جنبلاط: ملك ساعات التخلي وأيضاً ساعات التجلي

http://www.aljoumhouria.com/news/index/123010

الياس بجاني/26 شباط/14/بعد رزم التجارب المدوية بطعناتها والغدر بات من الأسلم لمن يريد التعامل مع النائب وليد جنبلاط أن يبقيه في خانة الأعداء السياسيين وليس في خانة الأصدقاء أو الحلفاء. لماذا؟ لأنه كحليف قد يطمئن له الصديق وفجأة ينقلب عليه ويغدر به كما فعل مع 14 آذار يوم عاداها وعاد إلى الأسد وحزب الله مستغفرا وتائباً ومؤيداً الكفارات، وكما فعل مع الرئيس الحريري يوم وصل به الأمر وباعترافه هو شخصياً إلى التآمر على إسقاط حكومته مع بري وميقاتي وسليمان والحيلولة دون إعادة تكليفه. إن إبقاء النائب جنبلاط  في خانة الأعداء السياسيين أسلم وأريح حيث يكون بعيداً ومراقباً بحيث أن تكويعاته المفاجئة لا تؤذي. وما أكثر هذه التكويعات. وماذا تتوقع من هذا السياسي الذي يتبع قولا وفعلاً المثل التركي البائد القائل اليد التي لا تستطيع أن تكسرها قبلها وأدعي عليها بالكسر". ألم يقل أنه خضع لأن المسدس صوب إلى رأسه من حزب الله والأسد! ألم يقول أنه منظراً الجثث الأعداء على ضفاف الأنهر! ألم يتوب بساعة تجلي عن ساعة تخلي ويستغفر ليعود إلى أحضان الأسد ويسقط مع حزب الله وسليمان وميقاتي حكومة الحريري ويأتي بحكومة القمصان السوداء! إنه سياسي دائما يتحالف مع القوي ضد الضعيف وبالتالي لا مصداقية أو وفاء عنده في السياسة. حقيقة لا يجب أن نعول على مواقفه ولا أن نعيرها أي اهتمام فهو يوم تصبح 14 آذار قوية سوف يعود إليها. أما الباقي من الطاقم السياسي المستنسخ عن نفس العقلية فهو موجود وبقوة أيضاً داخل 14 آذار. وها هم القيادات ال 14 آذاريين يتركون الشعب ويدخلون جنة المغانم على حساب دماء الشهداء. باختصار لا فرق بين سياسي وسياسي لبناني كلهم من طينة واحدة هي طينة النرسيسية.... وسامحونا

 

 

لماذا استعاد جنبلاط أدبيّات الحرب الأهلية؟

شارل جبور/جريدة الجمهورية

إستعاد النائب وليد جنبلاط، في موقفه الأسبوعي، أدبيات الحرب الأهلية التي كان تخلى عنها، مبدئياً، عشيّة مصالحة الجبل التي رعاها مع البطريرك السابق مار نصرالله بطرس صفير. وبالتالي، السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا أعاد جنبلاط، في هذا التوقيت بالذات، إحياء مصطلحات الحرب والحقبة الانقسامية مع المسيحيين؟

وجد نفسه وحيداً وغير مؤثّر ... «ففَشّ خلقه»

بمعزل عن القول إن الزعيم الدرزي لا يثبت على موقف، ولا حاجة لتحميل مواقفه أكثر ممّا تحتمل، إلّا أن هذا لا يعني غضّ النظر عن هذه المواقف المسيئة بحقّ، ليس فقط المسيحيين، إنما بحقّ اللبنانيين الذي قرروا طَيّ صفحة الحرب الأهلية بما فيها دور جنبلاط ووالده الشهيد في الوصول إلى هذه الحرب وفصولها كلّها، كما لا يعني أيضاً عدم البحث عن الخلفيات والأسباب والدوافع التي أملَت على جنبلاط استعادة قاموس الحقبة الانقسامية وكأنّه لم يَعبر يوماً في 14 آذار، وأنّ كل همّه عبور النهر، علماً أنّ الهدف الأساس للعبور الأخير يجب أن يكون الوصول إلى لبنان مستقلّ ومعافى وموحّد، لا مقسّم ومشرذم بفعل التدخلات السورية، وأخيراً الإيرانية.

وأمّا الأسباب التي يرجح أن تكون خلف ردة الفعل الجنبلاطية، فيمكن إيجازها بالآتي:

أولاً، التقارب المستقبلي-العوني: إذا كان من إيجابية لهذا التقارب، فالإيجابية الوحيدة تكمن في إنهاء دور «بيضة القبّان»، فضلاً عن دور الوسيط الذي أدّاه رئيس الاشتراكي في المرحلة الأولى التي سبقت الحلحلة الحكومية بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» وأعقبتها، وأدّت إلى الاتفاق على مجموعة نقاط - تفاهمات، غير أنّ رفضها من قبل الجنرال ميشال عون ودخوله في لقاءات ومفاوضات مباشرة مع «المستقبل» أدى إلى الاستغناء عن «خدمات» جنبلاط وتعليق دوره حتى إشعار آخر.

ولا شك أنّ هذا التقارب أزعج رئيس الاشتراكي كثيراً، لأنه حَدّ من دوره في التأليف أولاً، ومن حاجة الأطراف إليه في الحكومة ثانياً، إن لتوفير التوازن أو لترجيح كفّة على أخرى، ومن طموحه في تأدية دور الجسر بين السنة والشيعة. وكما يندرج دفاعه عن مفهوم المقاومة وقدسيتها في سياق الرسالة الموجهة إلى «المستقبل» من زاوية أنّ تقارب الأخير مع «التيار الوطني الحر» يدفعه إلى مزيد من التقارب مع «حزب الله».

ثانياً، «وثيقة بكركي»: من الواضح أنّ العناوين التي تضمنتها هذه الوثيقة لم تلق ارتياحاً لدى الزعيم الدرزي الذي رأى فيها عودة لـ»المارونية السياسية» من باب:

1 - «تحييد لبنان عن الصراعات بين المحاور الإقليمية والدولية، وعدم السماح باستعماله مقراً أو ممراً أو منطلقاً لأيّ عمل من شأنه أن يورّطه في هذه الصراعات أو في أزمات تتنافى وخصوصيته (...)».

2 - إستكمال تطبيق اتفاق الطائف، والنظر في ما يجب إيضاحه أو تفسيره أو تطويره في ضوء التجربة المُعاشة، بما في ذلك صلاحيات رئيس الجمهورية، بغية تحقيق ما يتطلبه الدستور من رئيس الجمهورية كرئيس للدولة (...)».

3 - إقرار اللامركزية الإدارية الموسّعة وتطبيقها، لكونها تؤمن إدارة أفضل للتنوّع في الوحدة.

4 - وضع قانون إنتخابي نيابي جديد وفق الميثاقية اللبنانية، بحيث يترجم المشاركة الفاعلة في تأمين المناصفة الفعلية، ويُلغي فرض نوّاب على طوائفهم بقوة تكتلات مذهبية.

وإذا كانت النقطة الأخيرة أكثر ما أزعج جنبلاط ويزعجه، إلّا أنه حمّلَ الوثيقة أكثر ممّا تحتمل، لأنّ مجرد عدم تشكيل بكركي إطاراً سياسياً لمتابعة تنفيذها، على غرار لقاء «قرنة شهوان»، يعني أنها ولدت ميتة.

ثالثاً، الإستحقاق الرئاسي: إن شعور النائب جنبلاط بأن لا دور له في استحقاق رئاسة الجمهورية، لا في اختيار الرئيس المقبل، ولا في تزكية اسم على آخر، ولا في التأثير سلباً أو إيجاباً في هذا الاستحقاق، يجعله في حالة من التوتر والغضب وردّ الفعل.

رابعاً، العلاقة مع السعودية: على رغم كل المحاولات التي قام بها لتصحيح موقفه من تسمية الرئيس نجيب ميقاتي وتوضيحه، لا تزال علاقته مع السعودية دون المستوى الذي يتمنّاه.

خامساً، غياب الثقة: إنّ عامل الثقة المفقود بين الزعيم الدرزي والقوى السياسية يدفعها الى الاستغناء عن خدماته عند أيّ منعطف أو تحوّل أو تقارب أو وساطة من طرف آخر.

لكلّ هذه الأسباب وغيرها، وجد النائب وليد جنبلاط نفسه وحيداً، وغير مؤثِّر، وفاقداً للدور الذي يتمنّاه لنفسه... ففَشّ خلقه باستعادة قاموس الحرب الأهلية وأدبياتها...