الفاتيكان جرّد "وثيقة بكركي" من عواطف الراعي وجعلها شوكة في خاصرة حزب الله وميشال عون

لندن- كتب حميد غريافي

13 شباط/14

كشفت أوساط مقرّبة من البطريركية المارونية في بكركي شمال بيروت النقاب أمس عن أن الفاتيكان وافق على إطلاق الوثيقة التي قرأها البطريرك بشارة الراعي خلال الاجتماع الشهري للأساقفة الموارنة بحضور البطريرك المستقيل نصرالله صفير، بعدما قرأها وأدخل تعديلات عليها وحذف بعض فقراتها التي كانت نتيجة تفاعل نفسية الراعي مع حزب الله وسوريا التي عادت فظهرت مجدداً في استقباله ميشال عون وعصبته السياسية بكاملها في عيد مار مارون الأحد الماضي وإعلان تأييد هذا الأخير في رفضه تشكيل الحكومة إلاّ بشروط تعجيزية والقول له مباشرة: "نحنا معك"، أي معه في وثيقة تفاهمه مع حسن نصرالله وزياراته "الأخوية" إلى "أخيه" بشار الأسد في دمشق، ومعه في منع رئيس الجمهورية من تأليف حكومة إنقاذية، فيما الراعي نفسه يدعو ليلاً ونهاراً إلى تشكيلها لإنقاذ الاستحقاق الرئاسي فيما بعد".

وقالت الأوساط في لندن أمس إن "وثيقة الراعي" رُفِعت إلى الكرسي الرسولي في روما لإبداء رأيه فيها قبل أشهر، وربما منذ زيارة البطريرك الأخيرة للفاتيكان، ثم أُعيدت إليه بعد إدخال التعديلات عليها بسبب أهميتها على المديين المتوسط والبعيد، بدليل أنها جاءت بعيدة كل البعد عن التوجهات التي سار عليها الراعي منذ اليوم الأول لانتخابه بطريركاً على درج مدخل قصر الإليزيه الفرنسي ما أحدث زلزالاً في لبنان وأوروبا ودول الاغتراب لتركيز البطريرك الجديد على "مشروعية المقاومة" و"أحقيّة بشار الأسد في إدارة شؤون بلده"، كما جاءت خالية من كل ما يثير حساسيات الموارنة خصوصاً والمسيحيين بشكل عام حيال هذين الموضوعين اللذين يقضان مضاجع اللبنانيين والدول العربية الأخرى".

وأكدت الأوساط أن البطريرك السابق نصرالله صفير "قد يكون لعب دوراً مهماً في تعديل بعض فقرات الوثيقة عندما عُرضت عليه قبل إرسالها إلى الفاتيكان، مصوباً بذلك المسار الشاذ لرفيقه الراعي، بحيث إن وقع هذه الوثيقة على لبنان واللبنانيين شابه وقع "نداء بكركي" العام 2000 الذي أطلقه صفير ومطارنته وأدّى إلى خلخلة الاحتلال السوري للبنان، وفيما بعد إلى اجتثاثه من جذوره، مطلقاً شرارة "ثورة الأرز" التي تحوّلت إلى ثورة عربية واسعة احتُذي بها في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والمغرب والجزائر، وقلبت الأوضاع فيها رأساً على عقب".

وقالت الأوساط المقربة من بكركي عادة، وخصوصاً في عهد البطريرك صفير، إن عدداً من الأساقفة والقادة الروحيين في دول الاغتراب وبعض زعماء الأحزاب المسيحية الذين كانوا إطّلعوا على الخطوط العريضة "لوثيقة الراعي"، نصحوه بالابتعاد عن كل ما من شأنه الإيحاء بأنه ما زال سائراً في أخطائه، وتحاشي كل ما من شأنه دعم الفئات العاملة على تهديم الدولة وتدمير مقوماتها لاستبدالها بدولة "الولي الفقيه-وربّ العلويين"، وقد حصلت بعض عمليات الأخذ والردّ أُفهم الراعي بنتائجها أنه "غير مُخيّر" في صياغة الوثيقة "وغير مطلق اليدين" فيها لأنها تضع خارطة طريق للبنان إلى عشرات السنين المقبلة على أُسس دولة قوية لا مكان فيها للعصابات وقطّاع الطرق والقتلة والمتسلطين والمذهبيين".

"ولأن الوثيقة جاءت بهذا الأسلوب الحاسم والأفكار غير المتزحزحة عن المفهوم الوطني اللبناني الصرف والصافي"، حسب الأوساط تلك، "شنت القوى المارقة في 8 آذار حملة عنيفة عليها فيما التزمت بعض وسائل إعلانها وبعض قادة أحزابها بالصمت المطبق، على اعتبار أنها "متناغمة مع مواقف ومبادئ وأفكار 14 آذار اللبنانية الوطنية"، وقد تكون "قاربت من إلغاء مفاعيل وثيقة التفاهم بين ميشال عون وحسن نصرالله نهائياً"، وهذا ما حمل الراعي على "تطييب خاطر" صديقه الجنرال في بكركي الأحد الماضي، مشجّعاً إياّه على خوض الانتخابات الرئاسية بطرية غير مباشرة عندما قال له "نحنا معك"...