مذكرات توقيف "حمصية"!!

بقلم/الياس بجاني*

 

وقاحة وجوههم تشهد عليهم، وكسدوم يجاهرون بخطيئتهم ولا يكتمونها. فويل لهم! جلبوا على أنفسهم الشر". (النبي اشعيا 03/09)

 

مصيبة لبنان و"اللعنة" المستمرة في مآسيها والنكبات منذ سنين تكمن في جيرته القاتلة للنظام السوري البعثي الذي فرضته عليه الجغرافيا دون رحمة أو شفقة. حكام هذه الجارة الشقيقة والشقية والطامعة في آن مصرون دون هوادة على أن لا يتركوا لبنان وأهله يوماً دون تهديد ووعيد ومناكفات وتداخلات وأضاليل وخزعبلات وإجرام وحرتقات رخيصة.

 

ومما يسهل مهمة حكام الجارة التخريبية هي بلطجة وهرطقات فريق من السياسيين والقياديين والمسؤولين اللبنانيين الفجار والمارقين، والإستكبار الجنوني والإبليسي لمجموعة من الميليشياويين التجار والمرتزقة المنافقين الذين يصادرون بالقوة والإرهاب مقدرات وحرية مواطنيهم ويفرضون عليهم وعلى وطن الأرز شريعة الغاب وثقافة الموت والأصولية والتحجر بدلاً عن شرعة القوانين والأنظمة وثقافة الحياة وقبول الآخر والحضارة والانفتاح.

 

من المؤسف أن حكام الجارة الجائرة ومعهم بالتكافل والتضامن كل ربع المرتزقة وتجار المقاومة والتحرير والملجميين في وطننا المعذب هم واهمون بأن لبنان محافظة سورية، وأن دويلة الإرهاب والأصولية في الضاحية الجنوبية وكل مربعاتها الأمنية باقية إلى ما لا نهاية، وأن ظلمهم وجورهم وكفرهم وفجورهم لن يرتدوا عليهم وبالاً وعقابا ًوعذاباً مهما طال زمن بطشهم وتعدياتهم وإجرامهم.

 

إن الآمال شبه معدومة بارتدادهم إلى مفاهيم البشر السويين كونهم واهمون وحالمون. فالواهم غير سوي عقلياً ومنسلخ عن الواقع ويبني لنفسه عالماًً من الخيال بعيش بداخله ويوصد على نفسه كل الأبواب والنوافذ فلا يَعُد يسمع غير صوته ولا يرى غير نفسه، لينتهي ساقطاً ومدمراً مهزوماً شر هزيمة، ولنا في نهاية الواهمين المأساوية من أمثال هتلر وموساليني وصدام حسين وغيرهم الكثير خير أمثلة.

 

في محاولة يائسة وغير قانونية ووهمية تتميز بالغباء وبمركبات الإستغباء والجنون اصدر القضاء السوري (يوم الأحد 03 أيلول/2010) مذكرات توقيف هزلية "ومسخرة" طبقاً لكل معايير المنطق والعقل والقانون طاولت مجموعة من القياديين والرسميين ورجال القانون اللبنانيين وغير اللبنانيين البارزين، وذلك على خلفية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والشكوى الكيدية المقدمة من اللواء جميل السيد.

 

إن من قرأ مسميات ومواقع ومسؤوليات وجنسيات الذين وردت أسمائهم في مذكرات التوقيف لا بد وأنه غرق في نوبة من الضحك وأشفق على سذاجة وعفن تلك العقول المريضة التي سطرّت المذكرات.

 

من المحزن أن الطاقم البعثي والأقلوي والدكتاتوري المتسلبط على حكم سوريا منذ ما يزيد عن 30 سنة بالحديد والنار، وعن طريق المتاجرة الكاذبة والحربائية بالعروبة والقضية الفلسطينية هو طاقم لا يخاف الله ولا يتقيه بأفعاله وأقوله وأحكامه، كما أنه منسلخ عن الواقع والإيمان ومتقوقع بمفاهيمه الأحادية والشمولية. هذا وقد جاءت مذكرات التوقيف المضحكة والمبكية في آن انطلاقاً من كل مركبات النقص والجحود والكفر والإستكبار والغباء الغارق في أوحالها هذا الطاقم الواهم والظالم.

لو أردنا أن نعطي مذكرات التوقيف هذه التي لا قيمة قانونية ولا مصداقية ولا مفاعيل تنفيذية لها مسمى يحاكي عقلية الحكام الذين أمروا القضاء السوري المُسير بإصدارها لقلنا إنها "حمصية" بامتياز ونقطة على السطر.

 

أما همروجة التهليل والتهويل والإنشراح الصبيانية التي أطل بها اللواء جميل السيد على اللبنانيين معلناً انجاز مذكرات التوقيف العظيمة هذه، فهي دليل قاطع على سذاجة تقديره للأمور وضحالة فهمه للقانون وتبعيته المطلقه لأسياده حكام قصر المهاجرين. مسكين هذا المرتكب والحاقد والفاجر والسليط اللسان فهو يَعِد اللبنانيين بإحقاق الحق وبالحرية فيما هو صنج ومجرد "عدة شغل" عند حكام الشقيقة، والإنسان عبدٌ لمن استولى عليه.

 

بإذن الله الحق سينتصر وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، ونختم بما جاء في إنجيل القديس متى (12/34-37) عن الأشرار وثمارهم وكلامهم المدان:

"يا أولاد الأفاعي، كيف يمكنكم أن تقولوا كلاما صالحا وأنتم أشرار؟ فمن فيض القلب ينطق اللسان. الإنسان الصالح من كنزه الصالح يُخرج ما هو صالح، والإنسان الشرير من كنزه الشرير يُخرج ما هو شرير. أقول لكم: كل كلمة فارغة يقولها الناس يحاسبون عليها يوم الدين. لأنكم بكلامكم تبررون وبكلامكم تدانون".

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 04 تشرين الأول/2010