أخي
جبران
الأب/سيمون
عسَّاف
أحيي
روحك اليوم
وأنت وراء
الحجاب تُضَم إلى
قوافل
الشهداء.
وأرسل من
الأرض سلامي إلى
سماواتك عساه
يصلك واليَّ
يعود. مَدَّ
الفراق ضبابا
بيننا منذ
التسعينات
وطال، وإن كان
انقطاع بسبب
هجران، كان
وصال عَبْر ما
يفرز قلمك من
شهد ويصف من
دواء لعلاج
قضية شعب
ومصير وطن.
أذكر تلاقينا
في أوتيل
البستان عهد
"الجبهة
العريضة" من أجل
خلاص لبنان
والأحلام
التي
كانت تراودنا.
ولم أنسَ
قِوامَك
الممشوق وجبينك
العالي
وهَمَّك
المشغول
وطلتك البهية واندفاعك
المخلص
ونبوغك
الوقَّاد،
والآن تعتصرني
اللوعة ويفترسني
الأسى على هذا
المصرع
الوحشي
الأليم.
أأرثي
شبابك وأنت في
عز العطاء؟ لا
بل أرثي شعب
لبنان الذي
خسر فيك أديبا
مناضلا شهما
عنيدا وفيا
وعبقريا.
أأبكي
القلم الذي
فُجع برحيلك؟
لا بل أبكي الأنامل
التي يشتاق إليها
إذ يمتصّها
الصقيع و
يأكلها
الفناء.
أأشكو إلى
الحروف
والكلمات؟
وكل حرف نعش
وكل كلمة كفن
للمقاطع
والألفاظ
بعدك.
أأندبك
لاطما خدَّي
متأسفا؟
وماذا ينفع
الندبُ
واالتأسّف
ولطمُ الخدود
؟والزفرات
واحدةً إليها
لجأت وبها
اعتصمت ألا
وهي الصلاة
بإيمان ناسك
في صومعة،
ليغمرك الله
بواسع
الرحمات في فسحة
الجنات بين
الأبرار
والأصفياء.
هل تراهم
نجحوا
باغتيالك
كاسرين أرزة
فتية خالدة من
عندنا؟ لا
مليون مرة
ومرة لأن ما
كتبت وما
صرَّحت به
وصارحت أكبر
وأخلد من
غابات أرز
تفخر بها أجيالنا
وتتباهى إلى
أمدٍ طويل.
إنني
أتحسّر على
عذوبة
أناشيدك التي
كنت تطالعنا
بها كل صباح
أيها الكناري
الجميل. لا لم
ولن يحرمونا
ويخنقوا إلى
الأبد صوتك
الرخيم كما
زعموا، لأن
أصداءك ستظل
داوية تشنِّف
بالرَجْع
الآذان وتسحر
الأذهان
بالإيقاع.
نعم
تقوى بكبريائها
المترنمة
أبداً على
الذبح والكبت
والإذلال.
كأني
بوليّ الدين
يكن يرى
السفاح في
أشخاصهم قائلا:
كما تؤذي
الجُعلَ
رائحةُ
الياسمين
كذلك تؤذي
عبدَ الحميد
رائحةُ
الحرية.بالله أَذَاهُم
فيك نبلُك
واستنهاضُك
الزملاء
لاسترجاع
لبنان الشموخ
واسترداد ذاك
العنفوان.
أليس مصير
الأبطال في
بلادي منذورا
دوما للتهديد
والاضطهاد
والاستشهاد؟
ينهشني
الفراق
ويبلوني باغتيال
الشرفاء
واعتقال
النبلاء
شرواك من أبناء
بلادي.
وهل
تقوم أمة
وتستمر من دون
دماء ودموع
وعذاب
وتضحيات؟ ظنّ
الجُبناءُ
أنهم حولوا "النهارَ
إلى ليلٍ
حالِك"، غير
مدركين أنهم
أضافوا إلى
صفحات
أمجادنا وجها
مشرقا يضيءُ
درب الأحرار
الساعين إلى
إعلاء لواء
الحق
ونشر بيارق
الحرية. إسمح
لي أن استنجد
بكلام من آخر
مقال دبجتُه
أنت في 8 /12/ 2005 تحت
عنوان
"فليفسر لنا
الشرع": "فيا
لها من قوة
فصل وقوة سلام
تلك التي تخطف
وتسجن وتعذّب
وتقتل وترمي
في مقابر
جماعية ضحايا
بريئة تستصرخ
الضمائر
للاقتصاص من
المجرمين".
أتخيلك
وأنت تنحو
عليهم
باللائمة
لِما اقترفت
وساخة أيديهم
من إجرام
تستنبيءُ
أجَلَك وتنادينا
أيها الضحية
البريئة.
ذنبك أنك
لست جاهلا مثل
الجاهلين
فتآمروا عليك
وأودَوا
بحياتك
المليئة
بالجنى . لِذا
نستصرخ
الضمائر
بدورنا معك
للاقتصاص ممن
دبّروا لك هذه
المكيدة
المخجلة
النكراء
مرتكبين أشنع
مجزرة بحق
الأخلاق
والفكر
والحرية
والإباء والأدب.
حقد الغباء
ينتقم ظمآنا إلى
نجيع الذكاء
وطغاة
الاستعباد
تقتصّ بشراسة من
دعاة
الانعتاق. من
قال أنك تسقط
في البدايات
والمعركة لم
تُحسَم
والاستقرار
لم يشمل مساحة
أرضك التي فيها
نشأت وعليها
مشيت وهواها
أحببت وفي
سبيلها كافحت
للبلوغ إلى
المرسى
الأمين؟
ألست أنت
الذي قلت: "
فبين الولاء
لسوريا والولاء
للبنان، نحن
اخترنا
الولاء
للبنان لمصلحته
أولاً
وتالياً
لمصلحة
سوريا"! ماذا
فعلت أيها
العظيم حتى
قتلوك؟
فتطايرت أعضاءُ
جسدك أشلاءً
بشظايا
متفجرات
فاجرة تعكس
قذارة مبغضيك
وضغينة
حسَّادك. هل
من اختار
الولاء لوطنه
قناعة منه
لمفهوم
احترام الذات
يعاقب
بالاستئصال
والموت؟ يا
سليل الأمناء
خُذ منا تحايا
التقدير
والعرفان
لمواقف رجال
وقفت كتابة
وتعبيرا ونضالا.
أرادوا
استكمال فرض
الوصاية بشكل
آخر من عملاءٍ
لهم مدمرين
مخربين. إلا
أن الأكارم الأكابر
يرفضون
الهيمنة
ويهدفون إلى
تحصين سؤدد
بلادهم
وحماية سيادة
وطنهم وشدّ إزر
وحدته
وانتفاضة
بنيه للحرية
والكرامة والاستقلال.
تبقى
حاضرا رغم
الغياب
وطيفُك يختال
بين القلب
والعين
والخاطر.
نستودعك
لهفات أحبة
تحرَّقوا
عليك وناحوا،
نستودعك محبة
زملاء يتصدر
مقالاتهم
اسمك،
نستودعك عويل
اليتامى وقهرا
لفقراء وأنين
المظلومين
ونشيج
السجناء
وأخيرا نستودعك
وعداً يقتفي
خطاك حتى
نهايات مطاف النصر
والغار هنا
بقيامة لبنان
وهناك
بالقيامة
الممجدة ولك
ألف قبلة
وعليك ألف
دعاء ولقبرك
ألف باقة ورد.
13
كانون الأول 2005