الفيدرالية
صيغة لإنقاذ
الوطن من
الإنهيار الشامل
بقلم/ميشال
نجم
ما
يحدث في لبنان
اليوم ليس
بجديد.
الإرهاب المستشري،
والجرائم
الدموية
المتمادية من
دون رادع أو
عقاب،
والإفلاس
السياسي
الفاضح في أداء
ما يسمّى
بـ"الطبقة
السياسية"،
لا بل حتى في
أساس
تكوينها، والكذب
المتعدّد
الأوجه تحت
شعارات
وعناوين مختلفة،
قديمها
والجديد،
والتي وإن
انطلت على فئة
من
اللبنانيين،
فإنها لم تعد
تضلل فئات أخرى،
لا بل أصبحت
تهين ذكاءهم
وتستغل
إيمانهم ببعض
مبادئ ظنوها
لا تزال قائمة
لدى من يدّعون
حملها
والدفاع عنها
والعمل
لتطبيقها.
وقد
فات الجميع أن
ثمن هذا
الواقع
المزيّف
والخادع
إنّما يُسحب
من رصيد
الدماء
اللبنانية التي
استبيحت تحت
شعارات
"الحفاظ على
الوحدة الوطنية(؟)"
في لبنان! لقد
حان الوقت لأن
نضع على طاولة
الحوار أوراق
حلول جذرية،
هذا إذا ما أردنا
فعلاً وحقيقة
ألا تذهب هذه
الدماء هدراً،
وأن نعيد
للإنسان
اللبناني
كرامته واحترامه...
حلول تجرّدنا
من مفاعيل
"الوحدة الوطنية"
المصطنعة
و"التعايش"
الكاذب،
واللذين أوصلانا
سابقاً إلى
مآسٍ وحروب،
ويقودان البلد
اليوم إلى
الإنهيار
الشامل.
ولا
سبيل إلى
إنهاء هذه
الكذبة
القاتلة إلا بإقامة
دولة بنظام
فيدرالي. فعلى
الصعيد
الداخلي،
تعمل الفيدرالية
على تنظيم
أمور الدولة
الداخلية وشؤون
المواطن، من
خلال دورة
متناغمة
ومتكاملة ومنتظمة
وموزّعة
الصلاحيات
والمهام
والإختصاصات،
ما بين السلطة
المركزية
والسلطات المحلية،
بحيث يتأمّن
احترام
المصالح
الخاصة بكلّ
الشرائح
والمجموعات
المكوّنة
للدولة
والمؤتلفة في
كنفها. هذا
بالإضافة إلى
تنظيم العمل
السياسي على
صعيد
المجتمع،
وإرساء
الإصلاح الإداري
على صعيد
المؤسسات.
وعبر توزيع
الصلاحيات
بين مختلف
مستويات
السلطات /
مؤسسات الحكم،
فإن
الفيدرالية
لا تنظّم
العلاقات
فيما بينها فقط،
بل هي تؤمّن
انسجامها
التام، مانعة
بذلك تحقيق
أيّ طرف لأيّ
شكل من أشكال
الغلبة على الطرف
الآخر،
خصوصاً وأن
الشؤون
المحلية متروكة
للسلطات
الإقليمية،
فيما ترعى
السلطة المركزية
شؤوناً كبرى
ومشتركة، جرى
التوافق على
تركها محصورة
في مجال
الإختصاص هذا.
كما
أن السلطات
المحلية، وإن
كانت بدورها
لا تخرج عن
نطاق
صلاحياتها
المحدّدة
بوضوح، إلا أن
ذلك لا ينتقص
البتّة من
تمثيلها على
المستوى المركزي،
ولا يحول
أبداً دونها
ودون أن تكون
لها كلمتها
المسموعة في
مشاركتها في
صوغ القرارات
المتعلقة
بالشؤون
القومية،
بشكل يؤمّن استقلالية
الوحدات
المكوّنة
للسلطة
اليفدرالية،
ويضمن لها
المشاركة
الفعالة في
القرارات
المصيرية.
وأما
على الصعيد
الخارجي،
فتحرص الدولة
على رسم
علاقاتها
الإقليمية
والدولية
بشكل يراعي
مصالح مجموع
الوحدات التي
تتكوّن منها،
والمشارِكة
في السلطة
الفيدرالية.
إن
استمرارية
لبنان
ومستقبله
مرتبطان حكماً
بقيمة
الحرّية
ومبدأ
التوازن،
خصوصاً وأن صيغتي
الـ"43"
والطائف قد
أثبتتا
فشلهما الذريع؛
وبالمقابل،
فإن
الفيدرالية
هي شرط صون حرية
اللبنانيين
جميعاً،
أفراداً
ومجموعات،
ووسيلة تأمين
التوازن في ما
بينهم؛ وهي
كذلك صمّام
أمان يمنع
الإنفجار
داخل
المجتمع،
وبالتالي
داخل الدولة،
حيث "تتعايش"
مجموعات
دينية – ثقافية
متعدّدة، لا
بل متناقضة
مرّات كثيرة،
كما أثبتت ذلك
التجارب
المرّة التي
تشكّل محطّات
لا تُنسى في
تاريخ لبنان
الحديث والمعاصر.
والفيدرالية
ليست
تقسيماً، كما
يحلو للبعض أن
يصفها؛ بل
وعلى العكس
تماماً من
ذلك، فهي التي
تسمح للأفراد
وللمجموعات
بتحقيق أبعاد
شخصياتهم على
المستويات
الإنسانية
والحضارية
والقانونية
والسياسية
والإدارية
والإقتصادية...
بشكل يتناسب
ومعتقداتهم
وخياراتهم،
ويعبّر عنها
خير تعبير؛
وقد يكون هذا
تحديداً ما
يخيف
الرافضين
لطرح
الفيدرالية،
خصوصاً وأن من
شأن تطبيقه أن
يعالج
"الأورام"
الخبيثة التي
أصابت البعض
منهم، وأن
يعيدهم إلى
أحجامهم
الحقيقية!
ومن
جانب آخر، فإن
من الواضح أن
هناك قصوراً خطيراً
في التعريف
بالفيدرالية،
والترويج لفوائدها،
وتعميم
ثقافتها.
فـ"الحزب"
الذي طالما
حمل رايتها،
لم يثقّف
محازبيه، بل
اكتفى
بالشعارات
العمومية. وها
هو اليوم، ويا
للأسف
الشديد،
يتنكّر لها
بقوّة، مكرّراً
– صبحاً ومساء –
إيمانه(؟!)
بصيغة الـ"43"،
أي الصيغة
عينها التي
دفع آلاف من
الشهداء ثمن "دفنها
وإقامة حارس
على قبرها"!!!
وأما
البقية
الباقية من
القلّة
القليلة التي
لا تزال
متمسّكة
بالخيار
الفيدرالي،
فيقع على عاتقها
همّ تثقيف
المواطن
ومسؤولية شرح
خصائص النظام
الفيدرالي،
حيث يصبح صوت
المواطن هو
المدماك
الأساس
والكلمة
الفصل في
تكوين البنية
السياسية
والإقتصادية
الجديدة؛ وعندها
فقط سيكون
"المسؤول" /
"الزعيم" هو
الذي يلهث وراء
المواطن،
وليس العكس.
ختاماً،
الفيدرالية
هي الحلّ الذي
يجب أن يُطرح
اليوم،
وبإصرار،
كردّ ملائم
على واقع الإنهيار
السياسي
المريع، من
جهة، وعلى كلّ
المشاريع
التي تمسّ
جوهر الكيان
اللبناني، كمثل
الخلافة
الإسلامية وولاية
الفقيه
وغيرهما، من
جهة ثانية.
ولقد
حان الوقت
للشروع في
ورشة إنقاذ
الوطن، بدءاً
من إطلاق حملة
تثقيفية حول
شؤون الفيدرالية
وشجونها. وكلّ
مَن يدّعي أن
الوقت غير ملائم
لمثل هذا
الطرح، فهو
إما يعمل ضدّه
(مواربة
وبخبث)، وإما
تنقصه الرؤية
السياسية
الواضحة والشجاعة
والصريحة
والبعيدة
المدى بهدف إنقاذ
البلاد.