العونية
كما يراها
حازم صاغية/
وطنيّة
البلهاء
حازم
صاغيّة
الحياة-
25/09/07//
كلّما
طالت يد
الجريمة
سياسيّاً في
لبنان أو صحافيّاً،
خطر في البال
فوراً اسم
ميشال عون.
الرجل،
ما من شكّ،
بريء من
الاغتيال،
تنفيذاً أو
تخطيطاً.
لكنه، حكماً،
ليس بريئاً من
إنتاج الظرف
السياسيّ
الذي يسمح به،
مثلما يسمح
بتعطيل
الحياة
السياسيّة
عموماً. بل
ربّما جاز القول
إنه المهندس
الأبرز لوضع
هكذا، وضعٍ يستحيل
معه الرسوّ
على نصاب
سياسيّ واضح
ومستقرّ،
مانع للقتل،
حائل دونه.
لكن ما هي هذه
الظاهرة
العونيّة
التي تشكّل
أمتن الجسور
الموصلة الى
الالتباس
القاتل، وكيف
نعربها؟
لنقل،
بادئ ذي بدء،
إنها مجمّع
كراهيّة وحسد.
فالعونيّ
واحد من
ثلاثة:
إما
كاره
لـ»القوّات
اللبنانيّة»
بسبب ماضي الحرب
الذي وجد
تتويجه في
«حرب
الإلغاء»،
وإما كاره لآل
الحريري،
حاسد لهم، ومن
ورائهم تقف الطائفة
السنيّة عموماً،
عملاً
بالتقليد
الطائفيّ
المسيحيّ الذي
نما في مواجهة
السنّة مثلما
نما التقليد
الطائفيّ
السنيّ في
مواجهته، حين
كان الشيعة هامشيّي
الحقوق
والحضور،
وإما كاره
لوليد جنبلاط،
ومن ورائه
الطائفة
الدرزيّة
(باستثناء
وئام وهّاب
طبعاً!)، بسبب
حرب الجبل
أساساً.
وبغضّ
النظر عمّا
إذا كانت
مشاعر
الكراهيّة
تلك تملك
المسوّغات
والتبريرات،
أو تفتقر إليها،
يبقى أن
اجتماع
الكراهيّات
ليس برنامجاً سياسيّاً.
لا بل ان
العنصر
السياسيّ
الضئيل الذي
يقيم في
الكراهيّات
تلك لا يلبث
أن يضمر تدريجاً
لصالح
المناكدة
والثأريّة.
فكيف وقد أضيفت
الى مُجمّع
الكراهيّة
ذاك جرعة «أنا»
متورّمة
جدّاً تضاعف
اعتباراته
الذاتيّة
وتجلوها،
مجتثّةً منه
كلّ ما يمكن
نسبته الى
الموضوعيّة؟
وغنيّ عن
القول إن
الأنا
المقصودة ليست
سوى أنا
الجنرال
الشهيرة التي
يتصرّف صاحبها
حيال رئاسة
الجمهوريّة
تصرّف طفل لا
يهمّه إلا
الاستحواذ
على لعبة!
وما
بين الذاتيّ
الذي في
العونيّة
والذاتيّ
المتفجّر
الذي ينطوي
عليه عون،
تشعّ حالة من
الغباء
السياسيّ
يندر الوقوع
على مثلها.
فالمسيحيّون
العونيّون،
وهم الذين لم
يدركهم العمل
الحزبيّ ولا
قاربوا مرّةً
تعقيدات
الحياة
السياسيّة، يصاغ
موقفهم في
عبارة أو
عبارتين لا
تتوالدان ولا
تتناسلان ولا
تتأثّران
بتحوّل أو
تغيّر أو حدث.
فتعليقاً
على اللبننة
السياسيّة
التي ألمّت
بسنّة لبنان
بعد اغتيال
الرئيس
الحريري، يقول
العونيّون إن
هذا أمر عابر
لأن أيّ تحوّل
يحصل في
سوريّة
لمصلحة
السنّة سوف
يردّ السنّة
اللبنانيّين
الى
عروبيّتهم
القديمة. وهذه
عيّنة على
الضرب بالرمل
الذي لا يليق
به أن يُسمّى
سياسةً،
خصوصاً أنه لا
يلحظ تحوّلات معنى
«العروبة» في
بلدانها
المؤثّرة على
لبنان، فضلاً
عن أن تحوّلاً
سوريّاً من
النوع المشار
إليه قد يضع
المشرق كلّه
أمام أسئلة
تغدو معها
مواقف
الطوائف
اللبنانيّة
تفصيلاً عارضاً.
أما أن يتعايش
الحذر من
عروبيّة «قد»
يرتدّ إليها
سنّة لبنان مع
«تفاهم» يربط
العونيّين
بحزب أصوليّ
مسلّح كـ «حزب
الله» يهدّد
أسس الكيان
نفسه، فمما
يعتذر العقل
عن تعقّله!
وتعليقاً
على
الاغتيالات
يقال إن شيئاً
لم يثبت الى
الآن، فيما
تُوجّه
الشفرة الى حكومة
الضحايا
المتّهَمة
بالتقصير في
ملاحقة أمر
قتلاها،
وبتوظيف دمهم
لأغراض
حزبيّة. هكذا
تُعتمد، على
حين غرّة، لغة
قضاة دؤوبين ومدقّقين
ليست من عادات
الكلام
العونيّ السخيّ
ولا من شيمه.
وقد يسقط
سياسيّ بعد
سياسيّ، وصحافيّ
بعد صحافيّ،
ويبقى القاضي
قاضياً دؤوباً
ودقيقاً
يكرّر
اللازمة
إياها!
لقد
كتب مفكّر
أوروبيّ ذات
مرّة أن
«اللاساميّة
اشتراكيّة
البلهاء»،
قاصداً أن
المتذمّرين
والمتضرّرين
والمستَغَلّين
الذين لا يعرفون
سبب قهرهم
يسهل عليهم
ردّه الى
«اليهود». وفي
المعنى هذا،
فإن العونيّة
وطنيّة البلهاء،
تدفع أصحابها
الى التحالف
مع الخطر
الفعليّ على
الوطن ضدّ
الأخطار
الوهميّة، و...
مع القاتل ضدّ
القتيل.