عون والمبادئ لا يلتقيان

الياس بجاني/07 نيسان/14

بالعودة إلى تاريخ عون السياسي ومراجعة محطاته بدقة لكل تلوناته وتقلباته القوس قزحية، وأيضاً الغوص في قلة وفائه وغدره لكل من ناصره ووقف إلى جانبه نصل إلى خلاصة مؤكدة هي أن عون لا مبادئ لديه ولا عرفان بالجميل ولا ذمة ولا ضمير ولا ثوابت ولا حتى إيمان صادق، بل انتهازية ووصولية وحربائية وأنانية وهوس هستيري بكرسي بعبدا.

من هنا لا يمكن معرفة ما قد يقدم عليه هذا العون في حال وصل إلى كرسي بعبدا وحزب الله مدرك لهذه الحقيقة جيداً، علماً أنه لن يصل إليه لا اليوم ولا غداً ولا في أي يوم.

من هنا هل يعقل أن يؤيده حزب الله والسيد نصرالله نفسه قال فيه ما لم يقله مالك في الخمرة؟ بالطبع لا لأن الحزب يستعمله كأداة ومجرد أداة لا أكثر ولا أقل ويرضيه بالمنافع والوزارات وما من هذا القبيل.

وهذا حرفياًًُ ما قاله نصرالله عن عون حسبما جاء في جريدة النهار في 6 نوفمبر 89: “ميشال عون مشكلة، لأنه حالة إسرائيلية صدامية وتدميرية ولا يرى إلا مصالحه الشخصية ومصالح طائفته. هو النهج الماروني العنصري في الشرقية”. وبما يخص أحلام عون الرئاسية يسوّق كثر من زلمه والودائع وبهدف التشويش ليس إلا أن الرئيس الحريري عقد مع عون صفقة بناء على فرمانات أميركية وسعودية لانتخابه رئيساً.

حتى الآن لا دليل حسي ملموس أن هذه الصفقة تمت ولكن من يراجع تراجعات تيار المستقبل واللعب بسقوف مواقفه صعوداً وهبوطاً منذ العام 2005 لا يستبعد كلياً هكذا صفقة والأيام القليلة القادمة سوف تكشف الواقع من الخيال.

مما هو واضح أن حزب الله لا يحترم عون بالمرة ولكنه مضطر التلحف به مسيحياً وهذا أمر آني لحين تنتفي الحاجة إليه.

نعتقد ومعنا كثر أن حزب الله لن يعمل على إيصال عون إلى الرئاسة وهو حرقه وحرق فرصه منذ أن تحالف معه. كما أن ترشح الدكتور جعجع قتل كل فرص عون الحالية وبنفس الوقت قتل جعجع فرصه هو أيضاً والاثنان لن يصلا لأن ليس بإمكان أي منهما تأمين لا النصاب ولا النصف زائد واحد في حال تم تأمين هذا النصاب.

في سياق متصل ليس خفياً على أحد أن الثنائي بري وجنبلاط يعملان على تسويق جان عبيد وهما لن يوصلا عون تحت أي ظرف لبعبدا.

في الخلاصة عون وجعجع لا فرص لهما ولكن الفرق بين الرجلين هو احترام جعجع للمبادئ وعدم احترام عون لها... ونقطة ع السطر

 

مقالات عدد 2 ذات صلة بالتعليق

 

المانع الأساس من وصول عون إلى الرئاسة هو «حزب الله»

شارل جبور/الجمهورية/07 نيسان/14

قد يعتبر البعض أن هذا الكلام غير واقعي وهدفه فقط حشر «حزب الله» والعماد عون من خلال التقدّم بطرح أو مقايضة مستحيلة، لأنّ قرار انسحاب «حزب الله» من سوريا إيراني، كما أن تسليم سلاحه غير مطروح على بساط البحث في دوائر القرار الإيرانية. ولكنّ موقف الحزب لا يُفقد عرض الدكتور جعجع جدّيته، ويُظهر أن المانع الأساس من وصول عون إلى الرئاسة هو «حزب الله» نفسه الذي تجاهل العرض نهائياً، فيما كان باستطاعته، لو كان بهذا الوارد، ردّ التحدي بالقول إنه على استعداد لتقديم تنازلات سياسية مؤلمة في حال التوافق على عون رئيساً، لأنه عبر انتخابه يطمئن إلى وجوده ودوره، خصوصاً أنه شريك أساسي في السلطتين التنفيذية والتشريعية. وبالتالي، مشكلة عون الأساسية هي مع «حزب الله» أولاً وأخيراً. ويُظهر عرض جعجع أيضاً أن لا قيمة مضافة لعون لدى «حزب الله»، إذ ما أهمية انتقاله إلى بعبدا إذا كان عاجزاً عن تقديم حلول واضحة لأزمتين وطنيتين متفاقمتين: تدخّله في سوريا وتمسّكه بسلاحه، إلّا إذا كان المقصود إيصال رئيس يغطي سلاح الحزب وتدخّله في سوريا، وفي هذه الحال لا يجب أن يتوقع عون ولا الحزب أيّ مهادنة أو مسايرة، لا بل مواجهة سياسية تقطع الطريق أمام أيّ محاولة تهدف إلى تغطية سلطة الأمر الواقع بالسلطة الشرعية. وتحت هذا العنوان بالذات يندرج ترشّح جعجع الذي قال لـ»حزب الله» صراحة: «خذوا الجمهورية وأعطونا الوطن»، في موقف يؤشّر إلى أنّ الهدف الأساس من ترشّحه هو هدف مبدئي لا سلطوي، وهذا لا يعني أن التنافس السياسي الديموقراطي مسألة فيها عيب أو غير مطلوبة، خصوصاً أنّ أحد أبرز أهداف العمل السياسي الوصول إلى السلطة، وهذا هدف مشروع، فيما الزهد والترفّع والطوباوية لا علاقة لها بالسياسة، وبالكاد مكانها في الأديرة، إنما كلام الدكتور جعجع يعني أن الأزمة في لبنان هي من طبيعة وجودية، وبالتالي تتطلّب مقاربات غير تقليدية، الأمر الذي يحوّل السلطة من هدف سياسي إلى هدف نضالي.

وفي السياق نفسه أتى كلام جعجع عن وجوب حصر المواجهة بالبعد السياسي لا العسكري في رفض مُطلق للعودة إلى ما قبل العام 1990، ولكنّ إقفال أبواب المواجهة السياسية كما حصل مع إسقاط الحكومة الحريرية بالقوة، كاد في السنتين المنصرمتين أن ينقل الطائفة السنية من موقعها الطبيعي كطائفة اعتدال إلى طائفة متطرفة ومدججة بالسلاح. وبالتالي، من مصلحة «حزب الله» عدم إقفال منافذ الصراع السياسي التي دَلّت التجربة أنها دفعته إلى رفع يده عن رئاسة الحكومة تجنّباً للفتنة المذهبية. ومن هذا المنطلق المطلوب رفع اليد عن رئاسة الجمهورية، والكف عن التعاطي مع الرئاسة الأولى وكأنها ملك سائب أو مشاع، حيث يتمّ اختيار الرؤساء من دون العودة إلى إرادة المسيحيين، هذه الإرادة التي تمّ التعبير عنها بشكل واضح وصريح من جانب بكركي والقيادات المارونية الأربعة بأنّ أيّ رئيس يجب أن «يستمد دعمه من المكوّن الذي ينتمي إليه، فيكون معبّراً عن وجدان المسيحيين وثوابتهم الوطنية ومستعيداً دورهم». وإذا كان الهدف من وراء وضع هذه القاعدة إسقاط الحجة القائلة إن الانقسام المسيحي بين قوّتين متوازنتين يحول دون الإتيان بشخصية تمثيلية وترجيح اختيار رئيس توافقي، إلّا أنّ أول خرق لهذه القاعدة جاء من قبل إحدى الشخصيات الأربعة في بكركي عندما هدّد العماد عون «المستقبل» من مغبّة انتخاب الدكتور جعجع، وهذا الموقف هو برسم البطريرك الراعي الذي عليه أن يسمّي أمام الرأي العام كل طرف يخرج عن هذه القاعدة أو القاعدة الأخرى المتصلة بنصاب جلسة الانتخاب. فالتوافق الذي تمّ في بكركي هو سيف ذو حدين: إيجابيته المشتركة لدى الطرفين المسيحيين المتنازعين أنه يعيد الاعتبار إلى المرشحين التمثيليين، وسلبيته لدى كلّ منهما أنه يفسح في المجال أمام إيصال خصمه اللدود. وبالتالي، على الفريقين إمّا تجرّع هذه الكأس لفتح الباب لوصول أحدهما إلى الرئاسة الأولى، أو إقفال هذا الباب والذهاب نحو المرشحين الوسطيّين. فإمّا تنطبق هذه القاعدة على جعجع وعون، وإمّا لا تنطبق على أيّ منهما، وسيتحمّل الطرف الذي يجهض هذه القاعدة فرصة إعادة الاعتبار لدور المسيحيين داخل السلطة بدءاً من رئاسة الجمهورية

 

لا صفقة رئاسية بين عون والحريري!

طوني عيسى/جريدة الجمهورية/07 نيسان/14

عندما أعلَن رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ترشيح نفسه للرئاسة، هل أحرَج الرئيس سعد الحريري أم أرَاحه، ولماذا؟ يقول القريبون من «التيار الوطني الحر» إنّ العماد ميشال عون بات يحظى بالغالبية لانتخابه رئيساً قبل 25 أيار. ويقولون: معنا حلفاؤنا في «8 آذار» جميعاً، بمَن فيهم النائب سليمان فرنجية، ولن يكون النائب وليد جنبلاط وسائر الوسطيّين خارج هذا الاصطفاف. وهكذا، نحن قادرون على تأمين غالبية 65 صوتاً لانتخاب عون. ولا ينقصنا سوى نصاب الثلثين لعقد الجلسة. ولذلك، يقولون، الطبخة ناضجة مع السعودية ليساهم «المستقبل» في تأمين النصاب. وإذا لم يكن قادراً على الاقتراع لعون، فيكفي أن يحضر ويؤمِّن النصاب، ونحن نتكفّل بتحصيل 65 صوتاً من «8 آذار» وجنبلاط وبعض الآخرين. ووسط حِرص أميركي على تجنّب الفراغ  في موقع الرئاسة، «وليصل مَن يصل ديموقراطيّاً»، فإنّ القريبين من عون يؤكّدون أنّ انتخابه رئيساً قبل 25 أيار، سيكون استكمالاً للصفقة التي أدَّت إلى الانقلاب الحاصل في الحكومة الحاليّة. والانتخابات الرئاسية ستجري بالتأكيد في موعدها، لأنّ هناك قراراً دوليّاً بمنع الفراغ في موقع الرئاسة، كونه يُهدّد الإستقرار. ووفق الصفقة أيضاً، سيكون الحريري أوّل رئيس للحكومة في عهد عون، وأنّ الإنتخابات الرئاسية ستجرى قبل 20 تشرين الثاني، وأنّ الرئيس نبيه برّي سيبقى أيضاً على رأس المجلس النيابي المقبل.في اختصار، وفق الشائعات، إنّها «دوحة» جديدة تمّت في هدوء، وبالتقسيط، من خلال لقاءات واتصالات عون والحريري. إذا كان ذلك صحيحاً، فإنّ إعلان جعجع ترشّحه، لا يزعج عون بل يريحه، لأنّه سيشكّل حافزاً لنزول كلّ الكتل إلى المجلس والتصويت لمرشّح: البعض يصوّت لعون والآخر لجعجع. ولأنّ النصاب يكون قد اكتمل، فلا يفوز أحد في الدورة الأولى التي تحتاج إلى غالبية الثلثين. وأمّا في الدورة الثانية، فيضمن عون مسبقاً حصوله على 65 صوتاً في المجلس، ولو صوّت تكتّل «لبنان أوّلاً» لجعجع، فيفوز بالرئاسة. لذلك، لا بأس أن يأتي الحريري ونوّاب تكتّله إلى الجلسة، وليقترعوا لمَن يريدون، حتى لجعجع! المهم تأمين النصاب. فعون يفوز.

الجانب الصحيح من المعلومة هو أنّ اتّصالات سرّية حصلت بين الجانبين، إلى أن كشفها الفريق القريب من عون. لكنّ استعجال عون تسريب الخبر يعني أنّه يستعجل فرض معطيات معيّنة على الحريري، بحيث لا يعود قادراً على التنصّل منها. فصحيحٌ أنّ الولايات المتحدة، عبر سفيرها ديفيد هيل، تريد رئيساً في الموعد الدستوري، لكنّ رعايتها لصفقة توصِل عون ليست صحيحة. وصحيحٌ أنّ بكركي تريد وصول رئيس له تمثيل مسيحيّ، وتخشى الفراغ، لكنّ الخيارات المطروحة عليها كثيرة. وصحيح أنّ الحريري، بالوساطة السعودية، وجدَ مصلحة في فتح الباب لعون، بما يسهّل المشاركة في الحكومة وتليين الأجواء، لكنّه لن يمنح النصاب لانتخاب عون، ولن يحرق مراكبه مع الحليف المسيحي. كما أنّ ظروف عودة الحريري إلى لبنان والسراي - أمنيّاً - قد لا تكون مضمونة حتى الآن. وفوق كلّ ذلك، صحيح أنّ حلفاء عون يتمسّكون به ويحرصون على معنويّاته... ولكن ليس إلى حدِّ الثقة في إيصاله إلى الرئاسة. لذلك، فالسيناريوهات التي وُزِّعت عن صفقة بين الحريري وعون، تنطلق من معطيات صحيحة أساساً، لكنّ عون عمد إلى «تلغيمها». ولذلك، فالأرجح أنّ الحريري هو أكثر المرتاحين إلى ترشيح جعجع، لأنّه يعفيه من الإحراج. وربّما هو الذي يشجّعه على الترشُّح. وبعد ذلك، يُتاح للأقوياء أن يلعبوا لعبتهم بعيداً عن متاعب الأقطاب، و»حيث لا يريد الآخرون»!