رئيس
جمهورية "الجبهة
اللبنانية"
سجعان
قزي
الظروف
الإقليمية
والدولية
المحيطة
بانتخابات
رئاسة
الجمهورية
سنة 2007 تشبه، في
أوجه عديدة،
ظروف
انتخابات عام 1982:
صراع
استراتيجي،
مواقف
متطرفة، لعبة
أمم، حلول
راديكالية
على صخورها
تتحطم
المبادرات المحلية.
وإذا طبيعة
الصراع
اليومَ
تغيّرت،
فحِدَّته
زادت مع أطراف
جدد كـ"القاعدة"
وإيران و"حزب
الله" والأصوليات
السنية.
عام
1982 واجه العالم
الحر، بقيادة
أميركا،
الشيوعية
الدولية عبر
حلفائها في
الشرق الأوسط
ولبنان. واليوم
يتصدى العالم
الحر،
بالقيادة
نفسها،
للأصوليات
الآسيوية
والشرق
الأوسطية عبر دول
ومنظمات
اتخذت من
لبنان
مَيداناً
ومنصة وقاعدة.
في
المنطقة،
حلّت "القاعدة"
وإيران
وسوريا مكان
الاتحاد
السوفياتي. في
لبنان أخذ حزب
الله وتجمع 8
آذار ولقاء 14
آذار أدوار
منظمة
التحرير
الفلسطينية
والحركة
الوطنية
والجبهة
اللبنانية. في
فلسطين احتلت "حماس"
و"الجهاد
الإسلامي" الصدارة
مكان منظمة "فتح".
وإلى الصراع
العربي - الإسرائيلي
المستمر،
تفجر الصراع
السني - الشيعي
على خلفية
فارسية - عربية.
هذا
الصراع
الحضاري
والديني
والسياسي
والاقتصادي
كان ينقصه
صاعق تفجير
جديد بعد
صاعقي بن لادن
في أفغانستان
وصدّام حسين
في العراق،
فجاء عبر سعي
إيران إلى
اقتناء
السلاح
النووي
والهيمنة على
شعوب المنطقة.
وإذا كانت
الدول
العربية
والأوروبية
عام 1982 تحفظت عن
الحرب الإسرائيلية
ضد
الفلسطينيين
لوجود قضية شعب
فلسطيني، فهي
فلن تنتحب
اليوم على
إيران النووية،
وسوريا
المشاغبة، و"حزب
الله" المحتفظ
بسلاحٍ مدَمِّـر
رغم انسحاب
إسرائيل من
لبنان منذ عام
2000 (مع احترامنا
مزارع شبعا).
إنَّ
لبنان، بعدما
استوطنته هذه
الصراعات، بفعل
انقسام شعبه،
عاد مركز
المواجهة
الجديدة بين
المعسكرين. وأياً
يكن شكل
المواجهة، لا
يستطيع
العالم الحر،
لألف سبب
وسبب، أن يخسر
المعركة. ولأن
استحقاق
رئاسة
الجمهورية،
في هذه الأجواء
والخلفيات،
هو أحد أشكال
المواجهة في
هذا الصراع
الاستراتيجي،
فلن يُسمح
لإيران
ولسوريا ولـ"حزب
الله" بتعطيل
الانتخابات،
ولا بفرض رئيس
من جعبتهم،
ولا بإسقاط
الحكم العتيد.
فبعد
النكسة
الإسرائيلية
العسكرية عام 2006
ضد "حزب الله"،
لن تتحمّل
أميركا نكسة
سياسية ضده (وتالياً
ضد سوريا
وإيران) في 2007. لذا،
إن رئيس
الجمهورية
اللبنانية
الجديد، سواء
انتخب
بالثلثين أم
بالأكثرية
العادية،
سيكون رئيس
جبهة العالم
الحر في لبنان.
ولأن هذه هي
مهمة الرئيس
الجديد، لا
يكفي للمرشح
أن ينتمي إلى 14
آذار ليصبح
حُكماً
رئيساً
صالحاً
للمرحلة المقبلة.
إن
لبنان ينتظر
رئيساً يحمل
قضية شعبه
التاريخية،
يَفقه أبعاد
الصراع
الإقليمي
والعالمي،
ويقدِّم خطة
إنقاذ للبلاد.
إن لبنان
ينتظر رئيساً
يتميز،
عِلاوة على الأخلاق
والنزاهة،
بشجاعة
وبرودة
أعصاب، برباطة
جأش وصمود
تجاه
التحديات،
بخبرة سياسية
وثبات وطني
مجَـرَّب. فلبنان
اليوم أمام
خمسة تحديات:
1- إنجاز
الوفاق،
انطلاقاً من
الثوابت
الوطنية لـ"اتفاق
الطائف"، على
أسس حديثة
تأخذ في
الاعتبار
مستوجبات التعددية
اللبنانية (اللامركزية
أو
الفيديرالية).
2- تعزيز
وجود
المسيحيين في
لبنان بعدما
تناقص عددهم بفعل
الهجرة،
وإحياء دورهم
في السلطة إثر
تهميشه طوال
سنوات
الاحتلال
السوري.
3- التصدي
لكل فئة
داخلية أو جهة
خارجية تحول
دون تطبيق
قرارات
الدولة وتعصى
شرعية الأمم
المتحدة
وقراراتها
المتعلقة
بلبنان.
4- تحضير
لبنان لولوج
عهد الدولة
القوية (بجيشها)،
المهابة (بسلطتها)،
المحايدة (بسياستها)،
والمدنية (بمجتمعها).
5- إعادة
ثقة
المواطنين،
لاسيما
الشباب منهم، بوطنهم
ودولتهم (حل
مشكلة
المديونية،
إيجاد فرص
عمل، وقف الهجرة،
إلخ.).
أنّـى
للبنان مثل
هذا الرئيس
والبحث جار
عنه بين سحور
وإفطار وعظة
في قداس؟
أنّـى للبنان
مثل هذا
الرئيس ومعظم
السياسيين في
الفريقين (8 و14
آذار) يمارسون
سياسة صغيرة
في لعبة
الأمم، أو
لعبة الأمم في
وطن صغير؟ إن
اختيار رئيس
الجمهورية
يجب أن يتخطى
نظرتي الوفاق (وفاق
مع من؟) والتحدي
(تحد لمن؟) إلى
مشروع الرئيس
الإنقاذي. فالرئيس
الوفاقي يعني -
في المفهوم
اللبناني - الإتيان
برئيس يدير
الأزمة، كما
أن رئيس التحدي
يعني - في
البيئة
الحالية - الإتيان
برئيس يطبق
القرارات
الدولية. وفي
ظل الوضع
الحالي، يخشى
اللبنانيون
الخيار بين
رئيس يأتيهم
بسلام من دون
حل (الوفاق)، وآخر
يأتيهم بحل من
دون سلام (التحدي).
إن
جوهر الصراع
الدائر في
الشرق الأوسط
يعقّد مشاريع
التسويات في
لبنان، بما
فيها الاتفاق
على رئيس
وفاقي
للجمهورية. وكل
الدعم الذي
يقدمه
الأطراف
المحليون لمبادرة
رئيس مجلس
النواب
الأستاذ نبيه
برّي يظل عديم
الفائدة، ما
دام هؤلاء
مرتبطين
عضوياً
بالصراع
الخارجي. وبقدر
ما تُشيع حركة
الاتصالات جو
تفاؤل، فإن
جمود الصراع
يرجح التشاؤم.
الاتفاق
على اسم رئيس
الجمهورية
صعب بدون الاتفاق
على نهج حكمه. والاتفاق
على نهج الحكم
متعذر بدون
الاتفاق على
تسوية وطنية
جديدة. والاتفاق
على تسوية
وطنية جديدة
باطل قبل نضوج
التسوية الإقليمية.
ونضوج
التسوية
الإقليمية
مستحيل قبل
تغيير موازين
القوى. وتغيير
موازين القوى
يستوجب عملية
عسكرية
تدمِّر البنى
العسكرية
للنظامين
الإيراني
والسوري ولـ"حزب
الله"، أو أن
ينتصر هؤلاء
على أميركا
وإسرائيل، فيطردون
الأولى من
الشرق،
ويقضون على
وجود الثانية.
في
مقابل هذه
الجدلية
المقفلة التي
تربط الحلول
السياسية
بتنفيذ عمل
عسكري،
ثَـمّـة جدلية
مفتوحة تأمل
بتمرير
الحلول عبر
التهديد الفعلي
بعمل عسكري من
دون القيام به.
هكذا تنتزع
أميركا
وإسرائيل
تنازلات من
سوريا
وإيران، ومن "حزب
الله" استطراداً،
وكأن الحرب
وقعت وهؤلاء
خسروها. إن
الشرق الأوسط
وإيران
يعيشان "حرباً
بيضاء" كما أن
أميركا
وإسرائيل
تمارسان "مسودّة
حرب". ولا ننسى
هنا أن
العقوبات
الدولية
المتصاعدة
على إيران
وسوريا موجعة
ومؤذية
اقتصادياً ومالياً
ومعيشياً
خلافاً
للانطباع
الإعلامي
الذي توحي به
الدولتان.
هذا
الشعور
بالخطر
الداهم، دفع
إيران وسوريا
إلى تليين
موقفيهما. فالمسؤولون
السياسيون في
دمشق وطهران
يدركون أن
القبول
بتنازلات
محدودة من دون
تدمير جيشيهما
ونظاميهما
أفضل من
تنازلات
شاملة بعد
دمارهما. والقادة
العسكريون في
الدولتين
يعرفون أن نتائج
الضربة العتيدة
ستكون،
عسكرياً على
الأقل، شبيهة
الحرب الأميركية
على العراق
عام 2003 لا الحرب
الإسرائيلية
على لبنان عام
2006. فالأولى هي
القاعدة
العامة،
والثانية هي
الاستثناء
الخاص.
ملامح
"التغيير" في
الموقف
السوري برزت
في: تشديد
المراقبة على
الحدود
السورية - العراقية
(منذ حزيران 2007). تأكيد
وزير خارجية
إسبانيا قبول
سوريا بوضع مزارع
شبعا تحت
وصاية الأمم
المتحدة (أول
آب 2007). محاولة
طمس خبر
الغارة
الإسرائيلية
على شمالي
سوريا (6 أيلول 2007).
اغتيال "متعهد"
إرسال
المقاتلين من
سوريا إلى
العراق، الداعية
محمود غول
آغاسي
المعروف بـ"أبو
القعقاع" في
حلب (28 أيلول 2007).
أما
ملامح "التغيير"
في موقف
إيران،
فتتجسد في: الحوار
المفتوح مع
السعودية حول
منطقة الخليج
والعراق
ولبنان. نفي
طهران نصب 600
صاروخ موجه
نحو إسرائيل. الوعود
الجديدة
المعطاة إلى
ألمانيا
والأمم
المتحدة بصدد
برنامجها النووي.
استعدادها
لتسوية شاملة
مع أميركا تشمل
كل قضايا
المنطقة
الممتدة من
أفغانستان إلى
لبنان
وفلسطين.
لكن
هذه
التغييرات
العلنية لم
تحدث تبدلاً حقيقياً
على صعيد
الملف النووي
الإيراني ولا على
صعيدي الوضع
السياسي في
لبنان
والأمني في
العراق. ولا
تزال
الولايات
المتحدة
الأميركية
تعتبر
الانعطاف
السوري والإيراني
مناورة. فما
لم تساهم
سوريا وإيران
في تنفيذ
القرارات الدولية
المتعلقة
بلبنان (معظمها
على الاقل) لتسهيل
انتخاب رئيس
جمهورية ونزع
سلاح "حزب
الله"، وما لم
يوقفا الدعم
التام
للميليشيات
المتعددة في
العراق
لتسهيل
الانسحاب
الأميركي
التدريجي،
فالصراع مستمر
بنصاب كل
الأطراف.
في
هذه الحالة،
يتعذر على "ثورة
الأرز" أن "تتنازل"
عن رئاسة
الجمهورية
لشخصية غير
إنقاذية، فالفوز
بهذا المنصب
هو تتويج نضال
ثلاث سنوات وضمان
بناء دولة
السيادة
والاستقلال. وحين
تكون طبيعة
الصراع في
لبنان
والمنطقة
بهذا
الاتساع،
تضيق فرص التوافق
(من دون أن
تنعدم)،
ويتقلص عدد
المرشحين
لرئاسة
الجمهورية. فكم
مرشحاً
جِدّياً يبقى
أهلاً لرئاسة "الجبهة
اللبنانية"؟