الموارنة
في ذكرى
شفيعهم ومؤسس
كنيستهم
الياس
بجاني
09
شباط/15
نحتفل
نحن الموارنة
اليوم في
لبنان وبلاد
الانتشار
بالذكرى
السنوية لأب
ومؤسس
كنيستنا وشفيعنا
القديس مارون.
إنها
مناسبة عطرة
وفرحة وهي
عصارة ونتاج
واستمرارية
لـ 1600 سنة من
النضال
الإيماني
والشهادة
للحق والصبر
والعطاء من
تاريخ أمتنا
وشعبنا
وكنيستنا
المشرقية
السريانية.
في
هذه المناسبة
نرفع الصلاة
خاشعين
طالبين تقوية
إيمان وصبر
وعزيمة أفراد
شعبنا ورعاتنا،
ونسأل الله
بشفاعة أبينا
مارون وسيدة
لبنان أمنا
مريم العذراء
أن يقي وطن
الأرز وأهله
شر الحروب والصراعات
والاضطرابات
وأن يبقيه
وطناً لرسالة
المحبة
والتسامح
والتعايش
وقبول الآخر والحريات
والديموقراطية
والمساواة
والإخاء.
أبينا
مار مارون هذا
الناسك الذي
عاش في القرن
الرابع في
جبال قورش
شمال إنطاكية
ما زال حيّا
في قلوبنا
وعقولنا
والوجدان نحن
أبنائه الموارنة،
واليوم نحتفل
بذكراه ليس
فقط في لبنان
حيث مركزنا
الديني
والوطني، بل
في كل أنحاء
العالم حيث
تقيم
جالياتنا
وتنتشر.
يجب
ألا ننسى تحت
أي ظرف أن
حياة أبيا
القديس مارون
كانت حياة
تقشف فكان
يكتفي
باليسير مما
يحتاج إليه
الناس في
دنياهم من
قليل الطعام والشراب
واللباس،
ولهذا سلك طرق
التقوى
والإيمان والتواضع
والعطاء وقد
حرم نفسه ما
كانت تشتهيه، وهذه
هي الطرق
الوعرة التي
سار عليها
الأبرار
والقديسون
كافة. كان
محور حياته
مركزا على الصلاة
والتعبد
والتأمل
والإماتة،
ولذلك اعتزل
الدنيا وأقام
تحت خيمة من
شعر تقيه حر
الصيف وبرد
الشتاء.
كان
الناس يأتون
إليه ليسألوه
صلاته وبركته،
فيصرف
أفكارهم عنه
ليوجهها إلى
الله مصدر كل
خير وينبوع كل
صلاح، وهذا هو
نمط الأبرار
فلا يجتذبون
الناس إليهم
ليظهروا
صفاتهم الحسنة،
ويمتدحوا
أعمالهم
الباهرة، بل
ليحملوهم على
الإقبال على
الله.
قاوم
وتحدى مغريات
العالم
وأباطيله
فشاع صيت
قداسته، فكتب
إليه القديس
يوحنا فم
الذهب من
منفاه يقول
له: "إن روابط
المحبة
والمعزة التي
تشدني إليك
تجعلني أراك
كأنك حاضر
أمامي, وفي
الواقع إن ما
تتميز به نظرة
المحبة، إنما
هو اجتيازها
المسافات
ومرور
السنوات لا
يضعفها وددت
لو أني راسلتك
بتواتر لكن
المسافات
شاسعة والمسافرين
قلائل, لكني
أريد أن تتأكد
أني لا أفتأ
أذكرك، لأنك
تحتل في قلبي
مركزا رفيعا
فلا تبخل علي
بإخبارك،
والأنباء عن
صحتك تفرحني
جدا على الرغم
من بعد الشقة,
وتعزيني في
منفاي ووحدتي
وتسر نفسي
سرورا كبيرا
بمعرفتي انك
في صحة جيدة,
واعز طلب عندي
أن تصلي من
اجلي هكذا
يخاطب
القديسون
القديسين،
فيما هم يتراسلون".
طبعت
روحانيته
وشهادته
كنيستنا
المارونية فحملت
اسمه ونبتت
مثل السنبلة
من حبة القمح.
إنها
كنيسة أمة
وقضية
ورسالة، وقد
احتضنت شعبها
المؤمن منذ 1600
سنة وشهدت ولا
تزال
لروحانية
أبيها في
الوحدة
والشركة على تقليد
إنطاكيا، وهي
كانت ولا تزال
وسوف تبقى منفتحة
على الشعوب
والحوار
ومتمسكة
بتراثها
السرياني
المشرقي
العريق
وبهويتها
المميزة.
ما
أحوجنا نحن
الموارنة إلى
الوعي
الإيماني والوحدة
والتضامن في
هذه الأيام
الشديدة الوطأة.
ما
أحوجنا إلى
نبذ الأحقاد
والابتعاد عن
الأنانية
والأنا.
ما
أحوجنا رعاة
وقادة
وأفرادا أن
نأخذ من أبينا
مارون
الأمثولة،
وهي ألا يعيش
كل منا لنفسه،
بل أن يفكّر
في غيره من
الناس ويبادر
إلى مساعدتهم.
كم
حولنا اليوم
من أناس
نكبتهم
الأيام، فلم يقووا
على مواجهة
النكبة، وهم
في اشد الحاجة
إلى من يمد
لهم يد العون
لينهضوا من
كبوتهم.
هذا
ويستحيل على
الوطن، أي وطن
أن يقوم، أن
لم يضافر
أبناؤه
جهودهم
لينهضوه، وقد
آن الأوان
ليقلع كل
ماروني منا
وكل لبناني عن
أنانيته والتفكير
في مصلحته
الخاصة
الضيقة من
مواقع ومراكز
وكراسي
ونفوذ،
اعتقاداً منه
انه ينجو بنفسه
منفرداً.
والواقع
الحالي
البائس الذي
لا سبيل إلى
إنكاره، هو
أننا
كلبنانيين،
موارنة وغير
موارنة
جميعاً نبحر
في مركب واحد
مثقوب بنتيجة
قلة الإيمان والأنانية
وخور الرجاء
وعدم الخوف من
الله.
مصيرنا
واحد فإذا غرق
المركب غرقنا
معا،ً وإذا
نجونا نجونا
معاً. هذا إذا
كنا حقاً نخاف
الله ويوم
حسابه الأخير
ليس ظاهراً
فحسب، بل
فولاً
وفعلاً، مهما
كانت التضحيات
كبيرة.
ونحن
نستذكر حياة
وصفات
وعطاءات
وطهارة أبنا
مارون لا بد
وأن نسأل، هل
يُعقل أن يصل
حال التخلي
عند بعض
القيادات المارونية
الدينية
والزمنية إلى
حد الانقلاب على
كل ثوابت
صرحنا
البطريركي
التاريخية، هذا
الصرح الوطني
والإنساني
الكبير الذي
أُعطي له مجد
لبنان؟
وأيعقل
أن يكون هؤلاء
القادة
الموارنة
فعلاً من
أتباع كنسية
أبنا القديس
مارون وهم
يقدسون سلاح
الاحتلال
الإرهابي،
ويتحالفون
معه، ويضربون
عرض الحائط
باستقلال وسيادة
وطن الأرز
وبرسالته
الحضارية
والتعايشية،
طمعاً بمواقع
ومنافع ذاتية
وعلى خلفيات
الحقد
والكراهية والانتقام
والأنا؟
إنه
بالفعل زمن
أغبر هذا الذي
وصلنا إليه،
ويصح بهؤلاء
القادة دينيين
وزمنيين على
حد سواء قول
النبي اشعيا:
"هذا الشعب
يكرّمني
بشفتيه، أما
قلبه فبعيد
عني كثيراً،
فباطلاً
يعبدونني،
وهم يعلمّون
تعاليم البشر".
نسأل
الرب أن
يؤتينا
جميعاً أن
نتفهم تعاليم أبينا
مارون، وان
نعمل بوحيها،
فنرص الصفوف،
ونوحد الكلمة
مع جميع
إخواننا
اللبنانيين في
الوطن الأم
وبلاد الانتشار
ونتعاون
متكاتفين
بمحبة وتجرد
على إعادة وطن
الأرز
والقداسة إلى
سابق عهده في
البحبوحة
والازدهار في
ظل سلام دائم
وعادل وشامل.
نسأل
الرب بشفاعة
أبينا مارون
أن يقوي إيمان
وإدراك
رعاتنا
وقادتنا
وأفراد شعبنا
ويمدهم
بنعمتي
الإيمان
والرجاء حتى
لا ترهبهم ضغوط
أو شدائد،
وحتى ولا تضعف
ثقتهم بنفسهم
وعقيدتهم
فيغريهم موقع
أو ثروة.
نهنئ
أهلنا
الموارنة
وعموم
اللبنانيين
بهذا العيد،
ونصلي معهم
لينعم علينا
الرب وعليهم
بنعم
الاقتداء
بفضائل صاحب
العيد وبكل ما
اتصف به من
خشية لله
وتجرد عن
أباطيل
الدنيا ومحبة
للناس وتواضع
وتفاني.
ونخص
في صلاتنا
اليوم من أجل
التوبة
والرجوع إلى
حظائر
الحقيقة
والحق قيادات
مارونية دينية
اسخريوتية
فاجرة في
ممارساتها
وفكرها وخطابها.
وأيضاً
نخص قيادات
سياسية ذاقت
مرارة العزلة
والنفي
والإهانة،
إلا أنها لم
تتعظ يوم تحرر
الوطن بفضل
قرابين أبناء
أمتها وتضحياتهم،
فعادت إلى
ممارسة
المسؤوليات بنرجسية
فاقعة ومكر
مركزة وجهتها
على الكراسي
والنفوذ وعبادة
المال.
للإسخريوتيون
هؤلاء نصلي
لعلهم يتوبون
ويعودون إلى
الطريق
القويم
ويؤدون
الكفارات، وإلا
فحسابهم يوم
الحساب الذي
لا بد أنه آت
حيث يكون
البكاء وصريف
الأسنان.
ونختم
مع قول بولس الرسول
(رومية12/من15حتى18):
"إفرَحُوا
مَعَ
الفَرِحينَ
وابْكُوا معَ
الباكينَ.
كونوا
مُتَّفِقينَ،
لا
تَتكَبَّروا
بَلْ
ِاتَّضِعوا.
لا تَحسبوا
أنفُسَكُم حُكماءَ.
لا تُجازوا
أحدًا شرّاً
بِشَرٍّ، واجتَهِدوا
أنْ تعمَلوا
الخَيرَ
أمامَ جميعِ النّاسِ.
سالِموا
جميعَ
النّاسِ إنْ
أمكَنَ، على
قَدْرِ
طاقَتِكُم".
*الكاتب
ناشط لبناني
اغترابي