معركة هدم
الدولة
داود
الشريان
الحياة - 27/09/06//
كان البعض
على الساحة
السياسية في
لبنان ينتظر
خطاب الامين
العام لـ «حزب
الله» السيد
حسن نصرالله
في احتفال
«النصر
الإلهي» بفارغ
الصبر، اعتقاداً
منه ان
السيد سيخطب
على طريقة
المنتصر، لكن
السيد خاطب
الجماهير
بمرارة
المهزوم،
ونقل السجال
من اختلاف في
وجهات النظر
الى انقسام حاد
في المواقف
وقدم لخصومه
السياسيين
فرصة عظيمة
للتعبير عن
مشاعرهم
ومواقفهم
الحقيقية
التي اجبرتهم
ظروف الهزيمة
والدمار على
مداراتها
خلال الايام
القليلة التي
تلت وقف
الحرب، وبهذا
يكون السيد
حسن نصرالله
دشن مرحلة ما
بعد الحرب، واعلن من
الضاحية
الجنوبية عن
بدء مهمة هدم
الدولة التي
عجزت الحرب عن
تنفيذها.
في بداية
خطابه قال
السيد
للجماهير
المحتشدة ان
ظهوره في شكل
علني فيه خطر
عليهم وعليه،
خشية ان
تقوم اسرائيل
باستهدافه
وهو يخطب،
لكنه تشاور مع
اخوانه
وحسم الامر،
فنفسه
ومشاعره لم
تسمح له ان
يخاطب محبيه
بواسطة شاشة،
ومخاوف السيد
كانت مطروحة
بين الناس، أو
روج لها بين
الناس، وهو
نجح في
استخدام هذه
القضية في
بداية الخطاب
لإشعال حماسة
الجماهير التي
حجت اليه
من أقصى
الجنوب، لكن
الشق الذي لم
يعلن عنه السيد
في مشاوراته
مع المسؤولين
في الحزب هو
كيف يتحدث، هل
يعاود صوغ
اعتذاره
ويعلن مرة اخرى
أنه اخطأ
التقدير، وان
رفض تسليم
الجنديين الاسرائيليين
دمر البلد،
وأبقى الاسرى
في سجون اسرائيل،
ولم يحرر الارض،
وجلب كل جيوش
العالم
لحماية اسرائيل،
ولجم أي عمل
عسكري ضدها.
هل يمكن ان
يكون مثل هذا
الخطاب
مقبولاً عند الانصار
الذين تركوا
منازلهم واطفالهم
لمشاهدة
وسماع السيد
في شكل مباشر؟
ثم ما هو تأثير
هذا التوجه في
الخطاب على
مكانة الحزب
وشعبية
السيد؟
المشكلة
ليست في
الجماهير،
فحشود البشر
التي توافدت
منذ الصباح
الباكر على
الضاحية الجنوبية
كانت تريد ان
تسمع كلاماً
يطمئنها الى ان ما حل بها من
خراب لن
يتكرر، والى ان القرى
ستعمر،
والمدارس ستشيد.
كانت تريد ان
تسمع خطاباً
يعدها
بالهدوء
والطمأنينة.
كان الناس
يريدون من
السيد ضمانات
بعدم رهن حياتهم
وأمنهم
لقنطار
السياسة،
وقناطير
المصالح
والتحالفات،
لكنهم للأسف
لم يسمعوا ما جاءوا
من أجله،
فالسيد أعاد
الكلام الى
المربع الاول،
وعوضاً عن
الحديث عن حجم
المبالغ
المرصودة للاعمار
والبناء واعادة
المهجرين،
تكلم عن عدد
الصواريخ،
وتمسك بالسلاح،
وقال للناس في
شكل غير
مباشر:
استعدوا، فربما
نضطر لهدم
بيوتكم مرة
أخرى.
المتفائلون
وحدهم هم
الذين توقعوا ان يتجاوز
السيد صفة
القائد
العسكري،
ولغة التهديد،
ويجنح الى
السياسة
ويخيب ظن
خصومه
السياسيين في
لبنان وخارجه.
فـ «حزب الله»
كان بإمكانه ان يفعل
هذا من دون
حرب مدمرة.
فالفرصة كانت
أمامه على
طاولة
الحوار، وفي
تلك الفترة
كان المتحاورون
على استعداد لاعطاء
«حزب الله»
أكثر مما
يتوقع مقابل
الانخراط في مشروع
الدولة. لكن
الحزب لم يفعل
لان السلاح في
فهمه خيار
استراتيجي، والتنازل
عنه قضية
محسومة،
ولهذا فكل ما
قاله السيد في
خطابه الاخير
حول إلقاء
السلاح مجرد
كلام لكسب
الوقت. فسلاح
«حزب الله» باق
حتى يصبح
الحزب هو
الدولة. وبغير
هذا الثمن لن
يتخلى «حزب
الله» عن
السلاح،
وعليه يمكن
التكهن بشكل
المعركة
المقبلة. انها
معركة هدم
الدولة
اللبنانية. فـ
«حزب الله» يرى ان هذه
الدولة ليست
جديرة بحماية
لبنان، والاطراف
الاخرى
ترى ان
وجود «حزب
الله» بهذا
الشكل عقبة في
وجه بناء الدولة.
لكن كيف سيتم
التعبير عن
هذه المعركة
الطاحنة؟ هل
يدخل البلد
حرباً اهلية
من جديد، ام
ان هذا
خيار مستبعد
بسبب أمن اسرائيل
ووجود القوات الاجنبية
على مشارف
الحدود؟ هل
تكتفي الحرب
بالاغتيالات واعمال
التخريب؟ من
الصعب التكهن
بالأحداث
القادمة، لكن
الذي لا خلاف
عليه ان
الانقسام
الحاصل في
لبنان الآن
ينذر بخطر كبير،
وان البلد
سيحتاج الى
سنوات طويلة
ليستقر من
جديد. فالقضية
وصلت بين الاطراف
اللبنانية
الى مرحلة كسر
العظم، لكن
قبل كسر عظم
احد الطرفين
سيتم تدمير
البلد
اقتصادياً
وسياسياً
وسيعود لبنان
الى مرحلة اسوأ
من تلك التي
عاشها ايام
الحرب الاهلية.
لكن ثمة أملا
بمشروع
مصالحة خلاق
يقوم على اساس
معاودة ترتيب المحاصصة
بين الطوائف،
ويقدم للشيعة
قيمة سياسية
مقابل السلاح
المزمع نزعه.