فشل تفجير الطائرة السعودية وفضيحة مطار بيروت

بقلم/الياس بجاني*


مطار بيروت الدولي، هل هو فعلاً مطار دولة لبنان أم أنه مطار حزب الله؟

بالواقع المأساوي والإرهابي المعاش هو مطار حزب الله بامتياز، أما وجود الدولة فيه فشكلي ورمزي إن لم نقل أنه مغيب بالكامل. في المطار كما يعرف القاصي والداني توجد عشرات الكاميرات التابعة مباشرة لدويلة حزب الله وهي مركبة في أقسامه كافة من مدارج ومداخل ومخارج ومخازن وصالونات ومكاتب، إضافة إلى أن المسؤول الأمني فيه هو العميد وفيق شقير الذي يتبع بولائه مباشرة لقيادة حزب الله وليس للدولة اللبنانية، هذا وكان الحزب تحدى حكومة الرئيس السنيورة عسكرياً سنة 2008 عندما قررت نقله وقام بغزوة بيروت "المجيدة"، كما سماها السيد حسن نصرالله.

 

إن واقع المطار المراقب والممسوك من قبل حزب الله ليس بجديد وعلى سبيل المثال لا الحصر نشير إلى أن عشرات اللبنانيين المغتربين المؤيدين لسيادة وحرية واستقلال وطنهم ومنهم العديد من أهل الجنوب إما منعوا من دخول لبنان عن طريق المطار، أو أهينوا وتم تهديدهم من قبل رجال أمنه وموظفيه، أو اعتقلوا اعتباطاً دون وجه حق ووجهت له تهم باطلة ومفبركة ولم يسمح لهم بالعودة إلى مغترباتهم إلا بعد مضايقات وتعديات فاضحة، أما دخول الأسلحة والممنوعات لحزب الله وحرية حركة مسلحيه وزواره الإيرانيين والجهاديين خروجاً ودخولاً فحدث ولا حرج. ومن منا لا يتذكر كيف تم اغتيال النائبين جبران التويني وانطوان غانم بعد ساعات قليلة على عودتهما بتكتم وسرية تامة إلى لبنان عن طريق المطار، إلا أن عيون وكاميرات الحزب رصدتهم وكان ما كان.

 

في هذا السياق الإرهابي المتصاعد والمتفلت الذي يمارسه حزب الله في مطار بيروت جاءت فضيحة واقعة الطائرة السعودية الأخيرة لتضع الجميع أمام مسؤولياتهم ولتكشف خطورة الوضع في هذا المرفق الدولي الهام.

 

بسذاجة الأطفال نسأل كيف يعقل من الناحية الأمنية أن يتسلل إلى مدرج مطار بيروت المدعو فراس حسين حيدر مخترقاً كل الإجراءات الأمنية ومتخطياً كل مراكز القوى العسكرية وعدسات عشرات الكاميرات وهو يحمل حقيبة كبيرة بداخلها مقصاً حديدياً وربما متفجرات وأسلحة وأجهزة تفجير؟

 

فقد ذكرت وكالات الأنباء أنه وقبل إقلاع الطائرة السعودية بدقائق شاهد ركابها رجلاً يحمل حقيبة على ظهره ويركض باتجاهها وذكروا أنه تعثر ووقع على الأرض ثم نهض وأكمل مهرولاً ومن ثم اختفى عن الأنظار، وأفادوا أنهم أبلغوا المضيفين بما شاهدوه، لكن قائد الطائرة اقلع دون توقف ولم يكترس للأمر ليتبين لاحقاً في السعودية حيث حطت الطائرة أن جثة الرجل هذا كانت عالقة بالقرب من حجرة العجلات.

 

بالتأكيد التحقيق الرسمي لن يتوصل لمعرفة ما جرى لأن حزب الله لن يسمح للدولة أن تمارس واجباتها والسوابق الكثيرة في حوادث مماثلة هي شواهد والأمر سينتهي كما يريد الحزب، وها هو إعلامه "الإلهي" يدعي أن فراس حسين حيدر مريض نفسي.

 

بالتحليل والمنطق يمكن استنتاج السيناريو الافتراضي التالي: ربما كان الرجل مكلفاً من جهة إرهابية ما تتحرك بحرية تامة في المطار ومحيطه (ليس من الصعب تخمين هويتها) القيام بعملية تلغيم الطائرة السعودية وذلك عن طريق لصق رزمة من المتفجرات المتطورة (التي يمكن تفجيرها عن بعد بجهاز خاص) بالقرب من حجرة العجلات قبل الإقلاع بدقائق وذلك حيث تكون في ذلك الوقت قد تمت كل إجراءات التفتيش وبالتالي لا تكتشف المتفجرات، إلا أن تعثر الرجل ووقوعه قبل بلوغه الطائرة افشل الخطة والوقت داهمه فسقطت الحقيبة منه بعد صعوده إلى حجرة العجلات ولم يستطيع تنفيذ المهمة وقتل فوراً عندما تحركت الطائرة وبقيت جثته عالقة بإحدى عجلاتها.

 

التحقيق الرسمي لن يتوصل لمعرفة محتويات الحقيبة التي كان يحملها الرجل ووقعت منه عندما وصل إلى حجرة العجلات لأن الجهة التي كلفته وواكبته لتنفيذ العملية يبدو أنها تتمتع بحرية حركة مطلقة في المطار، وبديهياً أنها أمسكت بالحقيبة بعد إقلاع الطائرة وفشل عملية التفجير وأفرغتها من محتوياتها أو أخفتها أو أبقت فيها فقط ما لا يفيد التحقيق بشيء.

 

وفي هذا الإطار أفادت مصادر أمنية متابعة للقضية طبقاً لوكالة الأنباء المركزية: "أنه على رغم الإصرار على أن حيدر مختل عقلياً فأن جانباً من التحقيق بدأ يتناول موضوعين أساسيين الأول يتعلق بمسألة المقص الحديدي الذي كان في حوزته وسقط من الحقيبة التي كان يحملها قبل تسلقه صندوق منظومة العجلات، وعُثِر عليه على مدرج المطار. والثاني يتعلق بموضوع إزالة حيدر فيلتري سيجارتين لاستخدامها في سد أذنيه لحمايتهما من أصوات الطائرة عند أقلاعها، الأمر الذي يُعتبر انه كان يدرك سلفاً ما يفعل ويقدم عليه وليس مختلاً.

وقالت المصادر أن "الطائرة كانت تقل شخصيات سعودية وضباط.

 

ترى هل تم تفجير الطائرة الأثيوبية بنفس الأسلوب والتكتيك ونفذته نفس الجهات التي تقف وراء الواقعة الجديدة، وبالتالي لم يلتقط صندوقها الأسود حقيقة ما جرى؟

وهل يمكن استبعاد احتمالات استهداف طائرات أخرى في مطار بيروت تابعة لبلدان تعتبرها كل من إيران وسوريا ومعهما حزب الله دول عدوة ومستكبرة ومتصهينة وشيطانية؟

بالطبع كل الاحتمالات تبقى واردة طالما بقي حزب الله مهيمناً بالقوة على مطار بيروت ومتحكماً بقرار حكام البلد وممسكاً بكافة مؤسساته ومفاصل الحياة فيه.

 

أما مسرحية طلب العميد وفيق شقير من وزير الداخلية إعفاءه من مهماته في المطار على خلفية حادثة الطائرة السعودية فهو تكتيك مكشوف الهدف الأساسي منه تخويف سلطات الدولة ومنعها من القيام بأي تحقيق جدي وفاعل قد يكشف الحقيقة، في حين أن حزب الله يعرف تماماً أن الدولة العرجاء لن تتجاسر على قبول الطلب لإلف سبب وسبب.

 

الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي
*عنوان الكاتب الألكتروني
phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 13 تموز/2010