحية الامنية أم غيرها؟

- أمنيا. ايه...

• من نقل اليكم ان الرئيس بري يود زيارتكم؟

- بعض الموفدين.

• هل هناك نداء ثامن لمجلس المطارنة الموارنة هذه السنة؟

- ربما

• متى؟

- عندما نعود الى لبنان ونجتمع.

• ما تعليقكم على المعلومات التي تقول ان زعيم مجموعة "فتح الاسلام" شاكر العبسي تمكن من الفرار، بعد صدور نتائج الفحوص المخبرية على الجثث؟

- يقول البعض ان قريبين منه وبينهم زوجته تواطأوا لتسهيل فراره. وهذا ما يكشفه القضاء طبعا.

يوم رهباني

وكان البطريرك صفير انصرف صباح امس الى اعداد بعض الملفات واوراق العمل للموضوعات التي سيناقشها مع البابا وعدد من الشخصيات، قبل ان يلتقي قبل الظهر الرهبان الموارنة اللبنانيين والمريميين والانطونيين ويستمع الى اوضاعهم، ثم يتناول الغداء معهم في حضور رئيس مجمع الكنائس الشرقية المونسنيور ليوناردو ساندري وامين سر المجمع المونسنيور انطونيو ماريا فيليو (وهو كان سفيراً سابقاً في لبنان ويعرف البطريرك جيداً ومعظم المطارنة) وامين سر رئيس المجمع ماوريسيو مالفستيتي، والمستشارة الاولى في السفارة اللبنانية في الفاتيكان هلا كيروز وقرينة السفير اللبناني في روما مي ملحم مستو، والقيم البطريركي في روما المونسنيور طوني جبران، ووكيل الرهبانية اللبنانية المارونية طالب دعاوى القديسين الاب بولس قزي ووكيل الرهبانية المارونية المريمية الابل شربل مهنا والابوان ماجد مارون وجورج عون من الرهبانية المارونية الانطونيوس. والاباء سمير غصوب وبيار نجم وجان بيار يمين وحبيب شامية وبول طربيه وشربل غنطوس، ونائب رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الاب جورج حبيقة، ورئيس مكتب شركة طيران الشرق الاوسط في روما احمد خضر والسيدين فيكتور طراد وطوني مهنا ورهبان.

وفي المناسبة القى الاب شربل مهنا وكيل الرهبانية المريمية، كلمة باسم الرهبانيات الثلاث في روما، فشكر الحضور، ووجه "تحية حارة وسلاماً مفعماً بالاحترام" الى البطريرك صفير "الشخصية التي لها اهميتها الكبرى على الصعيد الروحي كما على الصعيدين الاجتماعي والوطني". وقال: "غبطة البطريرك، انتم صوت المقهورين والضعفاء في لبنان، انتم وريث التقليد البطريركي الذي ساهم في ولادة امة جديدة تكون مكاناً للقاء والحوار بين الاديان والطوائف المتعددة. سعيكم اليومي الى المحافظة على الايمان سمح للوجود المسيحي في لبنان بأن يصبح عنصراً مهماً في اعلان القيم الانجيلية: المسامحة، الغفران، التجذر في الارض، ترسيخ الروابط بين موارنة الانتشار والوطن الام.

وباسم الجميع اشكركم على عملكم الدؤوب المتفاني في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها بلدنا الحبيب. ان السلام يبنى بالاعمال، مخففاً آلام اولئك الذين عانوا الحروب والالم، وبانياً علامات راسخة من العدالة في القلوب لمن هو مدعو الى تحمل المسؤوليات السياسية والدينية في المستقبل، من اجل بناء وطن حر وآمن نحو مستقبل مزدهر.

هذا هو رجاؤنا، وغبطتكم هو شاهد للسلام والحوار ومثل يقتدي به رجل الغد، ونحن نرفع الصلاة ليحفظكم الله لقيادة القطيع الذي أوكلته اليكم العناية الالهية".

كذلك شكر مجمع الكنائس الشرقية على "عمله المثمر في خدمة الكنيسة".

واستقبل البطريرك صفير في مقره في المدرسة المارونية في روما السيد جورج زوين ثم السيد ميشال حاج.

حبيب شلوق    (روما )