هل فعلا كل نواب لبنان ينتظرون كلمة السر من الخارج كما اتهمهم الراعي

الياس بجاني

01 تشرين الثاني/14

من أوستراليا، علناً وبصوت عال وبنبرة غاضبة جداً اتهم غبطة البطريرك بشارة الراعي يوم أمس (الخميس 30 تشرين الأول/14)، كل النواب والسياسيين في لبنان، ودون استثناء بأنهم ينتظرون كلمة السر من الخارج لانتخاب رئيساً للجمهورية، وهدد بأنه "سيبق البحصة"، وبأن الوقت هو وقت رفع العصا، كما أعلن رفضه التام والنهائي والصارم لكل ما يحكى ويشاع ويمارس لجهة المؤتمر التأسيسي والمثالثة وحجج تعطيل انتخاب الرئيس.

هذا وأشار غبطته إلى أنه تأكد الآن من أن التعطيل هدفه الوصول إلى المؤتمر التأسيسي والمثالثة.

إن كان سيدنا فعلاً الآن فقط اكتشف أن من يعطل من السياسيين ويشل كل مؤسسات الدولة هدفه المؤتمر التأسيسي والمثالة فهذا أمر خطير جداً، وإن كان يعرف هذه الحقيقة التي يعرفها كل لبنان حر وصاحب ضمير حي ولم يحرك ساكناً حتى الآن، فالأمر أخطر بكثير لأنه المؤتمن على صرح أعطى له مجد لبنان وعلى ثوابته الصخرة البطرسية التي عمرها 1500 سنة كانت دائماً تتحطم وتتكسر أوهام وأحلام الغزاة والمارقين كافة.

بداية إن اتهام غبطته كل النواب والسياسيين بتبعيتهم للخارج هو أمر خطير للغاية، لأنه لم يستثني أياً منهم، مما يعني عملاً بمكنونات الاتهام أن نواب أمتنا جميعاً ومهم السياسيين كافة هم مرتزقة لا أكثر ولا أقل، وقرارهم بيد من هم خارج الحدود.

لتبيان الحقيقة وتوضيح الصورة وإفهام اللبنانيين بوضوح وشفافية إن كانت اتهامات سيدنا الراعي صحيحة أو مجرد كلام مفرغ من أي معنى أو قيمة، المطلوب من النواب والسياسيين جميعاً وبسرعة ودون مسايرة أو ذمية أن يردوا على هذا الاتهام علناً مؤكدين صحته أو رفضه ومن يرفضه عليه التعامل مع سيدنا الراعي بما تقضيه القوانين المرعية الشأن بما يخص التشهير وتشويه السمعة والافتراء.

يشار هنا، إلى أن النائب القواتي فادي كرم كان انتفض لكرامته وكرامة النواب الآخرين الذين يمارسون مهماتهم وواجباتهم النيابية بإخلاص وتفاني وصدق وادعى من خلال القضاء على بعض الناشطين من المدنيين الذين اتهموا كل النواب اللبنانيين بأنهم "حرامية" وهو برأينا محق لأنه لا يجب وضع جميع النواب في خانة واحدة ومساواة "الأوادم" منهم "بغير الأوادم".

المطلوب من النائب كرم ومن كل نواب الأمة أن ينتفضوا في وجه اتهام الراعي إن كانوا فعلاً أحراراً في قرارهم ولا ينتظرون كلمات سر من الخارج. 

وأقله المطلوب منهم إصدار بيانات تستنكر ما اتهمهم به غبطته إن لم يقاضوه بتهم التشهير والافتراء وتشويه السمعة.

أول الردود غير المباشرة على كلام الراعي جاء على لسان الإعلامي المميز أنطوان مراد (رئيس تحرير إذاعة “لبنان الحر) حيث كتب تحت عنوان "بين الرابية والربوة" يقول: "ظاهرة التعميم والمساواة بين الذئب والحمل، بين المدمّر والمعمّر، بين المعطّل والمسهّل، سواء بالنسبة للاستحقاق الرئاسي أو غيره من القضايا التي يعانيها اللبنانيون، باتت ظاهرة متفاقمة ومرضيّة، وتهدف إلى الكلام لمجرد الكلام، والعراضة لمجرد العراضة، وإلى الإدعاء بأن أصحابها هم الأطهار ، وبأن سواهم يمنة ويسرة وبالجملة هم الأشرار لا يا سادة ، كائناً من كنتم وأياً كان موقعكم الموٌقّر،هناك أبيض وأسود هناك حقيقة ووهم هناك حقّ وباطل وهناك صادقون ولو كذبوا، وكاذبون ولو صدقوا".

والرد الآخر جاء من استراليا ومن المناضل والمقاوم طوني عبيد الذي كان في مقدمة المستقبلين والمكرمين للراعي خلال زيارته الأسترالية. قال عبيد لصوت لبنان الحر: "المطلوب اليوم هو وضع النقاط على الحروف إذ لا يمكن الجبل بين 14 و8 آذار لأن فريق “14آذار” يحضر دائما كل الجلسات فيما فريق"8 آذار” فيغيب عنها، لذلك يجب تسمية بالتحديد من هو المعطل للاستحقاق الرئاسي."

إن مواقف سيدنا الراعي التي أعلنها من أستراليا سوف تكون وطنية وبامتياز فقط في حال أولاً، أكملها وسمى الأشياء بأسمائها وقال دون مواربة من هم النواب والسياسيين والأحزاب الذين يأتمرون من الخارج وينتظرون منه كلمة السر، وثانياً أن توقف كلياً من أن يعمم ويساوي بين جميع السياسيين والنواب ويضعهم في نفس قفص الاتهام. وإلا فلا قيمة لهذه المواقف مهما كان سقفها مرتفعاً ومهما كانت نبرة مطلقها غاضبة وصارخة.

إن الشهادة للحق لا تحتمل لا الذمية ولا التقية ولا التعميم وقد جاء في الكتاب المقدس (اشعيا 05/20حتى23): "ويل للقائلين للشر خيرا وللخير شرا، الجاعلين الظلام نورا والنور ظلاما" الجاعلين المرّ حلوا والحلو مرّا. ويل للحكماء في أعين أنفسهم والفهماء عند ذواتهم. ويل للابطال على شرب الخمر ولذوي القدرة على مزج المسكر الذين يبررون الشرير من اجل الرشوة وأما حق الصدّيقين فينزعونه منهم. لذلك كما يأكل لهيب النار القش ويهبط الحشيش الملتهب يكون أصلهم كالعفونة ويصعد زهرهم كالغبار لأنهم رذلوا شريعة رب الجنود واستهانوا بكلام قدوس إسرائيل".

باختصار، لا يقدر الإنسان أن يكون في مكانين في نفس الوقت، وهو لا يقدر أن يجمع بين الخير والشر ويساوي بينهما، وإلا فهو لا يغش غير نفسه. في هذا السياق قال القديس بولس الرسول (رسالة كورنثوس الأولى الفصل 10/21و22). "لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس الشياطين، ولا أن تشتركوا في مائدة الرب ومائدة الشياطين، أم هل نريد أن نثير غيرة الرب؟ وهل نحن أقوى منه؟. "

ننتظر ردود أفعال النواب والسياسيين وغداً بالتأكيد لناظره قريب.

الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكترونيphoenicia@hotmail.com