انفجار الشهابية: تعامي وشهود زور وفحل عوني

بقلم الياس بجاني*

 

نسأل لماذا تُجهد إسرائيل نفسها وتُتِعب مخابراتها وتتكلف ملايين الدولارات على طيرانها الذي يراقب الأجواء اللبنانية على مدار الساعة فيما غالبية المواطنين اللبنانيين العاديين وحتى "المعترين" منهم من سكان الجنوب والبقاع وبيروت والجبل والشمال يعرفون أن حزب الله يخزن أسلحته "المقدسة والطاهرة" بكافة أنواعها في البيوت والمستشفيات والمدارس وأماكن العبادة والمؤسسات العامة والخاصة، علماً أن معظم أماكن التخزين هذه معروفة للجميع كما أن المئات من المواطنين يعملون عند الحزب لحراسة هذه المستودعات، وبالتالي لا هي سرية ولا من يحزنون.

 

أما منطقة عمل القوات الدولية في الجنوب التي تضم ما يزيد عن 160 بلده وقرية ودسكرة فحالها لا يختلف عن باقي المناطق التي يهيمن عليها حزب الملالي بالقوة والإرهاب والمال والفتاوى، وربما يفوق فيها عدد مخازن الأسلحة بمرات على ما هو مكدّس حتى في الضاحية الجنوبية، عاصمة الدويلة.

 

من هنا فإن الفيديو الذي وزعه الجيش الإسرائيلي مساء يوم الأحد وبين بوضوح تام أفراد من حزب الله ينقلون الأسلحة من المبنى الذي انفجر في الشهابية إلى بيوت ومواقع مجاورة ومنها مركز عبادة، هو فيدو لا يقدم ولا يؤخر بشيء وتكاليفه مضيعة لأن المواطنين في الشهابية شاهدوا العرض حياً وتمتعوا برؤية الذين "شافوا وما شافوا" وفي مقدمهم قوات الأمم المتحدة التي منعها الجيش اللبناني من دخول البلدة فراقب أفرادها العرض عن بعد ومن خلال المروحية التي حلقت فوق المبنى وصورت كل شيء.

 

كما لم يتفاجأ المواطنون في الشهابية بحرص الجيش اللبناني "بطل معركة العديسة" على "لفلفة القصة" وبحرصه على "المقاومة" الجبارة، فهو طوق البلدة ومنع الدخول إليها والخروج منها فاسحاً في المجال لمسلحي الحزب إزالة معالم الانفجار ونقل الأسلحة دون إزعاج ومزعجين وكاميرات صحافيين.

 

والمواطنون أيضاً لم يستغربوا حتى ما جاء في بيان حزب الله الذي قال إن "كم برميل" مازوت كانوا بالقرب من مُحوّل كهرباء اشتعل وتسبب بحريق في المبنى، وهم أيضاً لم يُصدموا بما صدر عن قيادة الجيش من بيانات مجافية لما حصل، فالقصة برمتها أهلية بأهلية ولما لا، أفليست المقاومة الإلهية هذه هي التي يريد رئيس الجمهورية أن يحميها برموش عينيه.

 

يشار هنا أن الجيش اللبناني سمح لقوات الأمم المتحدة بدخول البلدة بعد 48 ساعة على وقوع الانفجار، أما الصحافيون ومراسلو وكالات الأنباء فلم يُسمح لهم الاقتراب من المبنى وسحبت منهم الكاميرات وأخذت أرقام لوحات سياراتهم لإرهابهم ومنعهم من نشر أية معلومات ولإفهامهم على طريقة حزب الله أن اتهام العمالة لإسرائيل جاهز والمحكمة العسكرية وقاضيها العفيف والنظيف نزار خليل بالمرصاد لكل الخونة والعملاء الصهاينة!!

 

فعلاً إنها مهزلة والمحزن أن الكل شارك فيها، الدولة والجيش والقوات الدولية ومعهم إسرائيل التي تدعي أنها تعرف حتى عدد الصواريخ المخزنة في منطقة عمل القوات الدولية، فقد أفادنا سفيرها في واشنطن مايكل اورين أن حزب الله يمتلك 15 ألف صاروخ على الحدود تهدد المدن الإسرائيلية بما فيها ايلات، وأن الحزب حوّل قرى بكاملها إلى معسكرات مسلحة.

 

يا فخرنا ويا عزتنا فأنشطة الحزب الإلهي لا تقتصرعلى لبنان فهو موجود أيضاً بسلاحه المقدس وإرهابه الفارسي في اليمن ومصر والكويت والبحرين وغزة والضفة الغربية وكل دول الخليج وأوروبا والأميركيتين، وفي هذا السياق الإنفلاشي أكد مركز سيمون ويزنتال في بيونس إيرس أن حزب الله يمتلك خلايا نائمة في أميركا الجنوبية مستعدة لتنفيذ ما تؤمر به من عمليات ارهابية وقال ضابط الاتصالات الدولية في المركز شيمون صامويلز إن مصدراً رسمياً أميركياً موثوقاً أكد لبلاده وجود خلايا إرهابية نائمة تابعة لحزب الله في أميركا الجنوبية تنتظر الإشارات للتنفيذ في الأرجنتين. فيا فخرنا وعزتنا أصبحت مقاومتنا إقليمية ودولية

 

نسال، ألا ينص القرار 1701 على حصر الأسلحة والمسلحين في منطقة عمل القوات الدولية في الجنوب على الجيش اللبناني والقوات الدولية؟ وهل بإمكان السمؤولين في دولة لبنان وتحديداً قائد الجيش ورئيس الجمهورية ومجلسي الوزراء والنواب إعلام اللبنانيين لماذا يتواجد حزب الله في تلك المنطقة ويسمح له بتكديس السلاح والمسلحين تحت نظر وحماية الجيش اللبناني؟

 

هل والوضع الجنوبي هذا على ما هو عليه من شذوذ وغض طرف رسمي يعطي الدولة اللبنانية الحق بالشكوى المستمرة والبكاء من انتهاك إسرائيل للقرار 1701 من خلالها طلاعات طيرانها الجوية؟ أفليس تصرف الدولة اللبنانية هذا مبرراً للدولة العبرية حتى تتابع ما تقوم فيه طالما الدولة اللبنانية لا تتقيد ببنود القرار الدولي وتعيق عمل القوات الدولية وجيشها يؤمن الغطاء لحزب الله حتى يحوّل المنطقة بكاملها إلى أنفاق ومخازن أسلحة ومعسكرات؟

 

ولأن شر البلية ما يضحك فإن أتفه كلام صدر عن مسؤول لبناني تعليقاً على انفجار مخزن الأسلحة في الشهابية جاء على لسان "الفحل العوني" النائب نبيل نقولا الذي قال بغباء منقطع النظير: "في كل بلدان العالم من يُحرر الأرض هو الذي يحكم وإذا كان انفجار الشهابية ناجم عن مخزن سلاح فهذا مصدر فخر واعتزاز لنا".  نيال أهل المتن الشمالي بعبقرية هذا الفحل المقاوم والمغوار وانعم وأكرم بثقافة الجهل والتجهيل هذه، "وحنطة بدك تاكلي يا حني".

 

في الخلاصة إن السلطة الشرعية اللبنانية بكافة مؤسساتها مغيبة بالكامل عن كل مسؤولياتها في حين أن قواها العسكرية للأسف "مخصية" ومعطلة منذ أحداث الشياح ولذلك يبسير البلد من  درك إلى درك ومن كارثة إلى كارثة مما يؤكد أن لبنان بظل الظروف الإرهابية المفروضة عليه لم يعد قادراً على حكم نفسه مما يستوجب تدخل الأمم المتحدة وإعادة تأهليه وكل ما عدى هذا الحل هو مضيعة للوقت علماً أن حزب الله يستعد لإسقاط النظام واستبداله بجمهورية ملالي على شاكلة تلك المفروضة على الشعب الإيراني بالقوة.

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 08 أيلول /2010