الرئيس ميشال سليمان: الرموش والعيون والحضن

بقلم/الياس بجاني*

بداية نستنكر بشدة ما أقدم عليه رئيس جمهورية لبنان ميشال سليمان لجهة توجيهه كتاب رئاسي إلى المراجع القضائية والأمنية يطالب فيه باعتقال ومحاكمة شبان انتقدوه على طريقتهم عبر موقع الفايس بوك الألكتروني، ونستغرب استجابة المدعي العام القاضي سعيد ميرزا لطلبه وقيامه بإصدار أمر لاعتقال الشبان،  نعيم جورج حنا مواليد 1983، انطوان يوسف رميا مواليد 1981،  شبل راجح قصب مواليد 1983 وملاحة رابع مسلم وتوجيهه لهم تهمة القدح والذم والتحقير في حق سليمان.

 

أولا وحسب علمنا لا توجد في لبنان حتى الآن قوانين خاصة تتعلق بتنظيم عمل الصحافة الألكترونية ولا بما يكتب على المواقع الألكترونية الخاصة والعامة ومنها الفايس بوك، وبالتالي الملف من أساسه غير قانوني ويعتبر طبقاً لكل المعايير انتهاكاً صارخاً للحريات العامة ونوع من الإرهاب الفكري، علماً أن ما كتبه الشبان عن سليمان لا يساوي نقطة في بحر ما يُكتب كل يوم عن معظم القيادات الزمنية والروحية اللبنانية بدءاً بغبطة البطريرك صفير ومروراً بالدكتور سمير جعجع وانتهاءً بالرئيس الحريري وأفراد عائلته.

 

ثانياً معيب بحق الرئيس سليمان هذا التصرف الانفعالي الذي لا يمت بصلة لموقعه ولا لفكر وثقافة وحضارة الطائفة المارونية التي من المفترض أنه يمثلها. إن هذا التصرف الرئاسي المستغرب والمستنكر وغير القانوني له مداليل سلبية كثيرة أقلها إظهار ضيق صدر الرئيس الماروني للنقد عندما يأتي من أبناء طائفته فيما لا حدود لسعة صدره عندما يوجه إليه من أبناء الطوائف الأخرى والأمثلة كثيرة وهي معروفة للجميع.

 

ثالثاً لم يتقيد الرئيس بقسمه ولا بالوعود التي أطلقها بعد انتخابه ولا بدوره كحامي للدستور ووحدة البلاد يوم قال بأنه "يحمي مقاومة وسلاح حزب الله برموش عيونه". كما أنه لا يحترم روحية القوانين المرعية الشأن كافة ولا يلتزم أطر الوكالة الرئاسية بكل ما يخص علاقته ومواقفه من سوريا وإيران وحزب الله، ولكنه ويا للعجب العجاب ينفعل ويخرج عن طوره ويضرب عرض الحائط بكل الأصول والأعراف لأن شبان مسيحيين لا دويلة تحميهم ولا سلاح بإمرتهم انتقدوه وقالوا فيه كلاماً جارحاً على الفايس بوك. ترى هل ما قالوه هو أكثر تجريحاً مما قاله بحقه الوهاب وئام أو جماعة حزب الله وحركة أمل يوم اجبروه على الذهاب إلى قطر للمشاركة في قمة عربية قاطعها معظم العرب!!

 

نسأل هل ضاقت عيون ورموش الرئيس سليمان بسطور نقدية جارحة قليلة كتبت بحقه على الفايس بوك من قبل شبان مسيحيين، فيما نفس العيون والرموش الرئاسية "والمقاومتية" تتسع لكل صواريخ وسلاح حزب الله ولكل مربعاته الأمنية وغزواته الإجرامية وحروبه العبثية ودويلته الأصولية وممارساته الهرطقية؟

 

ونسأل بحشرية وحسرة لو أن هؤلاء الشبان كانوا من غير المسيحيين وتحديداً من التابعين لحزب الله أو حركة أمل أو القومي أو البعثي أو الوهابي أكان صاحب "الرموش المقاومتية" أقدم على ما أقدم عليه؟

 

نسأل الرئيس سليمان الماروني الذي ضاق صدره بنقد الشبان الأربعة أين أصبح وعده بإيجاد حل مشرِّف لمعاناة أهلنا اللاجئين في لإسرائيل لأن "حضن البلد يتسع للجميع" كما قال لنا في خطاب قسمه؟ ترى هل "العيون والرموش الرئاسية" ومعهم "حضن الوطن الواسع" لا مكان فيهم لأهلنا الأبطال الجنوبيين هؤلاء، ولا فسحة شاغرة فيهم لسطور قليلة تطاوله شخصياً؟

 

أما القضاء فنسأل القيمين عليه لماذا لا يتحرك إلا انتقائياً وفقط عندما يكون الأمر خارج الدويلة وبعيد عن ممارسات ربع الشقيقة وهرطقات جماعات هز الأصابع والغزوات؟ أهكذا يكون العدل؟ لا والله هذه عيب وألف عيب ولا يجب أن يستمر.

 

نذكر من يعنيهم الأمر أن "بطولات جحا فقط مع خالته" لن تعطيهم أية مصداقية ولن تجبر أحد على احترامهم كما أن الظلم في النهاية ينقلب على الظالمين.

 

يبقى إن الله يمهل ولا يهمل ولا يرضى بالظلم ولا يبارك الظالمين وهو ينتقم شر انتقام من المستكبرين.

 

ونختم بما ورد في سفر اشعيا الفصل 10/15-19/عن طريقة تعاطي الرب مع المستكبر ملك اشور ليكون هذا الكلام عبرة لمن يعتبر: "أتفتخر الفأس على من يقطع بها؟ أو يتكبر المنشار على من يحركه؟ أيحرك القضيب رافعه، أو ترفع العصا حاملها؟ فلذلك يرسل السيد الرب القدير على خيرة رجال ملك أشور مصيبة، ويوقد تحت عظمته وقيدا كوقيد النار ويكون نور بني إسرائيل نارا، وإلههم القدوس لهيبا، فيحرق ويأكل شوكهم وعوسجهم في يوم واحد، ويفني مجد غابهم وجناتهم. ويصيب الرب منهم الروح والجسد معا، فتكون حالهم كحال مسلول يذوب وما يبقى من شجر غابهم يكون قليلا، حتى إن صبيا يقدر أن يحصيه".

 

الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكترونيphoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 30 حزيران/2010