شرق
الشعراء
بقلم/الأب
سيمون عسَّاف
يا
حرَّ قلبي على
شرقٍ كان
للرسالات
مهدا، وكان
مهبط الإلهام
للأنبياء
والشعراء
والمُتصوِّفين. ما أن
أتأمل بقوافل
الأعوام التي
حبلت وخلَّفت
على مسرحه
العريض
حكايات
وروايات
وقصصاُ تغفو
على صدور
الصفحات في
مكتبات
العالم الواسع،
حتى تغرورق
عيناي
بالدموع.
أستحضر
معشر الأدباء
والشعراء
وأبكي
من حنين إلى
تلك العهود
الحبيبة على أطلال
العزِّ الدوارس
وبقايا من
خيام الشوق
والتحرق
والهيام. أينها
هاتيك
الهنيهات
الحميمة التي
غازل الشعراء
الحبيبات
وغزلوا لهنَّ
أجمل مطارف
التذكارات
والأخيلة، هل
تراها تعود؟
وكيف الإياب
وزحف الجحافل
من تحت كل
كوكب يغطِّي
مساحات الرمل
الحارق. نعم
زحف غريبٌ
يُمثِّل
أدوار
الأسلاف من
الغزاة
والفاتحين، وحرتقة
البنادق
والسلاسل
والقيود
الحديدية
تجلجل فتقلق
سكينة
الواحات
والساحات
التي كانت عكاظ
المتنبي والنوَّاسي
والشريف
والمثلَّث
الأموي وسائر
الشلَّة. أشعرني
أشتعل غضباً
على أشجار
النخيل الباسقة
اللابسة
دخانا وضبابا
أسود وشحتارا.
ديار
ليلى
العامرية وعبلى
العنترية
ورابعة العدوية
وجميلات عمر
ترتجف من سخط
وتصطك من غيظ
على إبدال
بيوت الشِعر والشَعر
بشوادر وثكنات
العسكر الآتي
من البعيد
بزرقة
العينين
واللهجة التي
كثيراً ما
تستغربها مضارب
البادية.
أينكم
يا أهل الدار
ويا أرباب
المنازل لا
تستفيقوا من
عميق
السُبات؟ جاء
كم االزوَّار
هل ترددون
المأثور من
قولكم " يا
ضيفنا لو
زرتنا
لوجدتنا نحن
الضيوف وأنت
ربُّ المنزلِ" ؟
أم ماذا تقولون
وكيف
ترحِّبون
بالقادمين اليكم؟
أجهل كلِّياً
أجوبتكم كما
أجهل أيضا
اعتباركم
للفيالق العرمرمية
التي نزلت
عليكم وتنزل
عندكم.
أشهق
من وجعي على
مصائبكم
وأتلوَّى لأن
فيَّ جزء من
آلامكم
والأفراح،
لأني أعشق
متروك شعرائكم
النوابغ
والحِكَم
السديدة
الثاقبة أتأسَّف،
وأنتحب على
إرثكم
المصفَّى
وغبائكم الحي الذي
تمنيت لو
يتوفى. أعطاكم
المولى
الثروة
والغنى
وبقيتم فقراء.
أُسرِّح
النظر في المرامي
القصية من إقاماتكم
فأحنُّ
وألتاع في آن
ثم أتساءل
لماذا هذا التراجع
المريع
والتقهقر الذريع؟
ماذا دهاكم
حتى تخاذلتم
أمام وصايا
أنبيائكم ومرؤة
أجدادكم
وشهامة
رجالاتكم
وإباء
عروبتكم المنتمية
إلى ألوان قوس
قزح؟
من
زمان وأنا
أسمعكم
تتغنُّون
بالملاحم والبطولات
والبأس والبسالات،
وكم جعجعت مذياعاتكم
وهدَّت
وأدَّت مراجل
على مغتصبي
القدس وتهددت
وتوعدت
بإفناء
الأعادي
الألدَّاء، أينكم
اليوم بُكْمٌ
صُمٌّ
نناديكم وما
من سميعٍ أو مجيب.
صمتكم
يقتلني بعد ذيَّاك
الصراخ، إنكفاؤكم
يحيرني إثر هاتيك
الهجمات حتى
علينا للبياد.
أهيب
بكم غافرا
ظافراً
واليمين
ممدودة لكم كي
تنتفضوا بشكل
حرٍّ وتتفلَّتوا
من الأصفاد
التي تكبِّل
انطلاقاتكم الى
المطلق.
إلى
الفتح أدعوكم
ولكن من غير
نوع، فتحٌ
حضاريٌَ لا
يعرف السبي
والغزوات
والنكاح
والتحليل والتحريم
والمنكر.
فتحٌ
لا يعلق بهذه
الأعراف والناهيات،
بل بالتطلُّع إلى
ما فوق وأبعد
من مسافة
الآفاق
وحواجز والحدود
وكثبان
الرمال.
بصدق
يفوق براءة
الزاهد
وذمَّة
المؤمن أضع
يدي على كبدي
مصلِّيا كي
ترحم السماء
شملكم وتتآلفوا
من أجل خلاص
أجيالكم
الطالعة
وراءكم. هزُّوا
ضمائركم من
خمول وايقظوا
حميتكم
واكتبوا على
جباه النجوم مآتيكم.
بهذا
تكرمون عظماءكم
بتقديسكم
كلما قالوا
وما فعلوا. وازرعوا
طموحكم في
بنيكم كي يرحم
التاريخ أرواحكم
الحائرة في
سلالاتكم
الموعودة
بالخلاص من
جنازير الجاهلية
المعقودة على
الأعناق
والمعاصم.
طاوعوا
أصداء
أنسبائكم
الراقدين
واقفزوا صوب الأرقى من
نواميسكم
وقواميسكم
لأرى فيكم
المذهلات
وأفتخر بأني
من
المقرَّبين.
2/2/2005