ميشال عون الساقط في التجربة دخل "المكلبة"

بقلم الياس بجاني*

 

منذ فترة غير قصيرة فقدنا الأمل كلياً بعودة العماد ميشال عون إلى ذاته السيادية والوطنية وإلى تاريخه النضالي والمقاوم حيث أمسى وللأسف تاريخه يخجل من حاضره بعد أن استسلم دون مبررات أخلاقية وقيمية وإيمانية ووطنية مقنعة لمغريات مقتنيات الأرض الفانية من سلطة ومال ومركبات حقد وعداء وانتقام وكره وأذية وجشع ووقاحة وجحود ووقع باختياره الذاتي في التجربة الإبليسية التي علمنا السيد المسيح في صلاة الأبانا الربانية أن نكررها باستمرار: "لا تدخلنا في التجارب لكن نجينا من الشرير".

 

براحة ضمير تامة نقول إن هذا الرجل تحول إلى نموذجاً اسخريوتياً فاقعاً لا ينتج غير المصائب والبلاوي والكوارث، وبالتالي لم نعد نؤمن بأن هناك أي نتيجة ايجابية من العودة إلى تاريخه أو التذكير بمواقفه وخطابه وشعاراته ما قبل انتقاله إلى قاطع محور الشر الإيراني – السوري عقب ورقة التفاهم التي وقعها مع حزب الله، كما أننا بتنا على قناعة تامة بأن لا جدوى من مخاطبة وتوعية وتنوير من بقي من السياديين المغرر بهم مؤيداً له رغم كل انحرافاته وتقلباته والديماغوجية والخطايا المميتة التي يستمر في اقترافها بحق لبنان واللبنانيين والكنيسة والثوابت  ودماء وتضحيات الشهداء والحق والحقيقة والقيم الإنسانية والصدق.

 

أما ما دفعنا إلى العودة إلى تاريخ هذا الساقط في التجربة فهو الكلام المعيب والصبياني والمخجل الذي قاله يوم الثلاثاء بتاريخ 21 حزيران/2011 بعد اجتماع تكتله النيابي وتهجم من خلاله بأسلوب تهكمي وتافه ومنحط على السفير الأميركي السابق في لبنان جفري فلتمان، وعلى الولايات المتحدة الأميركية و14 آذار والحريري مفاخراً أنه ينتمي إلى محور الشر ومدافعاً عن نظام الأسد الذي كان قال فيه ما لم يقله مالك في الخمرة.

 

نعم كما يشير عنوان المقالة، لقد دخل ميشال عون "المكلبة، نفسها التي كان تكلم عنها وعن كلابها وأسيادهم و"مهوشيهم" للنباح والعواء في مقالة له تحت عنوان "الإنقلاب السوري" نشرت في النشرة اللبنانية بتاريخ 11/11/2002 وهذا ما جاء في مقطع منها حرفياً: "بعد أن جاءت الأحداث تُخرس نباح "المكلبة" القائم على الاتهام "بالتأمرك" و"التصهين"، نتوجّه إلى الذين ما زالوا في موقع عاقل وفاعل أينما كانوا، أن يكون لهم خيار وطني واضح، ففي ذلك مصلحة لهم وللبنان. إن لبنان السيد الحر عائد، ولكن يبقى من الأفضل أن يعود بإرادة الجميع، فيستحقّه الجميع، ويُبنى بإرادةٍ جامعة، على أسسٍ أمتن، وأرضٍ أصلب. إن الوضع الداخلي يحتاج إلى تفاهم سريع بين القوى الحيّة التي تعطي الوطن، وليس إلى الطفيليين الذين يمتصّون دماءه بالتعاون مع العملاء، الذين لم يعرفوا وطناً غير شققهم الفخمة، وطائراتهم الجوّالة، وليست هويتهم أكثر من رقم رصيد في دفتر شيكات."  

 

وفي نفس المقالة يعري النظام الأسدي السوري من كل كذبه بما يخص لبنان ويفضح أهدافه الهدامة فيقول حرفياً: "ليس لدى النظام السوري سوى ثابتة واحدة، وهي المحافظة على استمراره، ومهما بالغ في المزايدة في مواقفه السياسية والقومية، فهي تبقى مادة للبيع بالثمن الأقصى الممكن الحصول عليه؛ ولكن بعدما فرضت الولايات المتحدة خياراتها على العالم، وقرّرت أن تُنفّذ ما تريد بنفسها، وبقواها الذاتية، لم تعد بحاجة لما تشتريه من سوريا أو غيرها، بل على العكس، هناك لائحة مدفوعات طويلة يجب تسديدها، وقد استحقّت منذ أمد". 

 

وعلى قاعدة "لعل في التذكير فائدة"، ونحن هنا لا نعني بقولنا هذا عون أو من بقي معه من الميئوس من انتشالهم من براثن الجهل والخطيئة، بل المواطن اللبناني الحر، نقتطع من مقالة أخرى كتبها هذا الجاحد وحملت عنوان: المآثر السورية في لبنان، الحلقة الخامسة"، نشرت في النشرة اللبنانية العدد 235 بتاريخ 29/09/2000، وهي تبين كم أن عون منافق وذمي ومتلون ونرسيسي وفاقد للمصداقية بما يخص علاقته بالنظام السوري، وكم هو تافه وانتهازي ووصولي ودجال في دفاعه عن نفس النظام الذي لم يتغير فيه شيء: "إن إلغاء لبنان الوطن السيد هو الهدف السوري، ومن أجله اغتيل بشير الجميل، وينعم الذين قتلوه بحماية النظام السوري، وقد أُطلق سراح حبيب الشرتوني ونُقل إلى سوريا مع وصول قواتها إلى سجن روميه، ولنفس السبب اغتيل رينه معوض وهو في حماية السوريين، ثم اختفت جميع الأدلة وجُهِّل الفاعل ولم يُجرَ أي تحقيق، ولنفس الغاية جرت ثلاث محاولات لاغتيالي، ولما فشلت المحاولات اجتيحت المنطقة الحرة، وأُطلق سراح المجرمين ونُفيت... أترى هذا هو النظام الذي سيحيلنا إلى التحقيق؟ أتراه ينسى أنه هو من سيحال إلى المحاكمة لارتكابه جرائم ضد الإنسانية؟ قايين..!! قايين..!! لقد قتلت هابيل ومات فيك الضمير؛ قبضة العدالة آتية ولن يطول الانتظار".

 

وفي نفس المقالة قال عون: "لقد اختبرنا النظام السوري في حالة الاسترخاء، ولم يرد أن يعترف بأن في لبنان مشكلة، لذلك لم يرد أن يحاور، واستمر لاطماً بيديه ورافساً برجليه، واليوم يدّعي هذا النظام بأن سوريا محاصرة، ولا يعترف بأن في لبنان مشكلة، ويرفض الحوار ثم يلطم بيديه ويرفس برجليه. ونتساءل لماذا يراد منا الأخذ بعين الاعتبار الوضع الراهن طالما أن سوريا تعمل على تذويب الكيان اللبناني وضمّه إلى سوريا، ولا تزيح قيد أنملة عن هذا الهدف".

 

ترى هل حالة "الإسهال الكلامية" التي يعاني من أعراضها عون هي دليل خوف؟ نعم حسبما يقول الإمام علي: "لا سوأة أسوأ من الكذب، والكذاب يخيف نفسه وهو آمن". وفي ممارسات وأقول عون ومن هم من طينته، يقول الإمام علي: "الكذّاب والميت سواء لأن فضيلة الحي على الميت الثقة به، فإذا لم يوثق بكلامه فقد بطلت حياته".

 

في الخلاصة إن الله يمهل ولكنه لا يهمل، ونعم قد يكون عون ربح الكثير من مقتنيات هذه الأرض الفانية، إلا أنه خسر نفسه وحسابه سيكون عسيراً يوم الحساب حيث البكاء وصريف الأسنان.  ونختم بقول السيد المسيح (متى 16/26): "ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه"

اضغط  هنا لقراءة مقالتي عون موضوع المقالة
http://www.10452lccc.com/aoun.elias/aountwoarticles22.6.11.htm

 

 *الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*تورنتو/ كندا في 24 حزيران/2011

*عنوان الكاتب البريدي

phoenicia@hotmail.com