حزب الله ميليشيا أصولية وليس مقاومة

بقلم/الياس بجاني*

 

مؤسف ومحزن في آن الحال الشاذ والفاضح في المواقف المتناقضة والمتقلبة والرمادية الذي يعاني من آفاته القاتلة معظم أفراد الطاقم السياسي اللبناني المصنفين تحت خانة السياديين والاستقلاليين، فهذا الطاقم من جهة ينادي بمبدأ الدولة الواحدة وبسلطتها غير المنقوصة وبأحادية سلاحها، ويطالب بتنفيذ اتفاقية الطائف وبنود القرارين الدوليين 1559 و 1701، في حين نراه من  جانب آخر ينقلب على كل مواقفه هذه ويشرعن سلاح حزب الله الإيراني – السوري والأصولي والميليشياوي بامتياز ويرضخ للأمر الواقع المزري الذي يفرضه أصحاب ورعاة هذا السلاح بالقوة والبلطجة والإرهاب تحت مسمى "المقاومة".

 

أفراد هذا الطاقم كما كل اللبنانيين يعلمون جيداً أن لا وجود لمسمى "مقاومة مسلحة" لا في اتفاقية الطائف ولا في القرارين الدوليين 1559 و1701، بل لميليشيات مسلحة مطلوب تجريدها من سلاحها وتفكيكها وبسط سلطة الدولة بواسطة قواها المسلحة الذاتية على كامل التراب اللبناني وضبط الحدود ومنع دخول السلاح والمسلحين، وفي ما يتعلق بالعلاقة مع دولة إسرائيل ينص الطائف كما القراران المذكوران على الالتزام الكامل باتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949.

 

هذا التخبط في المواقف هو السبب الأساس في بقاء مشكلة لبنان دون حل، وهو الذي يُضعف الدولة ويُهمش سلطتها ويجوف دستورها من مفاعيله ويقوي الدويلة ويعطي حزب الله ورعاته الإيرانيين والسوريين المبررات والآليات للانقضاض بشراسة وكفر ووقاحة أكثر وأكثر على كل ما هو مؤسسات ودستور ومجتمع مدني وقضاء وتعايش وتوازن ديموغرافي وهوية وثقافة وثوابت وطنية وعلاقات خارجية وصداقات عربية ودولية.

 

مما لا شك فيه أن دولة لبنان التي أصبحت هيكلاً عظمياً لا روح فيه وألعوبة طيعة ورهينة في يد حزب الله الأصولي لن تتمكن من استعادة دورها في حُكم البلد ولا من ممارسة مسؤولياتها الوطنية كافة قبل أن يتوقف الطاقم السياسي السيادي تحديداً عن اعتبار حزب الله مقاومة ويبدأ التعامل معه كميليشيا مسلحة كما هو واقع حاله، وبالتالي يعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة والمجتمعين الدولي والعربي على تطبيق كل بنود الطائف والقرارات الدولية المرعية الشأن، وهنا يجب ألا يتردد بطلب المعونة العسكرية الدولية إن لزم الأمر.

 

إن الوضع الشاذ الحالي المفروض بالقوة على لبنان المسمى زوراً واحتيالاً وإرهاباً "المقاومة والشعب والدولة" هو وضع غريب عجيب لا وجود لمثيل له في أي دولة من دول العالم،  وبالتالي يجب الانتهاء منه بسرعة ودون تردد إن أريد للبنان أن يعود دولة مستقلة وذات سيادة، وإلا فحزب الله بطريقه إلى هدم الهيكل على رؤوس الجميع ليقيم على أنقاضه جمهورية ملالي خمينية على شاكلة تلك المفروضة بالقوة والفتاوى والإرهاب على الشعب الإيراني.

 

لقد حان الوقت لوضع حد نهائي لتجارة وتجار المقاومة والتحرير من لبنان أسوة بمصر والأردن وسوريا وقطر وباقي كل الدول العربية، كما حان الوقت ليعلم من يعنيهم الأمر أن لبنان لن يبقى ساحة لحروبهم أكانوا من مدعي الممانعة الكاذبة أو من الأصوليين والإرهابيين، وأيضاً أسوة بباقي كل دول الشرق الأوسط وتحديداً العربية منها. كفى لبنان وأهله تقديم القرابين المجانية والتضحيات ومن يريد النضال والمقاومة والتحرير فليمارسها من بلاده وليس من لبنان.

 

على من يقول في لبنان أنه سيادي من القادة والسياسيين والمسؤولين أن يخاف الله ويتوقف عن الرياء والتلون والازدواجية وخداع الذات والناس، فهو إما مع الدولة والقانون، أو ضدهما ومع الفوضى ومبدأ مساكنة الدولة والدويلة الهرطقي الذي اثبت فشله الذريع، ولنا في اشتباكات برج أبي حيدر الدامية وطرح بيروت منزوعة السلاح خير مثال. فالذين نادوا ببيروت منزوعة السلاح تخبطوا في مواقفهم والازدواجية وطالبوا بالشيء وعكسه مما أدى إلى فشل طرحهم. 

 

فهؤلاء وبعد النبرة العالية في المطالبة بجعل بيروت منزوعة السلاح عادوا وجوفوا مطلبهم وميعوه عندما قالوا إنهم يستثنون سلاح حزب الله الذي هو سلاح مقاومة.

نسأل أن لم يكن سلاح حزب الله المطلوب إخراجه من بيروت فأي سلاح إذاً ذلك الذي تتكلمون عنه؟

 

في الخلاصة إن حزب الله هو تنظيم ميليشياوي وأصولي تابع كلياً لدولة إيران تمويلاً وقيادة وعقيدة وتنظيماً وقراراً وأهدافاً، وهو ليس مقاومة ضد إسرائيل لا من قريب ولا من بعيد، بل مقاومة ضد كل الدول العربية والعرب، وضد كل ما هو لبناني، وضد دولة لبنان وضد اللبنانيين ونقطة على السطر. يبقى أنه وقبل أن يتم التعامل معه على هذا الأساس فمشكلة لبنان ومشاكل الدول العربية باقية دون حل فيما الدولة اللبنانية تتفكك وتتحلل وتذوب ومن له أذنان سامعتان فليسمع.

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 03 أيلول /2010