فشلت 14 آذار في الحكم، فهل تنجح في المعارضة؟

بقلم/الياس بجاني*

 

براحة ضمير يمكن القول إن جماعات 14 آذار من السياسيين والأحزاب والطرواديين سرقت ثورة الأرز المجيدة من الناس بالاحتيال، والتردد، وازدواجية المواقف، ومن خلال عقلية تغليب المصالح الشخصية على الوطنية والأخلاقية والإيمانية، وعن طريق الغباء السياسي، والعهر المقاوماتي، والتذاكي الابليسي، والتلون المعيب في التحالفات، واللعب الرخيص على رزم التناقضات المحلية والإقليمية.

 

عملت 14 آذار بغباء موصوف على تسخير ثورة الأرز في خدمة مصالح حزبية وشخصية وكيدية وإقليمية، ففشلت وخيبت آمال الناس فأعادت الاحتلال السوري إلى حكم لبنان عن طريق حكومة حزب الله التي يحاول حالياً تشكيلها نجيب ميقاتي الذي باع الوطن وأهله مقابل عشق السلطة والنفوذ.

 

أخطاء وخطايا 14 آذار أكثر من أن تحصى، من أهمها:

 

تمسكها الكاذب بزجلية وعقم ودجل "المقاومة" وعدم تسمية حزب الله باسمه الذي هو "جيش الاحتلال الإيراني والإرهابي والمذهبي في لبنان". كان من المفترض أن تتعامل معه على هذا الأساس بوضوح ومسؤولية وجرأه دون مساومات ونفاق وتقية وذمية، وفشلت لأنها لم تفعل.

 

الاستمرار اللفظي باجترار "شماعة" شعار العداء لإسرائيل والنفخ الشعوبي الذمي في مقولتي: "لبنان آخر دولة يوقع اتفاق سلام معها" و "كلنا موحدون ضدها"، وبالتالي ساهمت في جريمة إبقاء لبنان ساحة حروب كاذبة لتجار التحرير والمقاومة من أصوليين وإرهابيين ومهووسين وتجار دم، ومرتعاً لإرهاب دولتي محور الشر، سوريا وإيران، ومتنفساً لمشاريعهما التخريبية والتوسعية والمذهبية.

 

إشراك حزب الله الغبي في الحلف الرباعي وإدخاله في كل الحكومات التي تشكلت بعد الانسحاب السوري من لبنان في عام 2005، وتشريع سلاحه ودويلته والإبقاء على خطوطه العسكرية غير الشرعية عبر المطار والمرفأ والحدود السورية.

 

السكوت عن السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وعدم إيجاد حل جذري له عملاً ببنود القرارات الدولية واتفاقية الطائف.

 

السكوت المطبق على استمرار وجود المعسكرات السورية في الناعمة وقوسايا وحلوة والسلطان يعقوب، وعدم المطالبة أقله بإلغاء غرفة العمليات العسكرية المشتركة بينها (سوري) وبين حزب الله والجيش اللبناني.

 

عدم الوضوح في تحديد أسس العلاقة الندية مع سوريا وضبط الحدود معها بواسطة قوات دولية، وهي التي تقف وراء كل كوارث ومصائب لبنان.

 

عدم إلغاء المجلس السوري اللبناني الأعلى.

 

التبرؤ الجحودي والذمي من القرار الدولي 1559 والخجل والخوف من المطالبة بتنفيذ كل بنوده، خصوصًا تلك التي تتناول السلاح غير الشرعي، وكافة الميليشيات بما فيها حزب الله، والدويلات، والحدود مع سوريا واتفاقية الهدنة مع إسرائيل.

 

تبرئة الرئيس سعد الحريري للحكم السوري المستغربة والمجانية من أوزار جريمة اغتيال والده وزياراته الخمس الفاشلة لعاصمتها.

 

انتخاب المهرج نبيه بري رئيساً لمجلس النواب، وعدم إسقاط اميل لحود وانتخاب رئيس وطني وحر بديلاً عنه يوم كانت الظروف المحلية والدولية والإقليمية مؤاتية.

 

عدم القبول بأن يأتي القرار الدولي 1701 تحت البند السابع، وعدم محاكمة قادة حزب الله في جريمة التسبب بحرب 2006.

 

السماح بتعطيل دور الجيش وتهميشه كلياً بعد مسرحية مظاهرات مار مخايل الإيرانية - السورية وترك حزب الله يهيمن بالكامل على مخابرات هذا الجيش وعلى محكمته العسكرية،  وعدم مواجهته في غزوة 7 أيار 2008 عن طريق طلب تدخل قوات دولية ومن ثم الذهاب إلى الدوحة والقبول بالهزيمة والاستسلام وإعطاء حزب الله الثلث المعطل.

 

التعاون الانتخابي مع بطل تحويل جبل عين داره إلى سهل، التاجر الجشع نقولا فتوش في زحلة، كما التعاون مع ودائع سوريا في طرابلس احمد كرامي ونجيب ميقاتي ومحمد الصفدي على حساب مصطفى علوش ومصباح الأحدب، وغباء التحالف مع فريد هيكل الخازن وفارس بويز في كسروان، وصبيانية تركيب قائمة جبيل الانتخابية.

 

تحويل الأمانة العامة إلى نادٍ خاص مغلق مُنع من الدخول إليه جميع قادة أبناء الطائفة الشيعة الوطنيون والمعارضون لمفهوم ولاية الفقيه ولسيطرة إيران على لبنان ولكذبة مقاومة حزب الله، مثل السياسي المعروف أحمد الأسعد والمفتي علي الأمين والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون وغيرهم الكثير، وأيضاً عدم التعاون الجدي مع القيادات الشجاعة والوطنية التي رفضت البقاء مع ميشال عون الساقط في تجارب إبليس عقب قبوله الذل وانتقاله المعيب إلى القاطع السوري – الإيراني ورفض إدخال أي من هذه القيادات إلى الأمانة.

 

نعم براحة ضمير كلي نقول إن 14 آذار فشلت فشلاً ذريعاً في ممارسة الحكم ولم تحترم الوكالة التي منحها إياها الشعب من خلال ثورة الأرز وفي انتخابات 2005 و 2009 ونقضت بوقاحة وغباء وأنانية وعودها كافة وتخلت عن كل شعاراتها التي في مقدمها شعار رفض تشريع سلاح حزب الله ووعدا بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية وإنهاء الدويلات وتنفيذ القرارات الدولية 1559 و1701، إضافة إلى اتفاقية الطائف.

 

اليوم انتقلت 14 آذار ب 60 نائباً مرغمةً وليس بطولةً أو ترفعاً إلى المعارضة بنتيجة سوء ممارساتها وصبيانية مراهناتها وارتهانها لقرار الخارج الإقليمي واتكالها الكلي عليه دون القيام بما هو مطلوب منها، وها هي تعود إلى خطاب الشعارات والوعود إياها وبنفس الأشخاص والعقلية والثقافة، فهل ستنجح وتتعلم من أخطائها وخطاياها وتتحرر من خوفها التعاون مع الأقوياء وليس الضعفاء من القيادات والسياسيين والمناضلين الأحرار؟  أم أنها سوف تستمر باجترار شعارات وطرح وعود وتفشل في المعارضة كما فشلت في الحكم؟

 

يستغرب البعض استمرار المرتد ميشال عون في المحافظة على مستوى مرتفع من الشعبية، ولكن كما يقول المثل: "إن عُرِّف السبب بِطُل العجب"، والسبب أصلاً في بقاء عون على الساحة السياسة هو تعاسة وبؤس البدائل، فهل من يسمع ويتعظ؟

 

نتمنى من القلب أن تنجح 14 آذار في المعارضة وألا تفشل كما فشلت في الحكم، غير "أن فاقد الشيء لا يعطيه"، كما إن "الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"  و"عند الامتحان يكرم المرء أو يهان"، وإن غداً لناظره قريب.

 

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 28 شباط/2011