مقابلة مع رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد

رعد لـ «الرأي العام»: الدستور يحمي لحود لا «حزب الله» ونستغرب موقف صفير الأخير ولا نعلم حيثياته

لبنان يستطيع تقديم نموذج في الاستراتيجيا الدفاعية وفاعلية المقاومة مرتبطة بمرونة بنيتها وتميز دورها

 بيروت ـ من مصطفى ياسين- الرأي العام الكويتية 13/4/2006: أوضح رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد ان الجميع متفقون على طاولة الحوار ان لا سبيل لاقالة رئيس الجمهورية، وان المخرج الذي يتم البحث عنه هو حول حيثيات تسهل استقالة الرئيس في ضوء التوافق على رؤية وطنية لمواجهة المرحلة المقبلة، لافتاً الى ان المسألة معقدة وتحتاج الى بعض الوقت. ونفى ان يكون «حزب الله» هو الذي يحمي الرئيس اميل لحود، مشدداً على ان الذي يحميه هو الدستور الذي لا توجد فيه اي ثغرة يمكن النفاذ منها لاقالته او لاقالة اي رئيس جمهورية مقبل.

واعتبر ان لحود ليس متمسكاً بموقع رئاسة الجمهورية اذا تم التوافق الوطني على من يطمئن اليه في تحقيق رؤية وطنية تنسجم مع حماية لبنان من الوصايات الجديدة ومع ضمان الاستقرار الامني والسياسي فيه، مستغرباً الموقف الاخير للبطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير الذي اعتبر فيه ان رئيس الجمهورية فقد المقومات التي تمكنه من ممارسة مهماته، متسائلاً عن حيثيات هذا الموقف.

وشدد على ان العماد ميشال عون احد الاسماء التي تدرس ترشيحاتها حين تطرح على طاولة البحث، لافتاً الى ان للحزب خياره الضمني في هذا الموضوع، موضحاً ان رئيس الجمهورية الذي يطمئن اليه «حزب الله» هو الرئيس الذي تتوافر لديه القدرة على التصدي لمحاولات دفع لبنان قسراً الى توقيع معاهدة سلام مع اسرائيل وفق الشروط الاسرائيلية، والذي يمكن ان يقود سفينة البلاد نحو الاستقرار، والذي يمثل توافقاً وطنياً ليس الذي يمثل فئة من اللبنانيين.

ونفى رعد ان تكون زيارات الشكر التي قام بها مسؤولون في «حزب الله» للرئيس لحود، بعد موقفه في قمة الخرطوم رسالة سلبية الى احد، لافتاً الى ان ما حصل التباس انتهى بعدما اخذ حجمه.

ورأى ان مسألة المقاومة وحقها في الاستمرار حتى التحرير الكامل لمزارع شبعا وكل النقاط الباقية تحت الاحتلال خارج اطار البحث على طاولة الحوار، بعدما تم التوافق على لبنانية المزارع، مشيراً الى ان لبنان يمكن ان يقدم نموذجاً جديداً في تجربة التحرير، مع التأكيد ان المقاومة ليست بديلاً من الجيش اللبناني والعكس صحيح، والمطلوب سياسة تكاملية لحماية لبنان في وجه المخاطر والاطماع الاسرائيلية.

ونفى رعد ان تكون التهديدات التي اطلقها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله بقطع رأس من يحاول نزع سلاح المقاومة بالقوة موجهة الى الداخل، بل الى اصحاب التآمر الدولي على لبنان والذين يريدون نزع سلاح المقاومة بأي وسيلة.

وأكد حرص «حزب الله» على تسوية العلاقات اللبنانية ـ السورية لان ليس من مصلحة لبنان ان يستعدي بره الوحيد، ولا سيما انه محاط بحدين: البحر واسرائيل، مبدياً استعداد الحزب لبذل كل جهوده مع دمشق من اجل مقاربة دقيقة لما تم التوصل اليه من تفاهمات في مؤتمر الحوار.

وشدد على ضرورة ان يبحث موضوع توقيع سورية لوثيقة رسمية تثبت لبنانية مزارع شبعا وجهاً لوجه مع السوريين، وان كان هناك وجهات نظر في سورية ترى ان ليس من مصلحة لبنان ان يذهب الى صلح منفرد مع اسرائيل، يكون مدخله تحديد الحدود بين لبنان وسورية في مزارع شبعا.

واعتبر رعد ان منطق الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط غارق في الكيانية اللبنانية التي لا تؤسس لمصلحة مستقبلية للبنان، لافتاً الى انه يمثل وجهة نظر على طاولة الحوار يعارضها «حزب الله» ويتبنى وجهة نظر متناقضة لها تماماً، نافياً وجود اتصالات جانبية خاصة معه.

ولاحظ وجود مواكبة عربية لما يجري على طاولة الحوار في لبنان من اجل توفير المناخات الملائمة له، لكن الامر لم يصل الى حد طرح مبادرة.

مواقف النائب رعد جاءت في حديث الى «الرأي العام» هذا نصه:

يبدو ان مؤتمر الحوار اصطدم ببندي رئاسة الجمهورية وسلاح المقاومة ولذلك تم تأجيله الى 28 ابريل افساحاً في المجال امام مزيد من المشاورات والاتصالات والمعطيات الجديدة, في تقديركم هل يمكن التوصل الى تفاهمات مشتركة حولهما؟

ـ ما يهم في هذا الموضوع ان البحث الذي يدور على طاولة الحوار جدي ومسؤول, الجميع متفقون على ان لا سبيل لاقالة رئيس الجمهورية، والمخرج الذي يتم البحث عنه هو حول حيثيات تسهيل استقالة رئيس الجمهورية في ضوء التوافق على رؤية وطنية لمواجهة المرحلة المقبلة، اضافة الى التوافق على شخص الرئيس الانسب لترؤس البلاد في هذه المرحلة.

لم تطرح اسماء حتى الآن للتداول، طرحت بعض الاسماء لكن لم يتم تداولها في شكل جاد، وخصوصاً ان هناك من يرى اولوية التوافق على برنامج المرحلة المقبلة قبل ان يتم البحث في الاسماء، ومسألة بهذا التعقيد تحتاج الى بعض الوقت، كونها تتعلق بست سنوات مقبلة، والظروف المتداخلة التي يمر بها البلد تسمح بان نأخذ وقتنا من اجل اشباع هذه المسألة بحثا من كل الزوايا المختلفة, قد نصل الى نتيجة وقد لا نصل، لكن نكون استنفدنا الجهود من اجل مقاربة هذا الموضوع، واذا لم نتوصل الى نتيجة ايجابية سنقول للرأي العام ان هذه النقطة انتهى البحث فيها على طاولة الحوار ولم نتوصل فيها الى نتيجة حاسمة، وربما حدوث بعض التطورات ودخول بعض العوامل الجديدة على خط ازمة الحكم في الفترة المقبلة يؤديان الى معاودة طرح هذا الموضوع .

الدستور يحمي لحود

يحمل «حزب الله» مسؤولية اساسية في ازمة الحكم الحالية من خلال دعمه بقاء الرئيس اميل لحود، فهل تعتبرون ان وقوفه الى جانب المقاومة مبرر كافٍ لاستمراره في سدة الرئاسة؟

ـ هذه مغالطة كبيرة، الذي يحمي الرئيس لحود في موقعه هو الدستور، حتى ان قوى 14 مارس لا تستطيع الخروج على الدستور من اجل اسقاطه، اذ لا حزب الله ولا غيره يحمي الرئيس لحود في موقع الرئاسة اليوم, ما يحميه هو الدستور نفسه الذي لا توجد فيه اي ثغرة يمكن ان يُنفذ منها لاقالته او اقالة اي رئيس جمهورية مقبل, فقط الحل هو في استقالته، واذا لم يكن يرى مصلحة وطنية كبرى في هذه الاستقالة فلماذا يقدم على ذلك في وقت ليس في استطاعة احد ان يجبره على الاستقالة.

بحسب معلوماتكم، هل يمكن ان يقدم الرئيس لحود على مثل هذه الخطوة، خصوصاً بعدما اقر القادة اللبنانيون في مؤتمر الحوار الوطني بوجود ازمة حكم على مستوى رئاسة الجمهورية؟

ـ تتوارد الينا بعض المعلومات من اكثر من مصدر ان الرئيس لحود ليس متمسكاً بموقع رئاسة الجمهورية اذا تم التوافق الوطني على من يطمئن اليه في تحقيق رؤية وطنية تنسجم مع حماية لبنان من الوصايات الجديدة ومع ضمان الاستقرار الامني والسياسي في البلاد.

اشرت في البداية الى ان البعض يربط مسألة استقالة الرئيس لحود ببرنامج الرئيس المقبل للمرحلة المقبلة، وبحسب اتفاق الطائف، فان البرنامج مطلوب من مجلس الوزراء وليس من رئيس الجمهورية؟

ـ لكن اقتناع الرئيس ببعض الثوابت والخطوط العامة يسهل عمل كل المؤسسات الدستورية في المرحلة المقبلة، وهذا ما قصدناه بالبرنامج او الرؤية, السياسات العامة في البلاد، قرارها بالتأكيد في مجلس الوزراء مجتمعاً، ولكن اذا كان شخص الرئيس غير مقتنع ببعض بنود هذه السياسات، فسيؤدي ذلك الى خلل في الاداء.

موقف صفير مستغرب

البطريرك الماروني اعتبر في موقفه الاخير لاحدى الصحف الفرنسية ان لحود فقد المقومات التي تمكنه من ممارسة مهماته؟

ـ هذا الموقف يبدو مستغرباً بالنسبة الينا ولا نعلم ما هي حيثياته.

الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله اعلن اكثر من مرة ان العماد ميشال عون مرشح جدي للرئاسة, هل هذا يعني انكم تتجهون الى ترشيحه في الوقت المناسب ولا سيما ان هناك ورقة تفاهم بين الحزب و"التيار الوطني الحر"؟

ـ هذا يعني ان العماد عون هو احد الاسماء التي تدرس ترشيحاتها حين تطرح على طاولة البحث, ورقة التفاهم بين الحزب والتيار تشكل مدخلاً طبيعياً لمعالجة الازمات والملفات الساخنة التي يدور حولها النقاش.

هل هذا يعني ان «حزب الله» لم يحسم خياره في دعم او تأييد اي مرشح للرئاسة؟

ـ ربما يكون للحزب خياره الضمني، ولكن هذا الامر لا يحسمه الحزب وحده.

ما المواصفات المطلوبة للرئيس المقبل والتي تطمئن الحزب للمرحلة المقبلة؟

ـ في طليعة المهمات التي يتولاها رئيس الجمهورية الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله والقرار الحر فيه, ثمة هجمة دولية تريد ان تصادر هذا القرار وتدفع لبنان قسراً الى معاهدة سلام وفق الشروط الاسرائيلية مع الكيان الصهيوني, رئيس الجمهورية الذي نطمئن اليه هو الذي لديه القدرة على التصدي لهذه المحاولات والقدرة على التنسيق بين لبنان وسورية لمواجهة المشروع الاسرائيلي والاستدراج الاسرائيلي عبر المجتمع الدولي والضغط الدولي، وخصوصاً الاميركي لتوقيع صلح منفرد مع اسرائيل.

والامر الثاني ان الرئيس الذي يمكن ان يقود سفينة البلاد نحو الاستقرار هو الذي يمثل توافقاً وطنياً، وليس الرئيس الذي يمثل بعض الفئات اللبنانية.

رفعت اخيراً صور للرئيس اميل لحود في الضاحية الجنوبية كتب عليها «حامي السيادة والمقاومة, هكذا يكون الرجال يا اشباه الرجال», كيف تفسر ذلك، وخصوصاً ان الضاحية الجنوبية هي معقل «حزب الله»؟

ـ هذا رد فعل عفوي من بعض المواطنين، وهذه الصور لم تقتصر فقط على الضاحية الجنوبية ولكن الضوء تم تركيزه على الصور التي رفعت في الضاحية.

اثيرت تساؤلات من جانب اوساط سياسية عدة حول الزيارات التي قمتم بها اخيراً لقصر بعبدا لتهنئة الرئيس لحود وشكره للموقف الذي اتخذه في قمة الخرطوم من موضوع المقاومة, فما الرسالة التي تريدون توجيهها من خلال ذلك؟

ـ نحن لسنا في قطيعة مع رئيس الجمهورية ودائماً نتواصل معه، ومن ضمن توجهنا الدائم والثابت ان نشكر كل من يقف الى جانب المقاومة ويدافع عنها في اي محفل من المحافل المحلية او الاقليمية او الدولية, وشكرنا الخاص لرئيس الجمهورية لموقفه في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم لا يعني اننا نوجه رسالة سلبية الى احد وانما نقوم بواجب اعتدنا على ان نؤديه في مثل هذه الظروف, وفي المناسبة نكرر شكرنا ايضاً لكل من يحمي هذه المقاومة ويتبنى خيارها في مواجهة الاحتلال الصهيوني.

هل تم تجاوز الموقف الذي اتخذه رئيس الحكومة فواد السنيورة في قمة الخرطوم والذي جبه بردود فعل عنيفة من قبلكم ومن قبل الرئيس نبيه بري في مجلس النواب، مع العلم انكم تعتبرون الرئيس السنيورة رجل دولة، وهو الذي اوجد المخرج منذ فترة لجهة ان المقاومة ليست ميليشيا؟

ـ ما حصل في الخرطوم التباس انتهى, ما كان يعنينا الا تغيب المقاومة نصا عن صيغة مقررات مؤتمر القمة العربية، لان تغييب اسم المقاومة عن البند المتعلق بلبنان سينسحب على كل المقررات التي يمكن ان تصدر عن مؤتمرات وقمم لاحقة, وليس من مصلحة لبنان تغييب هذا المصطلح تحديدا وتغييب هذا الحق المشروع للبنان، ما دمنا متوافقين جميعاً على ان المقاومة باقية حتى زوال الاحتلال.

هل اقنعكم تفسير الرئيس السنيورة لموقفه؟

ـ اعتبرنا ان الموضوع اخذ حجمه وأصبح من الماضي.

مستقبل المقاومة

البند الثاني المطروح على طاولة الحوار، بعد رئاسة الجمهورية، هو موضوع سلاح المقاومة, هل لدى «حزب الله» تصور معين لكيفية مقاربته؟

ـ المطروح على طاولة الحوار ليس مبدأ المقاومة الآن، بل مستقبل سلاح المقاومة بعد التحرير الكامل للاراضي اللبنانية المحتلة, ونحن من جهتنا نقارب هذا الموضوع من زاوية الحماية الاستراتيجية الوطنية المطلوبة للبنان ودور المقاومة في هذه الحماية, ربما هناك مقاربات اخرى، ولكن لم نصل بعد الى هذه النقطة، ربما بعد 28 ابريل سيطرح الموضوع, اما مسألة المقاومة وحقها في الاستمرار حتى التحرير الكامل لمزارع شبعا وكل النقاط الباقية تحت الاحتلال، فهذا الامر خارج اطار البحث, عندما اعلنا لبنانية مزارع شبعا، فمعنى ذلك ان المقاومة هي السبيل الاجدى لتحرير هذه المزارع، وتكتسب شرعيتها من جدوى تجربتها السابقة في انجاز تحرير القسم الاكبر من ارضنا المحتلة في الجنوب.

مسألة استراتيجية حماية لبنان واسعة، والبعض اعتبر انكم تطرحون هذا العنوان كشرط تعجيزي في بحث موضوع المقاومة، ولتأكيد استمرارها ما دامت اسرائيل موجودة؟

ـ لبنان وضعه نموذجي في المنطقة, مقاومته للاحتلال الاسرائيلي ايضاً قدمت نموذجاً جديداً في تجربة التحرير، ويمكن لبنان ان يقدم نموذجاً جديداً في الاستراتيجيا الدفاعية وفق الامكانات والمقتضيات الداخلية التي يعتبر محكوماً بها, لكل دوره في هذه الاستراتيجيا، المقاومة ليست بديلاً من الجيش اللبناني الذي بدوره لن يكون بديلاً من المقاومة بحسب وجهة نطرنا، المطلوب سياسة تكاملية لتوفير حماية لبنان ارضاً وشعباً ومؤسسات في وجه المخاطر والاطماع الاسرائيلية في المستقبل.

هناك من يطرح نظرية دمج المقاومة بالجيش؟

ـ نحن لدينا رؤيتنا لهذه الاستراتيجيا، وعندما يطرح الموضوع على طاولة الحوار سندلي بهذه الرؤية, ولكن لا بد من الاشارة مبدئياً الى ان الفاعلية التي تملكها المقاومة والتي ساهمت في تحقيق اهدافها في التحرير تقوم اساساً على بنيتها المرنة غير الرتيبة وعلى سرية حركتها وعلى عدم تقيّدها بروتين اداري معين، اضافة الى تكتيكها والدور المطلوب منها, اذن فاعلية المقاومة تقوم على مرونة البنية وتميّز الدور، واي اقتراح يلغي هذين العنصرين يفقد هذه المقاومة فاعليتها فتصبح عديداً اضافياً للجيش ليس الا.

هناك من يسال: كيف يوافق «حزب الله» على بحث سلاح المقاومة على طاولة الحوار في وقت يهدد السيد نصرالله بقطع يد من يحاول نزع سلاح المقاومة بالقوة، وهل صحيح ان هذا الكلام موجه الى الداخل والى من؟

ـ نأسف لمحاولة البعض في الداخل اثارة الهواجس التي ليس لها منشأ على الاطلاق من سلاح المقاومة, الكلام الذي ادلى به سماحة الامين العام موجه الى اصحاب التآمر الدولي على لبنان، والذين يريدون بأي وسيلة نزع سلاح المقاومة, وقد تحدث في الوقت نفسه عن اللين في مقاربة هذا الموضوع من خلال الحوار وطرح كل الامور على الطاولة من اجل التفاهم، وهذا موجه الى الداخل, اما من يفكر من الاعداء في نزع سلاح المقاومة فسيواجه بالقوة.

هناك نقاط عديدة تم التوصل اليها في مؤتمر الحوار، ولكن من الواضح ان تنفيذها يتطلب استجابة سورية؟

ـ في كل الاحوال، لبنان ليس جزيرة معزولة عن هذا المحيط العربي، والمدخل اليه هو سورية, ومن هنا حرصنا على تسوية العلاقات اللبنانية ـ السورية وتوفير المناخات اللبنانية والسورية لذلك, نحن نفهم حاجة سورية الى لبنان في وقت نفهم حاجة لبنان الى سورية، وليس من مصلحة لبنان ان يستعدي بره الوحيد، وخصوصاً انه محاصر بحدين: البحر واسرائيل، واذا كان من ازمة عابرة بين لبنان وسورية فهي ليست استراتيجية، ونراهن على ان هذه الازمة ستسوى لمصلحة البلدين.

في الملموس تم الاتفاق في مؤتمر الحوار على طبيعة العلاقات مع سورية عبر اقامة تمثيل ديبلوماسي بين البلدين وتحديد الحدود وتثبيت لبنانية مزارع شبعا, هل ستتعاطى دمشق، في تقديركم، ايجاباً مع هذه التفاهمات اللبنانية؟

ـ ما تم التفاهم عليه في مؤتمر الحوار مسائل تستجيب مصلحة البلدين، ولكل بلد ان يقارب هذه المصلحة من زاويته ومن رؤيته, ما تم الاتفاق عليه ليس مطالب لبنانية، بل مصلحة لبنانية ـ سورية مشتركة، وينبغي ان تقارب اثناء تسوية العلاقات من هذه الزاوية، وليس من زاوية ان لدينا مطالب من سورية وعلى سورية ان تستجيبها, نحن نقارب هذه العلاقات من زاوية ان لنا مصلحة مشتركة في مقاربة ما تم التوافق عليه.

سورية وعلى لسان مختلف المسؤولين فيها، تقول ان مزارع شبعا لبنانية، فما الذي يمنعها من توقيع وثيقة رسمية تؤكد ذلك كما تطالب الامم المتحدة؟

ـ هذا الموضوع لا بد من بحثه وجهاً لوجه مع السوريين، وان كنا نسمع بعض وجهات النظر في سورية ان من مصلحة لبنان الا يذهب الى صلح منفرد مع اسرائيل، علما ان المدخل لهذا الصلح المنفرد هو تحديد الحدود بين سورية ولبنان حول مزارع شبعا.

هذا يعني ربط المسألة بالصراع العربي ـ الاسرائيلي؟

ـ هذه وجهة نظر البعض في سورية.

اذاً مخاوف النائب وليد جنبلاط وتركيزه على هذا الموضوع تنطلق من وجهة النظر هذه؟

ـ الاشكالية القائمة بحسب وجهة نظر جنبلاط هي رفض دمشق تثبيت لبنانية مزارع شبعا، ولكن وجهة النظر هذه لا تلغي لبنانية المزارع وهويتها، وبالتالي لا تلغي مشروعية المقاومة من اجل تحريرها, عندما يتم تثبيت لبنانية هذه المزارع وفق المصلحة اللبنانية ـ السورية المشتركة تزول هذه الاشكالية.

الواضح ان جنبلاط ابتعد عنكم في الكثير من الخيارات ام ان هناك مستجدات على هذا الصعيد، وكيف يتم التعاطي بينكما في جلسات الحوار؟

ـ جنبلاط يمثل وجهة نظر على طاولة الحوار نحن نعارضها ونتبنى وجهة نظر مناقضة تماماً لها، وليس ثمة اتصالات جانبية خاصة معه.

هناك تساؤلات كثيرة حول موقف جنبلاط والاسباب الفعلية التي دفعته الى هذا الاتجاه الذي يسلكه اليوم، بعدما ادى في السابق ولا سيما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري دوراً اساسياً في الدفاع عن المقاومة في العديد من المحافل الدولية؟

ـ كانت علاقته مع الحزب، كما فهمنا، في زمن الغفلة، اما الآن فهو يعيش صحوة ضمير.

هل تعتبرون انه التحق بالمشروع الاميركي، وهل اصبح المحور المواجه للمحور السوري ـ الايراني و «حزب الله»؟

ـ واقع الحال ان منطق جنبلاط الراهن هو منطق غارق في الكيانية اللبنانية التي لا تؤسس لمصلحة مستقبلية للبنان.

هل «حزب الله » نظراً لعلاقته الجيدة مع سورية على استعداد للتدخل لديها لتسهيل تنفيذ ما اتفق عليه في مؤتمر الحوار؟

ـ طبعاً سنقوم بكل ما نستطيع مع سورية من اجل مقاربة دقيقة لما توصلنا اليه على طاولة الحوار.

الملف الفلسطيني

الواضح ان موضوع السلاح الفلسطيني وضع على نار قوية، و«حزب الله» كما ذكر، ادى دوراً اساسياً في زيارة الامين العام للجبهة الشعبية ـ القيادة العامة احمد جبريل للبنان ولقائه خصوصا رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري, هل بدأت الترجمة العملية لمعالجة هذا الملف؟

ـ ما حصل كان بمثابة خطوة اولى في طريق تسهيل معالجة هذا الملف، وعلينا ان نكون جديين في مسعانا خلال الفترة المقبلة لحله, معالجة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات كانت تقتضي التواصل مع المعنيين بهذا السلاح في شكل مباشر، وهذا ما حصل, ونعتقد ان الزيارة التي قام بها احمد جبريل ولقاءه مع سعد الحريري مرتين، اضافة الى لقاءاته الاخرى كانت خطوة اولى على طريق تسهيل معالجة هذا الملف.

اللافت ان ضغط التجاذبات السياسية الداخلية تقلص بعض الشيء، والبعض يعزو ذلك الى الدخول العربي وخصوصاً المصري والسعودي على خط التهدئة بين لبنان وسورية؟

ـ ما نشعر به حتى الآن ان هناك مواكبة عربية لما يجري على طاولة الحوار في لبنان، لم يصل الامر الى حد طرح مبادرة عربية، ثمة متابعة من اجل توفير المناخات الملائمة للحوار.

مع تأجيل جلسات الحوار الى 28 الجاري، عادت الى الواجهة الازمة الاقتصادية ـ الاجتماعية في ضوء المشروع الذي طرحته الحكومة للاصلاح الاقتصادي، والذي بدأ مجلس الوزراء بدرسه، كيف ينظر «حزب الله» الى هذا المشروع؟

ـ اولاً نحن سنقارب هذا المشروع بكل روح ايجابية لكن ايضاً سنفند المشكلات والاخطاء الواردة فيه, لا احد يختلف على عنوان الاصلاح المطلوب على المستوىين الاقتصادي والمالي, ولكن المشروع المطروح يتضمن عناوين ويفتقر الى تشخيص الآليات ويغيّب الكثير من التفاصيل التي تؤثر في ترجمة النيات الحسنة من خلال طرح عناوين الاصلاح, ونأمل ان يكون جو الحوار حول الورقة الاصلاحية مسؤولاً من اجل ان نوفر امكان النهوض الاقتصادي في البلاد بعيداً من الشروط والاملاءات الدولية التي تحاول ان تربط المساعدات للبنان بطروحات اصلاحية نظرية لا يستطيع تحملها في هذه المرحلة.

يبدو واضحا ان لديكم ملاحظات عديدة على هذه الورقة، ولكن السؤال هل يمكن ان تكون مادة تجاذبات سياسية جديدة؟

ـ ما ورد في الورقة الاصلاحية لا يطاول فئات سياسية فقط، وانما فئات اجتماعية وهيئات نقابية واقتصادية لها فاعليتها وحضورها وامتداداتها في لبنان, المطلوب ايجاد موازنة موضوعية بين متطلبات الاصلاح ورعاية الشأن الاجتماعي للطبقة الوسطى في هذا البلد، في المستوى الذي بقيت عليه طبقة وسطى.

هل يمكن ان تكون هذه الورقة مشروع مشكلة جديدة مع الرئيس السنيورة، ولا سيما انها تأتي تحضيراً لمؤتمر بيروت والبعض يرى ان معظم بنودها تشكل استجابة لشروط الدول والمؤسسات الاجنبية المانحة؟

ـ سنطرح موقفنا بكل جدية ومسؤولية وطنية وسنكون حازمين في متابعة هذا الموقف.