رسالة إلى
الجنرال عون من
لاحظ حداد الجندي المجهول في التيار السيادي اللبناني
تحية لبنانية،
إن التقدير الذي طالما حَمَلَنا غلى تأييد مواقفك الوطنية، آخِذٌ في الإنحسار
تدريجياً والأمل ألاّ ينكشف نهائياً.
إن التيار الوطني الحر، بتسميته المحببة "التيّار العوني"، آخِذٌ في التخلّي عن صفة
الحرية والاندراج ضمن التسميات الوطنية التي طالما سئمنا سماعها طوال الثلث قرن
المنصرم .
لن نستعيد من هذا التاريخ إلاّ نصفه الأخير أي منذ ترحيلك إلى المنفى في فرنسا
لنقول:
آنذاك، لم يبقى في الوطن من يتجرّأ لمواجهة الاحتلال السوري سوى القلة من شبيبة آلت
على نفسها الاستمرار في في نهج الحرية. هذه لم تقتصر على مناصري "التيار العوني"
وحدهم بل شَمَلَ عناصرَ ومناصري حزب "القوات اللبنانية"، بجميع أعمارهم، لاسيما
بعد اعتقال قائدهم وحلّ حزبهم. وكذلك اشتمل جميع من كان محسوباً على المقاومة
اللبنانية [كتائب وأحرار حرّاس الأرز وغيرهم] خاصةً بعد اختيار الرئيس أمين الجميّل
باريس كمنفى.
ولم تُقتصَر الجرأة على مَن ذكرنا، وهم في أغلبهم من الطوائف المسيحية، بل شاركهم
وانضم إليهم، وإن لم يتداول أسماءهم الاعلام، مئات الشباب من الطوائف الإسلامية
الذين انشقوا أو انتفضوا على قياداتهم المغلوب على أمرها؛ وأحيانا بدعمٍ سريّ
منها.
جميع هؤلاء، قاسوا الأمرين من الاحتلال السوري والحكم المحكوم منه. قاسوا الاضطهاد
والسجن والتعذيب ولا زال بعضهم يقبع في غياهب السجون السورية إلى اليوم. هؤلاء،
استنفذ معظمهم كافة الأساليب للخروج إلى العالم الواسع الحر... وأحياناً بتسهيل من
السلطة المحكومة. بالطبع، نحن لن نحصي مع هؤلاء الشبيبة بعض السياسيين الذين
كانوا، بين الفينة والأخرى، يندفعون، تحت شعار الديمقراطية، إلى إعلاء صوتاً
مكتوماً للدفاع والمطالبة والتذكير بالحريات المكفولة بالدستور فكان يتم إسكاتهم
تهديداً ووعيداً وأحياناً حرماناً لبركة الاحتلال ...
في عالم الانتشار اللبناني، وبالحرية المطلقة الممنوحة من دول الأرض، هؤلاء
المهجّرين من الوطن أنشؤوا فرقَ التيار السيادي الوطني اللبناني ومنظماته التي من
خلالها وعبرها بذلوا من الجهود أقصاها لشرح قضية وطنهم والمطالبة برفع نير الاحتلال
السوري عنه. وفي ذات الوقت كانوا يبحثون عن البطل، بطل التحرير.
انتَ سيدي الجنرال، استقطبتَ أنظار اللبنانيين الأحرار المهجّرين في العالم
واستأثرتَ بعواطفهم وبدون أدنى تردد وضعوا أنفسهم في خدمة المبادئ السيادية التي
رفعتها إنطلاقاً من منفاك في باريس. والدافع الرئيس كان أنك كنتَ الصوت الصارخ
الوحيد، تقريباً، والمسموع في براري العالم غير الجاهل لمعانات شعب لبنان وسلطته
المحكومة.
حولناك رمزاً وطنياً وبطل تحرير لبنان [تماماً كما ديغول فرنسا] وسعينا لإيصالك إلى
مراكز القرار العالمي وبخاصة مجلس الشيوخ الأمريكي الذي تناسى مواقفك السلبية من
ممثليه في لبنان.
برَزت أنتَ وفي سبيل الوطن، تناسى المخلصون جهودَهم.
حتى جهود صاحب النيافة غبطة بطريرك لبنان التي استقطبت اهتمام العالم جاءت لمصلحة
بروزك ولاحقاً تناسيتها تماماً. كما تناسيتَ جهود جميع المنظمات والتنظيمات
السيادية المنتشرة في العالم وبخاصةٍ تلك التي كانت لها اليد الطولى في رفع قضية
الوطن، حتى قبل ترحيلك إلى فرنسا، مثل الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم وباقي
المجموعات اللبنانية الأصيلة، بخاصة اللوبيات اللبنانية، التي سهّلت طَرَقاتِها على
أبواب مواقع القرار دخولك إليها، أبواباً كنت أقفلتها بيديك وفي بعبدا بالذات.
وكان القرار الدولي رقم 1559 وقانون محاسبة سوريا .
في لبنان بدأ الاحتلال السوري مسار الانتقام ! محاولة اغتيال أحد رواد الديمقراطية
واغتيال أحد رواد الصحافة الحرة وبعده أحد كبار السياسيين الرافضين للاحتلال
السوري وارتداده إلى أحضان الوطن ودعوته للحوار الوطني أعقبها زلزال.
زلزال كبير ضرب الوطن في اغتيال أحد كبار رجال لبنان وأبرزهم، ليس في لبنان وحسب بل
في العالم كله، ذهب ضحيته المغفور له رفيق الحريري ورفاقٍ ومرافقين له. هذا
الزلزال أظهرَ أمام العالم، كم كان اللبنانيون تواقون للحرية إذ فاضت عاطفتهم
ووطنيتهم في مظاهرة شعبية لم يُشهَد مثيلٌ لها في العالم. كيف لا وقد ضمت أكثر من
نصف لبنان المقيم وملايين اللبنانيين المنتشرين في دنيا الاغتراب.
هذه المظاهرة، أطلِقَ عليها اسم ثورة الأرز وأعادَت تركيب السيبة اللبنانية الأصلية
التي قام عليها نظام الوطن بعد أن تأكد للجميع أن لا بديل منها. ولم يخرج عنها سوى
يعاقبة زاولوا الخداع ردحاً طويلاً وخوارج تمذهبوا بغير عقيدة الوطن.
العودة إلى لبنان
• هذا الزلزال، ولا يهمنا هنا ما قيل أنه دارَ أو يُدارُ في السر من حياكات سياسية،
أدى إلى رجوعك إلى ساحة الوطن.
• كمنقذ ومخلّص استقبلك شعب لبنان المتظاهر والمرابض في ساحات الحرية، وليس مؤيديك
وحدهم. استُقبِلتَ استقبال الفاتحين.
• كما رحب بك جميع السياسيين الذين اسهموا في قيادة تلك المظاهرة واعتبروك ركيزة
أساسية لثورة الأرز الخالدة حتى أن بعض مَن كنت متشكك في ترحيبهم أعلنوا ريادتك
لهذه الثورة. وأبوتك للقرارات الدولية.
سيدي الجنرال،
لعلك تذكر مكالمة أجراها معك أحد الجنود المجهولين في التيار السيادي المقيم في
أبعد منفى لبناني في العالم.
يومذاك نصحكَ بإخلاصٍ وتواضع بِ: لا تركض وراءها فإذا كانت لك فهي لا محالة قادمة
لك.
تلك كانت رئاسة الجمهورية. وكان جوابك: لا لست طالبها أو ليست هدفي.
سيدي الجنرال:
ماذا تبدل حتى تبدلت؟
أردناك رمزاً وطنياً كبيراً يأتلف الجميع حولك، فرأيناك تنحدر إلى مستوى السياسات
المحلية الصغرى بل وتندمج في ألاعيبها الأصغر، تكتلات انتخابية وتحالفات مناطقية
قلنا هو لبنان لم يتغيّر.
اكتسحت الساحة مسيحياً، وربما غير مسيحية ؟
السبب الرئيس: فرصة أمل، غُيِّبَ طويلاً، رغب بها الجميع للتغيير. ألست أنتَ المنقذ
؟!.
السبب الرئيس: صُدق ومصداقية وأمور أخرى.
رفضتَ وزارة تُستكمل بها حكومة الوحدة الوطنية التي طالما تشوّق لوجودها
اللبنانيون! تحت شعارات لم نفهمها ولن.
انتفضت واستقطعت ثورة الأرز الشعبية الموصوفة لتستقر في تكتلٍ لا ولن يكون اهلاً
لتحقيق تسميته: الإصلاح والتغيير.
أتيت بمجهولين وغير ذوي الخبرة ومعهم بعض المؤمنين بنهجك، وأضفتَ إليهم بعض
المخضرمين ومنهم إنبطاحيين تاريخهم في الفساد أشهر من نارٍ على علم.
وهؤلاء إنما جئت بهم استفزازاً لباقي سياسيي ثورة الأرز أو لتمجيد الشخص والشدو
بصوتك [هؤلاء تعودا النطق بصوت سيدهم]. بتعجّب قلنا: هذه سياسة !
أردناك رمزاً وطنياً يأتلف الجميع حولك فرأيناك تفرض انفكاك الجميع من حولك ما عدا
بعض المنتفعين من تكتلك والذين يصحّ تطبيق مبادئ الأصلاح فيهم لتغييرهم.
أقمتَ تفاهماً مع فريقٍ معروف بمعارضته لقيام الدولة. فلا هو نفذ تفاهمك ولا هو
تخلى عن حصن الدولة. بل استمرءَ دوراً أسندته له كَ: حصانك الطروادي لضرب الدولة
من داخلها. وكان أن ضربها من الداخل ومن الخارج معاً.
كيف ؟..
• تعطيل قرارات الحكومة لأسابيع عديدة وأنتَ تتلهى بمطالبات إسقاط الحكومة ونبش
القبور. المعذرة: لم نفهم موقفك !
• إعلان الحرب على إسرائيل دون علم حكومةٍ هو ممثلٌ فيها ! اليس هو حصانك الطروادي
؟!.. وهكذا ضرب تفاهمه معك بعرض الحائط وأي حائط ؟ إنه حائط لبنان المهدّم !
مرة أخرى، تضرب قوى الشر والظلام في لبنان، ولن نقول المناطق المسيحية – كما كانت
الرغبة والغاية.
14 ضربة تدميرية موجعة نالت البشر والحجر. انتهت بشهيدة حية وشهيد مميّز بحيويته.
مواقفك المموهة والرمادية لم ترضي حتى أقرب المقربين والمؤمنين. وتماديتَ في نبش
القبور. وفي آن تناسيت قبور أبطال سقطوا دفاعاً عنك. وهذه، مع الأسف، لم تجد
طريقها إلى فهمنا القاصر!
التفاهم أيضاً، حرب تموز، أثبتت حكومة لبنان التي تطالب بسقوطها، أثبتت أهلية
رفيعة ودبلوماسية منقطعة النظير استحقت تقدير العالم لاحتضانها أبناء تفاهمك وشعبه
فسارع العالم إلى نجدتها ونجدة شعب لبنان وخاصة أبناء تفاهمك.
نتساءل هنا: هل لو أن الحكومة التي كنتَ تطالب بتغييرها كانت قادرة على استقطاب
العالم من أجل وقف الحرب على لبنان أم أنها كانت دعت بإلحاح عودة سوريا البطلة
للذود عن حياض الوطن المُهان !
وَأتراكَ كنتَ قادراً على الاستنجاد بالعالم ومجلس أمنه لوقف الحرب التي قامت على
المتفاهم معك أو المتفاهم معه [الأمر سيّان] وهذا العالم يعتبر هذا المتفاهِم أو
المتفاهَم حزباً إرهابياً ؟ إنما كان المتسبب الرئيس في هذه الحرب !
نحن نفهم ونتفهَّم رغبتك في تغيير الحكومة كي تشمل كافة فئات الشعب ولكن هل تضمن أن
هذه الفئات المتنافرة والرافضة للتآلف، والتي لا همَّ لها سوى إسقاط الحكومة
للعودة بالوطن إلى مرحلة ما قبل ثورة الأرز، تستطيع كتمان غاياتها الخاصة والتخلي
عن ولاءاتها المعلنة والمُبطنة للخارج؟
نحن لا نفهم ولا نتفهم رغبة المتفاهِم معك في تغيير الحكومة سوى تنفيذ أحلامه
العقائدية الخاصة التي لا تمت إلى الكيان اللبناني، حسب اعلاناته المتفاخرة
والمتكررة بانتمائه وتحالفاته مع الأغراب: الأشقاء اللدودين والفارسيين العقائديين
الذين يتبرأ منهم كافة فئات الشعب اللبناني ما عدا الفئة المتفاهمة معك .
كيف بالله تريدنا أن نصدق ادعاءات اصحاب النصر الإلهي الذي لا يشبه نصراً آخر سوى
انتصارات شعب إسرائيل "الإلهي" على شعوب الأرض القديمة ومنها أرض فلسطين المقدسة
؟ واستنصارهم بإلـه الحرب ألههم !
وكيف تريدنا أن نصدق إدعاءات الممجِدين لك والمسبحين بحمدك والمديح يكال لك ولهم
ليل نهار من قبل من كنت حتى الأمس القريب أشد المطالبين بوقف تدخلهم في شئون
دولتنا وكنتَ أنتَ أبو القرارات الدولية الآيلة لإخراجهم من لبنان. فإذا كنت على
هذا القدر من الثقة بحبهم وغرام رئيسهم بلبنان، عليكَ أن تطالبه وعلناً بإثبات
غرامه بتوقيع ورقة صغيرة تعترف بملكية لبنان لمزارع شبعا مثلاً أو فتح سفارة
لبلاده في بلادنا التي لم يعترف قط بسيادتها لعلك، سيدي، بتَّ تتبارى مع ذلك
الرئيس الأعنق للإستحواذ على هذه الورقة أو تلك إلى أن يتم تسليمك رئاسة الدولة
اللبنانية !..
سيدي الجنرال، قبل أن تطالب بتأليف حكومة اتحاد وطني، ألا ترى أن يكون هناك اتحاد
وطني كي يصار إلى اختيار أعضاء الحكومة من مجموعاته ؟ وَ ألا ترى أن تدخلات الرئيس
السوري المستمرة لا تساهم في قيام هذا الاتحاد بل يدعم كل ما هو مفتت ومشتت لهذا
الاتحاد؟
وإذا كنتَ تؤمن بوجود مثل هذا الاتحاد الوطني الذي أثبته شعب لبنان خلال حرب تموز،
فالحكومة القائمة تمثل جميع فئات هذا الاتحاد وليس من داعي يدعو إلى تغييرها سوى
تحقيق رغباتٍ لكَ ولبعض المتشبثين بأيدوليجيتهم القديمة التي إلى الآن لم يتمكنوا
من التخلي عن أحلام يقظتهم المتأخرة، بل على العكس من ذلك يتوجب عليكَ دعمها ودعوة
هؤلاء إلى التماثل بالشعب الذي يدّعون تمثيله، وليس إسقاطها وتصديع نتائج عملها بل
المشاركة في إنجاح هذه النتائج بهذا يساهم الجميع في عملية الخروج من نتائج الحرب
المدمرة والمباشرة في إعادة بناء الدولة.
سيدي الجنرال،
نستميحك عذراً ولكن ، نحن حقاً محبطون من انقلابك 180 درجة عن جميع ما كنا نأمله
منك في موقع الرمزية الذي أردناك فيه ونتمنى لو أنكَ خففت قليلاً من غلوائك وغلواء
الشباب المفوهين في محاربة الحكومة إذ ليس من داعٍ قط أن تُنبش جميع القبور وتلقى
عظامها على قارعة الطريق وإلباس هذه الحكومة جميع النواقص التي تستنبش من هنا وهناك
وهنالك وهي قطعاً لم تكن مَن تسببَ بها.
للتذكير فقط : إن إعادة إعمار ألمانيا قامت بها دولة وشعب وساعدتها دول العالم وفي
لبنان اليوم تقوم الحكومة والشعب وبمساعدة دول العالم ، في إعادة الإعمار فليس من
الجائز أو المقبول أن تنبري وحدكَ إلى مجابهة حكومتك ومحاولة إسقاطها لمنعها أو
تأخيرها عن انهاء عملية الإعمار ونضيف إن التهديد والوعيد بالشارع اللبناني لم يعد
ينتج، حتى وإن حُشد فيه الآلاف، لن يعدو كونه عنواناً متجدداً للتأزّم والتأزيم
السياسي وفي آن زيادة نقمة الشعب وعدم ثقته بالجميع وخاصةً بكَ .
نصيحة صغيرة من جندي مجهولٍ صدّقكَ وأصدَقك، الموقع الذي أردناك فيه عُدْ إليه
ودعكَ من صغائر الأمور التي ، وأنت العليم، لا تغني فتيلاً بل الأجدر بك أن تكون
مرجعية ومحجة الحفاظ على الوطن وليس موقع أرشيف النواقص التي تاريخها لم ولن يرحم
أحداً حتى أنتَ فالوقت ليس وقتها والعودة فضيلة رأيناها في أغلب السياسيين الذين
كانت مواقفهم في أقصى أماكن الموالات للإنتماء الخارجي وباتت اليوم من أقوى
معارضيه . والأغلبية التي تقول بأنكَ تمثلها (جزء من الأقلية المسيحية – من بين
الأقليات اللبنانية ) لن تستطع حكم لبنان مستقبلاً، حتى بانضمام جماعة التفاهم ،
ما لم تكن الأغلبية الحاكمة حالياً (أغلبية من الأقليات الأخرى ومعها ما أجزاء
الأقلية المسيحية التي تقول أنكَ تمثل اغلبيتها) متفاهمةً معك.
سيدي الجنرال،
لأول مرة في تاريخ لبنان المعاصر تعود "سيبة" الوفاق الوطني اللبناني لتقف على
أرجلها.
لأول مرة، منذ أمد بعيد، نجد اللبناني المسلم وبجميع مذاهبه، ينصهر مع اللبناني
المسيحي، وأيضاً بجميع مذاهبه، ينصهر الطرفان في بوتقة ثورة الأرز. هذا الانصهار
الحقيقي ظهر في أبهى مظاهره بعيد اغتيال رئيس وزراء لبنان ولم يبقى خارجه سوى قلة
لم تتمكن من الانفلات من ماضيها فلماذا بالله عليك تريد الآن إعادة ساعة السياسة
اللبنانية إلى الوراء وقد كلفتنا عشرات آلاف القتلى نستغفر الله على شكوكٍ تثقلها
مواقفك يوماً بعد آخر؟
إن الوضع المتأزم سياسياً ويكاد ينفجر كلياً نراكَ المحفّز الأول له وندعوك مخلصين
أن تعيد النظر في كافة تفاصيله وتعيد تجميع أصوله وبوتقته في مصلحة الوطن وحده
وليس في مصلحة أيّ فرد أو جماعة أو مجموعة الخ.
إن المثال الحي القائم للحكم المشتت يجب أن يكون عبرة لكَ وللجميع فلا تأخذنكَ غفلة
عن مجريات الأمور التي ستعيق قيام الدولة السيادية الحقيقية وإن العودة إلى
معطياتٍ سابقة وباتت غير واقعية والذهاب إلى المعركة بعد انتهاء الحرب هي تماماً
كمن يختبئ من حرب قادمة لن تبقي مخبأً لأحد . والأولى بالقائد العسكري الحصيف، بعد
قراءة الماضي وتقدير الحاضر، أن يقرأ المستقبل ويعمل بموجبه.
أخيراً، إن التهجّم على الجميع والتطاول على البطريركية المارونية اللبنانية التي
كانت الوحيدة التي عملت ولا زالت تعمل من أجل مصلحة الوطن بكافة أبنائه يزيد الشقة
بين المؤمنين بلبنان وبينك. ومؤخراً أثبتت مكانتها الرفيعة في مؤتمر عقد في رحابها
ضمّ جميع القيادات الروحية اللبنانية التي محضتها الثقة المطلقة فلا يصح من بعد أن
تأتي أنتَ وتنتقد مواقفها وبياناتها التي منذ أمد غير بعيد كانت الدافع الرئيس
الذي حفّز سياسيي لبنان لاطلاق ثورة أرزنا الخالد. ولن تنفع تبريرات لماوقفك
ترسلها مع فتية أفلاطون ومقلّدي روبسبير.
إن الفرصة ما زالت مؤاتية للعودة أو على الأقل لوقف كافة الحملات الاعلامية
والصحافية ومن ثم الدعوة إلى وضع "وثيقة ميثاق وطني جديد" يُصار إلى توقيعها من
الجميع بحيث تنتفي كل حاجة إلى تراجع عن مواقف مسبقة أو المطالبة بمواقف مستقبلية.
بهذا فقط يمكن استعادة الثقة المفقودة بين الجميع وتستعاد الثقة بالوطن وبالطبع
تستعاد ثقة الشعب، كل الشعب بمسؤليه وسياسييه ويتأكد الاتحاد الوطني فهل تفعل ؟..
أنتَ تقول بتمثيلك شعب لبنان فهلا فعلتَ ما يعيد الثقة إلى هذا الشعب؟ وهل قمتَ
بتحقيق ما وضعنا ثقتنا المطلقة في قدرتك على تحقيقه؟
شعب لبنان كله، المقيم منه والمغترب، ينتظر ويتوقع تحقيق ما أحببناك من أجله.
وتذكّر أنك لست وحدك الذي يحبه شعب لبنان العظيم .
صانك الله.. لبـنان
24 تشرين الأول 2006
**لآحظ حداد -
نيوزلاندا